شهدت عاصمة تشاد، انجمينا، جلسات الحوار الوطني بمشاركة عشرات الأحزاب والحركات
العسكرية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة في تشاد، من أجل وضع خارطة طريق الانتخابات
ونقل السلطة للمدنيين، وسط مخاوف من سيطرة
زعيم حركة "اتحاد قوى المقاومة" تيمان ارديمي على السلطة.
افتتح "الحوار الوطني الشامل" بين المعارضة المدنية والمجلس العسكري الحاكم في تشاد ، الذي تأجل عدة مرات ، يوم السبت 20 أغسطس ولمدة ثلاثة أسابيع ، بهدف "طي صفحة" المرحلة الانتقالية والسماح للتنظيم انتخابات حرة لؤسس للنهج الديمقراطي.
وشاركت نحو 47 حركة مسلحة في جلسات الحوار الوطني، أبرزها حركة "اتحاد قوى المقاومة" التي يقودها "تيمان ارديمي" كأبرز الحركات المشاركة في جلسات الحوار، والتي يتوقع ان يكون لها دور فعال في رسم مستقبل تشاد، وسط صراع نفوذ بين روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على تشاد الغنية بموارد اليورانيوم.
على الجانب الأخر هناك نحو 19 حركة رفضت المشاركة في جلسات الحوار الوطني، أبرزها "جبهة الوفاق من أجل التغيير(فاكت)" بقياددة محمد مهدي علي، هوي حركة مؤثرة ولها ثقل كبير في وسط الجماعات المسلحة، ونفوذ في شمال تشاد على الحدود مع ليبيا والنيجر ، وحاربت مع القوات الفرنسية في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
ومابين نظرة تفاؤل بنتائج المتوقعة بجلسات الحوار الوطني، وتشاؤم بمستقبل تشاد بعود "تيمان" ورفض حركات مسلحة بارزة المشاركة في جلسات الحوار كحركة "فاكت" والتي لها نفوذ قوي في شمال تشاد وحاربت ضد تنظيم داعش الإرهابي، وتحظى بدعم فرنسي، يرى مراقبون تشاديون أن نتائج "الحوار الوطني" ستكون كالقابض على الجمر، قنبلة موقوتة في مستقبل انجمينا.
ويقول الصحفي التشادي أبو بكر عبد السلام، إن أهداف الحوار الوطني تندرج في بناء دولة المؤسسات واعادة صياغة الجيش التشادي إلى جيش وطني تسليم السلطة إلى المدنيين دمج الجميع في الدولة القادمة، وبسط الأمن في كل ربوع البلاد وتجاوز اي خلاف بين الحكومة والمعارضة بشقيها المدني والمسلح.
ولكن يرى "أبو بكر" أن ما تضمنته وثيقة التوافق في الدوحة ستكون أهم دافع يرتب لهذا الحوار، لكن حسب المعطيات الآن المشاهدة لم يسير الحوار بحسب أهدافه وهذا يشكل عائق كبير في مخرجات الحوار التي يتم التلاعب بمساراتها.
وأوضح أن وثيقة الدوحة نص على الضمانات اللازمة والتزام كل طرف تمهيدا للمشاركة في الحوار ، وضمت التدابير اللازمة التدابير التي تهدف إلى استعادة الثقة والسلام والوئام الوطني والأمن، والتي كان على رأسها "وقف الأعمال العدائية بصورة تامة ونهائية" بين الجماعات المتمردة والمجلس العسكري.
ويضيف الصحفي التشادي الآن كل المؤشرات تدل على أن الحوار الوطني المقبل والتلاعب الحاصل في قوائم اللجان والمشاركين، على أنه حوار فاشل وتسوقه السلطة الانتقالية إلى مآرب لها، إضافة إلى مقاطعة معارضة الكتل السياسية للحوار القادم ودعوتها غدا الجمعة لمظاهرة كبيرة دعت فيها جماهيرها للخروج لمواجهة ما اسمته بالحوار الانتهازي.
بدوره يقول مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي محمد علي كيلاني، إن جلسات الحوار الوطني واتفاقية الدوحة سيفتحان أبواب
الجحيم على تشاد، والتسبب في أزمة سياسية جديدة بقيادة محمد إدريس ديبي.
وأرجع قبول الحكومة التشادية بعودة " تيمان ارديمي" إلى انجمينا ومشاركته
في الحوار الوطني نظرا لأنه يشكل أبرز الجماعات المتمردة التي تسبب ازعاجا للمجلس العسكري.
واتفق "أبو بكر" و"كيلاني" على انو عودة زعيم حركة
"اتحاد قوى المقاومة" تيمان ارديمي إلى انجمينا نذر شؤوم على البلاد، في
ظل اطماع "تيمان" في الوصول الى السلطة بدعم من عشيرته.
