رسالة دكتوراه تناقش عزوف الشباب عن المشاركة الفعالة في الكنيسة
حصل الدكتور القس
هاني ظريف راعي الكنيسة الانجيلية بالملك الصالح علي درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة
الشرف من كلية لاهوت نيوجنيفا الدولية- مقرها
كولرادو أمريكا حول " عزوف الشباب عن المشاركة الفعالة في الكنيسة في العبادة والخدمة " وهذه أول رسالة قدمت لهذه الدرجة Doctor of Ministry ومنحت لقس مصري، وباللغة العربية لخدمة الكنيسة
المصرية والعربية. الرسالة كتبت تحت اشراف الدكتور القس صبري مسعد رئيس قسم دراسات
الدكتوراه بالكلية وتكونت لجنة المناقشة من كل من
الدكتور القس صبري مسعد والدكتور القس
راضي عطالله و والدكتور القس عزت شاكر
وحول الرسالة وبحثها قال الدكتور
القس هاني يموج هذا الزمان بالكثير مِن التحديات غير المسبوقة. تلك التحديات
التي يجب مواجهتها بامتزاجٍ بين الحسم والتواضع. ومِن بين هذه التحديات التي استوقفتني
في آخر عشرة سنوات هو تحدي يختص بالقوة المحركة للكنيسة، والذي يمثل حاضر الكنيسة ومستقبلها
الأ وهو شباب الكنيسة.
وقد نَمَت داخلي
قناعة كبيرة بأن الكنيسة تواجه مشكلة عزوف الشباب عن المشاركة الفعَّالة في العبادة
والخدمة في الكنيسة المحلية. وهو موضوع الإطروحة التي قدمتها للمناقشة.
واضاف الدكتور القس
هاني قائلا اتبعت كافة الخطوات العلمية والأكاديمية تحت إشراف الدكتور القس صبري مسعد
(مشرف الرسالة)، وذلك لكي أقدم للكنيسة طرحًا سليمًا وحلولًا عملية واقعية.
فاشتبكت مع هذه المشكلة
في ستة فصول متتابعة تغطي كافة أبعاد هذه المشكلة وتساعدنا في التفكير فيها تاريخيًا
ولاهوتيًا وكتابيًا وراعويًا ونفسيًا واجتماعيًا وعمليًا.
فقدمت في الفصل الأول
": الكنيسة بين المعنى والمضمون" فتطرَّقَت إلى معنى ومكانة الكنيسة اللاهوتية
والكتابية. ثم توقفت في نفس الفصل عند التَّأصيل الكتابي والتَّاريخي لأهميَّة المشاركة
الفعَّالة للشَّباب في الكنيسة، ثم استعرضت بعض النماذج الكتابية والتاريخية المُضيئة مِن الشباب والتي صنعت الفارق
على جميع الأصعدة الروحية والمجتمعية والسياسية.
ثم قدمت في الفصل
الثاني "عدة إشكاليَّات تحتاج إلى حلول" وهي إشكاليات تحتاج الى التوقف الجاد
والتفكير الهادئ مِن قِبَل كُل المعنيين والمُهتمين بالكنيسة، وهذ الإشكاليات هي:
1. إشكاليَّة الاغتراب عن اجتماع العبادة العام
2. إشكاليَّة ضعف التَّعليم الكتابي
3. إشكاليَّة عدم تنوُّع الموسيقى والتَّسبيح
4. إشكاليَّة ترَهُل الإدارة
5. إشكاليَّة مُقاومة قادة الكنيسة للتَّغيير
ومواكبة العصر
6. إشكاليَّة غياب الرُّؤية وعدم وضوح الهدف
ثم قدَّمت في الفصل
الثالث سِمات الأجيال المُختلِفة التي تكون الكنيسة مِن كل الأعمار المختلفة، فلدينا
خمسة أجيال كل جيل تكوَّن وتشكَّل وفقًا لظروف اجتماعية وسياسية وثقافية معينة، وهذه
الأجيال هي:
الجيل الأول: جيل
الطَّفرة السُّكانيَّة مِن كل من هم فوق سن
57 سنة
الجيل الثاني: جيل X (الجيل العاشر) من 56 إلى 41 سنة.
الجيل الثالث: جيل Y (جيل الألفيَّة) من 40- 25 سنة.
الجيل الرَّابع:
جيل
Z من 24
الى 10 سنوات.
الجيل الخامس: جيل A (ألفا)
من 10 سنوات وحتى يوم.
وفي الفصل الرابع:
قدمت دراسة المُشكلة مِن الناحية العملية بعد الوقوف على الأبعاد اللاهوتية والكتابية
والتاريخية في الفصول السابقة.
