ذكرت مصادر سياسية يمنية أن البلاد على أعتاب اتفاق اقتصادي بين الحكومة الشرعية والحوثيين كخطوة أولى نحو التوصل إلى اتفاق سياسي شامل. فيما تراجع سعر العملة المحلية إلى أدني مستوياتها منذ ما يقارب العامين.
هذا التراجع تزامن وتأكيد مصادر سياسية أن الجانب الحكومي والحوثيين على أعتاب إبرام اتفاق اقتصادي يخص صرف رواتب جميع موظفي الدولة في جميع المناطق استناداً إلى بيانات 2014، وخطوات لتوحيد الموارد وإدارة البنك المركزي وصولاً إلى توحيد العملة خلال فترة زمنية لا تزيد على عام.
ووفقاً للمصادر فإن وسطاء أنجزوا مسودة اتفاق اقتصادي وسُلمت نسخ منه إلى الطرفين كخطوة ممهدة للتوقيع عليه ضمن رؤية شاملة لوقف إطلاق النار تم التوافق بشأنها خلال جولات من المشاورات المستمرة منذ مايو الماضي، والتي ستشمل أيضاً تجديد اتفاق وقف إطلاق النار والدخول في محادثات سياسية شاملة ونهائية.
وذكرت المصادر أن الاتفاق سينفذ على ثلاث مراحل دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن هذه المراحل وما هي التزامات كل طرف ولا موعد ومكان التوقيع عليه من قبل الجانب الحكومي والحوثيين واكتفت بالتأكيد أنه يوحد موارد الدولة بحيث تدفع إلى حساب البنك المركزي وتشكيل إدارة موحدة له.
إلى ذلك قال متعاملون في مناطق سيطرة الحكومة لـ«البيان» إن سعر الريال اليمني تراجع إلى مستويات تقارب السعر الذي كان عليه مطلع العام الماضي، حيث أصبح سعر الدولار الواحد حالياً 1520 ريالاً بعد أن ظل لنحو نصف عام عند سعر 1400 ريال.
ومع تأكيد الجانب الحكومي أن التراجع سببه استمرار وقف صادرات النفط بفعل الهجمات التي نفذها الحوثيون على موانئ التصدير منذ نحو عام، اشتكى السكان من زيادة أسعار السلع الغذائية بشكل كبير وقالوا إن ذلك صعب عليهم شراء متطلباتهم الأساسية كاملة.
كبّد حصار حوثي قاتل، تعز اليمنية، خسائر اقتصادية ومالية فادحة وأدى إلى أضرار مباشرة في البنية التحتية وتراجع النشاط التجاري، وتعطيل الخدمات الأساسية وتضخم الأسعار.
وتسبب حصار مليشيات الحوثي بتراجع وتدهور اقتصاد المدينة بمختلف قطاعاته، أبرزها الحركة الصناعية، والاصطياد السمكي، وحركة البناء والعقارات، والسياحة، ومؤسسات الدولة الخدمية.
خسائر فادحة
كما تسبب الحصار الحوثي الممنهج على مدينة تعز الأكثر كثافة سكانية على مستوى المدن اليمنية، بارتفاع تكاليف العلاج والدواء، وأضرار مباشرة في المستشفيات الطبية والمدارس.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أثرت الحرب الحوثية على البنية التحتية للمحافظة، كالطرق وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنظافة، وعلى مؤسسات الدولة الخدمية والعامة والأنشطة التجارية والقطاع الخاص.
يقول الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح لـ"العين الإخبارية" إن الحصار الحوثي على أكثر من 2 مليون نسمة داخل مدينة تعز، للعام الثامن على التوالي؛ تسبب بتكلفة اقتصادية باهظة دفعته المدينة من اقتصادها وبنيتها التحتية.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الحصار على مدينة تعز، عمل على مضاعفة تكاليف النقل بنسبة 1000% وهو ما اعتبره وفيق أنه ارتفاع جنوني، ويعود تأثيره على زيادة معاناة المواطنين في التنقل والمواصلات.
وأوضح أن الحصار تسبب بأزمة مياه خانقة تقدر بـ75% من احتياج السكان في المدينة، مما جعل السكان يعيشون في معاناة مستمرة لضعف المياه، وأزمتها الخانقة.
