العراق .. الصدر يضع المسمار الأخير في نظام 2003 وتراجع الحضور الإيراني
تتصارع الأحداث في العراق،
مع اقتحام متظاهرين، المنطقة الخضراء ودخل
القصر الجمهوري، واعلان حظر التجوال في بغداد ومدن العراق وسط اشتباكات بين مليشيات
الحشد الشعبي الموالية إيران، وأنصار الصدر مما ادى الى وفاة بوفاة أحد المتظاهرين
نتيجة إصابته الشديدة، إصابة عدد من المراسلين والمصورين بينهم مصور خلال محاولات القوات
الأمنية فض احتجاجات الصدريين في القصر الحكومي.
الصدر- المالكي
وأعلن زعيم التيار الصدري
مقتدى الصدر عن اعتزاله العمل السياسي وغلق جميع المؤسسات السياسية والإعلامية والاجتماعية
المرتبطة به، كما شدد على اتباعه عدم استخدام اسمه او اسم التيار في أي نشاط سياسي
أو إعلامي.
وعلى إثر ذلك، شهدت المنطقة
الخضراء في العاصمة بغداد، والمؤسسات الحكومية في عدد من المحافظات الجنوبية، بدء ما
يسميه الصدريون "ساعة الصفر"، حيث حولوا اعتصامهم إلى اقتحام القصر الجمهوري
ومبان لمؤسسات حكومية عدة، وإعلان النفير العام.
من جانبه حذر السفير العراقي
في المملكة المتحدة، محمد جعفر الصدر، من المساس بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وكتب جعفر الصدر في تغريدة
نشرها على حسابه الشخصي في تويتر: "السيد مقتدى الصدر قائدنا لكل خير.. والمساس
به خط أحمر، فاحذروا".
ياتي ذلك مع تضاربت الأنباء
حول مصير نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وزعيم تحالف دولة القانون، وأشارت
شبكة "مونت كارلو" إلى أنه تم إجلاء نوري المالكي من منزله بالمنطقة الخضراء،
بواسطة مروحية من طراز
Mi-17،
إلى جهة مجهولة لم يتم الكشف عنها.
ولكن مدير مكتب المالكي
نفى تلك الأنباء، وقال: إن زعيم تحالف دولة القانون في مكتبه وبيته ولم يغادره أصلاً
منذ بداية الاعتصام الصدري وحتى اليوم.
وشدد أن كل ما يصدر خلاف
ذلك من أخبار هو غير حقيقي، وأن المالكي متواجد ويزاول عمله، ولم يغادر ويجري اتصالاته
مع القادة العراقيين، لمتابعة الوضع، والعمل على إيجاد الحلول، وعودة الاستقرار.
بين المالكي والصدر يقف
القادة الشيعة الآخرون ، وهم مجموعة متنوعة ، بعضهم يترأس أحزاباً موالية لإيران ذات
أجنحة شبه عسكرية. كلهم طالبوا بالحوار في أعقاب أحداث تموز (يوليو) الماضي ، مما أظهر
لهم مرة أخرى أنهم قللوا من قدرة الصدر على التصعيد باللجوء إلى سياسة الشارع.
ومع ذلك ، يدرك معظمهم أنه من غير المرجح أن يتراجع الصدر ولا المالكي عن موقفه
بما يكفي بحيث تتمكن القوى السياسية العراقية من التوصل إلى حكومة توافقية. مع وجود
معادلة برلمانية مستحيلة ، حيث لا يستطيع الصدر ولا المالكي الحصول على أغلبية الثلثين
بمفرده ، تبقى خيارات أخرى قليلة.
حظر تجوال واجتماع عسكري
على اثر اقتحام المنطقة
الخضراء، ترأس القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اجتماعاً
طارئاً للقيادات الأمنية، لبحث تداعيات خروج التظاهرات في المنطقة الخضراء وسط العاصمة
بغداد، وعدد من المحافظات عن السيطرة.
وجدد الكاظمي توجيهاته
للقيادات الأمنية بالالتزام التام بالتعليمات السابقة فيما يخص حماية أرواح المتظاهرين،
والحفاظ أيضاً على الممتلكات العامة والخاصة، ومنع التجاوز على المؤسسات الحكومية من
قبل أي طرف كان.
ودعا القائد العام للقوات
المسلحة العراقية المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء، وعدم إرباك الوضع
العام في البلاد، وتعريض السلم المجتمعي إلى الخطر.
وقال الكاظمي في بيان سابق
إن التطورات الخطيرة التي جرت في عراقنا العزيز اليوم من اقتحام المتظاهرين للمنطقة
الخضراء ودخول مؤسسات حكومية إنما تؤشر إلى خطورة النتائج المترتبة على استمرار الخلافات
السياسية وتراكمها.
واكد الكاظمي تجاوز المتظاهرين
على مؤسسات الدولة يعد عملاً مداناً وخارجاً عن السياقات القانونية، فإننا ندعو سماحة
السيد مقتدى الصدر الذي لطالما دعم الدولة وأكد الحرص على هيبتها واحترام القوى الأمنية
للمساعدة في دعوة المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية.
وأضاف أن تمادي الخلاف
السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة لا يخدم مقدرات الشعب العراقي، وتطلعاته،
ومستقبله، ووحدة أراضيه، مجددا إلى ضبط النفس من الجميع، وندعو المتظاهرين إلى الانسحاب
الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حماية المؤسسات
الرسمية وأرواح المواطنين.
وأكدت قيادة العمليات المشتركة،
حظر التجوال الشامل في جميع محافظات العراق، اعتباراً من مساء الاثنين وإلى إشعار آخر.