وللوقوف على أبعاد
المُشكلة بِشكلٍ دقيقٍ قُمت بعمل مجموعة مِن الاستبيانات الورقية، وكذلك عبر (Google Drive) وتجاوب مع هذه الاستبيانات 125 مِن شباب
وقادة اجتماعات الشباب من مختلف الكنائس، وكذلك 38 راعٍ مشيخي يخدمون في كافة مجامع
السنودس.
كذلك ولكي يكون هناك
إلمامًا أعمق بالقضية قُمت بترتيب عدة لقاءات حوارية مع قادة التَّعليم اللاهوتي والعملي،
وأحد أساتذة الطِّب النَّفسي وأحد قادة المشورة للشباب، وبعد تحليل جميع الاستبيانات
وكافة اللقاءات الشَّخصيَّة مع المتخصِّصين، توصَّلت إلى تحديد كافَّة الأوجه التي
تساعد الكنيسة في التَّعامل مع هذه المشكلة بشكل جيِّد، وهي: كالتالي:
أولًا: ملامح المشكلة
أظهرت نتائج الاستبيانات
أنَّ هذه الظاهرة لا تقتصر على منطقة معيّنة، فهي مشكلة موجودة في غالبية الكنائس باختلاف
السياق الطائفي أو الجغرافي.
كذلك مِن خلال تحليل
الاستبيانات تأكدّت المشكلة فنسبة حضور الشَّباب الاجتماع العام يوم الأحد مساءً في
الكنائس التي شَاركت في الاستبيانات تراوحت نسبة حضور الشباب بين 25 % في نصف عدد الكنائس، و5% في يما يعادل ربع عدد الكنائس.
ثانيًا: أسباب المشكلة
هناك العديد مِن
الأسباب، أضعُها في عدة جوانب رئيسية:
الجانب الأول: أسباب
خاصَّة بتحديات المرحلة العمريَّة التي يمرُّ بها الشَّباب (18- 30 سنة)، ففي هذه المرحلة
مِن العمر ينشغلون بتأكيد نجاحهم الدراسي واختيار العمل المناسب وشريك الحياة المناسب
والسكن المناسب.
الجانب الثاني: أسباب
خاصَّة بانشغال الشَّباب بالواقع الافتراضي وتأثير ذلك على سلوكياتهم ونظرتهم للحياة
وللمجتمع وللكنيسة.
الجانب الثالث: أسباب خاصَّة بالكنيسة
وتحت هذا الجانب
قُمت برصد عشرات الأسباب التي تُسأل عنها الكنيسة ممثلة في قادتها تجاه هذه المشكلة،
أذكُر فقط مِنها غياب التَّعليم الكتابي العميق والمؤثِّر في كلِّ اجتماعات الكنيسة،
بدايةً مِن مدارس الأحد حتى الاجتماع العام، واعتماد المِنبَر على تقديم جُرعات بسيطة
مِن الكلمة المقدسة مِن دون التأكيد على مركزيَّة الكلمة في حياة الأسرة وفي حياة الفرد،
الأمر الذي خلق أجيالاً لا تكترث بأهميَّة الالتزام بكلمة الله وكذلك اللامبالاة بِمخاطر
تجاهلها، وبِعدم الالتزام بالعبادة ولا بالتقدُّم للمائدة المقدَّسة.
ثالثًا: مخاطر هذه
المشكلة
مِن خلال النِّقاشات
والاستبيانات اتضح أنَّ هذه المشكلة لها نتائج سلبيَّة كثيرة إذا لم تسارع الكنائس
التي تعاني منها في حلها، أذكر منها:
التفكير الموضوعي
يجعلنا ندرك أنَّه بعد انتقال المجموعة الحالية التي معظمها مِن كبار السن فسوف يتم
إغلاق اجتماعات عامة هامة كاجتماعي الأحد صباحًا ومساءً، بالإضافة إلى اجتماعات حيويَّة
كاجتماعات درس الكتاب والصَّلاة. والتي بدأت بالفعل منذ عدة سنوات تتأثر بشدة نتيجة
غياب الشباب في الكثير من الكنائس.