ووفق صالح، فإن الحصار الحوثي على تعز، أدى إلى إغلاق 31 مدرسة وتضرر نحو 32 ألف طالب جراء الإغلاق، إضافة إلى تراجع عدد المؤسسات والشركات والمصانع التجارية من 100 إلى 17 مؤسسة.
وأكد الخبير اليمني أن الأضرار والخسائر التي تعرضت له الأنشطة التجارية والصناعية، أدّت إلى إضعاف كبير للحركة التجارية والصناعية في المحافظة، منوها أن عدد عمال القطاع الخاص في المنشآت الصناعية، تراجع إلى 9 آلاف عامل من أصل 18 ألف عامل، بسبب الحصار.
على الصعيد الإنساني، حصدت الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي في محافظة تعز أكثر من 1800 شخص، سقطوا ما بين قتيل وجريح خلال سنوات الحصار، وتم تسجيل 719 حالة اختطاف من نقاط التفتيش التابعة للمليشيات خلال 7 سنوات.
خسائر تفوق 2.6 مليار دولار
وأكدت دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء في محافظة تعز، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أن إجمالي الأضرار والخسائر التي لحقت في الوحدات الإدارية والاقتصادية بمختلف قطاعاتها الناتجة عن الحرب والحصار الحوثية، بلغت أكثر من 2.6 مليار دولار أمريكي، بين عامي 2015 – 2020.
وبحسب الدراسة أن هذه الوحدات بحاجة لأكثر من 1 مليار و600 مليون دولار أمريكي للتعافي.
وأوضحت الدراسة أن قيمة الأضرار التي تعرضت لها الوحدات الإدارية والاقتصادية لمؤسسات الدولة بلغت أكثر من 514 مليون دولار أمريكي، فيما بلغت قيمة الخسائر التي تعرضت لها هذه الوحدات أكثر من 2 مليار و100 مليون دولار على مدى ست سنوات من الحرب والحصار.
وأشارت إلى أنه تم تدمير وتوقف الشبكات لأهم الخدمات العامة خاصة الكهرباء والمياه، كما تعرضت بقية الخدمات العامة، التعليم والصحة والنظافة، وخدمات التصريف الصحية وغيرها لأضرار بالغة أثرت بصورة كبيرة على أدائها.
وبالإضافة لذلك تسببت المليشيات بتدمير وتعرض لأضرار بليغة ما كان متوفراً من الشوارع والطرق البينية الرابطة بين مركز المحافظة ومديرياتها وبينها وبين محافظات الجمهورية الأخرى.
وتضررت بصورة بالغة الحركة التجارية لمختلف الأنشطة الإنتاجية لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة، كما تراجعت انتاجياتها بصورة حادة الأمر الذي أدى إلى تعميق ظواهر البطالة والفقر والتسول وعمالة الأطفال وتشردهم والتسرب من المدارس وغياب الرعاية الصحية والتعليمية التي كانت موجودة قبل الحرب، كما انتشرت الأوبئة والأمراض الفتاكة ويذهب ضحيتها أعداد تفوق ضحايا الحرب.
يشار إلى أن تعز هي العاصمة الثقافية لليمن وذات أكبر كتلة سكانية وتتمتع بجغرافية استراتيجية مطلة على ممر باب المندب الدولي.
انتزع مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من ألغام، خلال الاسبوع الرابع من شهر أكتوبر الجاري 688 لغماً زرعتها المليشيات الحوثية الارهابية في مختلف المحافظات.
وأوضح المركز في تقرير له، أن الألغام المنزوعة، تنوعت بين 123 لغماً مضاداً للدبابات، و10 ألغام مضادة للأفراد، و553 ذخيرة غير منفجرة، وعبوتين ناسفتين.
وأشار التقرير، إلى أن إجمالي ما تم نزعه منذ مطلع أكتوبر الجاري بلغ 2,894 لغماً..لافتاً الى أن الفرق الميدانية نزعت منذ انطلاق المشروع وحتى أكتوبر الجاري 419.997 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة زرعتها المليشيا الحوثية بعشوائية وتسببت بمقتل العديد من الأطفال الأبرياء والنساء وكبار السن.
