الإخوان اليوم.. متابعات الصحف العربية والعالمية
الثلاثاء 15/أغسطس/2023 - 05:19 م
طباعة
حسام الحداد
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص جماعة الإخوان، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) اليوم 15 أغسطس 2023.
باحث لـ"الدستور": "فض رابعة" ضمن نهج الإخوان لترسيخ "ادعاء المظلومية"
قال الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إسلام الكتاتني، إنّ فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013 من الاستراتيجيات الدائمة الاستخدام من قبل جماعة الإخوان تحت مسمى "مظلومية رابعة"، مضيفًا أن هناك 4 استراتيجيات تسير عليها الجماعة الإرهابية في الوقت الحالي، من بينها ما يسمى بـ"مظلومية مرسي والوقيعة بين الجيش والشعب"، وفي الأخير استغلال الأزمة الاقتصادية.
وأضاف الكتاتني، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنّ موضوع رابعة عند الإخوان أمر أساسي لديها تسعى الجماعة من خلاله إلى ترسيخ روايتها الدائمة للبحث عن المظلومية، مؤكدًا أن الإخوان كعادتهم يستخدمون الكذب لترويج روايتهم بتضخيم عدد من قتلوا أثناء الفض لجذب المتعاطفين معهم.
وأوضح أنّ من قتل أثناء الفض كان نتيجة امتلاك الإخوان السلاح في الاعتصام، فكان لا بد من التعامل معهم بالسلاح، مؤكدًا أن أول من استشهد كان من قبل قوات الأمن المصرية ممن كانوا ينادون فيهم بوجود ممر آمن لخروج المتظاهرين من الاعتصام الإخواني المسلح، لافتًا إلى أن الإخوان استبقوا الأحداث بقتل عناصر من الشرطة المصرية.
وأكد الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن فض الاعتصام الإخواني جاء نتيجة أن قيادات الإخوان تم تبليغهم بفض الاعتصام، ولكنهم مكثوا فيه ما يرقب من 48 يومًا، وكان هناك العديد من محاولات الصلح إلا أن الجماعة أصرّت على رأيها وباتت متمركزة في الاعتصام آملة في عودة كل من مرسي ومجلسي الشعب والشورى ودستور 2012 مرة أخرى، مشيرًا إلى أن المرونة انعدمت تمامًا عند الإخوان وظلوا على رأيهم حتى تذّمر سكان الحي من اعتصامهم وتوقفت حياتهم تمامًا طوال فترة الاعتصام الإخواني.
ونوّه الكتاتني بأن الإخوان استخدموا السلاح حتى وإن كان سلاحًا بسيطًا، وعلى حسب رواية الإخواني أحمد المغير- فتى الشاطر- أنه نقل إلى الاعتصام قبل الفض بيومين، وما تبقى من سلاح استخدم من قبل العناصر المتواجدة، مؤكدًا أن قيادات الإخوان لم تشهد فض الاعتصام ولم يكونوا بداخله، لافتًا إلى أن: هذا دليل خسة وندالة من قبل القيادات الإخوانية التي كان من المفترض أن يواجهوا الأمر إذا كانوا أصحاب قضية كما يزعمون، لكنهم تركوه وفرّوا هاربين.
صبرة القاسمي: الإخوان سعت لاستحضار السيناريو السوري لمصر بعد أحداث رابعة
قال صبرة القاسمي المحامي ومؤسس الجبهة الوسطية والخبير بالحركات الإسلامية، إنّ اعتصام جماعة الإخوان الإرهابية برابعة العدوية كان بمثابة إعلان حرب على المجتمع المصري، مؤكدًا أن هذا ما تم الاتفاق عليه في آخر اجتماع لمكتب الإرشاد الإخواني قبل هروب معظم القيادات الإخوانية لخارج البلاد، لافتًا إلى أن المخطط الإخواني كان العمل على تحويل مصر إلى السيناريو السوري، حيث كان رهان الإخوان على قمع الشعب المصري على يد الجيش المصري الذي أبا ذلك وفضّل آنذاك الإنحياز لإرادة الشعب.
وأضاف القاسمي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنّ عددًا من الشخصيات الإخوانية وعلى رأسهم محمد البلتاجي وأحمد المغير فتى الشاطر، عبّروا عن ذلك وهددوا بحرق مصر ونشر الأسلحة والعنف في كافة ربوع مصر، لافتًا إلى أن خير دليل علي نوايا الإخوان الإرهابية هو ما تم من عمليات إرهابية ضد الشعب المصري والدولة المصرية في الفترة التي تلت فض رابعة العدوية؛ حيث تمّ ضبط أكثر من شحنة أسلحة داخل البلاد وأعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في أكثر من قضية تستهدف آمن مصر القومي في محاولة للتأثير على إرادة المصريين بالقوة .
وفيما يخص بالعمليات الإرهابية التي شنتها فصائل الإخوان عقب الفض، أكد أن العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة كانت في أشد صورها، بجانب استهداف القضاة، حيث كانت العاصمة ومحافظات الجيزة والشرقية والقليوبية وبني سويف في مقدمة المحافظات التي شهدت عمليات إرهابية من قبل الإخوان.
وأكد القاسمي، أنّ الجبهة الوسطية، أعدت دراسة أوضحت من خلالها أن الجماعة الإرهابية سعت لاستحضار السيناريو السوري إلى مصر بتنفيذ عمليات إرهابية، حيث كانت النسب المؤية للعمليات الإرهاربية ترتفع نسبيًا، إذ كانت في عام 2011، هى 2%، وزادت إلى 7% في عام 2012، وتضاعفت في عام 2013 لتصل إلى 34%، بينما سجّل عام 2014 أعلى نسبة في العمليات الإرهابية وهي 48%، و قد زادت العمليات الإرهابية في عام 2015، موضحًا أنّ تحرك القوات المصرية أبطأ من تزايد عمليات الإخوان، وهذا ما سبق وأشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حينما حذّر الشعب المصري مطالبًا إيّاه بالتفويض في كلمته الشهير عن الارهاب المحتمل.
وأشار القاسمي، إلى أن قرار المواجهة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وأذرعها كان قرارًا صائبًا، لحماية الدولة المصرية من المخططات الإخوانية التي كانت ستتسبب في الكثير من الحروب الأهلية في مصر.
وأوضح أنّ الإحصائيات بتلك العمليات وضحاياها كانت من الاهمية بمكان، مشيرًا إلى أن حصيلة البحث في جرائم الجماعة الإرهابية خلف ستار ما كان يسمى بـ"دعم الشرعية" الكيان الإرهابي الذي جمع عددًا من الجماعات الإرهابية على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية والعناصر المارقة من الجماعة الاسلامية والسلفية الجهادية وبعض الجماعات، ليقوموا بمجموع هذه الجرائم الشنيعة في حق الأفرد والدولة و انتشار البؤر الإرهابية في البلاد حسب مخطط مكتب الإرشاد حينها.
اليوم السابع: انكشافات رابعة.. وحدة البيئة الأصولية ولعبة توزيع الأدوار فى حظيرة الإخوان
هجينٌ صار جماعة، وأخلاطٌ أُرِيد لها أن تكون جسمًا واحدًا. أخذت «الإخوان» من كلِّ فكرة أردأها ومن كلِّ حركةٍ أسوأ ما فيها، وطبعت جميع ذلك بوصفةٍ شديدة الانتهازية فى التلوُّن واختراق جدران الفضاء العام؛ لعلَّ أكثرها انكشافًا لعبة «توزيع الأدوار». عندما كتب حسن البنا فى ديسمبر 1948 مقاله الشهير «ليسوا إخوانًا وليسوا مُسلمين»؛ لم يكن فى واقع الأمر نادمًا على جريمة اغتيال محمود فهمى النقراشى، أو يتبرَّأ من عبدالرحمن السندى وعناصر النظام الخاص «الجناح المُسلَّح»؛ إنما كان ينزع الغطاء عن الحبل السُّرّى بين التنظيم والميليشيا/ الواجهة الرسمية والأذرع السوداء المخفيَّة، ويُخرجها إلى العلن مُدشِّنًا مرحلةً جديدة من المُمارسات، لم تعد تستر أطرافَها عن العيون؛ لكنها تمدُّها علنًا فى الساحة وتُنكر الروابط معها، وهكذا سارت الأمور فى العقود السبعة التالية من وقتها للآن.
