شركات الوساطة بين عمال غزة والمشغلين في إسرائيل.. ماهي هي أهداف حماس؟
"تصريح المشغل" هو أحد أنواع التصاريح التي تُصدرها إسرائيل، حيث يُسمح به لسكان غزة بالسفر إلى إسرائيل للعمل. يُذكر أن هناك نوعًا آخر من التصاريح يُطلق عليه "تصريح حاجات اقتصادية".
هذا القرار الذي اتخذته وزارة العمل في غزة أثار جدلاً جديدًا بسبب مفاجئته وغياب التحضيرات السابقة له. يجري التساؤل عن جدوى هذه الخطوة، خاصةً أنها تمثل تغييرًا كبيرًا بالنسبة للسياسة السابقة التي رفضت في سبتمبر الماضي مقترحًا إسرائيليًا يعرف باسم "تصريح المشغل". كان هذا المقترح يهدف إلى السماح للعمال الفلسطينيين في قطاع غزة العمل في إسرائيل بعد الحصول على موافقة مباشرة من جهة العمل الإسرائيلية. وقد تم اعتبار هذه الآلية ابتزازًا أمنيًا في البداية، ولكن فيما بعد تم تبنيها من قبل وزارة العمل في غزة.
القرار تاريخي، فهذه هي أول مرة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 التي تعلن فيها جهة حكومية فلسطينية عن تأسيس شركات تجارية خاصة تتعلق بتصاريح العمل في الداخل المحتل، وهو القرار أو الخطوة التي طرحت العديد من علامات الاستفهام حول ما تنوي حكومة حماس الوصول إليه، والتي في المجمل تدل على الرغبة في التخلص من مشكلة البطالة داخل القطاع بأي ثمن كان، حتى وإن كان ذلك الثمن التنازل عن مبادئها التي لطالما تغنت بها خلال خطاباتها الشعبية.
وقال الوزير الفلسطيني السابق حسن عصفور إن ملخص الخطوة الحمساوية يعني تأسيس مصادر سيطرة وتحكم على العمال، والخطر أن هذا الأمر يحتاج إلى اتصالات مباشرة مع إسرائيل وهو ما كانت ترفضه "حماس" في البداية.
وأضاف عصفور "ملف العمال مصنف في إسرائيل أنه أمني ويحتاج إلى تواصل مع وزارة الدفاع وجهاز الشاباك، فهل لدى حماس قناة تنسيق أمني مع تل أبيب، وإلا لماذا وافقت على أن تقوم شركات بالتنسيق المباشر معها"، لافتاً إلى أن هذه الخطوة لن تتم إلا إذا وافقت عليها حكومة بنيامين نتنياهو، وهذا يعني أن إسرائيل منحت حكومة غزة امتيازات خاصة وهي "المال مقابل الهدوء".
من جانبه قال الكاتب الفلسطيني طه خالد منصور إن حركة حماس تضع يدها بيد مشغلين صهاينة فقط من أجل توفير مناصب شغل عبر شركات مستحدثة، سيكون لها نصيب في الأموال عبر نسبة معينة تأخذ من أجرة العامل، وهنا لا بد من الإشارة إلى هذه النقطة التي تعني أن هذه الشركات تعمل بنظام السمسرة المقننة، أي أن ما كان يحدث سابقا عبر سماسرة تصاريح العمل الذين كانوا يوفرون تصريح عمل في الداخل المحتل مقابل مبلغ مادي أصبح ذلك يحدث لكن بشكل رسمي وفوق الطاولة.
وأضاف منصور أن ما يحدث اليوم في قطاع غزة يشبه كثيرا المثل الذي يقول إن الدجاجة أصبحت نبيض ذهبا، فبعد بلبلة أثارتها الظروف المعيشية المزية التي أرهقت سكان القطاع، خرجت حكومة القطاع بحل مثالي يغنيها عن صرف الأموال من خلال فتح مصانع أو شركات للتوظيف، متجاوزة بذلك العناء ومستفيدة هي الأخرى من الأمر.
وتابع قائلا " فتوفير تصاريح عمل لعمال غزة لا يعني التخلص من مشكلة البطالة فحسب، بل هو رضوخ لواقع الحصار ومحاولة لتفادي جولات المواجهة مع الاحتلال، فهي تعلم أن سكان القطاع لن يكون بمقدورهم تحمل جولة أخرى من جولات القصف والتصعيد والتي عادة ما يدفع ثمنها المواطن البسيط، لتزيد عن همومهم هما أخر".
وأوضحت أن حركة حماس تعلم أن أن شعبيتها داخل القطاع تراجعت عما كانت عليه، لعدة أسباب لعل أهمها هو فشلها في تسيير شؤون القطاع رغم تحميلها المتكرر للمسؤولية للاحتلال والحصار المفروض، ورغم أننا لا يمكن أن ننكر أن للاحتلال دوراً كبيراً في ما يعيشه سكان غزة، لكن ذلك لا يعني إنكار حقيقة أن حماس هي من ساهمت في إغلاق العديد من المصانع المحلية وأعطت تراخيص لاستيراد مئات المواد الغذائية والسلع من تركيا، على الرغم من أنها كانت تصنع داخل القطاع، حيث أجبر العديد من رجال الأعمال على غلق مصانعهم وتسريح عمالهم ما تسبب في أزمة كبيرة أدت إلى زيادة نسبة البطالة، ولجوء أغلب العمال للعمل في الداخل المحتل رغم المخاطر التي تعترض طريقهم.
وبين الاستغلال والحاجة وجد العُمال الفلسطينيين في قِطاع غزة أنفسهم مجبرين على العمل في الداخل المحتل حتى ولو كلفهم ذلك دفع شطر من راتبهم مقابل الحصول على منصب عمل، كيف لا وهم من يواجهون مجموعة من الأزمات المُركبة، التي لم تسمح لهم بالعمل داخل القطاع، بالنظر لشح مناصب العمل والتي حتى وإن وجدت فهي لا توفر لهم على الصعيد المادي متطلبات حياتهم الأساسية، كما لا توفر لهم على الصعيد الشخصي والمهني، أيا من عوامل السلامة المهنية والصحية.
من جانبها حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من مخاطر شركات حماس للعمل في إسرائيل ووضعت تساؤلات حول المستفيد منها، وتساءلت الجبهة الشعبية في بيان صدر عن إطارها العمالي جبهة العمل النقابي التقدميّة، وفقا لما نقل موقع «أمد» الفلسطيني.
و تساءلت جبهة العمل النقابي التقدميّة، هل العمل من خلال هذه الشركات وسيطًا سيمنحُ العمال حقوقهم كافةً بأنّهم مسجّلين لدى مكاتب العمل في إسرائيل،
وتابعت: نتفاجئ بمنح تصاريحَ لشركات المشغّل بأنها ستكون الوسيط بين العامل والمشغل الصهيوني مقابل عمولة، موضحة أن هذه الشركات هي شركات سمسرة مرخصة ومشرعنة وتحتكر سبل العمل، خاصة أنها فقط ستعمل على نسبة تصريح مشغل من إجمالي الكوتة العماليّة من قطاع غزة، التي تبلغ 18500 عامل تقريبًا، وأن هذه الشركات فقط ستؤمن لـ 2700 عامل.