الصراع في مالي بين جماعة نصرة الإسلام وفاجنر الروسية
الثلاثاء 16/أغسطس/2022 - 02:02 م
طباعة
حسام الحداد
زعمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة (GSIM) أنها قتلت أربعة عناصر شبه عسكرية من مجموعة فاجنر الأمنية الروسية الخاصة في كمين بوسط مالي، وفقًا لبيان على موقع American SITE المتخصص في مراقبة الجماعات المتطرفة..
وتأكدت المعلومات لوكالة فرانس برس من قبل مسؤولين محليين منتخبين ومصدر بمستشفى، في حين رفض مسؤول كبير بالجيش المالي في المركز تأكيدها أو نفيها. وجاء في البيان إن "مجموعة من مرتزقة فاجنر ركبت دراجات نارية في منطقة باندياجارا ابتداء من قرية دجالو متجهة نحو الجبال. وكان جنود الله يراقبونهم وتمكنوا من قتل أربعة منهم وفر الباقون"، بحسب الجهاز الدعائي للجماعة الجهادية.
وصرح مسؤول محلي منتخب لوكالة فرانس برس، طلب عدم الكشف عن هويته، أن "أربعة روس قتلوا نهاية الأسبوع على يد جهاديين بالقرب من باندياجارا". وأكدت سلطة محلية أخرى المعلومات. كما أكد مصدر مستشفى مالي في المنطقة "مقتل أربعة روس في قتال".
في سياق أمني متدهور للغاية، ابتعد المجلس العسكري عن فرنسا وشركائها، مفضلاً الاعتماد على روسيا لمحاولة وقف انتشار الجهاد الذي انتشر في جزء كبير من البلاد وكذلك بوركينا فاسو والنيجر المجاورة.
قالت مالي إنها استعانت بـ"مدربين" من روسيا لدعم جيشها، بينما استنكرت باريس وواشنطن وجود "مرتزقة" في البلاد من مجموعة فاجنر الروسية الخاصة، وهو ما تنفيه باماكو. وكانت روسيا قد اعترفت في مايو بوجود فاجنر في مالي "على أساس تجاري" لا علاقة له بموسكو.
نفذ الجيش المالي العديد من العمليات العسكرية "لملاحقة" الجماعات الجهادية في وسط مالي منذ بداية العام.. تضم GSIM التي يستمر نفوذها على الأرض في التوسع، عددًا لا يحصى من الجماعات الجهادية وتعمل بشكل رئيسي في مالي وبوركينا فاسو.
وانتقد الاتحاد الأوروبي وفرنسا توجه الشركة الروسية للعمل في مالي، وهو ما ردت عليه موسكو بأن الحكومة الانتقالية هي التي طلبت من المجموعة المساعدة في القتال ضد الارهابيين، وأن الحكومة الروسية لا علاقة لها بهذا التعاون.
قلق غربي
وتسبب الدور المنتظر لمجموعة "فاجنر" الروسية في قلق غربي بشأن التدخل الروسي بمنطقة الساحل وإفريقيا، مما قد يدفع فرنسا للتلويح بإعادة النظر في تواجدها العسكري في المنطقة الممتد منذ 8 سنوات، متمثلا في قوة "برخان".
وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها الجدل حول مجموعة "فاجنر"، حيث تنتشر عناصرها في دول عدة ومناطق للنزاعات حول العالم، منها سوريا وليبيا، فضلا عن عمل بعض المنتمين إليها مستشارين عسكريين لدول أخرى.
إمكانات "فاجنر"
وتضم المجموعة في صفوفها أفرادا متقاعدين من القوات المسلحة الروسية، وتضطلع بحماية عدة شركات في دول بها نزاعات، كما تنسب لها عمليات في بلدان مختلفة.
ويشير خبراء ومنظمات منها العفو الدولية، إلى أن "فاجنر" تتحرك بدعم مباشر من الحكومة الروسية، لدرجة أن البعض وصفها بـ"الجيش السري للرئيس فلاديمير بوتن".
ويرجع تأسيس "فاجنر" عام 2014 إلى ديمتري أوتكين، العميد السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وظهرت لأول مرة شرقي أوكرانيا ثم نشطت في جزيرة القرم، ويتولى "أوتكين" القيادة الميدانية والجوانب التقنية الخاصة بعملها.
وتقدر تحقيقات صحفية روسية عدد المنضمين لـ"فاجنر" بما يتراوح بين 3500 و5 آلاف مقاتل، بعضهم ذوو أصول من دول الاتحاد السوفيتي السابق القريبة من روسيا.
واعتبر مراقبون في أحاديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الشركة العسكرية الروسية الخاصة "بمثابة ذراع غير رسمية لموسكو"، من أجل ترسيخ تواجدها في المناطق التي ترغب في مد نفوذها إليها.
شركات عسكرية روسية
ويشير معهد أبحاث "CMI" النرويجي إلى تواجد قرابة 20 شركة عسكرية خاصة في روسيا أبرزها "فاجنر"، فضلا عن 20 ألف شركة حماية خاصة، ورغم أن الشركات العسكرية الروسية ما تزال محظورة وغير مقننة في بلدها، فإنها تواصل العمل في الداخل والخارج.
ويوضح المعهد في دراسة له بعنوان "الاستخدام الروسي للشركات العسكرية والأمنية الخاصة.. التداعيات على الأمن الأوروبي والنرويجي"، أن الشركات العسكرية الروسية، خاصة "فاجنر"، لا يمكن وصفها بالكبيرة، لكنها نشطة للغاية.
هروب من المسئولية
ويقول الخبير العسكري المصري اللواء علاء عز الدين، إن الأنشطة المتعلقة باستخدام السلاح والشركات ذات الطابع الأمني والعسكري لا يمكن أن تعمل حول العالم من دون علم دولتها وبإذن منها، وذلك لتوفير تراخيص حمل السلاح أو التصريح بتدريب الأفراد.
وأضاف عز الدين في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "عمل مثل هذه الشركات لا يتم من دون موافقات رسمية، أو بأقل تقدير مع غض الطرف من جانب الدولة عن أنشطتها، لأنها تكون مخالفة للقانون".
ويؤكد الخبير العسكري أن "فاجنر" إحدى الشركات التي تعمل بتلك الآلية، لكن "روسيا لا تنفرد بهذا الأمر، فهناك مثلا شركة (بلاك ووتر) الأميركية التي أدت أدوارا مماثلة في عدة دول منها العراق".
وأشار إلى أن "حكومات البلدان التي تنشأ فيها هذه الشركات بإمكانها التهرب من المسئولية القانونية أمام المجتمع الدولي، فحينما ارتكبت (بلاك ووتر) جرائم في العراق تبرأت منها أميركا، مثلما تتبرأ روسيا من (فاجنر) حاليا".
ويوضح عز الدين أن "الشركات التي تحمل صبغة عسكرية تساعد على تحقيق مصالح الدول التي تنتمي لها والمتحالفة معها، مهما تم إنكار هذا الأمر أو نفيه بشكل رسمي أو في تصريحات المسؤولين".