استعار حسن البنا «تقيّة الشيعة»، والبنية العنقودية للتنظيمات الشيوعية. ادَّعى دخول المشهد من بوابة العقيدة والدعوة؛ لكنه أسَّس جناحًا مُسلَّحًا على عُرف حركات السياسة الشعبوية وقتها. كان يُشرف بنفسه على مُعسكرات الكشافة التى كانت نواةَ مجموعة العنف، ويقود تدريباتها فى الصحارى، ويُخطِّط عمليّاتها التى اتَّسعت بين قتلٍ وتفجير وإرهابٍ للخصوم؛ ثم يغسل يديه ويُطلّ من صُحف الجماعة داعيةً وفقهيًا ومُنظِّرًا فى أُمور الاعتقاد. رغم صحيفة السوابق الطويلة، لم يجد نفسه مُضطرًّا لكشف المستور إلا مع اغتيال رئيس الوزراء والتقاء خيوط الإدانة حول رقبته. يُحكَى أنّه فى مُواجهة مع «السندى» حاول إنكار مسؤوليته عن دم النقراشى، فهاج قائد الميليشيا وكاد يضربه وهو يصرخ أنهم ما فعلوا شيئًا إلا إنفاذ رغبة المُرشد؛ ربما وقتها شعر المُؤسِّس الطموح أنه يحتاج لتطوير استراتيجية توزيع الأدوار، وفِطام الأجنحة المُستترة عن رباط التنظيم المباشر، فأعلن سياسته الجديدة فى المقال، ولعلَّها كانت سببًا فى مقتله بعد ذلك بشهرين تقريبًا. إن كان يصعب الجَزم بهوية القاتل؛ فإن سوابق حليفه الدموى وصدمته من خيانة القائد قد يُفسِّران اللغز، لا سيما أنه تصدَّى بعدها بخمس سنوات لتصفية سيد فايز، غريمه فى قيادة الجناح العنيف.
بدأت مرحلة التوافق مع نظام الرئيس السادات فى 1971، واكتمل خروج عناصر الإخوان المحبوسين بعد أربع سنوات؛ لكن بين التاريخين حاولوا الغدر كعادتهم. كانت عملية الفنية العسكرية فى العام 1974، وقالوا وقتها لقائد المجموعة «صالح سرية» إذا نجحتم سنبارك ونحتفل، وإذا أخفقتم فلا دخل لنا وسننكر كل علاقةٍ بكم. حدث توزيع الأدوار قبلها مع «تنظيم 65» الذى قاده سيد قطب وزينب الغزالى، وأنكر الهضيبى علاقتهم به، كما أنكر ضلوعه فى محاولة اغتيال عبد الناصر بالمنشية، وتأكَّد لاحقًا أنه كان على علمٍ بها وبارك المُخطَّط. تخلَّت الجماعة تمامًا عن إسدال عباءتها على أطرافها المُنفلتة، ولجأت بدلاً عن ذلك إلى إطلاقها لآخرها دون وشائج ظاهرة. وفق هذا التحوُّل قد لا يكون اضطلاعها بدور فاعلٍ فى تفريخ أصوليَّات الستينيات وما بعدها عفويًّا، وليس ما يمنع النظر إلى «الجهاد» والجماعة الإسلامية وغيرهما من باب الامتداد للنظام الخاص، وتجديد أدوات المناورة وقوانين لعبة توزيع الأدوار.
تتَّسع الاحتمالات فى تلك النقطة: بين حركاتٍ خرجت من رحم الإخوان وِفاقًا؛ لتكون طرفًا مُؤازرًا للرؤية المركزية، وجماعاتٍ انفصلت شِقاقًا؛ ورأت الجماعة فى ذلك إسنادًا مقبولاً لأهدافها ولا تغيب عنه المُداراة المطلوبة. ما يُعزِّز ذلك أن كثيرًا من تلك الحركات التأمت بالجسد الأم فى مراحل تالية، إن بالانخراط الكامل، أو بالتنسيق والتحالفات والعمل المشترك. جرى ذلك فى بيئة السياسة والعُنف المحلية، وفى الامتدادات الخارجية على مروحة واسعة من الساحات المُلتهبة: الشيشان وأفغانستان والسودان، وصولاً إلى ليبيا وسوريا واليمن بعد موجتى الربيع العربى فى 2011 و2019.. أى أن التنظيم تخلَّى راضيًا عن بعض عناصره، أو تساهل فى انشقاق آخرين؛ من أجل اختلاق منظومة من الأذرع والأجنحة المُتَّصلة به حركيًّا، أو غير المُنفصلة عنه فكريًّا فى كثيرٍ من الظروف والحالات.
تقاسُم الأدوار كان جليًّا داخل البيت الإخوانى، بالنظر إلى القلب فى القاهرة والمركز فى لندن. كانت الجماعة قد سعت للتمدُّد خارج مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضى، لكنها لم تُوطِّد بيئاتها الطرفيّة وهياكل تنظيمها وحركتها إلا مع موجة الخروج الواسعة بعد حادث المنشية وصدامها العنيف بنظام يوليو. بين منتصف الخمسينيات ومطلع السبعينيات ترسَّخت الفروع، واشتد عود التنظيم الدولى، ومع تفاهمات العودة وما تلاها حتى ثورة يناير، أُديرت اللعبة فى المستوى التنظيمى لصَرف النظر عن التشابكات: مكتب الإرشاد فى مصر كان السُّلطة العُليا دوليًّا، وكان غارقًا فى خططٍ إقليمية وعالمية واسعة، لكنه عمل دائمًا على الإيحاء بانفصاله عن الخارج، وانضباطه بمعايير العمل الوطنية. لم يكن ذلك دقيقًا بالطبع؛ إنّما وافق هوىً لدى الإدارة وقتها أن تُحمِّل الانفلات على كتفى تنظيم لندن، وتستهلك سرديّة البراءة الإخوانية الكذوب محليًّا. واستفادت الجماعة من اختراق المجتمع المدنى، وابتلاع بعض النقابات المهنية؛ لتُصبح أنشطتها الإنسانية وجهود الإغاثة ذراعًا جديدةً بين أذرعها العديدة.
اغتيل الرئيس السادات بأيدى الجماعة الإسلامية الطالعة من البيت الإخوانى، وكان ذلك فى صالح التنظيم. وكذلك كلُّ موجات العنف اللاحقة فى التسعينيات وإلى سنوات الألفية الأولى. لم تكشف المحطّات المُتلاحقة صلات التنظيم الخَشِنة أو الناعمة بمُعادلها العنيف لدى بقيّة مجموعات الأُصوليّة الدينية؛ لكن الانكشاف الكبير جاء بعد يناير 2011: تضافرت جهود الحلفاء جميعًا فى اقتحام السجون، وهرب الإخوان مع الجهاديين وأعضاء تنظيمات إقليمية أخرى. ثم عملوا معًا فى استفتاء مارس لتعديل الدستور، وفى انتخابات مجلس الشعب، وكتابة الدستور، ودعموا سياسات محمد مرسى وقراراته المُنفلتة وأفدحها الإعلان الدستورى، وعادت الطيور المُهاجرة من مُجاهرتها بالعداء المُعلَن بحسابٍ، إلى تفاخرها بالتنسيق المُعلَن من دون حساب؛ حتى أن تشابكات تلك الفترة المُرتبكة أصابت كثيرين من المتابعين بالصدمة، بعدما انتهت لعبة توزيع الأدوار، وتجمَّعت صفوف التنظيم من جديد.
كان حازم أبو إسماعيل ورقةً فى أجندة الجماعة، ورغم أنه ابن قيادة إخوانية بارزة؛ فقد كان يُبالغ فى إظهار انفصال واضحٍ عنهم؛ لكنه لاحقًا دعمهم فى البرلمان والرئاسة، وتولَّى عنهم حصار المحاكم ومدينة الإنتاج الإعلامى، ونشطت دائرة تأييده «مجموعة حازمون» بما عُرف عنها من غِلظة وعُنفٍ لتكون حرسًا للجماعة وكتيبة مُتقدّمةً فى التحرُّش بخصومها. وعاد أبو العلا ماضى وعصام سلطان بعد سنوات الانشقاق والبحث عن لافتة مُستقلّة «حزب الوسط» إلى دخول بيت الطاعة التنظيمى، وكذلك وجوه أخرى من دائرتهم مثل حاتم عزام وعمرو عبد الهادى، وآخرون من ائتلاف شباب الثورة وأحزاب الحرية والعدل والاستقلال وغيرها. كان رصيد الإخوان المخفىّ عبر سنوات من التمدُّد الناعم واختراق الأحزاب والقوى السياسية يتكشَّف بالتتابع، وقد لاحت بشائر التمكين وبات رصُّ الصفوف ضرورةً لتمتين الجبهة، وإعلان الحرب على المنافسين جميعًا.
