مبادرة "الطاولة الخماسية" في ليبيا.. بين آمال الاستقرار وتحديات التنفيذ

السبت 23/مارس/2024 - 01:15 م
طباعة مبادرة الطاولة الخماسية أميرة الشريف
 
مع استمرار الصراعات والتوترات السياسية في ليبيا، باتت مبادرة "الطاولة الخماسية" واحدة من المبادرات التي يعلق عليها الليبيون آمالهم المستقبلية في إعادة الاستقرار وتهدئة الأوضاع، رغم أنها لم تلقي ترحيب من أغلب الفرقاء.
وتعتبر هذه المبادرة محاولة لجمع الفرقاء الليبيين المتنافسين على طاولة واحدة للتفاوض والتوصل إلى حلول سياسية ودبلوماسية للأزمة الحالية.
بدأت المبادرة في نوفمبر بدعوة من المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، حيث تمت دعوة الفرقاء الليبيين الرئيسيين، بما في ذلك القادة السياسيين والعسكريين والشخصيات البارزة، للجلوس معًا وبحث السبل الكفيلة بحل الأزمة.
والأربعاء الماضي أكد باتيلي، بعد لقائه رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد في مقر مجلس الوزراء في بنغازي، دعم عملية سياسية شاملة تحقق مصالح الليبيين، مشددا على أن الأمم المتحدة ليست بصدد إقصاء أي طرف من الليبيين شرقا أو غربا أو جنوبا.
 وقال عبر منصة إكس إنه تمت خلال اللقاء مناقشة ضرورة قيام السلطات في الشرق بتسهيل وصول الجهات الفاعلة الإنسانية إلى ما فيه صالح السكان.
وأوضح باتيلي أنه جدد دعوة جميع القادة الليبيين إلى الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم، وتوحيد جهودهم من أجل مصلحة وطنهم الأم، بما في ذلك إدارة عملية إعادة إعمار مدينة درنة وغيرها من المناطق المتضررة من الفيضانات.
ويعتبر لقاء باتيلي غير مسبوق مع حماد الذي كان أعلن في فبراير الماضي أن المبعوث الأممي بات شخصا غير مرحب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية لحكومته، وهو ما تم اعتباره تصعيدا للخلاف بين الطرفين.
ولا تعترف الأمم المتحدة بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب وتعتبرها حكومة موازية للحكومة الشرعية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، والتي جاءت نتيجة الحوار السياسي الذي أدارته البعثة الأممية من خلال رئيستها الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز بتونس في نوفمبر 2020 ثم بجنيف في فبراير 2021 عبر انتخابات داخلية أثارت الكثير من الجدل وأدت إلى الوضع السياسي الراهن.
وبعد ساعتين من لقائه حماد اجتمع مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر وبحث معه الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة في ليبيا، وسبل الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وبيّن أنه تم خلال اللقاء الاتفاق على ضرورة أن تكون جميع المبادرات منسقة سلفا وأن تبنى على ما تم تحقيقه من خطوات على طريق التمكين من إجراء الانتخابات، معلنا أنه اتفق أيضا مع المشير حفتر على الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بين جميع الجهات الفاعلة الرئيسية.
وكانت المبادرة الأممية التي أعلن عنها باتيلي تتمحور حول لقاء خماسي يجمع كلا من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
وبحسب باتيلي فإن المجلس الرئاسي أبدى دعماً واضحا وملموسا للمبادرة، حيث ما فتئ الرئيس المنفي يُبين عن حسن نواياه، وهو يعكف على بحث كل السبل التي تكفل نجاح هذا الحوار. وسأواصل العمل مع المجلس الرئاسي بهذا الشأن، بينما وضع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، شرطاً لمشاركته بأن يركز جدول الأعمال على تشكيل حكومة جديدة تعنى بالانتخابات، في الوقت الذي يرفض فيه أيضاً مشاركة رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
وتهدف المبادرة إلي توفير منصة للحوار المباشر بين الأطراف المتحاربة في ليبيا، بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي يساهم في استعادة الاستقرار والأمن في البلاد. يُعتبر تفعيل هذا الحوار خطوة أساسية نحو تجاوز الانقسامات السياسية والعسكرية التي أثرت سلبًا على حياة الشعب الليبي.
و نجاح المبادرة قد يكون مفتاحًا لإجراء انتخابات ناجحة وشفافة في ليبيا، من خلال التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، وتدفع إلي تنظيم انتخابات ديمقراطية تعكس إرادة الشعب الليبي وتعزز الشرعية السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمبادرة أن تسهم في خلق بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات من خلال تحقيق توافق بين الأطراف المختلفة بشأن الإجراءات الانتخابية وضمان سلامتها وشفافيتها.
على الرغم من الجهود المبذولة، تظل هناك تحديات كبيرة أمام لعملية الانتخابات في ليبيا من بينها التأكيد على التزام جميع الأطراف بالاتفاقيات التي قد تتمخض عن المبادرة، وضمان تنفيذها بشكل فعال، باعتبارها إحدى الجهود الرئيسية لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.
و يتوجب على الفرقاء الليبيين والمجتمع الدولي دعمها والتزامها، والعمل بجدية نحو تحقيق الاتفاقات السياسية الضرورية التي تمهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة تخدم مصلحة الشعب الليبي وتعيد الاستقرار إلى البلاد.


شارك