بعد زيارة وفد طالبان إلى موسكو.. المعارضة الأفغانية تحذر من اعطاء الشرعية للحركة المتطرفة
الأربعاء 27/سبتمبر/2023 - 07:48 م
طباعة
علي رجب
قال المجلس الوطني للمقاومة لإنقاذ أفغانستان إن قضية أفغانستان لا يمكن حلها بالوجود الأحادي لطالبان ودون مشاركة ممثلي الأحزاب الأخرى والائتلافات السياسية ومواطني البلاد.
ونشر المجلس الوطني للمقاومة لإنقاذ أفغانستان بيانا، يوم الأربعاء 27-9-2023، قال فيه إن أي قرار وحل يجب أن يتم بحضور الجميع حول القضية الأفغانية.
وقد طلب هذا المجلس من رؤساء اجتماع موسكو توفير الأرضية لعقد قمة إقليمية بحضور الأمم المتحدة لإجراء حوار شامل بين جميع الأطراف المعنية بالقضية الأفغانية، بما يوفر الأرضية لإحلال السلام. وإقامة نظام ديمقراطي مشروع وشامل وعادل في البلاد.
وجاء في الإعلان أن التعامل الأحادي الجانب مع طالبان لن يؤدي إلا إلى "إزالة وصمة العار" عن هذه الجماعة التي يشكل استمرار وجودها تهديدا خطيرا لأمن المنطقة والعالم.
ومن المقرر عقد اجتماع تنسيق موسكو مع طالبان في 29 سبتمبر من هذا العام، وكان أمير خان متقي، القائم بأعمال وزير خارجية طالبان، قد ترأس وفدا إلى روسيا قبل يومين للمشاركة في هذا الاجتماع.
ومن المقرر أن تعقد اجتماعات صيغة موسكو لأفغانستان كل عام اعتبارا من عام 2017 فصاعدا.
وعقد الاجتماع السابق لصيغة موسكو دون حضور ممثلي طالبان في نوفمبر 2022، لكن في عام 2021 تمت دعوة ممثلي طالبان لحضور هذا الاجتماع.
أكدت قيادة جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، في ذكرى مرور عام على القائد مالك خان والقائد محمد يار ورفاقهما البواسل، مرة أخرى على التزامها بحماية دماء الشهداء وضرورة المثابرة في المقاومة، طريق نضالهم المقدس، ويؤكد لشعب أفغانستان أنه في سبيل تحقيق أهداف الشهداء ومثلهم العليا، لا يدخر جهدا ويواصل نضاله.
وأضافت "نحن على يقين أنه بمقاومة وشجاعة أبناء صديق ميهان ستنتهي الأيام المظلمة للحكم الإرهابي والاستبدادي لهذه المجموعة. وبالثقة بالله عز وجل والاعتماد على الدعم الثابت من شعبنا الشجاع، ستستمر الحرب ضد الإرهاب والاحتلال، وهناك التزام عميق بمواصلة هذا المسار، ولن نسمح أبدا لشعبنا بالسقوط تحت الأحذية الدموية للإرهاب. والمليشيات المرتزقة تفقد الأمل في الحرية والعدالة".
من جانبه يقول المحلل والكاتب الروسي رسلان سليمانوف، المتخصص في قضايا الشرق الأوسط، في تحليل نشره موقع مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي إن روسيا هي واحدة من عدد قليل من الدول في العالم التي تسعى بنشاط لتعزيز علاقتها مع "إمارة أفغانستان الإسلامية". وفي حين أن حركة طالبان التي تحكم أفغانستان لا تزال تصنف رسميا منظمة إرهابية محظورة في روسيا، فإن ذلك لم يمنع موسكو من دعوة قياداتها إلى المنتديات الاقتصادية ومناقشة المشاريع المشتركة الطموحة.
ويرى سليمانوف أنه في حين أن فرص توثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية محدودة، يأمل الكرملين في تحقيق مكاسب جدية. ولا تتداخل أيديولوجية طالبان في معارضة القيم الغربية مع روايات روسيا المعادية للغرب فحسب، بل يمكن أن تشمل الفوائد الأخرى للتعاون الوصول إلى طرق تجارية جديدة (التخفيف من تأثير العقوبات الغربية) وتحسين سمعة موسكو كحليف للجنوب العالمي.
يقول سليمانوف إن الكرملين كان متعاطفا باستمرار مع خطاب طالبان الحاد المعادي للغرب. وأعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن شماتتها علنا بفشل تحالف الناتو في أفغانستان في غسطس 2021، مشيرة إلى أنه كان ينبغي على الحلف قضاء وقت أقل في التدرب على الصراع مع روسيا والمزيد من الوقت في التركيز على عملياته هناك.
