منذ أن استولت حركة طالبان على السلطة في كابول في منتصف أغسطس 2021، وفي مطلع سبتمبر من العام ذاته قامت بتشكيل حكومة لم تنل اعترافاً من المجتمع الدولي.
وفي مطلع من مارس 2023، هاجمت المبعوثة الأممية إلى أفغانستان، روزا أوتونباييفا، في كلمة لها أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في أفغانستان وقالت إن "أفغانستان تحت حكم طالبان، أكثر دولة قمعية في العالم فيما يتعلق بحقوق المرأة".
وفرضت حركة طالبان خلال الأشهر الماضية، قيودا إضافية على تعليم وعمل الإناث الأمر الذي لاقى إدانات دولية، ورغم كل التحفظات الدولية على حكومة طالبان وعدم تنفيذها لأي من الشروط التي وضعها المجتمع الدولي للاعتراف بحكومة طالبان، قال دبلوماسي إقليمي يوم الخميس 16 نوفمبر الجاري،  إن جيران أفغانستان ، إلى جانب روسيا ، يحافظون على العلاقات مع حكومة طالبان بموجب "تفاهم" بأنهم سيمنحونها اعترافا رسميا في وقت واحد إذا تم استيفاء شروط معينة.
وقال آصف دوراني، الممثل الخاص لباكستان في أفغانستان، في ندوة دولية إن النهج الذي تم تطويره إقليميا ساعد في الحفاظ على البلد الذي يعاني من الأزمة اقتصاديا.
وقال دوراني في حوار مارغالا السنوي الذي ينظمه معهد أبحاث السياسة في إسلام أباد الذي تديره الدولة "هناك تفاهم بين الجيران المباشرين لأفغانستان وروسيا بأننا سنعترف بنظام طالبان في وقت واحد وليس من جانب واحد".
وأشار إلى أن التوافق الإقليمي مكن هذه الدول من الدخول في "اتفاقيات تجارية ثنائية ومبادلة العملات ومقايضة" مع سلطات الأمر الواقع الأفغانية. وقال دوراني إنه إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون هناك 10 ملايين شخص يفرون من أفغانستان المنكوبة بالفقر ويبحثون عن ملجأ في باكستان.
"مستشهدا بالملاحظات الدولية والدراسات الأخيرة المدعومة من الأمم المتحدة قال: "الشيء الإيجابي في أفغانستان هو أن هناك فسادا أقل، وقد جمعت طالبان إيراداتها. هناك أمن في البلاد ، و ... زراعة المخدرات أو الأفيون في أدنى مستوياتها على الإطلاق"
ورفض دوراني التلميحات بأن باكستان ستكون أفضل حالا في التعامل مع التهديدات الإرهابية الصادرة من أفغانستان المجاورة من خلال منح اعتراف دبلوماسي لطالبان.
وحذر دوراني من أنه "يجب أن نكون جزءا من الإجماع لأننا هنا لا نتحدث عن أفغانستان فحسب، بل نتحدث عن المنطقة وسيكون لها أيضا تأثير على سياستكم الإقليمية".
وقال إن باكستان ليست وحدها التي تتوقع من طالبان تلبية شروط مثل رفع الحظر المفروض على حق المرأة الأفغانية في التعليم وفرص العمل.
"يقولون إنها إسلامية. إنه ليس إسلاميا. قد تكون ممارسة قبلية أو ثقافية أفغانية، لكنها ليست إسلامية".
وبموجب تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية، منعت طالبان تعليم الإناث في أفغانستان بعد الصف السادس ومنعت النساء من معظم أماكن العمل في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الأخرى. ورفضوا انتقاد سياساتهم قائلين إنها تتماشى مع الشريعة الإسلامية والثقافة الأفغانية.
وفي حين حثت روسيا وإيران وبعض دول المنطقة الأخرى طالبان على إعطاء تمثيل لجميع الجماعات الأفغانية في حكومتها لجعلها أكثر شمولا، شددت باكستان والصين على الحاجة إلى السماح للمرأة بأن يكون لها دور في تنمية البلد الذي مزقته الحرب.
واستعادت حركة طالبان المتشددة السلطة من حكومة مدعومة من الولايات المتحدة في كابول قبل عامين، لكن لم تعترف أي دولة بإدارتها للرجال فقط بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك القيود المفروضة على حرية المرأة الأفغانية.
كما ربط تقييم مستقل أجري مؤخرا بتكليف من الأمم المتحدة الاعتراف بطالبان بالامتثال لالتزامات وتعهدات البلاد بموجب المعاهدات الدولية، مما يتطلب منها إزالة جميع القيود المفروضة على حقوق المرأة الأفغانية على الفور.
تهديد إرهابي
وتشكو باكستان من أن المسلحين الهاربين الذين يحتمون على الأراضي الأفغانية كثفوا الهجمات الإرهابية في البلاد منذ عودة طالبان إلى السلطة في كابول قبل عامين، مما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف من الباكستانيين، بما في ذلك قوات الأمن.
وترفض سلطات طالبان هذا الادعاء قائلة إنها ليست مسؤولة عن التحديات الأمنية الداخلية التي تواجه باكستان ولا تسمح لأي شخص باستخدام الأراضي الأفغانية ضد دول أخرى.
ودفعت المواجهة بشأن مخاوف تتعلق بالإرهاب إسلام أباد إلى شن حملة على مئات الآلاف من الأفغان الذين يقولون إنهم يقيمون بشكل غير قانوني في باكستان. وأثارت هذه الخطوة توترات متبادلة، حيث طالبت طالبان بتعليق خطة الترحيل أو مزيد من الوقت للعائلات اللاجئة لتمكينها من تنظيم عودتها.
وتوقع دوراني، في حديثه يوم الخميس، أن التوترات الثنائية ستستغرق وقتا لتهدأ، محذرا من أنها ستكون عملية طويلة ومطولة، لكن باكستان مصممة على الحفاظ على الارتباطات مع طالبان.
وقال: "إذا تحدثت عن الخلاف الأخير بين البلدين، فإن ذلك سيستمر". "علينا أن نتحمل كل أنواع الصعود والهبوط فيما يتعلق بالعلاقة بين أفغانستان وباكستان. لذلك ، لا تتوقع أن تأتي المعجزات في أي وقت قريب ".
اتهمت باكستان منذ فترة طويلة بدعم وإيواء قادة طالبان سرا أثناء توجيههم لهجمات المتمردين ضد القوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان وحلفائهم المحليين لما يقرب من عقدين حتى انسحابهم في أغسطس 2021.
وولدت عودة طالبان إلى السلطة آمالا في باكستان بأن تحول السلطة في كابول سيردع المتشددين الهاربين المناهضين للدولة عن اللجوء إلى الأراضي الأفغانية وشن هجمات عبر الحدود.
ومع ذلك، تبخرت هذه الآمال منذ ذلك الحين، حيث أبلغ المسؤولون الباكستانيون عن زيادة بنسبة 60٪ في الهجمات الإرهابية في البلاد وزيادة بنسبة 500٪ في التفجيرات الانتحارية. وألقوا باللوم على الجماعات المتحالفة مع طالبان التي تعمل انطلاقا من أفغانستان في أعمال العنف الدامية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 2300 باكستاني بينهم قوات الأمن.