ملامح من أوراق مؤتمر "التعايش والتسامح " بمكتبة الإسكندرية

الإثنين 28/نوفمبر/2022 - 11:32 ص
طباعة ملامح  من أوراق مؤتمر روبير الفارس
 
ملامح  من أوراق مؤتمر


شهدت مكتبة الإسكندرية ختام مؤتمر «التعايش والتسامح وقبول الآخر.. نحو مستقبل أفضل»، الذي نظمه مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية ، تحت رعاية الأزهر الشريف وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للمؤرخين.

وقد أوصى المشاركون في المؤتمر بأن تسهم كافة الاطراف الرئيسية التي تتشارك ببناء ثقافة السلام، والتعايش من دول ومنظمات مجتمع مدني، ووسائل إعلام، ونخب سياسية وثقافية، وهيئات ومؤسسات دينية.

بدور فعال في مجال نشر وتعزيز قيم التسامح وثقافة السلام، وتفهم التنوع الثقافي والديني، فضلًا عن الحاجة إلى تشجيع الحوار والتفاهم بين مختلف الثقافات والأديان والمذاهب والأعراق.

ويتطلب التحول إلى ثقافة السلام واللاعنف والتسامح، منظومة جماعية تضامنية تجتهد في تحديد المشكلات والمعوقات ودراستها ووضع حلول واقعية لها قابلة للتنفيذ على الأرض، لذا طرح  الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية مبادرة لإطلاق "منتدى الإسكندرية العربي للتسامح والتعايش" بهدف إلسعي إلى تحقيق الاستدامة والاستمرارية لجهد عربي مشترك في هذا المجال، حيث تسعى هذه المبادرة بداية لأن تكون ملتقى وتجمعا لكافة المؤسسات والمنظمات والهيئات وحتى الأفراد في الوطن العربي المهمومين بقضايا التسامح والتعايش، حيث يمكن أن ينعقد في الفترة المقبلة لقاء تنسيقي أولي للعصف الذهني، بهدف تحديد أطر وآليات عمل هذا المنتدى، وتحديد أولوياته.

ويسعى المنتدي أساسا لتحقيق هدفين:

أولًا: تحديد ودراسة وتوثيق أهم التحديات والمعوقات التي تواجه تطبيق مفاهيم التسامح والتعايش وقبول الآخر في الوطن العربي.

وثانيًا: تطبيقًا على نتائج الموائد المستديرة والدراسات الميدانية، يتم طرح حلول واقعية يمكن تطبيقها على الأرض لمواجهة انتشار ثقافة اللا تسامح وعدم قبول الآخر.

كما أوصى المؤتمر أن يأخذ منتدى الإسكندرية العربي للتسامح والتعايش بعين الاعتبار التواصل والتنسيق المستمر مع الجهات الداعمة لعمله، والتي من خلالها يمكن تطبيق كافة الحلول المقترحة لإشاعة ثقافة السلام واللاعنف وتأكيد مفاهيم التسامح والتعايش. ويأتي على رأس تلك الجهات حكومات الدول ووسائل الإعلام المختلفة والمدارس والجامعات والمعاهد التعليمية المختلفة، وكذلك النوادي الرياضية ومراكز الشباب. كما يمكن أيضا

التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي باعتباره مؤثر ثقافي رئيس عند أجيال الشباب، الذين هم المستهدف الأول لهذا المنتدى.

كما أوصى المؤتمر أيضًا بتبني دور المؤسسات الثقافية المختلفة كالمتاحف والمزارات الأثرية في نشر  ثقافة التسامح والتعايش، كأن يتم اختيار مواقع تاريخية مثل شارع النبي دانيال بالاسكندرية أو منطقة مجمع الأديان بمصر القديمة بالقاهرة كمراكز تدعيم لمفاهيم تعايش الاديان السماوية وتسامحها. كما يمكن اقتراح إنشاء متاحف للتسامح في العالم العربي تستلهم تاريخ التعايش وقبول الآخر في الوطن العربي.

كما أوصى المؤتمر أيضا بالتركيز على توثيق ونشر التراث العربي في التسامح بين مختلف الأديان والثقافات في مجالات الموسيقى الشعبية والسينما وغيرها من الفنون الجماهيرية.

وأكد المؤتمر على ضرورة دعم وتشجيع المبادرات القائمة، الحكومية والأهلية، لتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر، والعمل على دمجها ضمن مبادرة منتدى التسامح لتعظيم تأثيرها وفاعلياتها المرجوة.

وأن يتم عقد مؤتمر سنوي للتسامح والتعايش كأهم مخرجات منتدى الإسكندرية العربي للتسامح والتعايش.