لم تُغلَق المائدة على حاملى الشارة الإخوانية فقط، الظاهرين أو المُستترين؛ إنما اتسعت لتضمّ كل الأطراف التى لعبت لصالح الجماعة، بوفاقٍ ضئيل أو بقطيعةٍ شرسة ومُصطنَعة. كان شائعًا أن السلفيين والجماعة الإسلامية وبقيَّة حركات التطرُّف يرون الإخوان مُفرِّطين وخارج حظيرة الصواب والإيمان؛ ولم يكن ذلك إلا مناورة لتعمية الروابط، أو غسل سمعة الجماعة وتسويقها فى المجال العام شريكًا وسطيًّا مقبولاً. الدليل أنهم لم يُضيِّعوا وقتًا طويلاً قبل أن يقفوا معًا فى دائرة واحدة: لقاءات مع «مرسى» داخل قصر الاتحادية، ولقاءات فى مكتب الإرشاد، وشراكة فى الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر مع قتلة السادات وأشباههم من ضباع العنف، ثم مُؤتمر نصرة سوريا قبل ثورة 30 يونيو بأيامٍ بحضور عُتاة الإرهابيين، وأخيرًا تصدُّر طارق الزمر وعاصم عبدالماجد وغيرهما منصَّة اعتصام رابعة، وتكديس الجهاديين مع السلاح داخل الخيام، بل ومَنح بعضهم مناطق نفوذ خاصة، كما حدث مع من يُعرَفون بـ«سَريّة طيبة مول» وكانوا من القَتلة المُحترفين وبعض من أطلقهم المعزول من السجون بعفوٍ رئاسى.
خلال سنة حُكمهم، لم تنقطع اتصالات الإخوان مع محمد الظواهرى وميليشيات سيناء. ما زال البعض يستعيدون عبارة «مرسى» وقت خطف عدد من الجنود، ومُطالبته بـ«سلامة الخاطفين والمخطوفين»، على سبيل التندُّر والفكاهة؛ بينما كانت فى الحقيقة كشفًا وقحًا لصلة الإخوان ببقيّة فصائل الإرهاب، وتعبيرًا صارخًا لعُمق الروابط ومتانتها، وقد انتقلت من مكتب الإرشاد إلى قصر الاتحادية فى عُهدة رئيس إخوانى، خلط بين الدولة والعصابة، وساوى الجنود بالإرهابيين، والسلاحَ الشرعى بأسلحة الميليشيات الخارجة على القانون.. فى كل ذلك لم يكن الأمر إلا تكرارًا لاستراتيجية حسن البنا نفسه، الذى عمل مع الاحتلال الإنجليزى بحماسةٍ وابتذال كما يعمل مع القصر، وعادى الإرادة الشعبية بثباتٍ وفجاجةٍ كما يُعادى فكرة الوطن ومصالحه، وكان السلاح وسيلته للتحقُّق فى بيئةٍ ظلَّ عاجزًا عن اختراقها بجدارة الفكرة واستقامة المُمارسة؛ فقرَّر أن يخرقها بالرصاص، وأخفى السلاح فى طيَّات ملابسه وأذرع العنف وراء العمامة والمصحف.
كان من توزيع الأدوار أن يُشير عبدالرحمن عز بالليزر على الحسينى أبو ضيف؛ فتقتله عناصر الإخوان ثم تُبادر الجماعة باللطم والعويل. وأن يتحدَّث «المغير» عن سلاح رابعة وتُوثّق الكاميرات عشرات الشباب يُطلقون الرصاص؛ ثم تُلفلف الجماعة بعضهم أحياء فى قماشٍ أبيض لتخترع مظلومية مكذوبة. وكان من تفاصيل اللعبة أيضًا أن تُوضَع «اللجان النوعية»، وهى الإصدار الجديد للنظام الخاص المُسلَّح، فى عُهدة عضو مكتب الإرشاد محمد كمال؛ ثم يُنكرون العنف والإرهاب، وأن يُهدِّد البلتاجى وصفوت حجازى بالدم والتفخيخ وإشعال سيناء، ثم يدَّعون المدنية. وأن يخرج مُجرمو الجماعة من الاعتصام ليُشيعوا الفوضى والقتل فى المنصَّة والحرس الجمهورى وكرداسة ورمسيس والمطرية وحلوان، ويُحرقوا كنائس المحافظات ومصالحها الخدميّة؛ ثم يسبقون بالشكوى والاتهامات، وأن تتطوَّر مجموعات كمال ومحمود عزت ويحيى موسى لحركات إرهابية، تُفجّر وتُطلق النار وتغتال النائب العام وضبَّاط الشرطة؛ ثم ينفون صلتهم بها، وما زالوا يكذبون رغم الوثائق والاعترافات، وبعضها جاء على لسان قيادات فى قنواتهم، منهم أشرف عبد الغفار وعلى بطيخ.. كلها مُجرَّد جولات فى لعبة توزيع الأدوار التى سنَّها المُرشد الأول، وتبعه فيها أراذل الجماعة بسوءٍ وانحطاط.
كان حسن البنا مُبتسمًا كأفعى رقطاء، و«السندى» مُتجّهمًا مثل شيطانٍ رجيم؛ لكنهما كانا وجهين لعملة واحدة، ولا فارق بينهما. وكذلك لا فارق بين الهضيبى وسيد قطب، ولا بين حازم أبو إسماعيل والشاطر ومحمد كمال، والزمر وعبدالماجد ومرسى وبديع والبلتاجى ويحيى موسى وأسامة ياسين وهشام عشماوى وعمر سرور. كما لم يكن هناك فارق بين الظواهرى وعاكف وعلوى مصطفى والإسلامبولى. الجهاد كالشوقيين، والجماعة الإسلامية كالتكفير والهجرة والقاعدة مثل حازمون، وكلهم من رحم الإخوان ولعبوا فى صفِّ الجماعة ولصالحها، بقصدٍ أو من دون قصد، كان التنظيم بارعًا طوال الوقت فى توزيع أهدافه على كل الأجنحة، إن بالشراكة فى تأسيسها، أو بالاجتهاد فى اختراقها، أو بالحرص على إغرائها ومدِّ الأواصر معها، وما ظهر جليًّا بين يناير 2011 ويونيو 2013، ومنذ اعتصام رابعة حتى الآن، وما يتواصل فى بيئاتهم الخارجية بمُرتزقتها من اليمين واليسار وكامل الطيف الأُصولى؛ لم تكن طفرات عفويّة نتجت عن سُيولة الثورة وحوادثها؛ إنما كانت تحصيلاً لجهودٍ طويلة سابقة، وحصادًا لسنوات من الزراعة وتوزيع الأدوار؛ ولعلَّ أكبر خسائر الجماعة الإرهابية، وأهم ما أنجزته ثورة 30 يونيو، أنها فضحت تلك الروابط، وسلَّطت ضوءًا كاشفًا على وحدة البيئة الرجعية، وتطابُق أهداف أطيافها الراديكالية وإن بدت الوسائل مُتصارعةً؛ حتى لم يعد لعُنقوديّة التنظيم ولا مناورات التقيَّة أثرًا خادعًا كما كان.. خسرت الجماعة محصول عقود التلوُّن والكذب؛ وخسرت قبل ذلك ورقتها الأهم والأخطر؛ إذ لم يعُد سهلاً عليها إعادة إنتاج اللعبة القديمة، واستمراء خدعة تقاسم الأهداف وتوزيع الأدوار.