ويقول "كيلاني" إن بعض لأبناء عشيرته قد يكون متآمرين على مقتل الرئيس
التشادي السابق إدريس ديبي لافساح المجال لـ"تيمان" ليكون في السلطة، والتي
قد يحصل عليها على طبق من ذهب بعد مقتل "ديبي الأب"، كذلك هناك قيادات قبيلة الزغاوة في تشاد والسودان مواليين
لـ"تيمان".
وقال مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي إن عودة تيمان ارديمي إلى انجمينا
نذر شؤم على البلاد، فقد سبق أن صرح في تسجيل صوتي أنه سيقتل الرئيس الحالي "ديبي
الإبن" ويتولى السلطة ويطرد الفرنسيين ويأتي بالروس، في مؤشر على صراع النفوذ
الفرنسي الروسي في تشاد.
وقصفت طائرات الجيش الفرنسي تقدم حركة تيمان باتجاه نجامينا في 2019، بالقرب
من العاصمة انجمينا، وسط حالة من القلق على مستقبل تشاد في ظل سياسة "تيمان"
التي تهدف للوصول إلى السلطة، بدعم روسي خفى كجزء من صراع النفوذ بين فرنسا وروسيا
في منطقة الساحل والصحراء.
ويضيف "كيلان" أن "تيمان بينه وبين الجنرالات الحاليين في السلطة
الانتقالية واغلبهم من عشيرته صراع ودماء، واذا وصل للسلطة فانه سيحاسبهم، ويثأر منهم.
كذلك وصف مشروع "تيمان" في البلاد بانه مشروع إرهابي، نظرا لعلاقاته
الوثيقة مع الجماعات الارهابيين في ليبيا وبحيرة تشاد على رأسهم جماعة "بوكوحرام".
وأوضح أن فرنسا اتهمت "تيمان" بالقتال مع الإرهابيين في بنغازي الليبية،
وأيضا لديه اتصالات بجماعة "بوكوحرام" على الحدود مع تشاد، وقد تم رصد اتصال
بينهم قبل أشهر.
فيما قال "أبو بكر" إن أهمية مشاركة تيمان ستكون بأهمية مشاركة باق
قادة الحركات الموقعة في حوار الدوحة كمحمد نوري أبرز قادة التمرد التشادي ضد نظام
الرئيس إدريس ديبي، هو الرئيس المؤسس لاتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية، وغيرهم
من قادة الحركات المسلحة.
وحول غياب العديد من الحركات المسلحة ذات فيتشاد الصحفي التشادي أبو بكر عبد السلام، هناك حوالي 19 حركة مسلحة لم توقع على اتفاق الدوحة وقاطعته، ولكن هناك محاولات من قطر والدول الصديقة لتشاد باقناع هذه الحركات بالمشاركة في الحوار، وبحسب تصريحات رئيس الاتحاد الافريقي الرئيس السنغالي مكي سال في زيارة له لانجمينا قبل يومين أكد في محاولة الاتحاد لأن يكون الحوار القادم شاملا وسيقنع هذه الحركات بالعدول عن قرارها في عدم المشاركة.
ويضيف "أبو بكر" إن ابرز الحركات المسلحة التي قاطعت الحوار الوطني، هي حركة" فاكت" التي لديها وزن كبير في الوسط الثوري المسلح وهي من تسببت في مقتل الرئيس الراحل بحسب مصادر كثيرة لذا من ضروريات الحوار يكون مع الجهات التي يعنيها الحوار وليس مع حركات كرتونية يتم بيعها على مساومات وفتات لايخدم البلد بقدر ما يخدم هؤلاء الانتهازيين.
من جانبه يقول "كيلاني" إن حركة "فاكت" لها ثقل كبير بين سكان شمال تشاد، مضيفا أن قيادات الجيش الفرنسي يقولون انها "فاكت" شاركت معهم في حرب داعش في جنوب ليبيا.
وعن رفض مشاركتها في الحوار الوطني يقول "كيلاني" إن فاكت ساهمت في مقتل الرئيس التشادي السابق ولها شروط إطلاق سراح أسراها لدى المجلس العسكري بقيادة "ديبي الإبن" ولكن المجلس العسكري لم تستجيب لشروطها.
ويرى كيلاني و"أبو بكر" أن جلسات الحوار الوطني وعودة "تيمان" وفي ظل صراع النفوذ بين فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أن مستقبل البلاد أشبه بالقنبلة الموقوتة، وأن الحوار الوطني يفتح باب السلطة الجنرال ذو نزعة الدينية المتشددة للوصول إلى السلطة.