وجاء المؤتمر بمشاركة مطرانية مراكز الشرقية والعاشر من رمضان للأقباط الأرثوذكس، والمركز الثقافي الفرنسيسكاني، ومعهد التثقيف اللاهوتي للعلمانيين الرسل - جونية، ومركز دراسات مسيحية الشرق الأوسط بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، وجامعة القادسية جمهورية العراق، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله المملكة المغربية.

وأقيم المؤتمر على مدار ثلاثة أيام، شارك فيه نخبة من المهتمين بقضايا التسامح والتعايش من المسئولين والقيادات الدينية المسيحية والإسلامية والمثقفين من مصر والعالم العربي. وعرض المؤتمر أكثر من 130 ورقة بحثية قدمها مجموعة من الباحثين من 14 دولة مختلفة. وملامح  الاوراق البحثية التى شاركت بالمؤتمر نشير الي الملخصات التالية 

التربية والتسامح 

  قدم  الدكتور أمير بلال دفع الله الزبير أستاذ علم النفس التربوي المساعد   بجامعة كسلا في السودان  ورقة بحثية بعنوان أساليب التربية الوالدية وعلاقتها بنشر ثقافة التسامح الاجتماعي( من وجهة نظر معلمات رياض الأطفال بمحلية أم درمان بالسودان، 2022م) وقد  هدفتالدراسة الى  التعرّف على أساليب التربية الوالدية وعلاقتها بنشر ثقافة التسامح الاجتماعي، يتم إجراء الدّراسة في العام الجامعي2021/ 2022م برياض الأطفال بمحلية أم درمان، ولتحقيق أهداف الدّراسة تم استخدام المنهج الوصفيّ ، من خلال استخدام أداةً الاستبانة، تتكوّن عينة الدّراسة من عدد (100) معلمة من معلمات رياض الأطفال، تم اختيارهم بالطريقة العشوائية، ولمعالجة البيانات إحصائيّاً تم استخدام برنامج الحزم الإحصائيّة للعّلوم الاجتماعيّة (SPSS)، ومن نتائج الدراسة: توجد علاقة ارتباطية موجبة بين أساليب التربية الوالدية ونشر ثقافة التسامح الاجتماعي، وتوجد فروق ذات دلالة إحصائيّة في متوسط درجات المفحوصّين في أساليب التربية الوالدية وعلاقتها بنشر ثقافة التسامح الاجتماعي تعزى لمكان الروضة (ريف، حضر) لصالح الحضر، و لاتوجد فروق ذات دلالة إحصائيّة في متوسط درجات المفحوصّين في أساليب التربية الوالدية وعلاقتها بنشر ثقافة التسامح الاجتماعي تعزى لمتغيريّ (نوع الروضة، المؤهل العلمي) ،  ومن أهم التّوصيات التي خرجت بها الدّراسة: تعزيز دور الأسرة في نشر ثقافة الاجتماعي، وإعداد برامج توعوية لنشر ثقافة التسامح الاجتماعي. 

قبل ثورة 1919

قدم القمص يسطس فانوس بطرس، راعي كنيسة السيدة العذارء مريم بمساكن أبي زعبل قليوبية. ورقة بحثية بعنوان " العيش المشترك وقبول الآخر في المؤسسة الدينية المصرية اثناء ثورة ١٩١٩. التاريخ فيها والمأمول منها مستقبلا." جاء فيها ان في ثورة 1919 خرجت كل طبقات الشعب، وشارك فيها الفلاحون و العمال والموظفون والطلبة، وكان للمرأة نصيبا في هذه الثورة. كما شهدت ترابطا قويا بين مسلمي ومسيحيي مصر، ففيها تبوأ القمص سرجيوس منابر الجامع الأزهر من أجل إلقاء كلمة حماسية في المحتشدين بالجامع، كما أرسل الأزهر عدداً من الشيوخ ليخطبوا في الكنائس المصرية، ليتصدر المشهدَ شعارُ "الدين لله والوطن للجميع".