العين الإخبارية: الإخوان والهجرة والمعارضة..نائب تونسي يفتح ملفات الساعة مع "العين الإخبارية"
لائحة تصنيف النهضة حركة إرهابية، والهجرة غير النظامية وعمل البرلمان..محاور شكّلت مسار حوار خاص مع البرلماني التونسي طارق المهدي
ففيما يتعلق بالائحة التي تقدم بها عدد من النواب مؤخرا، لتصنيف النهضة الإخوانية حركة إرهابية، ، دعا النائب عن محافظة صفاقس، طارق المهدي، إلى "محاسبة هذا الحزب وكل من أجرم في حق الشعب التونسي".
وقال إن "فترة حكم النهضة أسفرت عن اغتيالات سياسية وعمليات إرهابية ضد قوات الأمن والأبرياء العُزل، إضافة للعصابات التي خرجت من تونس باتجاه بؤر التوتر للجهاد في قضية التسفير".
وفي الجزئية الأخيرة، لفت إلى أن قضية التسفير المتهم فيها إخوان تونس، "مفتوحة لدى القضاء واستنادا إليها تم توقيف عدد كبير من القيادات الأمنية وقيادات من حزب النهضة ".
وأضاف "عدد كبير من المواطنين تم التغرير بهم عن طريق الخطب الدينية في المساجد والحلقات الدعوية واستغلال بساطة عقولهم وتم تسفيرهم وإدخالهم حطب محرقة في سوريا وليبيا"
ولذلك- يتابع المهدي- "ما عاشته تونس كان بمثابة النقطة السوداء في تاريخ البلاد ..و هذا الوضع يحتم علينا أن نتماشى مع رأي الأغلبية المطلقة في محاسبة هذا الحزب وتصنيفه كحزب إرهابي ".
وحاليا، يدرس البرلمان التونسي الذي تحرر من الإخوان، لائحة سياسية تقدم بها عدد من النواب لتصنيف النهضة تنظيما إرهابيا وحل الحركة، باعتبار أن تفكيك منظومة الخراب أحد شروط البناء.
وتضمنت اللائحة التأكيد على ضرورة محاسبة كل من أجرم بحق الشعب التونسي طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على تحقيق المفهوم الصحيح للسيادة باسترجاع المؤسسات الوطنية من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة.
ودعت اللائحة المؤسسات الوطنية وبينها البرلمان إلى الانخراط في هذا التوجه.
وجاء في اللائحة أن حركة النهضة تضم في صفوفها أشخاصا تلاحقهم تهم بتلقي أموال مشبوهة من جهات خارجية وارتباطات بالجهاز السري للحركة، المتورط في الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب لبؤر التوتر، ناهيك عن تورطهم في جرائم إرهابية.
الهجرة غير النظامية
من جهة أخرى، تحدث البرلماني التونسي عن أبعاد ظاهرة الهجرة غير الشرعية في تونس، لافتا إلى وجود نوعين من الهجرة التي وصلت إلى البلاد.
النوع الأول- كما يقول- "المهاجرون الذين دخلوا تونس من أفريقيا جنوب الصحراء عبر البوابات الرسمية للدولة وعبر النقاط الحدودية، خاصة أنه في سنة 2014 تم إلغاء تأشيرة لأكثر من 20 دولة أفريقية، بعد إبرام اتفاقيات تعاون تتعلق بالتعليم والصحة والسياحة".
مسألةٌ ببُعدين إيجابي وسلبي، برأي النائب التونسي، الذي لفت إلى أنه من الناحية الاستراتيجية لم تكن جيدة "لأن دول أفريقيا جنوب الصحراء هي دول فقيرة وتعيش في وضع متأزم ما عدا بعض الميسورين الذين وصلوا بطريقة نظامية ".
أما النوع الثاني من المهاجرين "فدخلوا إلى تونس عبر الصحراء بطريقة غير شرعية حيث استغلوا أكثر من 1040 كيلومترا وهي طول الحدود التونسية الجزائرية للدخول للبلاد، إضافة لدخولهم عبر الحدود مع ليبيا".
وفي هذا السياق، أشار إلى "استغلال هذه المساحات الشاسعة التي لا يمكن تأمينها كليا، خاصة وأن تونس في وضع سِلم وليست في وضعية حرب".
لكنه نوّه إلى أن "الأمن التونسي يحاول تأمين المداخل الرسمية عن طريق دوريات ثابتة ومتنقلة، غير أنه لا يمكنه أن يحمي بمجهودات وزارتي الدفاع والداخلية في وقت السلم ،1040 كيلومترا مع الجزائر".
وأكد أن كل هذه الوضعيات، أوصلت تونس لهذه الأزمة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "أعداد كبيرة دخلت إلى تونس عن طريق عصابات الإتجار بالبشر التي أصبحت تجني أموالا كثيرة".
وتابع" أسهل طريقة للمرور إلى بوابة أوروبا هي تونس.. والأعداد كانت في تزايد خلال الآونة الأخيرة ".
وشدد على أن "تونس بلد يرحب بضيوفه وغير عنصري، بل كانت من أول الدول في العالم التي منعت العبودية سنة 1857 لذلك لا يمكن المزايدة عليها في هذه المسألة".
ولم ينس النائب طارق المهدي، مشاعر التونسيين إزاء هؤلاء المهاجرين، بقوله: "الشعب التونسي فتح لهؤلاء المهاجرين غير النظامين، أبواب العمل والسكن ما جعل التدفق بهذا الشكل الكبير ..ومنذ ذلك الوقت انطلقت المشاكل التي تسبب فيها المهاجرون غير النظاميين ".
وذكّر ببعض الأحداث التي شهدت "مقتل مواطن بالأسلحة البيضاء على يد مهاجرين غير نظاميين في محافظة صفاقس، في يوليو/تموز الماضي"، مشيرا إلى وجود "عصابات منظمة وراء وصول هذا النوع من المهاجرين إلى تونس عبر الحدود".
وحذر من "وجود مندسين من جماعة بوكو حرام الإرهابية، وبعض من أصحاب السجلات الإجرامية، في صفوف المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين"، مؤكدا أن "هؤلاء يهددون السلم الأهلي في تونس ويتمدد ذلك الخطر إلى الدول الأوروبية التي تقوم بالمستحيل كي لا يصلوا إلى ترابها".
وأصبحت محافظة صفاقس نقطة رئيسية لتجمّع المهاجرين ومركزا للهجرة نحو أوروبا، وتشهد تواجدا لافتا لعابري الحدود القادمين من دول الساحل والصحراء نحو القارة العجوز.
وما يثير قلق السكان في المحافظة هو انتشار أعمال العنف وتزايد معدّلات الجريمة.
وأدّى هذا الوضع إلى تصاعد التوّترات وتكرّر الصدامات بين المهاجرين والأهالي، كما أطلق ناشطون حملات على مواقع التواصل الاجتماعي مناهضة لتواجدهم وتطالب بترحيلهم إلى بلدانهم.
ومؤخرا، أعلن وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، أن بلاده لديها 80 ألف مهاجر أفريقي من جنوب الصحراء، بينهم 17 ألفا في صفاقس.
ولفت إلى أن 1057 مهاجرا أفريقيا غير نظامي غادروا تونس طوعا نحو بلدانهم، فيما منعت قواته نحو 2200 مهاجرا من دخول البلاد عبر المعابر الحدودية خلال النصف الأول من 2023.
المعارضة..الأخطر
ومن النهضة والهجرة غير النظامية، وصولا إلى المعارضة، اعتبر المهدي أن الأطراف الداخلية "هي الأخطر على تونس"، مشيرا إلى أن "إسقاط أي وطن يكون من الداخل".
وأوضح أن "المعارضة في تونس ومن بينها حركة النهضة تستغل أية فرصة لتشويه صورة تونس والتسويق لفكرة أنها دولة عنصرية"، واصفا ما تقوم به المعارضة بـ"الخيانة العظمى للوطن"،
وسبق لإخوان تونس أن حاولوا تشويه صورة البلاد في الخارج عن طريق زعمهم بأن البلد "دولة عنصرية وغير ديمقراطية".
كما قاموا بتقييد شكوى ضد تونس أمام "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" للضغط من أجل إطلاق سراح قيادات الإخوان المتورطين في قضايا إرهابية ومالية.
عمل البرلمان
من جانب آخر، قال طارق المهدي إن مجلس النواب الجديد الذي عوض برلمان 2019ـ لديه سلطات كبيرة عكس ما يروج إليه.