وقال القيادة في بيان مقتضب:
"قيادة العمليات المشتركة تعلن حظر التجوال الشامل في جميع محافظات العراق، اعتباراً
من الساعة السابعة من مساء اليوم الاثنين إلى إشعار آخر..وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً".
ردود دولية
من جانبها دعت بعثة الامم
المتحدة في العراق، يونامي، اليوم الاثنين (29 آب 2022) المتظاهرين الى مغادرة المنطقة
الخضراء، وضبط النفس.
يونامي، دعت في بيان لها
"جميع المتظاهرين إلى مغادرة منطقة بغداد الدولية فوراً وإخلاء جميع المباني الحكومية
والسماح للحكومة بمواصلة مسؤوليتها إدارة الدولة خدمة للشعب العراقي".
واضافت ان "تطورات
اليوم تصعيد خطير للغاية، ويجب أن تعمل مؤسسات الدولة دون عائق في خدمة الشعب العراقي
في كل الظروف وفي كل الأوقات"، موضحة ان "احترام النظام الدستوري سيصبح الآن
أمراً حيوياً".
وحثت بعثة الأمم المتحدة
لتقديم المساعدة إلى العراق "الجميع على الحفاظ على السلام، والتعاون مع قوات
الأمن، والامتناع عن الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى سلسلة من الأحداث لا يمكن وقفها".
كما دعت يونامي "جميع
الجهات الفاعلة (السياسية) إلى العمل على تخفيف حدة التوترات واللجوء إلى الحوار بوصفه
الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات"، مردفة انه "لا يمكن احتجاز العراقيين كرهائن
لموقف لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن الدفاع عنه"، محذرة من ان "بقاء الدولة
نفسه على المحك".
فيما أعربت السفارة الأمريكية في العراق، عن قلقها من
تصاعد التوترات في الساحة السياسية، وفيما حذرت من "دوامة عنف" قادمة، اكدت
ان الوقت "الآن" للحوار وليس المواجهة.
وقالت السفارة الأمريكية؛
إن "تقارير الاضطرابات في جميع أنحاء العراق اليوم مثيرة للقلق حيث لا تسمح للمؤسسات
العراقية بالعمل".
وأضافت السفارة الأمريكية
في العراق "تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء تصاعد التوترات وتحث جميع الأطراف
على أن تظل سلمية وأن تمتنع عن القيام بأعمال يمكن أن تؤدي إلى دوامة من العنف. ولا
ينبغي تعريض أمن العراق واستقراره وسيادته للخطر"
وشددت السفارة الأمريكية
في العراق على أن "الوقت حان الآن للحوار لحل الخلافات، وليس من خلال المواجهة"،
معتبرة "الحق في الاحتجاج العام السلمي هو عنصر أساسي في جميع الديمقراطيات، ولكن
يجب على المتظاهرين أيضاً احترام مؤسسات وممتلكات الحكومة العراقية، التي تنتمي إلى
الشعب العراقي وتخدمه ويجب السماح للمؤسسات بممارسة عملها".
فيما أوصت وزارة الداخلية
الإيرانية المواطنين بعدم زيارة العراق حتى إشعار آخر، على خلفية تظاهرات لأنصار التيار
الصدري في بغداد وعدد من المحافظات.
وقالت الداخلية الإيرانية
في بيان: "نطلب من المواطنين عدم التوجه إلى العراق حتى إشعار آخر حرصا على سلامتهم
بالنظر للوضع الأمني في هذا البلد"".
وذكرت الداخلية الإيرانية
أنها تعمل على "عودة الزوار الإيرانيين المتواجدين في النجف وكربلاء مع ضمان سلامتهم".
من جانبها طلبت السفارة
الإيرانية في العراق من رعاياها المتواجدين عدم التوجه إلى بغداد والكاظمية وسامراء
حتى إشعار آخر بسبب فرض قوانين فرض التجوال في العاصمة العراقية.
العراق الجديد
ويرى مراقبون أن العراق
دخل مرحلة حسامة في تاريخه السياسي منذ اسقاط نظام صدام حسين، في ظل الصراع الشيعي
الشيعي، وتحول مقتدى الصدر لزعيم شعبي كبير في
مواجهة فساد السلطة الحاكمة وتغول المليشيات، الصدام الكبير مع نوري المالي
وقيادات الحشد الشعبي المقربة من ايران.
تنبع بعض الصعوبات التي
تواجهها النخب العراقية في الوصول إلى تفاهم سياسي جديد من فك الارتباط الواضح للجهات
الخارجية.
و اكتسبت النخب قوتها في
سنوات الاحتلال الأمريكي من 2003 إلى 2011 ، والتي حثت خلالها واشنطن السياسيين العراقيين
على تقديم تنازلات. وراء الكواليس ، فعلت طهران ذلك أيضًا من أجل مواجهة النفوذ الأمريكي.
لا يلعب أي من الطرفين مثل هذا الدور اليوم ، لذلك يقف القادة العراقيون وحدهم
في محاولة حل خلافاتهم.
يعد هذا التطور ضروريًا لرفاهية النظام السياسي العراقي على المدى الطويل ،
لكنه يحمل مخاطر العنف على المدى القصير عندما ينفد القادة من الوسائل السلمية للحكم
معًا.
عراق قبل 29 أغسطس، غير
العراق بعد ذلك اليوم، فاليوم هو يوم تاريخي، ويشكل نهاية لحقبة من المجموعات المتحددة
التي تحكم العراق وايضا تحجيم وتقليص للنفوذ الايراني.