زار وفدٌ من قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، يرافقه عبد الكريم السنيني محافظ حجة، محافظة حجة. وشملت الزيارة مديريات عدة منها حجة وميدي وحيران والجعدة، وقد رافق الوفد ممثلون لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وفي إطار التعاون، حدث الاجتماع مع مسؤولين يمنيين، بمن في ذلك محافظ حجة، والسلطات المحلية، ونوقشت سبل تعزيز التعاون المستقبلي.
ويجري التحالف دراسة للتوصيات الناتجة عن هذه الزيارة لتحقيق أهدافٍ أكبر سيُعْلَن عنها في وقت لاحق بعد اعتمادها.
وتهدف الزيارة إلى تقديم الدعم للأسر النازحة في محافظة حجة، من خلال دراسة إنشاء مشروع إيواءٍ لهم، وتقييم المشروعات المنفذة حتى الآن، كالآبار ومحطات تحلية المياه، والمدارس والمراكز الصحية.
وجرى خلال زيارة الوفد الذي ترأسه اللواء عبد الله الحبابي مدير العمليات العسكرية المدنية، افتتاح بعض الأقسام في مستشفى الجعدة الصحي بوصفه جزءاً من الجهود المستمرة لتعزيز البنية التحتية الصحية في المنطقة، بالإضافة إلى إطلاع الوفد على مشروع إنشاء آبار وتحلية المياه في حيران.
كشفت مصادر يمنية مطلعة عن تعرض عشرات المواقع الأثرية في محافظة إب لعمليات تجريف وحفر عشوائي واسع النطاق، من قبل عصابة متخصصة في سرقة الآثار وتهريبها إلى خارج البلاد للمتاجرة بها، مرتبطة بقيادات في الجماعة الحوثية.
جاء ذلك في وقت كشف فيه باحث يمني في مجال الآثار عن عرض عشرات التماثيل والقطع الأثرية اليمنية التي سبق أن تم السطو عليها من متاحف ومواقع عدة؛ خصوصاً في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) للبيع عبر مزادات خارجية.
ومن ضمن معالم إب الأثرية التي تعرضت أخيراً للتعدي والحفر العشوائي والنهب على أيدي عصابات ممولة حوثياً، موقع «العصيبية» في عزلة جبل عصام بمديرية السدة، وجبل «الرئسي» في عزلة حبير بمديرية ذي السفال، وضريح «الحداد» في عزلة عينان في مديرية السبرة، وحصن «العرافة» بمدينة ظفار التاريخية، وموقع «مريت» الأثري في السياني، وقبة وسد «يُم» في العدين، وباحة «جامع العمري» في المشنة، وجبل «العود» التاريخي في مديرية النادرة.
وأكدت المصادر أن تلك المواقع وغيرها في إب لا تزال تشهد عمليات نهب وتنقيب عشوائي، بحثاً عن آثار ونقوش قديمة من قبل عصابات الآثار؛ حيث تتواصل من خلالها مساعي الجماعة الحوثية لتدمير وطمس الهوية التاريخية لحضارة اليمن.
واتهم مهتمون بالآثار -في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»- جماعة الحوثي بمواصلة التجريف والنهب الواسع للآثار بمدينة إب وعدد من مديرياتها، وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) والمنظمات المهتمة بالتراث في أوروبا بالتدخل الفوري لمنع تداول الآثار اليمنية المهربة بالأسواق التجارية والمزادات العالمية، والعمل على إعادتها.
تهريب وبيع في المزادات
عبر سلسلة منشورات بموقع «فيسبوك»، أفاد باحث الآثار اليمني عبد الله محسن بتمكن عصابة متخصصة في سرقة الآثار والمتاجرة بها في غضون شهرين ماضيين، من تهريب أشكال متعددة ومختلفة من القطع والتماثيل والمنقوشات والمخطوطات الأثرية اليمنية؛ حيث تم عرض بعضها للبيع تباعاً، بمزادات علنية في دول عربية وغربية.