وأكد أن تونس بعد 25 يوليو/تموز 2021 ستكون أفضل، منوها إلى أن الوضعية الصعبة السائدة، ستمر وتعود البلاد إلى وضعية جيدة.
باحث لـ"الدستور": "فض رابعة" ضمن نهج الإخوان لترسيخ "ادعاء المظلومية"
قال الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إسلام الكتاتني، إنّ فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013 من الاستراتيجيات الدائمة الاستخدام من قبل جماعة الإخوان تحت مسمى "مظلومية رابعة"، مضيفًا أن هناك 4 استراتيجيات تسير عليها الجماعة الإرهابية في الوقت الحالي، من بينها ما يسمى بـ"مظلومية مرسي والوقيعة بين الجيش والشعب"، وفي الأخير استغلال الأزمة الاقتصادية.
وأضاف الكتاتني، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنّ موضوع رابعة عند الإخوان أمر أساسي لديها تسعى الجماعة من خلاله إلى ترسيخ روايتها الدائمة للبحث عن المظلومية، مؤكدًا أن الإخوان كعادتهم يستخدمون الكذب لترويج روايتهم بتضخيم عدد من قتلوا أثناء الفض لجذب المتعاطفين معهم.
وأوضح أنّ من قتل أثناء الفض كان نتيجة امتلاك الإخوان السلاح في الاعتصام، فكان لا بد من التعامل معهم بالسلاح، مؤكدًا أن أول من استشهد كان من قبل قوات الأمن المصرية ممن كانوا ينادون فيهم بوجود ممر آمن لخروج المتظاهرين من الاعتصام الإخواني المسلح، لافتًا إلى أن الإخوان استبقوا الأحداث بقتل عناصر من الشرطة المصرية.
وأكد الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن فض الاعتصام الإخواني جاء نتيجة أن قيادات الإخوان تم تبليغهم بفض الاعتصام، ولكنهم مكثوا فيه ما يرقب من 48 يومًا، وكان هناك العديد من محاولات الصلح إلا أن الجماعة أصرّت على رأيها وباتت متمركزة في الاعتصام آملة في عودة كل من مرسي ومجلسي الشعب والشورى ودستور 2012 مرة أخرى، مشيرًا إلى أن المرونة انعدمت تمامًا عند الإخوان وظلوا على رأيهم حتى تذّمر سكان الحي من اعتصامهم وتوقفت حياتهم تمامًا طوال فترة الاعتصام الإخواني.
ونوّه الكتاتني بأن الإخوان استخدموا السلاح حتى وإن كان سلاحًا بسيطًا، وعلى حسب رواية الإخواني أحمد المغير- فتى الشاطر- أنه نقل إلى الاعتصام قبل الفض بيومين، وما تبقى من سلاح استخدم من قبل العناصر المتواجدة، مؤكدًا أن قيادات الإخوان لم تشهد فض الاعتصام ولم يكونوا بداخله، لافتًا إلى أن: هذا دليل خسة وندالة من قبل القيادات الإخوانية التي كان من المفترض أن يواجهوا الأمر إذا كانوا أصحاب قضية كما يزعمون، لكنهم تركوه وفرّوا هاربين.
صبرة القاسمي: الإخوان سعت لاستحضار السيناريو السوري لمصر بعد أحداث رابعة
قال صبرة القاسمي المحامي ومؤسس الجبهة الوسطية والخبير بالحركات الإسلامية، إنّ اعتصام جماعة الإخوان الإرهابية برابعة العدوية كان بمثابة إعلان حرب على المجتمع المصري، مؤكدًا أن هذا ما تم الاتفاق عليه في آخر اجتماع لمكتب الإرشاد الإخواني قبل هروب معظم القيادات الإخوانية لخارج البلاد، لافتًا إلى أن المخطط الإخواني كان العمل على تحويل مصر إلى السيناريو السوري، حيث كان رهان الإخوان على قمع الشعب المصري على يد الجيش المصري الذي أبا ذلك وفضّل آنذاك الإنحياز لإرادة الشعب.
وأضاف القاسمي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنّ عددًا من الشخصيات الإخوانية وعلى رأسهم محمد البلتاجي وأحمد المغير فتى الشاطر، عبّروا عن ذلك وهددوا بحرق مصر ونشر الأسلحة والعنف في كافة ربوع مصر، لافتًا إلى أن خير دليل علي نوايا الإخوان الإرهابية هو ما تم من عمليات إرهابية ضد الشعب المصري والدولة المصرية في الفترة التي تلت فض رابعة العدوية؛ حيث تمّ ضبط أكثر من شحنة أسلحة داخل البلاد وأعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في أكثر من قضية تستهدف آمن مصر القومي في محاولة للتأثير على إرادة المصريين بالقوة .
وفيما يخص بالعمليات الإرهابية التي شنتها فصائل الإخوان عقب الفض، أكد أن العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة كانت في أشد صورها، بجانب استهداف القضاة، حيث كانت العاصمة ومحافظات الجيزة والشرقية والقليوبية وبني سويف في مقدمة المحافظات التي شهدت عمليات إرهابية من قبل الإخوان.
وأكد القاسمي، أنّ الجبهة الوسطية، أعدت دراسة أوضحت من خلالها أن الجماعة الإرهابية سعت لاستحضار السيناريو السوري إلى مصر بتنفيذ عمليات إرهابية، حيث كانت النسب المؤية للعمليات الإرهاربية ترتفع نسبيًا، إذ كانت في عام 2011، هى 2%، وزادت إلى 7% في عام 2012، وتضاعفت في عام 2013 لتصل إلى 34%، بينما سجّل عام 2014 أعلى نسبة في العمليات الإرهابية وهي 48%، و قد زادت العمليات الإرهابية في عام 2015، موضحًا أنّ تحرك القوات المصرية أبطأ من تزايد عمليات الإخوان، وهذا ما سبق وأشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حينما حذّر الشعب المصري مطالبًا إيّاه بالتفويض في كلمته الشهير عن الارهاب المحتمل.
وأشار القاسمي، إلى أن قرار المواجهة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وأذرعها كان قرارًا صائبًا، لحماية الدولة المصرية من المخططات الإخوانية التي كانت ستتسبب في الكثير من الحروب الأهلية في مصر.
وأوضح أنّ الإحصائيات بتلك العمليات وضحاياها كانت من الاهمية بمكان، مشيرًا إلى أن حصيلة البحث في جرائم الجماعة الإرهابية خلف ستار ما كان يسمى بـ"دعم الشرعية" الكيان الإرهابي الذي جمع عددًا من الجماعات الإرهابية على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية والعناصر المارقة من الجماعة الاسلامية والسلفية الجهادية وبعض الجماعات، ليقوموا بمجموع هذه الجرائم الشنيعة في حق الأفرد والدولة و انتشار البؤر الإرهابية في البلاد حسب مخطط مكتب الإرشاد حينها.
اليوم السابع: انكشافات رابعة.. وحدة البيئة الأصولية ولعبة توزيع الأدوار فى حظيرة الإخوان
هجينٌ صار جماعة، وأخلاطٌ أُرِيد لها أن تكون جسمًا واحدًا. أخذت «الإخوان» من كلِّ فكرة أردأها ومن كلِّ حركةٍ أسوأ ما فيها، وطبعت جميع ذلك بوصفةٍ شديدة الانتهازية فى التلوُّن واختراق جدران الفضاء العام؛ لعلَّ أكثرها انكشافًا لعبة «توزيع الأدوار». عندما كتب حسن البنا فى ديسمبر 1948 مقاله الشهير «ليسوا إخوانًا وليسوا مُسلمين»؛ لم يكن فى واقع الأمر نادمًا على جريمة اغتيال محمود فهمى النقراشى، أو يتبرَّأ من عبدالرحمن السندى وعناصر النظام الخاص «الجناح المُسلَّح»؛ إنما كان ينزع الغطاء عن الحبل السُّرّى بين التنظيم والميليشيا/ الواجهة الرسمية والأذرع السوداء المخفيَّة، ويُخرجها إلى العلن مُدشِّنًا مرحلةً جديدة من المُمارسات، لم تعد تستر أطرافَها عن العيون؛ لكنها تمدُّها علنًا فى الساحة وتُنكر الروابط معها، وهكذا سارت الأمور فى العقود السبعة التالية من وقتها للآن.
