منظمة حقوقية: استهداف الحوثي سفن تجارية على متنها طواقم مدنية تعد جريمة حرب

الجمعة 15/ديسمبر/2023 - 12:10 م
طباعة منظمة حقوقية: استهداف فاطمة عبدالغني
 
في سياق تصاعد وتيرة عمليات القرصنة الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، وتداعيات تلك العمليات الكارثية على جهود التهدئة وإحلال السلام، وانتهاكها لجميع القوانين والمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن، والذي لا يشكل خطراً على اليمن فحسب بل على سلامة السفن التجارية وناقلات النفط وأمن خطوط الملاحة الدولية. قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في تقرير لها إن جماعة الحوثيين المسلحة التي تسيطر على أجزاء من اليمن استهدفت عدة سفن تجارية على متنها طواقم من المدنيين في البحر الأحمر خلال الأسابيع القليلة الماضية. تضمنت الهجمات إطلاق صواريخ أو مسيّرات على أربع سفن، واحتجاز طاقم سفينة خامسة تعسفا، هذه الهجمات تشكل استهدافا للمدنيين والأعيان المدنية، وهي إذا نُفذت عمدا أو بتهور تُعد جريمة حرب.
وأضافت المنظمة أن الحوثيون أعلنوا أنهم سيواصلون تنفيذ عملياتهم العسكرية ضد العدو الإسرائيلي، وكذلك تنفيذ قرار منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم. لكن السفن الخمس ليست أعيانا عسكرية – جميعها سفن تجارية على متنها طواقم مدنية، لم يقدم الحوثيون أي دليل على ما يمكن أن يشكل أعيانا عسكرية على متن هذه السفن.
وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يزعم الحوثيون أنهم ينفذون هجمات باسم الفلسطينيين، غير أنهم فعليا يعتدون على طواقم مدنيين لا صلة لهم البتة بأي هدف عسكري معروف، ويحتجزونهم تعسفا، ويعرضونهم للخطر، ويتعين على الحوثيين الإفراج فورا عن الرهائن، وإنهاء هجماتهم على المدنيين الموجودين في مرمى نيران حربهم المعلَنة على إسرائيل".
واستعرضت المنظمة سلسلة الهجمات الحوثية على السفن التجارية وحاويات النفط في البحر الأحمر، وأشارت إلى أنه في 19 نوفمبر، استولى الحوثيون، سلطة الأمر الواقع في صنعاء وفي معظم أنحاء شمال اليمن، على "غالاكسي ليدر"، ناقلة سيارات تملكها شركة بريطانية وتشغلها شركة يابانية ومسجلة في البهاما، ونشر الحوثيون فيديو على الإنترنت، يُظهر قوات تابعة لهم تصعد إلى السفينة ويتنقلون فيها ويصوبون أسلحتهم إلى الطاقم، ثم قاد الحوثيون السفينة والطاقم لا يزال على متنها إلى ميناء الصليف في الحديدة الذي يسيطرون عليه على الساحل الغربي لليمن.
وفي اليوم نفسه، أعلن يحيى سريع، المتحدث باسم الحوثيين، على منصة "إكس" (X)، أن الحوثيين سيستهدفون السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي والسفن المملوكة لشركات إسرائيلية أو تشغّلها شركات إسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت السفن تحمل أهدافا عسكرية أو لا.
وأوضحت المنظمة أنه لم يُفرج بعد عن الطاقم المؤلف من 25 شخصا، والسفينة لا تزال راسية في المرفأ، وقال هيروكازو ماتسونو رئيس الوزراء الياباني، إن الحكومة اليابانية تعمل على تأمين الإفراج عن السفينة وطاقمها الذي يضم مواطنين من بلغاريا، والفلبين، والمكسيك، وأوكرانيا.
ولفتت المنظمة إلى أن القانون الإنساني الدولي يحظر احتجاز الرهائن، وهو جريمة حرب بموجب "المادة 3 المشتركة لاتفاقيات جنيف لعام 1949". التي تنص على أن احتجاز رهائن هو احتجاز شخص مع التهديد بقتله أو جرحه، أو الاستمرار باحتجازه للضغط على طرف ثالث للقيام بأمر ما أو الامتناع عن القيام بأمر ما، كشرط للإفراج عن الرهينة أو الحفاظ على سلامتها.
وكان المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، أعلن في تغريدة له على موقع "إكس" أن استيلاء الحوثيين على السفينة "مجرد بداية.. معركة البحر" التي يخوضها مقاتلوه.
وبحسب تقرير المنظمة فرغم ادعاء الحوثيين بأن السفينة إسرائيلية، إلا أنها مملوكة من شركة بريطانية وتشغّلها شركة يابانية، وكانت وجهتها الهند عندما تم الاستيلاء عليها، ولم يقدم الحوثيون أي دليل على وجود أهداف عسكرية على متن السفينة، والشركة الأم للشركة البريطانية المالكة للسفينة يملكها رجل أعمال إسرائيلي، لكن هذا لا يجعل من السفينة هدفا عسكريا مشروعا.
وقالت المنظمة أنه بحسب عدة وسائل إعلام ووزارة الدفاع الأمريكية، هجم الحوثيون في 3 ديسمبر على سفينتَيْ شحن البضائع، "يونيتي إكسبلورر" و"نمبر 9"، وسفينة الحاويات "آي أو أم صوفي 2"، بالصواريخ والمسيّرات. "يونيتي إكسبلورر" و"نمبر 9" مملوكتان ومشغّلتان من قبل شركتين بريطانيتين مختلفتين، بينما "صوفي 2" مملوكة ومشغّلة من شركة يابانية. وقد تكون الشركة البريطانية التي تملك "يونيتي إكسبلورر" مملوكة من رجل أعمال إسرائيلي، لكن الأمر ليس واضحا. أما "يونيتي إكسبلورر" مسجلة في الباهاماس، في حين "نمبر 9" و"صوفي 2" مسجلتان في بنما. والسفن الثلاث جميعها سفن تجارية كانت تحمل طواقم مؤلفة من مدنيين من عدة بلدان المادة 3 المشتركة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، ولم تكن أي سفينة متوجهة إلى إسرائيل.