والفصل الخامس والذي
يحمل عنوانالحلول المُمكِنة لمشكلة عزوف الشَّباب عن المشاركة الفعَّالة في العبادة
والخدمة في الكنيسة، وفي هذا الفصل تم وضع
حلولًا مقترحة لتطوير البعد الاداري وكذلك التعليمي وأيضًا الرعوي كالتالي:
أولًا: مقترحات لتطوير
البُعد الإداري في الكنيسة
يجب على مجلس الكنيسة
اتخاذ خطوات صادقة وجادة في تطوير البُعد الإداري مِن خلال عدة قرارات حاسمة قُمتُ
بكتابتها في الرسالة لكن على سبيل المثال أذكر:
ضرورة تمكين الشباب
18- 30 (فئة البحث)، فيكون هناك تمثيلًا للشباب في مجلس الكنيسة. وإعطاءهم الفرصة كاملًة
ليُعبرون عن احتياجات الشباب داخل المجلس. وكذلك تكليف خادم مِن كل اجتماع للمشاركة
في لجنة إدارة وتنظيم ومتابعة الاجتماع العام، وإعطائهم الضَّوء الأخضر لتطوير الاجتماع
مع التَّأكيد على مضمون العِبادة. فهذا يعكس إيمان مجلس الكنيسة بقدرات الشَّباب العالية
وعدم استحواذ كبار السِّن على كافّة الخدمات الإداريَّة والروحيَّة في الكنيسة.
ثانيًا: بعض المُقترحات
لتطوير التَّعليم الكتابي في الكنيسة
يقول القس سهيل سعود
في كتابه الإصلاح الإنجيلي:
إنَّ لوثر كان مقتنعًا
أننا نستطيع اكتشاف القوة المُحرِّرة للإيمان المسيحي في شتى المجالات فقط بواسطة كلمة
الله، والإصغَّاء الصادق العميق إليها، فالكتاب المُقّدَّس هو مَصدر لا ينضب مِن القوة
لكل المحتاجين اليها.
وفي رأيي لن يكون
هناك أي فائدة مِن أي أنظمة إدارية مِن دون أن يكون هناك اهتمامًا حقيقيًا وصادقًا
ومثابرًا بتقديم التعليم الكتابي النقي لشعب الرب، وأرى أنَّ هذا الأمر يجب أنْ يتم
عن طريق اتخاذ مجلس الكنيسة (راعي وشيوخ) عدة قرارات يلتزم الجميع بها، وومنها على
سبيل المثال لا الحصر: دراسة كلمة الله بانتظام وتقديم التعليم الكتابي العميق وكذلك
الاهتمام بالتلمذة. وقد ذكرت في نص الرسالة الكثير في هذا الشأن.
ثالثًا: بعض المقترحات
لتطوير البعد الرعوي بالكنيسة
إنَّ الرعاية أحد
الجوانب الهامة التي تدعم خدمة وشهادة الكنيسة، وتتأثر الكنيسة بشدة إذا أُهمِل هذا
الجانب، والعكس صحيح. فالرعاية أساسُها الاهتمام الذي يُعد إحتياجًا أصيلًا لدى كُل
عضو بالكنيسة. ومِن دونه تضعُف الرعية. لذلك فضعف الرعاية ساهم بشكلٍ أو بآخر في تعميق
مشكلة ابتعاد وعزوف الشباب عن المشاركة في العبادة والخدمة، لذلك يجب أن يتخذ مجلس
الكنيسة عدة خطوات لتطوير البعد الرعوي ، وقد ذَكرت في الرسالة أيضًا العديد والعديد
مِن المقترحات التي تُساهم في دعم جانب الرعاية في هذا الوقت.
الفصل السادس والأخير
تخطيط تفصيلي لعلاج
مشكلة عزوف الشَّباب عن المشاركة الفعَّالة في العبادة والخدمة في الكنيسة
كنت قد طرحت في الفصل
السَّابق ثلاثة جوانب للإصلاح، التي بدورها ستساهم بقوة في علاج هذه الظَّاهرة خلال
الوقت الحاضر في الكنيسة. فهذه المقترحات التي تشمل الأبعاد الثلاثة: الإداريَّة والتَّعليميَّة
والراعويَّة نابعة مِن سياق هذا العصر بتحدياته وإمكانيَّاته، ووفقًا لهذه المُقترحات،
ووفقًا للسِّياقات المختلفة التي نحياها الآن، وضعت في هذا الفصل مُخطَّطًا تفصيليًّا
لمدة ثلاث سنوات لعلاج مشكلة عزوف الشَّباب عن المشاركة الفعَّالة في العبادة والخدمة
في الكنيسة.، كالتالي:
العام الأول يتم
فيه التركيز على البعد الكتابي والرعوي مِن خلال الخطوات التالية:
1. تقديم تعليم كتابي مِن برنامج درس الكتاب اليومي
( كلامك هو حق.)
2. تقديم تعليم كتابي عن الكنيسة مِن خلال مِنْبر الكنيسة
3. تقديم تعليم كتابي عن الكنيسة مِن خلال مجموعات
التلمذة
العام الثاني ويتم
فيه التركيز على البعد التعليمي والمهاري وهذ يتم مِن خلال:
1. ثقل مهارات قيادات وخدام الكنيسة مِن خلال عدة تدريبات
عملية.