ويضيف أن التاريخ جزء حتمي من أي نقاش حول العلاقات بين موسكو وكابول. ومن خمسينيات إلى ثمانينيات القرن العشرين، ساعد الاتحاد السوفيتي في بناء الصناعة في أفغانستان ومرافق الري والجسور وثلاثة مطارات وأكثر من ألف كيلومتر من الطرق، من بين أمور أخرى. وغالبا ما يمكن رؤية السيارات سوفيتية الصنع والمعدات العسكرية السوفيتية الصدئة في شوارع أفغانستان، والعديد من أفراد الجيل الأكبر سنا يتحدثون الروسية.
لكن هذه ليست أكثر من مجرد مخلفات من الماضي. فلا تتمتع موسكو بالنفوذ الذي كانت تتمتع به في أفغانستان من قبل. ويريد الشباب الأفغان الوصول إلى الولايات المتحدة، وروسيا ليست سوى خيار احتياطي.
وقد أعلنت موسكو عن اهتمامها بسلسلة كاملة من المشاريع الطموحة التي تشمل أفغانستان مثل بناء خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند والسكك الحديدية العابرة لأفغانستان التي تربط أوزبكستان وباكستان. ولكن هذه الأمور لا تزال بعيدة المنال، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المشاكل الأمنية في أفغانستان.
وتردد في العام الماضي أن روسيا وعدت بتزويد أفغانستان بمليون طن من البنزين ومليون طن من الديزل و500 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.
بالإضافة إلى ذلك، من المفترض الآن أن تقوم موسكو بتسليم مليوني طن من القمح إلى أفغانستان كل عام. وأكدت روسيا الاتفاق، لكن مصادر طالبان تشير إلى أن عمليات التسليم الفعلية أقل بكثير مما وعدت به روسيا
ومن الواضح أن طالبان تريد المزيد من التعاون مع روسيا. وفي كل اجتماع مع المسؤولين الروس، يسعون إلى خطة لنقل العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد وتخفيف قواعد التأشيرات. وبعد كل شيء، يظل الكرملين شريكا مناسبا. ولا ينزعج المسؤولون الروس، على عكس نظرائهم الغربيين، من مسائل تعليم المرأة، التي تحظرها طالبان بحكم الأمر الواقع، أو غيرها من مسائل حقوق الإنسان.
لكن ما يقلق موسكو، بحسب سليمانوف، هو الإرهاب. واختبرت روسيا ذلك في أفغانستان بشكل مباشر في 5 سبتمبر 2022، عندما فجر انتحاري نفسه خارج السفارة في كابول، مما أسفر عن مقتل اثنين من الدبلوماسيين الروس. وأعلن تنظيم داعش خراسان مسؤوليته عن الهجوم.
وتبعد طالبان مخاوف روسيا بشأن الأمن وتؤكد أنها لم تعد تعاني من مشكلة إرهاب. وصحيح أن الديناميكية إيجابية إذ كان هناك انخفاض بنسبة 75% في الهجمات الإرهابية في أفغانستان في عام 2022 مقارنة بالعام السابق، وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي الذي أصدره المعهد الأسترالي للاقتصاد والسلام. ومع ذلك، لا يزال المؤشر يصنف أفغانستان على أنها أخطر دولة في العالم بالنسبة للإرهاب.
وبطريقة أو بأخرى، من أولويات الكرملين تعميق العلاقات مع كابول. ومن الناحية الرمزية، أصدرت روسيا العام الماضي ترخيصا لمسؤول في طالبان لتمثيل أفغانستان دبلوماسيا في روسيا. وهناك عدد قليل من الدول الأخرى في العالم اتخذت مثل هذه الخطوة.
وبالنظر إلى عزلتها الاقتصادية عن الغرب، ليس لدى موسكو العديد من الخيارات عندما يتعلق الأمر ببناء علاقات تجارية. وهذا هو السبب في أن الشراكة مع أفغانستان مهمة للكرملين (هناك ديناميكية مماثلة تعمل عندما يتعلق الأمر بعلاقات روسيا مع سوريا وإيران). إنها أيضا وسيلة للقيادة الروسية لطمأنة نفسها بأنها ليست وحدها في قناعاتها المعادية للغرب.
ويخلص سليمانوف إلى أن الخطوة التالية المحتملة لموسكو هي إزالة طالبان رسميا من قائمة روسيا للمنظمات الإرهابية والاعتراف بالحكومة في كابول. ولكن حتى تلك الخطوات ستكون رمزية بحتة. ومن غير المرجح أن تفعل الكثير لتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.