ثورة 1919 كانت ثورة الشعب، لم تخرج من رحم حزب أو منظمة سياسية، رفعت شعارات ومفاهيم في سياق حركة تحرر وطنى جادة، وبناء وطن مستقل يقوم على مبادئ العدال والحرية، وقد أعلنت أن مفهوم المواطنة أبرز شعارات ومكاسب الثورة، وكانت صرخات النضال تعلو على منابر المساجد، وتردد صداها بين أجراس الكنائس، مؤكداً أنه رغم محاولات الاستعمار إحداث الفتنة والوقيعة، فإن ثورة 1919 استطاعت أن تتجاوز البُعد الضيق للطائفية بجمعها بين الهلال والصليب، وعملت على توسيع مفهوم المواطنة، ثورة 1919 جعلت الوطن يتسع لكل الطوائف العمالية، والطبقات الإجتماعية، والأحزاب السياسية، والمذاهب والنِحل الدينية. الغيرية التي كان الاستعمار يحاول أن ينشرها في المجتمع المصري من أجل تفتيته، حاربتها فكرة العيش المشترك، والأخوة الإجتماعية، وقبول الآخر مهما كان فالأصل الذي يربط الجميع أنهم مصريون، هذا العيش المشترك وذلك الترابط الحميم هو الذي جعل من مكرم عبيد أبنا لسعد زغلول، هذا العيش المشترك الذي جعل من سعد زغلول زعيما للأمة بكل أطيافها وألوانها.

هل ما حدث من تلاحم في ثورة 1919 كان حدثا عارضا؟ هل العيش المشترك أصبح في مأزق؟ الحقيقة أن التاريخ دائما ما يثبت قوة هذا التلاحم. وإن حدث وخبا بعض الشئ إلا أن الأزمات تظهره وتؤكده.

ومستقبل العيش المشترك في مصر مشرق ترعاه قيادة حكيمة، وشعب واعي، والمؤسسة الدينية المصرية بفرعيها المسيحي والمسلم تدرك الآن مدى أهمية العيش المشترك وقبول الآخر من أجل سلامة الوطن ووحدة أراضيه.   

المناهج المصرية 

  قدم  الباحث: وجيه سامي عوض  ورقة بعنوان "دور المناهج التعليمية المصرية في التربية على العيش المشترك وقبول الآخر: منهج التربية الوطنية في المرحلة الثانوية نموذجا." اكد فيها علي إن كل الدول مهما كانت إتجاهاتها السياسية أو أنتماءاتها الأيدولوجية، تسعى إلى تحقيق الإستقرار الإجتماعي داخل حدودها الوطنية، وذلك من خلال نشر ثقافة العيش المشترك وقبول الآخر، وتدعو الدول لذلك عبر قنوات متعددة، واحدة من هذه القنوات هي مناهج التعليم. ومصر كدولة كبرى لا تُقصي نفسها من هذا المضمار، بل تنادي به وتنميه.   

ولدراسة العيش المشترك وقبول الآخر داخل المجتمع المصري أختار الباحث قناة واحدة وهي مناهج التعليم المصرية وكيف تدعو لذلك. ومن خلال المناهج المتنوعة أختار مادة واحدة وهي مادة التربية الوطنية، وذلك لأن هذه المادة هي المسئولة عن تربية النشء تربية وطنية سليمة أساسها حب الوطن بكل ما فيه من عناصر بشرية أو مادية. والسبب الآخر يرجع إلى أن الأهداف العامة للتربية الوطنية في المناهج المصرية عديدة ومن أهمها:

« بيان أهمية القيم ودور الإنسان في تماسك المجتمع وتطوره.

« إبراز ثروتنا الحقيقية المتمثلة في عقولنا المصرية وإنجازاتنا العالمية.

« بث قيم المواطنة الصالحة في نفوس الطلاب.

ومن الأهداف الخاصة لمادة التربية الوطنية بالصف الأول الثانوي ما يلي:

« التمسك بالهوية الوطنية والجوانب الإيجابية في الشخصية المصرية.

« توضيح أهمية التعدد والتنوع وقبول الآخر .

« توضيح أهمية الوحدة والتماسك المجتمعي بين أفراد المجتمع المصري.

أما سبب أخيتار مرحلة التعليم الثانوي لتكون هي مادة البحث فذلك يعود لسمات هذه المرحلة وخصوصا  مظاهر النمو الإجتماعي عند طالب هذه المرحلة التي يتلخص أهم مظاهرها في الآتي:

« يتم في هذه المرحلة التطبيع الإجتماعي الفعلي الذي يؤدي إلى تكوين المعايير السلوكية.

« يميل الطالب إلى الإتصال الشخصي ومشاركة الأقران في الأنشطة المختلفة.

« ظهور الشعور بالمسئولية الإجتماعية.

« الميل لمساعدة الآخرين.

فمن أجل الصفات السابقة في هذه المرحلة العمرية المهمة كان أهتمام الدولة مهما من الناحية التربوية التعليمية بوجود منهج يساعد على بناء الفتي والفتاة بناءا سليما من الناحية الإجتماعية لمساعدته على قبول الآخر والعيش المشترك.