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية أيضا أن وسط الهجمات على السفن الثلاث، أسقطت المدمرة "يو إس إس كارني"، الراسية في البحر الأحمر، مسيّرتين – كانت إحداها تتجه إلى المدمرة " مع أن "هدفها المحدد لم يكن واضحا".
وفي 12 ديسمبر، استهدف الحوثيون بصاروخ سفينة أخرى، "ستريندا"، تحمل العلم النرويجي. وأعلن غير بلسنيسالرئيس التنفيذي للشركة النرويجية التي تملك وتشغّل ستريندا عدم وجود إصابات، وزعم الحوثيون أن السفينة كانت تحمل النفط إلى إسرائيل، لكن بلسنيس قال إن السفينة كانت تحمل زيت النخيل إلى إيطاليا.
وبحسب الأدلة التي راجعتها المنظمة، بما فيها تصريحات الحوثيين، تشير إلى أن الحوثيين كانوا يعلمون، أو كان ينبغي أن يعلموا، أن السفن الأربع التي استهدفوها كانت سفن تجارية على متنها مدنيين، وأنها لا تشكل بأي حال من الأحوال هدفا عسكرية.
ووفقًا لتقرير المنظمة اتهمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إيران بالتورط في الهجمات. وأعلن ناصر كنعاني المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن الحوثيين بالإضافة إلى "مجموعات المقاومة في المنطقة" لا يهاجمون إسرائيل بناء على أوامر إيرانية، ووجد "فريق الخبراء المعني باليمن" التابع للأمم المتحدة في وقت سابق، أن إيران لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع توريد أو بيع أو نقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، مختلف الصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيون لتنفيذ هجمات غير قانونية.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في 2014، ارتكبوا انتهاكات واسعة  للقانون الإنساني الدولي وأذوا مدنيين، بما في ذلك جرائم حرب محتملة وهجمات عشوائية على مدنيين وبنى تحتية مدنية، وإخفاء مدنيين قسرا، وفرض حصار تعسفي على مدينة تعز جنوب غرب اليمن.

شارك