استعار حسن البنا «تقيّة الشيعة»، والبنية العنقودية للتنظيمات الشيوعية. ادَّعى دخول المشهد من بوابة العقيدة والدعوة؛ لكنه أسَّس جناحًا مُسلَّحًا على عُرف حركات السياسة الشعبوية وقتها. كان يُشرف بنفسه على مُعسكرات الكشافة التى كانت نواةَ مجموعة العنف، ويقود تدريباتها فى الصحارى، ويُخطِّط عمليّاتها التى اتَّسعت بين قتلٍ وتفجير وإرهابٍ للخصوم؛ ثم يغسل يديه ويُطلّ من صُحف الجماعة داعيةً وفقهيًا ومُنظِّرًا فى أُمور الاعتقاد. رغم صحيفة السوابق الطويلة، لم يجد نفسه مُضطرًّا لكشف المستور إلا مع اغتيال رئيس الوزراء والتقاء خيوط الإدانة حول رقبته. يُحكَى أنّه فى مُواجهة مع «السندى» حاول إنكار مسؤوليته عن دم النقراشى، فهاج قائد الميليشيا وكاد يضربه وهو يصرخ أنهم ما فعلوا شيئًا إلا إنفاذ رغبة المُرشد؛ ربما وقتها شعر المُؤسِّس الطموح أنه يحتاج لتطوير استراتيجية توزيع الأدوار، وفِطام الأجنحة المُستترة عن رباط التنظيم المباشر، فأعلن سياسته الجديدة فى المقال، ولعلَّها كانت سببًا فى مقتله بعد ذلك بشهرين تقريبًا. إن كان يصعب الجَزم بهوية القاتل؛ فإن سوابق حليفه الدموى وصدمته من خيانة القائد قد يُفسِّران اللغز، لا سيما أنه تصدَّى بعدها بخمس سنوات لتصفية سيد فايز، غريمه فى قيادة الجناح العنيف.
بدأت مرحلة التوافق مع نظام الرئيس السادات فى 1971، واكتمل خروج عناصر الإخوان المحبوسين بعد أربع سنوات؛ لكن بين التاريخين حاولوا الغدر كعادتهم. كانت عملية الفنية العسكرية فى العام 1974، وقالوا وقتها لقائد المجموعة «صالح سرية» إذا نجحتم سنبارك ونحتفل، وإذا أخفقتم فلا دخل لنا وسننكر كل علاقةٍ بكم. حدث توزيع الأدوار قبلها مع «تنظيم 65» الذى قاده سيد قطب وزينب الغزالى، وأنكر الهضيبى علاقتهم به، كما أنكر ضلوعه فى محاولة اغتيال عبد الناصر بالمنشية، وتأكَّد لاحقًا أنه كان على علمٍ بها وبارك المُخطَّط. تخلَّت الجماعة تمامًا عن إسدال عباءتها على أطرافها المُنفلتة، ولجأت بدلاً عن ذلك إلى إطلاقها لآخرها دون وشائج ظاهرة. وفق هذا التحوُّل قد لا يكون اضطلاعها بدور فاعلٍ فى تفريخ أصوليَّات الستينيات وما بعدها عفويًّا، وليس ما يمنع النظر إلى «الجهاد» والجماعة الإسلامية وغيرهما من باب الامتداد للنظام الخاص، وتجديد أدوات المناورة وقوانين لعبة توزيع الأدوار.
تتَّسع الاحتمالات فى تلك النقطة: بين حركاتٍ خرجت من رحم الإخوان وِفاقًا؛ لتكون طرفًا مُؤازرًا للرؤية المركزية، وجماعاتٍ انفصلت شِقاقًا؛ ورأت الجماعة فى ذلك إسنادًا مقبولاً لأهدافها ولا تغيب عنه المُداراة المطلوبة. ما يُعزِّز ذلك أن كثيرًا من تلك الحركات التأمت بالجسد الأم فى مراحل تالية، إن بالانخراط الكامل، أو بالتنسيق والتحالفات والعمل المشترك. جرى ذلك فى بيئة السياسة والعُنف المحلية، وفى الامتدادات الخارجية على مروحة واسعة من الساحات المُلتهبة: الشيشان وأفغانستان والسودان، وصولاً إلى ليبيا وسوريا واليمن بعد موجتى الربيع العربى فى 2011 و2019.. أى أن التنظيم تخلَّى راضيًا عن بعض عناصره، أو تساهل فى انشقاق آخرين؛ من أجل اختلاق منظومة من الأذرع والأجنحة المُتَّصلة به حركيًّا، أو غير المُنفصلة عنه فكريًّا فى كثيرٍ من الظروف والحالات.
تقاسُم الأدوار كان جليًّا داخل البيت الإخوانى، بالنظر إلى القلب فى القاهرة والمركز فى لندن. كانت الجماعة قد سعت للتمدُّد خارج مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضى، لكنها لم تُوطِّد بيئاتها الطرفيّة وهياكل تنظيمها وحركتها إلا مع موجة الخروج الواسعة بعد حادث المنشية وصدامها العنيف بنظام يوليو. بين منتصف الخمسينيات ومطلع السبعينيات ترسَّخت الفروع، واشتد عود التنظيم الدولى، ومع تفاهمات العودة وما تلاها حتى ثورة يناير، أُديرت اللعبة فى المستوى التنظيمى لصَرف النظر عن التشابكات: مكتب الإرشاد فى مصر كان السُّلطة العُليا دوليًّا، وكان غارقًا فى خططٍ إقليمية وعالمية واسعة، لكنه عمل دائمًا على الإيحاء بانفصاله عن الخارج، وانضباطه بمعايير العمل الوطنية. لم يكن ذلك دقيقًا بالطبع؛ إنّما وافق هوىً لدى الإدارة وقتها أن تُحمِّل الانفلات على كتفى تنظيم لندن، وتستهلك سرديّة البراءة الإخوانية الكذوب محليًّا. واستفادت الجماعة من اختراق المجتمع المدنى، وابتلاع بعض النقابات المهنية؛ لتُصبح أنشطتها الإنسانية وجهود الإغاثة ذراعًا جديدةً بين أذرعها العديدة.
اغتيل الرئيس السادات بأيدى الجماعة الإسلامية الطالعة من البيت الإخوانى، وكان ذلك فى صالح التنظيم. وكذلك كلُّ موجات العنف اللاحقة فى التسعينيات وإلى سنوات الألفية الأولى. لم تكشف المحطّات المُتلاحقة صلات التنظيم الخَشِنة أو الناعمة بمُعادلها العنيف لدى بقيّة مجموعات الأُصوليّة الدينية؛ لكن الانكشاف الكبير جاء بعد يناير 2011: تضافرت جهود الحلفاء جميعًا فى اقتحام السجون، وهرب الإخوان مع الجهاديين وأعضاء تنظيمات إقليمية أخرى. ثم عملوا معًا فى استفتاء مارس لتعديل الدستور، وفى انتخابات مجلس الشعب، وكتابة الدستور، ودعموا سياسات محمد مرسى وقراراته المُنفلتة وأفدحها الإعلان الدستورى، وعادت الطيور المُهاجرة من مُجاهرتها بالعداء المُعلَن بحسابٍ، إلى تفاخرها بالتنسيق المُعلَن من دون حساب؛ حتى أن تشابكات تلك الفترة المُرتبكة أصابت كثيرين من المتابعين بالصدمة، بعدما انتهت لعبة توزيع الأدوار، وتجمَّعت صفوف التنظيم من جديد.
كان حازم أبو إسماعيل ورقةً فى أجندة الجماعة، ورغم أنه ابن قيادة إخوانية بارزة؛ فقد كان يُبالغ فى إظهار انفصال واضحٍ عنهم؛ لكنه لاحقًا دعمهم فى البرلمان والرئاسة، وتولَّى عنهم حصار المحاكم ومدينة الإنتاج الإعلامى، ونشطت دائرة تأييده «مجموعة حازمون» بما عُرف عنها من غِلظة وعُنفٍ لتكون حرسًا للجماعة وكتيبة مُتقدّمةً فى التحرُّش بخصومها. وعاد أبو العلا ماضى وعصام سلطان بعد سنوات الانشقاق والبحث عن لافتة مُستقلّة «حزب الوسط» إلى دخول بيت الطاعة التنظيمى، وكذلك وجوه أخرى من دائرتهم مثل حاتم عزام وعمرو عبد الهادى، وآخرون من ائتلاف شباب الثورة وأحزاب الحرية والعدل والاستقلال وغيرها. كان رصيد الإخوان المخفىّ عبر سنوات من التمدُّد الناعم واختراق الأحزاب والقوى السياسية يتكشَّف بالتتابع، وقد لاحت بشائر التمكين وبات رصُّ الصفوف ضرورةً لتمتين الجبهة، وإعلان الحرب على المنافسين جميعًا.
