يوما بعد يوم تزداد مخاوف الألمان من استهداف تنظيم داعش أو الجماعات الإسلامية المتطرفة بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم يورو ٢٠٢٤، والمقرر إقامتها الصيف المقبل، ويساعد علي ذلك حرب إعلامية يقوم بها تنظيم داعش علي منصاته الإلكترونية ، وآخرها صورة تشير إلي وسائل النقل العام في ألمانيا وبداخلها مسلح ينتمي للتنظيم ومعه قنابل.
هذا المنشور تلقته صحيفة "بيلد" الشهيرة في عددها أمس الجمعة، وأكدت في تعليقها أن بطولة أوروبا في خطر وأنها مستهدفة من التنظيم ، خاصة وأنه جري نشر ملعب كرة قدم ومن أعلي طائرة مسيرة تحمل قنابل، وهي أمور تخشاها ألمانيا إن اتبع التنظيم هذه الخطوة.
هذه التهديدات لم تكن  الأولي أو الأخيرة، بل سبق وتم نشر ملعب اليانز أرينا في ميونيخ قبل مباراة مهمة بالدورى في الألماني ، وفيها رسالة من التنظيم لعناصره وأتباعه والمتعاطفين معه لحثهم علي إلحاق الضرر بالمشجعين.
وربما تتعامل الأجهزة الأمنية بنوع من الحذر مع هذه التهديدات، خاصة وأنه يجري متابعة العناصر المتطرفة النشطة والمعروفة من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور "جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية"، كما أن هناك خلايا  نائمة لا تعرف عنها الأجهزة الأمنية شيئا، لكنها تسمح بعقد بعض الفعاليات حاليا للسلفيين علي أمل جمع معلومات عن المترددين، خاصة وأن رجال الشرطة يقومون بتصوير مثل هذه الأمور، كما يجري تصوير الفعاليات والمظاهرات للحصول علي أكبر من المعلومات، وليس فقط دفاعا عن موقف الشرطة في حال اتباع القوة ردا علي خروقات المتظاهرين.
لكن الحقيقة وحسب متابعتي للشأن الألماني هناك مخاوف حقيقية من حدوث أمر ما يعكر صفو البطولة، وهو ما دعا السلطات الألمانية للتعاون مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بحيث يتم جمع معلومات عن كل المشاركين في البطولة، سواء المتطوعين أو الصحفيين أو العناصر الخدمية وكذلك المشجعين، وجري ربط هذه المعلومات بالولايات المستضيفة للمباريات، علي أمل جمع التحريات الأمنية مسبقا عن كل المشاركين.
كما جري تشديد الإجراءات الأمنية في وسائل النقل العام، ونشر الكلاب البوليسية للكشف عن المتفجرات والمشتبه بهم، إلي جانب وزيادة الإجراءات الأمنية علي الحدود الألمانية مع بولندا، التشيك، النمسا قبل وأثناء البطولة، من أجل منع تسلل العناصر الإجرامية والمتطرفة، في إطار خطة تقوم بها وزيرة الداخلية والرياضة نانسي فيسر.
لكن التحدي الأكبر هو وقف عمليات الطعن في محطات المترو والقطارات وأماكن التسوق، حيث زادت هذه الحالات في الفترة الأخيرة، والجنازة من دول عربية، وخاصة سوريا والعراق، في ظل عدم وجود اجراءات كافية تسمع بتفتيش الركاب والمترددين علي محطات القطارات.
كما ساهم الوضع في غزة في تأجيج مشاعر غضب العرب والأتراك ضد الحكومة الألمانية، وهو ما يساعد التنظيمات المتطرفة في جذب أنصار جدد، أو قيام أحد من هؤلاء بعمليات منفردة دون انتظار إذن التنظيم.
لذلك أعتقد أن التحدي الأكبر هو كيفية زيادة التعاون من أجل جمع معلومات كافية عن العناصر المتطرفة والمشتبه بهم، و ضع خطة عاجله لمواجهة العناصر المتعاطفة مع التنظيم، خشية وقوع عمليات متفرقة تضع البطولة في مهب الريح، أو استهداف عربات اللاعبين أو مسئولي الاتحادات المشاركة أو الجماهير.
كما أن غياب الخبرة الأمنية لوزيرة الداخلية،. أمر يثير القلق، خاصة وأنها تتخذ قرارات سياسية في بعض الأحيان لا تتناسب مع المخاطر الأمنية، حيث فشلت في ترحيل عددا من عناصر داعش الذين جاءوا وسط اللاجئين السوريين، وأصبح لهم عائلات في ألمانيا، ورغم قيام بعضهم بدعوة الشباب للعنف وارتكاب جرائم إرهابية ، فشلت نانسي فيسر في ترحيلهم، وبالتالي لا يزال الخطر ساريا.
كل ذلك مجرد مخاوف من المتواجدين في داخل ألمانيا ، ولكن ماذا عن القادمين من فرنسا وبلجيكا؟، هذا بحاجة للحديث عنه في مقال قادم.