تعميق الحوار 

 وقدم القسّ عيد صلاح راعي الكنيسة الإنجيليّة بعين شمس-القاهرة الباحث غير متفرغ بمركز دراسات مسيحيّة الشرق الأوسط-كلية اللاهوت الإنجيليّة بالقاهرة ورقة بحثبة بعنوان " ظاهرة كتب "الرد على النَّصارى" ودورها في تعميق الحوار اللاهوتيّ الإسلاميّ المسيحيّ: علي بن ربَّن الطبريّ وبولس بن رجا إنموذجًا"  اكد فيها علي ان كتب الرّد على النَّصارى  احتلت مكانة هامة في الفكر الإسلاميّ حيث وضحّت العقيدة والفكر الإسلاميّ تجاه اللاهوت والعقيدة المسيحيّة المغايرة، وذلك كنتيجة حتمية وواقعيَّة للتلاقي الإسلاميّ المسيحيّ، وأشار النديم لبواكير هذه الكتابات في كتابه "الفهرست"، وأول هذه الكتابات للإمام براهيم أبي القاسم الرسيّ، وعلي بن ربَّن الطبريّ حيث كتبا كل واحد منهما كتابًا يفند فيه عقيدة المسيحيين ولا سيما في العقائد الإيمانيَّة الكبرى. ولكن الملفت للنظر وهو موضوع البحث وهو أنَّ علي بن ربن الطبريّ، الذي كان مسيحيًا وأسلم وهو في سن السبعين من العمر، وكتب كتابه هذا المعنون في "الرَّد على النصارى" تفنيدًا للعقائد المسيحيّة. 

على الجانب الآخر نجد بولس بن رجا الذي كان مسلمًا وأصبح مسيحيًاـ عاش في القرن العاشر الميلادي وكتب كتابًا اسماه "الواضح بالحق" يرد فيه على الأسئلة التي كانت في كتب الرد على النصارى. وهما-الطبري ورجا-في فترة زمنية متقاربة، كل منهما عبر إلى الضفة الأخرى ودافع عنها وفنَّد العقائد الأخرى أي العقيدة التي كان عليها سابقًا، وهي حالة فريدة يجب أنّ تدرس في تاريخ تراثنا الدينيّ لنعيش معًا من الجوار إلى الحوار ومن الحوار إلى الجوار في فهم وقبول وتعايش مشترك، نقبل المشترك ونحترم المختلف.  

إنَّ الحضارة العربيَّة استوعبت قضية التحول الدينيّ بالرغم من وجود بعضًا من الحساسية تصل ذروتها إلى حد العار الاجتماعيّ؛ الأصل هو التحول عن قناعة وليس عن ضغط أو ترغيب. وحمل لنا التراث العربيّ بشقيه: الإسلاميّ والمسيحيّ هذه الكتابات التي أنعشت التفكير اللاهوتيّ في العصر الوسيط. 

وقد كانت كتابات "الرد على النصارى" التي تميزت بالجرأة-وفي بعض الأوقات بالعنف اللفظي-في الطرح حجرًا حرَّك المياه الراكدة وأنعش الذاكرة اللاهوتيّة، فنجد أنَّ الكتابات العربيّة المسيحيّة المعروفة اصطلاحًا بـ "التراث العربيّ المسيحيّ" قد وُلِدَت في هذه البيئة، وتحاول الإجابة على أسئلتها اللاهوتيّة الكبرى؛ وتكتب بمنطق دفاعيّ رعويّ، وتجاوب على أسئلة الغير في كتابات تعنونت: بالإيضاح، والبيان، والبرهان، والواضح...إلخ لتشرح فكرها اللاهوتيّ في بيئة مغايرة وأسئلتها الجديدة. 

الحوار اللاهوتيّ عَبَرَ كتب الرَّد على النَّصارى والكتابات التي ظهرت للرَّد عليها ظاهرة تستحق الدراسة في بعض نماذجها، لترسل لنا رسائل هامة وهي معرفة الآخر كما يؤمن الآخر مِن مصادره، ومِن كتبه، وليس ما يُقال عنه. وكلما استجلت الصورة ووضحت كلما زال الشك والريبة وتقارب البشر ليس في حال التماثل في العقيدة والفكر بل وفي ظل الاختلاف والتنوع، وهي رسالة نحتاج إليها في عصرنا الحالي في ظل محاولة تنميط الآخر بصور غير صحيحة.