لم تُغلَق المائدة على حاملى الشارة الإخوانية فقط، الظاهرين أو المُستترين؛ إنما اتسعت لتضمّ كل الأطراف التى لعبت لصالح الجماعة، بوفاقٍ ضئيل أو بقطيعةٍ شرسة ومُصطنَعة. كان شائعًا أن السلفيين والجماعة الإسلامية وبقيَّة حركات التطرُّف يرون الإخوان مُفرِّطين وخارج حظيرة الصواب والإيمان؛ ولم يكن ذلك إلا مناورة لتعمية الروابط، أو غسل سمعة الجماعة وتسويقها فى المجال العام شريكًا وسطيًّا مقبولاً. الدليل أنهم لم يُضيِّعوا وقتًا طويلاً قبل أن يقفوا معًا فى دائرة واحدة: لقاءات مع «مرسى» داخل قصر الاتحادية، ولقاءات فى مكتب الإرشاد، وشراكة فى الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر مع قتلة السادات وأشباههم من ضباع العنف، ثم مُؤتمر نصرة سوريا قبل ثورة 30 يونيو بأيامٍ بحضور عُتاة الإرهابيين، وأخيرًا تصدُّر طارق الزمر وعاصم عبدالماجد وغيرهما منصَّة اعتصام رابعة، وتكديس الجهاديين مع السلاح داخل الخيام، بل ومَنح بعضهم مناطق نفوذ خاصة، كما حدث مع من يُعرَفون بـ«سَريّة طيبة مول» وكانوا من القَتلة المُحترفين وبعض من أطلقهم المعزول من السجون بعفوٍ رئاسى.
خلال سنة حُكمهم، لم تنقطع اتصالات الإخوان مع محمد الظواهرى وميليشيات سيناء. ما زال البعض يستعيدون عبارة «مرسى» وقت خطف عدد من الجنود، ومُطالبته بـ«سلامة الخاطفين والمخطوفين»، على سبيل التندُّر والفكاهة؛ بينما كانت فى الحقيقة كشفًا وقحًا لصلة الإخوان ببقيّة فصائل الإرهاب، وتعبيرًا صارخًا لعُمق الروابط ومتانتها، وقد انتقلت من مكتب الإرشاد إلى قصر الاتحادية فى عُهدة رئيس إخوانى، خلط بين الدولة والعصابة، وساوى الجنود بالإرهابيين، والسلاحَ الشرعى بأسلحة الميليشيات الخارجة على القانون.. فى كل ذلك لم يكن الأمر إلا تكرارًا لاستراتيجية حسن البنا نفسه، الذى عمل مع الاحتلال الإنجليزى بحماسةٍ وابتذال كما يعمل مع القصر، وعادى الإرادة الشعبية بثباتٍ وفجاجةٍ كما يُعادى فكرة الوطن ومصالحه، وكان السلاح وسيلته للتحقُّق فى بيئةٍ ظلَّ عاجزًا عن اختراقها بجدارة الفكرة واستقامة المُمارسة؛ فقرَّر أن يخرقها بالرصاص، وأخفى السلاح فى طيَّات ملابسه وأذرع العنف وراء العمامة والمصحف.
كان من توزيع الأدوار أن يُشير عبدالرحمن عز بالليزر على الحسينى أبو ضيف؛ فتقتله عناصر الإخوان ثم تُبادر الجماعة باللطم والعويل. وأن يتحدَّث «المغير» عن سلاح رابعة وتُوثّق الكاميرات عشرات الشباب يُطلقون الرصاص؛ ثم تُلفلف الجماعة بعضهم أحياء فى قماشٍ أبيض لتخترع مظلومية مكذوبة. وكان من تفاصيل اللعبة أيضًا أن تُوضَع «اللجان النوعية»، وهى الإصدار الجديد للنظام الخاص المُسلَّح، فى عُهدة عضو مكتب الإرشاد محمد كمال؛ ثم يُنكرون العنف والإرهاب، وأن يُهدِّد البلتاجى وصفوت حجازى بالدم والتفخيخ وإشعال سيناء، ثم يدَّعون المدنية. وأن يخرج مُجرمو الجماعة من الاعتصام ليُشيعوا الفوضى والقتل فى المنصَّة والحرس الجمهورى وكرداسة ورمسيس والمطرية وحلوان، ويُحرقوا كنائس المحافظات ومصالحها الخدميّة؛ ثم يسبقون بالشكوى والاتهامات، وأن تتطوَّر مجموعات كمال ومحمود عزت ويحيى موسى لحركات إرهابية، تُفجّر وتُطلق النار وتغتال النائب العام وضبَّاط الشرطة؛ ثم ينفون صلتهم بها، وما زالوا يكذبون رغم الوثائق والاعترافات، وبعضها جاء على لسان قيادات فى قنواتهم، منهم أشرف عبد الغفار وعلى بطيخ.. كلها مُجرَّد جولات فى لعبة توزيع الأدوار التى سنَّها المُرشد الأول، وتبعه فيها أراذل الجماعة بسوءٍ وانحطاط.
كان حسن البنا مُبتسمًا كأفعى رقطاء، و«السندى» مُتجّهمًا مثل شيطانٍ رجيم؛ لكنهما كانا وجهين لعملة واحدة، ولا فارق بينهما. وكذلك لا فارق بين الهضيبى وسيد قطب، ولا بين حازم أبو إسماعيل والشاطر ومحمد كمال، والزمر وعبدالماجد ومرسى وبديع والبلتاجى ويحيى موسى وأسامة ياسين وهشام عشماوى وعمر سرور. كما لم يكن هناك فارق بين الظواهرى وعاكف وعلوى مصطفى والإسلامبولى. الجهاد كالشوقيين، والجماعة الإسلامية كالتكفير والهجرة والقاعدة مثل حازمون، وكلهم من رحم الإخوان ولعبوا فى صفِّ الجماعة ولصالحها، بقصدٍ أو من دون قصد، كان التنظيم بارعًا طوال الوقت فى توزيع أهدافه على كل الأجنحة، إن بالشراكة فى تأسيسها، أو بالاجتهاد فى اختراقها، أو بالحرص على إغرائها ومدِّ الأواصر معها، وما ظهر جليًّا بين يناير 2011 ويونيو 2013، ومنذ اعتصام رابعة حتى الآن، وما يتواصل فى بيئاتهم الخارجية بمُرتزقتها من اليمين واليسار وكامل الطيف الأُصولى؛ لم تكن طفرات عفويّة نتجت عن سُيولة الثورة وحوادثها؛ إنما كانت تحصيلاً لجهودٍ طويلة سابقة، وحصادًا لسنوات من الزراعة وتوزيع الأدوار؛ ولعلَّ أكبر خسائر الجماعة الإرهابية، وأهم ما أنجزته ثورة 30 يونيو، أنها فضحت تلك الروابط، وسلَّطت ضوءًا كاشفًا على وحدة البيئة الرجعية، وتطابُق أهداف أطيافها الراديكالية وإن بدت الوسائل مُتصارعةً؛ حتى لم يعد لعُنقوديّة التنظيم ولا مناورات التقيَّة أثرًا خادعًا كما كان.. خسرت الجماعة محصول عقود التلوُّن والكذب؛ وخسرت قبل ذلك ورقتها الأهم والأخطر؛ إذ لم يعُد سهلاً عليها إعادة إنتاج اللعبة القديمة، واستمراء خدعة تقاسم الأهداف وتوزيع الأدوار.
العين الإخبارية: الإخوان والهجرة والمعارضة..نائب تونسي يفتح ملفات الساعة مع "العين الإخبارية"
لائحة تصنيف النهضة حركة إرهابية، والهجرة غير النظامية وعمل البرلمان..محاور شكّلت مسار حوار خاص مع البرلماني التونسي طارق المهدي
ففيما يتعلق بالائحة التي تقدم بها عدد من النواب مؤخرا، لتصنيف النهضة الإخوانية حركة إرهابية، ، دعا النائب عن محافظة صفاقس، طارق المهدي، إلى "محاسبة هذا الحزب وكل من أجرم في حق الشعب التونسي".
