في حديثه مؤخرًا في جامعة جورج واشنطن، قال مساعد المدعي العام الأمريكي ماثيو جي أولسن، "هذا من بين أكثر التهديدات تعقيدًا وتحديًا التي رأيتها منذ أكثر من 20 عامًا من العمل في مكافحة الإرهاب." كان يتحدث عن التهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون المحليون على الولايات المتحدة، إلى جانب حقيقة أن الجماعات الإرهابية السنية مثل القاعدة "لم تختف" - بل وتستمر في التطور بالفعل.

في الشهر الماضي، قتلت القوات الأمريكية قياديًا بارزًا في داعش بضربة بطائرة بدون طيار في شمال غرب سوريا، مما استمر في تدمير القيادة العليا للتنظيم. وفي الوقت نفسه، تستعد القاعدة، إلى جانب فروعها ومجموعاتها، لعودة محتملة في النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم، مما يعكس الاتجاه السائد في العالم الإرهابي العالمي الأوسع الذي جعل داعش قوة رئيسية في هذا المجال.

كانت نقطة البداية الأكثر وضوحًا في أفغانستان، حيث أدى الانسحاب السريع للقوات الأمريكية في أغسطس 2021 إلى إخلاء عشوائي وسيطرة طالبان على البلاد. مع عدم وجود قوات على الأرض وعدم وجود أصول استخباراتية - خاصة الاستخبارات البشرية، تضطر الولايات المتحدة إلى الاعتماد على نهج مكافحة الإرهاب "عبر الأفق"، والذي يؤدي غالبًا إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين ويفشل في تحقيق أهدافه. لا أحد يشك في نية القاعدة لضرب الولايات المتحدة مرة أخرى. في جلسة استماع من منتصف يونيو حول الوضع الحالي للقاعدة وداعش أمام لجنة الوطن في مجلس النواب، اللجنة الفرعية للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، لاحظ الرئيس بيني ج، أن كلاً من القاعدة وداعش، فضلاً عن فروعهما، "ترغبان في مهاجمة الولايات المتحدة"، إذن، النية موجودة، لكن ماذا عن قدرات القاعدة؟

وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن "العلاقة بين طالبان والقاعدة لا تزال وثيقة" و "تتمتع القاعدة بملاذ آمن تحت حكم طالبان وتزيد من حرية التصرف". توفر الملاذات الآمنة للجماعات الإرهابية فرصة لزيادة قدراتها، بما في ذلك القدرة على إعادة بناء شبكة خارجية لتخطيط العمليات. تختلف التقييمات حول المدة التي قد تستغرقها القاعدة لإعادة تشكيل هذه القدرة، لكن معظم التقديرات، بما في ذلك تقدير الجنرال مارك إيه ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، تقع في مكان ما بين 12 و 36 شهرًا. في الشهر الماضي فقط، صرح قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا أن الولايات المتحدة تمتلك معلومات استخباراتية عن الجماعات الإرهابية وأنهم يقومون ببناء معسكرات تدريب داخل أفغانستان. 

ومع ذلك، فإن القاعدة ككل، كمنظمة، كانت دائمًا أكبر من مجموع أجزائها. خارج جنوب آسيا، هناك تهديد متزايد تشكله الجماعات التابعة للقاعدة في كل من غرب وشرق أفريقيا. 

في منطقة الساحل ، تسببت الجماعات الإرهابية في إحداث الفوضى منذ عام 2012 عندما اندلع الصراع في مالي. في مارس 2017، اتحدت مجموعات عديدة لتأسيس جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، التي تمثل القاعدة في منطقة الساحل. منذ ذلك الحين، استغلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الحكم غير الفعال في المنطقة والجيوش غير القادرة والمداولات حول المفاوضات لتوسيع هيمنتها في شمال شرق ووسط مالي وفي بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. وفي الآونة الأخيرة، بدأت المجموعة في توسيع أنشطتها التشغيلية لتشمل كوت ديفوار وبنين وتوغو. في عام 2021 وحده، بلغ عدد الهجمات الإرهابية 2005  أجريت في منطقة الساحل، مما يمثل زيادة بنسبة 70 في المائة عن العام السابق. على الرغم من أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لا تمثل فقط كل هذه الهجمات، إلا أنها تظل أكثر الجماعات الإرهابية نشاطًا في المنطقة، وتمكنت، مقارنةً بالجماعة المحلية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، من كسب بعض الدعم المحلي.

في محاولة لمواجهة التوسع الإرهابي، نجحت مهمة برخان الفرنسية في تحييد العديد من قادة القاعدة من خلال الغارات البرية والضربات الجوية المستهدفة، لكنها فشلت إلى حد كبير في تحقيق أي انتصارات استراتيجية مستدامة. الآن بعد أن أعلن أن القوات الفرنسية ستغادر مالي بعد التداعيات مع المجلس العسكري، بالإضافة إلى الانتقال من برخان إلى فرقة عمل تاكوبا، سيصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لقوة المهام التي تقودها فرنسا لتحقيق نجاحات تكتيكية أثناء قيام المرتزقة الروس مجموعة فاجنر بتحقيق المزيد من الغزوات. يشير هذا الاحتمال إلى بيئة تشغيلية أكثر ملاءمة لرابطة نصرة الإسلام والمسلمين في السنوات القادمة والتي قد تسمح للمجموعة بتعزيز سيطرتها الإقليمية، والتوسع جغرافيًا، وربما إعادة التأكيد على استهداف الغربيين. 