تأسيس البحرية العربية

قدم الباحث ماريو كمال ورقة بحثية بعنوان " دور الأقباط في تأسيس البحرية العربية" جاء فيها كما يقول المؤرخون. مصر حيث بدأ كل شيء. لقد حبا الله مصر بموقع فريد استغله الإنسان المصري بعبقريته منذ القدم .و للموقع تأثير كبير على نشاط الإنسان وتزيد أهمية هذا الموقع إذا ما كانت الدولة تشرف على جبهات بحرية كثيرة وتطل على محيطات أو بحار مفتوحة بسواحل طويلة فالبحار والمحيطات هي الطرق الرئيسية للتجارة الدولية حتى اليوم .

وتحتل مصر موقعا جغرافيا فريدا جعل منها مفرق البحرين وملتقى الأرضين فهي في ملتقى قارتي آسيا وأفريقيا كما تلتقي بالعالم الأوروبي عند مياه البحر المتوسط الشرقي وهي عند مفرق بحرين يمتد أحدهما إلى المحيط الهندي ومناطقه المدارية الحارة ويمتد الآخر إلى المحيط الأطلسي ومناطقه المعتدلة الدفيئة والمعتدلة الباردة في أوروبا والعالم الجديد ومناطقه المدارية الحارة في غرب إفريقيا وفي أمريكا اللاتينية .

وفر القارب المصنوع من سيقان البردي في بداية الأمر وسيلة سهلة للمصري القديم في التنقل على سطح النيل لتوفر مادة صنعه وعدم وجود تعقيدات في صناعته فصنع في البداية طوافات عن طريق ربط سيقان البردي بالحبال ثم اضطر بعد فترة من تكامل التطور نحو الوحدة السياسية إلى صناعة القوارب من الخشب ؛ والخشب الوحيد المتوفر في ذلك الوقت هو من أشجار السنط والجميز فاضطر إلى استعمالها في صناعة السفن وأصبحت السفن الخشبية التي تنقل بها المصري القديم هي وسيلته إلى الوحدة ونقل قواته من الجنوب إلى الشمال وقد عثرنا في حضارات نقادة الأولى والثانية على رسوم لقوارب خشبية ذات قمرتين كبيرتين على سطحهما و شراع كبير أي أن قوارب الشراع قد سبقت بها مصر كل الحضارات بوقت كبير ولقد ساد اعتقاد لفترة طويلة إن الفينيقيين هما الرواد الأوائل في صناعة السفن ولكن علم الآثار أثبت إن المصريين هم السباقون في هذا المضمار وهو ما يظهر في وصول الأواني الفخارية السورية التي عثر عليها بتري في مقابر الأسرة الأولى وكيف وصلت الأخشاب الفينيقية التي استعملت في هرم زوسر المدرج وهرم سنفرو القبلي بدهشور ثم أخشاب مركب خوفو التي كشفت عام 1954 ثم كيف وصلت آخر الأمر الأدوات السورية التي أحضرتها بعثت ساحورع من الأسرة الخامسة لقد نقلها المصري القديم على سفنه التي كانت تبحر في البحر المتوسط ولقد سجل حجر باليرمو نصا يتحدث عن إرسال 40 سفينة إلى لبنان لإحضار خشب الأرز في عصر سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة .

استشار الخليفة عمر بن الخطاب قائده عمرو بن العاص في أمر تأسيس البحرية الذي أثاره معاوية بن أبي سفيان واليه على الشام ولكن عمرو كان معارضا لذلك الأمر و بين للخليفة خطورته .

بعد تولي عثمان بن عفان للخلافة كان والي مصر عبد الله بن أبي السرح الساعد الأيمن لمعاوية في إنشاء البحرية ووضع موارد مصر و رجالها في خدمة هذا المشروع. وتكشف برديات كوم اشقاو الدور الرئيسي للأقباط في تأسيس البحرية العربية كما يبين لنا الطبري اشتراك الأقباط في القتال في معركة ذات الصواري ٣٤ ه / ٦٥٥ م فقد اختلف عبد الله بن سعد مع محمد بن ابي حذيفه ومحمد بن أبي بكر (  ويقول الطبري ) إن عبد الله بن سعد قال ( لا تركبا معنا ؛  فركبنا في مركب ما فيه من المسلمين أحد) و في موضع آخر ( فركب في مركب ما معه إلا القبط) 

وبين سنتي ٧٩ ه و ٨٤ ه أرسل حسان بن النعمان والي تونس الي الخليفة يطلب أن يكون لولايته أسطول فأرسل الخليفة الي أخيه عبد العزيز بن مروان والي مصر يسأله أن يرسل ألف قبطي بعائلاتهم الي تونس لتأسيس بحرية هناك و تم إنجاز العمل في دار الصناعة التي تم ربطها بالبحر في ميناء راديس


شارك