وقال إن "فترة حكم النهضة أسفرت عن اغتيالات سياسية وعمليات إرهابية ضد قوات الأمن والأبرياء العُزل، إضافة للعصابات التي خرجت من تونس باتجاه بؤر التوتر للجهاد في قضية التسفير".
وفي الجزئية الأخيرة، لفت إلى أن قضية التسفير المتهم فيها إخوان تونس، "مفتوحة لدى القضاء واستنادا إليها تم توقيف عدد كبير من القيادات الأمنية وقيادات من حزب النهضة ".
وأضاف "عدد كبير من المواطنين تم التغرير بهم عن طريق الخطب الدينية في المساجد والحلقات الدعوية واستغلال بساطة عقولهم وتم تسفيرهم وإدخالهم حطب محرقة في سوريا وليبيا"
ولذلك- يتابع المهدي- "ما عاشته تونس كان بمثابة النقطة السوداء في تاريخ البلاد ..و هذا الوضع يحتم علينا أن نتماشى مع رأي الأغلبية المطلقة في محاسبة هذا الحزب وتصنيفه كحزب إرهابي ".
وحاليا، يدرس البرلمان التونسي الذي تحرر من الإخوان، لائحة سياسية تقدم بها عدد من النواب لتصنيف النهضة تنظيما إرهابيا وحل الحركة، باعتبار أن تفكيك منظومة الخراب أحد شروط البناء.
وتضمنت اللائحة التأكيد على ضرورة محاسبة كل من أجرم بحق الشعب التونسي طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على تحقيق المفهوم الصحيح للسيادة باسترجاع المؤسسات الوطنية من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة.
ودعت اللائحة المؤسسات الوطنية وبينها البرلمان إلى الانخراط في هذا التوجه.
وجاء في اللائحة أن حركة النهضة تضم في صفوفها أشخاصا تلاحقهم تهم بتلقي أموال مشبوهة من جهات خارجية وارتباطات بالجهاز السري للحركة، المتورط في الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب لبؤر التوتر، ناهيك عن تورطهم في جرائم إرهابية.
الهجرة غير النظامية
من جهة أخرى، تحدث البرلماني التونسي عن أبعاد ظاهرة الهجرة غير الشرعية في تونس، لافتا إلى وجود نوعين من الهجرة التي وصلت إلى البلاد.
النوع الأول- كما يقول- "المهاجرون الذين دخلوا تونس من أفريقيا جنوب الصحراء عبر البوابات الرسمية للدولة وعبر النقاط الحدودية، خاصة أنه في سنة 2014 تم إلغاء تأشيرة لأكثر من 20 دولة أفريقية، بعد إبرام اتفاقيات تعاون تتعلق بالتعليم والصحة والسياحة".
مسألةٌ ببُعدين إيجابي وسلبي، برأي النائب التونسي، الذي لفت إلى أنه من الناحية الاستراتيجية لم تكن جيدة "لأن دول أفريقيا جنوب الصحراء هي دول فقيرة وتعيش في وضع متأزم ما عدا بعض الميسورين الذين وصلوا بطريقة نظامية ".
أما النوع الثاني من المهاجرين "فدخلوا إلى تونس عبر الصحراء بطريقة غير شرعية حيث استغلوا أكثر من 1040 كيلومترا وهي طول الحدود التونسية الجزائرية للدخول للبلاد، إضافة لدخولهم عبر الحدود مع ليبيا".
وفي هذا السياق، أشار إلى "استغلال هذه المساحات الشاسعة التي لا يمكن تأمينها كليا، خاصة وأن تونس في وضع سِلم وليست في وضعية حرب".
لكنه نوّه إلى أن "الأمن التونسي يحاول تأمين المداخل الرسمية عن طريق دوريات ثابتة ومتنقلة، غير أنه لا يمكنه أن يحمي بمجهودات وزارتي الدفاع والداخلية في وقت السلم ،1040 كيلومترا مع الجزائر".
وأكد أن كل هذه الوضعيات، أوصلت تونس لهذه الأزمة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "أعداد كبيرة دخلت إلى تونس عن طريق عصابات الإتجار بالبشر التي أصبحت تجني أموالا كثيرة".
وتابع" أسهل طريقة للمرور إلى بوابة أوروبا هي تونس.. والأعداد كانت في تزايد خلال الآونة الأخيرة ".
وشدد على أن "تونس بلد يرحب بضيوفه وغير عنصري، بل كانت من أول الدول في العالم التي منعت العبودية سنة 1857 لذلك لا يمكن المزايدة عليها في هذه المسألة".
ولم ينس النائب طارق المهدي، مشاعر التونسيين إزاء هؤلاء المهاجرين، بقوله: "الشعب التونسي فتح لهؤلاء المهاجرين غير النظامين، أبواب العمل والسكن ما جعل التدفق بهذا الشكل الكبير ..ومنذ ذلك الوقت انطلقت المشاكل التي تسبب فيها المهاجرون غير النظاميين ".
وذكّر ببعض الأحداث التي شهدت "مقتل مواطن بالأسلحة البيضاء على يد مهاجرين غير نظاميين في محافظة صفاقس، في يوليو/تموز الماضي"، مشيرا إلى وجود "عصابات منظمة وراء وصول هذا النوع من المهاجرين إلى تونس عبر الحدود".
وحذر من "وجود مندسين من جماعة بوكو حرام الإرهابية، وبعض من أصحاب السجلات الإجرامية، في صفوف المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين"، مؤكدا أن "هؤلاء يهددون السلم الأهلي في تونس ويتمدد ذلك الخطر إلى الدول الأوروبية التي تقوم بالمستحيل كي لا يصلوا إلى ترابها".
وأصبحت محافظة صفاقس نقطة رئيسية لتجمّع المهاجرين ومركزا للهجرة نحو أوروبا، وتشهد تواجدا لافتا لعابري الحدود القادمين من دول الساحل والصحراء نحو القارة العجوز.
وما يثير قلق السكان في المحافظة هو انتشار أعمال العنف وتزايد معدّلات الجريمة.
وأدّى هذا الوضع إلى تصاعد التوّترات وتكرّر الصدامات بين المهاجرين والأهالي، كما أطلق ناشطون حملات على مواقع التواصل الاجتماعي مناهضة لتواجدهم وتطالب بترحيلهم إلى بلدانهم.
ومؤخرا، أعلن وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، أن بلاده لديها 80 ألف مهاجر أفريقي من جنوب الصحراء، بينهم 17 ألفا في صفاقس.
ولفت إلى أن 1057 مهاجرا أفريقيا غير نظامي غادروا تونس طوعا نحو بلدانهم، فيما منعت قواته نحو 2200 مهاجرا من دخول البلاد عبر المعابر الحدودية خلال النصف الأول من 2023.
المعارضة..الأخطر
ومن النهضة والهجرة غير النظامية، وصولا إلى المعارضة، اعتبر المهدي أن الأطراف الداخلية "هي الأخطر على تونس"، مشيرا إلى أن "إسقاط أي وطن يكون من الداخل".
وأوضح أن "المعارضة في تونس ومن بينها حركة النهضة تستغل أية فرصة لتشويه صورة تونس والتسويق لفكرة أنها دولة عنصرية"، واصفا ما تقوم به المعارضة بـ"الخيانة العظمى للوطن"،
وسبق لإخوان تونس أن حاولوا تشويه صورة البلاد في الخارج عن طريق زعمهم بأن البلد "دولة عنصرية وغير ديمقراطية".
كما قاموا بتقييد شكوى ضد تونس أمام "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" للضغط من أجل إطلاق سراح قيادات الإخوان المتورطين في قضايا إرهابية ومالية.
عمل البرلمان
من جانب آخر، قال طارق المهدي إن مجلس النواب الجديد الذي عوض برلمان 2019ـ لديه سلطات كبيرة عكس ما يروج إليه.
وأكد أن تونس بعد 25 يوليو/تموز 2021 ستكون أفضل، منوها إلى أن الوضعية الصعبة السائدة، ستمر وتعود البلاد إلى وضعية جيدة.