الإخوان ومحاولات جديدة للسيطرة على السلطة في ليبيا
الأربعاء 09/نوفمبر/2022 - 01:25 م
طباعة
حسام الحداد
تعيش ليبيا منذ فترة حالة من حالات الانسداد السياسي نتيجة الانقسام الحاد بين حكومتي الشرق والعرب مما أدى إلى كثير من الأزمات الغير محتملة وعلى رأسها حالة الإنفلات الأمني تلك الحالة التي قضت على أحلام الاستقرار وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة العام الماضي، بينما يتمسك كل فريق بموقفه، متجاهلاً إرادة ما يقارب 3 ملايين ناخب سجلوا في المفوضية العليا للانتخابات في البلاد.
في ظل هذه الأجواء التي صنعتها جماعة الإخوان لا تتوقف محاولات الجماعة، المصنفة إرهابية في مصر وعدد من الدول العربية، عن محاولة السيطرة على مفاصل الدولة الليبية، وآخرها اقتراح عدد من الشخصيات السياسية على المبعوث الأممي في ليبيا، تشكيل حكومة ثالثة تفض الاشتباك بين حكومتَي فتحي باشاغا المدعومة من البرلمان، والوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
ولا شك أن تشكيل حكومة ثالثة يتصدرها عناصر جماعة الإخوان المسلمين لن يكون خطراً على ليبيا وحدها؛ ولكن أيضاً على دول الجوار التي لفظت عناصر الجماعة من مؤسسات الحكم، كما أنه سيعيق إجراء الانتخابات التي يخشاها الإخوان، لما سيكون لها من تأثير على مصالح الجماعة، وتركيا التي تسيطر بشكل كامل على الغرب الليبي.
ويرى محللون أن واقع ليبيا اليوم يقول إن مَن يدير المشهد العام في البلاد هو الإخوان المسلمون. وهذه الحكومة التي كثر الحديث عنها ستكون من صنع الإخوان، فالجماعة تحاول كسب الوقت لكي تتمكن من السيطرة على كامل ليبيا؛ بما في ذلك الجنوب والشرق بطرق ناعمة، وتحاول تشكيل حكومة ثالثة تكون غالبيتها من عناصر التنظيم الدولي؛ وهذا يعني للأسف الشديد أن أغلبية مَن يتصدر المشهد بعيد عن المرض الذي تعانيه ليبيا. في حين أن الأولوية الحقيقية الآن لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة وتفكيك الميليشيات المسلحة، وتوحيد المؤسسة العسكرية؛ لإنهاء الخلاف.
وقد طال انقسام الجماعة وتنظيمها الدولي في الخارج الجماعة في الداخل الليبي وهذا واضح تماما في صراع الحكومتين، وهناك مجموعات إسلامية أخرى تتنازع معهم على تمثيل تيار الإسلام السياسي. كما أن المشهدَين الداخلي والخارجي قد تعقدا جداً الآن بالنسبة إليهم، ولم يعد الأمر سهلاً لهم كما كان عليه من قبل.
يبدو أن العامل الأيديولوجي والحزبي في سبيله إلى الانحسار، ويكاد ينتهي الأمر ليصبح خلافاً فجاً ومكشوفاً حول المصالح والمناصب، مع بقاء جانب مهم من الهواجس والشكوك، بين الأطراف المتنازعة، قد يشوش على أي اتفاق مهما كانت بواعثه.
وحال وصول جماعة الإخوان وسيطرتها على الحكم في ليبيا سيمثل هذا خطراً كبيراً، ليس على ليبيا وحدها؛ ولكن أيضاً على تونس ومصر على حد سواء، لما يكنه هذا التنظيم الخطير من كره وحقد للديمقراطية والاستقرار الذي يعيشه البلدان، وأنه لا يجب أن يكون هذا التنظيم طرفاً بأية حكومة مقبلة في البلاد؛ حتى يتوقف الانقسام الليبي الذي يغذي حركات الإسلام السياسي ويمدها بالقوة.