وأوضح محسن أنه تم عرض مجسم نسائي استثنائي ونادر مع نقش مسند ومجموعة من التحف اليمنية القديمة، سبق تهريبها من قبل عصابات إلى خارج اليمن، للبيع على منصة «كاتاويكي» للمزادات عبر الإنترنت، بالفترة من 13- 18 من الشهر الجاري.
وقبل ذلك بأيام، كشف الخبير اليمني عن عرض دار آثار بدولة عربية تمثالاً برونزياً من آثار اليمن، تم اقتناؤه بمبلغ 400 ألف يورو من مزاد بيير بيرج (باريس).
ووصف محسن ذلك التمثال المعروض للبيع بأنه استثنائي برونزي، ويبلغ ارتفاعه 80 سنتيمتراً، ويعود للفترة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي.
ويشير المتخصص اليمني في تتبع ورصد الآثار المهربة، إلى عرض تمثال يمني قديم للبيع، بأواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، بمزاد علني في العاصمة البريطانية لندن.
ويقول الباحث محسن إن دار مزادات «سوذبيز» كانت قد عرضت ذلك التمثال للبيع يوم 7 من ديسمبر (كانون الأول) العام الفائت، بمزاد النحت القديم والأعمال الفنية في جزئه الثاني؛ حيث تم التنافس عليه.
وكان الباحث اليمني قد كشف في وقت سابق عن اعتزام تل أبيب بيع 15 قطعة، إضافة إلى تمثال برونزي من آثار اليمن، بمزاد علني تقرر وقتها إقامته في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وذكر أن تمثالاً برونزياً لشاب من آثار اليمن يبلغ ارتفاعه نحو 61 سنتيمتراً، يعود للفترة من القرن الرابع إلى القرن الثاني قبل الميلاد، يعرض في مزاد الدكتور روبرت دويتش على منصة المزادات العالمية «بيدسبريت».
ولفت الباحث عبد الله محسن إلى أن النشر عن تلك القطع المعروضة للبيع يعد بلاغاً، ومن شأنه جعل المشتري الأجنبي والمحلي يُحجم عن الشراء. محمِّلاً الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن التساهل مع الجرائم والانتهاكات التي طالت وتطول الآثار اليمنية بالمناطق التي تقع تحت سيطرتها.
نداءات حكومية
طالبت الحكومة اليمنية غير مرة المجتمع الدولي بإصدار قرار أممي يمنع بيع الآثار اليمنية التي تشهد عمليات نهب وتهريب، زادت حدتها منذ اندلاع الحرب التي تشهدها البلاد منذ 9 سنوات.
ويقول عاملون يمنيون في مجال الآثار، إن الانقلاب الحوثي كان سبباً في نهب كبير ومنظم للآثار؛ حيث عمدت عصابات على ارتباط بقيادات في الجماعة، إلى تدمير ونهب تاريخ وحضارة وإرث اليمن، والتي كان أبرزها نهب أقدم مخطوطة يمنية في التوراة، والذهاب بها إلى إسرائيل في مارس (آذار) 2016.
ومنذ الانقلاب، قامت الجماعة بتكثيف اعتداءاتها ضد كثير من مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارة بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.
وكان عاملون في مجال الآثار قد تحدثوا في أوقات سابقة عن استهداف الجماعة لأكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها أواخر عام 2014، مع تأكيدهم اختفاء 60 في المائة من مكنوزات المتحف الوطني بصنعاء.
وتتعرض المعالم الأثرية في محافظة إب على وجه الخصوص لمزيد من أعمال العبث والسرقة، من قبل العصابات المرتبطة بالجماعة الحوثية التي تحكم قبضتها على المحافظة منذ انقلابها.
ويتهم العاملون في مجال الآثار عصابة تتبع جماعة الحوثي بسرقة مقتنيات أثرية من متحف ظفار في إب، يعود بعضها -حسب باحثين- إلى عهد الدولة الحميرية التي حكمت اليمن بين عامي 115 قبل الميلاد و752 بعد الميلاد، منها ختم لأحد الملوك الحميريين، وأحد النقوش الذي يوثق حقبة من تاريخ اليمن القديم، وكثير من القطع الأثرية المهمة.