2. مدرسة الخدام
3. مدرسة الدفاعيات
4. مدرسة مهارات سوق العمل
5. أربع ندوات لاهوتية مع خدمة الصورة بواقع مرة كل
ثلاثة شهور
العام الثالث ويتم
فيه التركيز على البعد العملي الكرازي
والهدف منه الخروج
للعالم والعودة للكنيسة، ويتم تحقيق ذلك مِن خلال:
1. يتم 6 قوافل كرازية للمناطق المحيطة بالكنيسة بواقع
قافلتان كل شهرين.
2. يتم ترتيب قافلتان خارج مصر إلى جنوب السودان ولبنان
بواقع قافلة كل ستة أشهر لكل الملتزمين بالقوافل الداخلية.
وأخير أضع عدَّة
توصيات للرُّعاة والكنائس والمجامع وأيضًا لكليَّة اللاهوت:
أولًا: توصيات للرُّعاة
هناك العديد من التوصيات
لكن أذكر فقط منها الآن:
1. على كلِّ راعٍ أن يقتطع بعض الوقت لدراسة الرسالة
ومشاركة مجلس الكنيسة بالحلول المختلفة التي جاءت فيها، والقابلة للتَّحقيق إذا توفَّرت
فقط الرَّغبة الصَّادقة من الرَّاعي والمجلس.
2. العمل الجاد على تطوير الشَّخصيَّة، من خلال المداومة
على القراءة لزيادة الاضطلاع واتِّساع المدارك والثقافة، وتنمية الإمكانات والمواهب
لديه، لكي يكون دائمًا مُستعدًّا لتقديم النَّصيحة متى طلبت منه مِن ناحية، ومن ناحية
أخرى ليقدم تعليمًا قويًّا مناسبًا.
ثانيًا: توصيات للكنائس
المحليَّة
هناك العديد من التوصيات
لمجالس الكنائس أذكر فقط منها الآن:
1. تعهَّد كل مسؤول سواء كان شيخًا أو شماسًا أو قائدًا
أو خادمًا بعمل الدَّور الرَّعوي المطلوب منه تجاه أولاد الكنيسة في المراحل العمريَّة
المختلفة.
2. مراجعة وتحليل دور الاجتماعات الفرعيَّة، وامتلاك
الجرأة في أحداث بعض التَّغيير إن كانت الكنيسة في احتياج إليه.
3. اتِّباع لائحة إداريَّة ملزمة لكل من يقومون بالخدمة
داخل الكنيسة.
4. العمل وفقًا لرؤية استراتيجيَّة واضحة توزَّع من
خلالها الأدوار.
ثالثًا: توصيات للمجامع
هناك العديد من التوصيات
التي أشرت اليها في الرسالة لمجامع السنودس المختلفة. واذكر منها الآن:
1.
توفير
كافَّة الإمكانات أمام الكنائس المحليّة التَّابعة للمجمع لعمل تدريبات إعلاميَّة متخصِّصة
لتقديم كلمة الله ورسالة الخلاص لكافَّة الشباب الذين هجروا الكنائس.
2. متابعة الكنائس عن قرب والإشراف على رعاة وشيوخ
الكنائس ومتابعتهم روحيًّا وإداريًّا.
رابعًا: توصيات لكليَّة
اللاهوت الإنجيلية
يجب أن تقوم الكليَّة
بدور تنويري وتعليمي هام لعلاج هذه الظَّاهرة، لذلك أشرت الى العديد من التوصيات أمام
كلية اللاهوت الإنجيلية وإذكر فقط منها من خلال:
1. تدريب الرُّعاة بشكل منتظِم ورفع مهاراتهم الأكاديميَّة
والعمليَّة، ليكون كلّ منهم مُطَّلعًا على أحدث الأفكار اللاهوتيَّة، ولديه من الوعي
والحكمة أن يفندها ويرد عليها ويشارك كنيسته بها.
2. عمل فريق من أبناء الكنيسة المهتمّين بالبحث والكتابة
لعمل المزيد من الدِّراسات المتعلِّقة بالمشكلة موضوع البحث، والتي تحتاج إلى تحليل
مثل قضيَّة العبادة وكيف يمكن أن تلبس ثوبًا جديدًا دون أن تفقد جوهرها ومضمونها. كذلك
قضيَّة الإدارة في الكنيسة وحلّ الإشكاليَّة الخاصة بعدم الرَّغبة في الالتزام بلائحة
إداريَّة مُلزمة. كذلك دراسة قضية التَّعليم الكتابي وكيف يُلبِّي حاجة الشَّباب في
هذا العصر؟