في هذه الأثناء، على الجانب الآخر من القارة، في القرن الأفريقي، نجحت قوات الأمن الصومالية بمساعدة 22000 جندي من الاتحاد الأفريقي في بعض الأحيان في صد حركة الشباب، لكن الاقتتال السياسي الداخلي والافتقار إلى قدرات الجيش الصومالي قد مكنت فروع القاعدة المحلية من الصعود مرة أخرى، مما يدل على زخم كبير على مدى الأشهر الـ 12 إلى 18 الماضية. هذا التعزيز ليس أقله نتيجة الإستراتيجية العسكرية المخططة جيداً لحركة الشباب التي تقارن بين تكتيكات الحرب غير المتكافئة بهجمات إرهابية واسعة النطاق. تمكنت حركة الشباب من التكيف والانخراط بشكل أكبر في المجتمعات الصومالية المحلية، مما يجعلها أكثر فروع القاعدة نشاطًا على مستوى العالم. في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولا سيما جنوب غرب الصومال وشمال شرق كينيا، تحاول الجماعة تنفيذ عقيدتها الدينية ونظامها القضائي - لكنها تقدم خدمات اجتماعية لمساعدة المجتمعات المحلية أثناء التوثيق من خلال قنواتها الدعائية المختلفة. 

منذ بداية عام 2022 على وجه الخصوص، وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الوطنية الصومالية، كثفت حركة الشباب أنشطتها العملياتية، مما أدى أولاً إلى قيام الولايات المتحدة بشن أول ضربة بطائرة بدون طيار في البلاد منذ أغسطس 2021 وبعد ذلك إلى قرار الرئيس بايدن. للعودة إلى انسحاب إدارة ترامب وإعادة نشر ما يقرب من 450 من القوات الخاصة. بينما تنفذ الجماعة في المتوسط أكثر من هجومين في اليوم، وكثير منها عبارة عن اغتيالات وغارات بسيطة، فهي قادرة على شن هجمات ضخمة تحصد أعدادًا كبيرة من الضحايا. في 17 يونيو، قتل مقاتلو حركة الشباب ما يصل إلى 27 من القوات المحلية في غارة على قاعدة في ولاية جالجودود، وفي أوائل مايو، قتلت الجماعة ما لا يقل عن 30 بورونديًا 

على الرغم من أن تنظيم القاعدة في اليمن كان الفرع الرئيسي المرتبط بالإرهاب الذي يستهدف الغرب، فقد تم الإبلاغ عن أن حركة الشباب تركز بشكل متزايد على "العدو البعيد". تفاقم هذا الخوف بعد اعتقال تشولو عبدي عبد الله، الناشط الكيني الواضح في حركة الشباب المتهم بالتخطيط لتنفيذ هجوم واسع النطاق على غرار هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.

بينما جادل بعض علماء الإرهاب، بمن فيهم دانيال بيمان، بأن القاعدة تزداد بلا صلة، يعتقد آخرون، مثل أسفانديار مير، أن الجماعة لا تزال تشكل تهديدًا حقيقيًا للوطن الأمريكي والمصالح الأمريكية في الخارج. يتصارع كل من القاعدة وداعش مع خسائر فادحة، ويبقى تحديا لهذه الجماعات لتوليد الحماس عندما يشهد أنصارها هزائم ونكسات متواصلة. كما يظهر الهجوم الإرهابي الأخير على حانة للمثليين في أوسلو، ستستمر الجماعات الإرهابية في إلهام المتطرفون المحليون للتصرف باسمهم. ولكن لاستعادة الصلة حقًا، سيسعى كل من القاعدة وداعش والجماعات التابعة لهما إلى إعادة بناء القدرة على شن هجمات مروعة في الغرب. 

حتى مع وجود أوجه قصور موثقة لجهود مكافحة الإرهاب "عبر الأفق"، لا توجد شهية في الولايات المتحدة لموقف يتم فيه نشر أعداد كبيرة من القوات الأمريكية لعمليات مستمرة لمكافحة الإرهاب. وصف البعض قرار إدارة بايدن بإرسال عدة مئات من أفراد قوات العمليات الخاصة إلى الصومال بأنه سقف لمدى استعداد الرئيس للتعامل مع مكافحة الإرهاب. لا ينبغي أن يكون. يجب على إدارة بايدن عكس الحكمة التقليدية والالتزام بمواصلة القتال ضد الجماعات الإرهابية مثل القاعدة. إن إرسال قوات إلى الصومال هو بداية جيدة، ولكنه ليس كافياً لتقويض شبكة إرهابية عالمية.

بعد الحادي عشر من سبتمبر، كانت الولايات المتحدة غير مستعدة لقبول أي خطر تقريبًا فيما يتعلق بالجماعات الإرهابية العابرة للحدود. ولكن بعد عقدين من إراقة الدماء والأموال أثناء مطاردة الإرهابيين إلى كل ركن من أركان العالم، بدأ القلق من الحرب وتحول التركيز من الجهات الفاعلة العنيفة من غير الدول إلى المنافسة شبه النظيرة مع الدول القومية والقوى العظمى. سيوفر هذا التطور فترة راحة مرحب بها للجماعات الإرهابية في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء التي تعمل على إعادة تأسيس قدراتها التنظيمية والتشغيلية والاستفادة من حملة مكافحة الإرهاب العالمية الأقل عدوانية ضد الجماعات الإرهابية.