من بكين إلى أفريقيا.. دعم الصين الاقتصادي وتأثيره على مكافحة التطرف

الخميس 05/سبتمبر/2024 - 11:11 م
طباعة من بكين إلى أفريقيا.. حسام الحداد
 
أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، اليوم خلال قمة “منتدى التعاون الصيني الأفريقي” في بكين، عن تعهد بلاده بتقديم دعم مالي هائل للقارة الأفريقية يصل إلى نحو 51 مليار دولار.
ويأتي هذا الإعلان في إطار مساعي الصين لتعزيز التعاون مع الدول الإفريقية في عدة مجالات حيوية.
ووفقاً لما أوردته وكالة “رويترز”، فإن الخطة الصينية تشمل تنفيذ 30 مشروعاً للبنية التحتية عبر القارة الأفريقية، مع تخصيص 50.7 مليار دولار للمساعدات المالية والبنية التحتية، كما أعلن شي عن نية بلاده لخلق مليون فرصة عمل جديدة في إفريقيا.
أهمية الدعم الصيني في مكافحة الإرهاب:
يعد التطرف والإرهاب في أفريقيا من التحديات الكبرى التي تهدد استقرار العديد من الدول الأفريقية، خصوصاً في منطقة الساحل، حيث تنتشر جماعات مثل "بوكو حرام" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". ترتبط هذه التهديدات بشكل كبير بضعف البنية التحتية، وارتفاع نسب الفقر، والبطالة التي تستغلها الجماعات الإرهابية لجذب المجندين الشباب.
من هذا المنطلق، فإن الدعم الصيني الذي يركز على تطوير البنية التحتية وخلق فرص العمل يمكن أن يكون له تأثير مباشر في معالجة هذه الجذور الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم في تفشي التطرف. فعندما تتحسن مستويات المعيشة وتتاح فرص العمل، يكون هناك تقليل في احتمالية انضمام الشباب إلى الجماعات المتطرفة.
دور مشاريع البنية التحتية في تعزيز الأمن والاستقرار
إن تنفيذ 30 مشروعًا للبنية التحتية عبر القارة الأفريقية يمثل خطوة هامة نحو تحسين الاتصال بين المناطق النائية والمدن الكبرى، الأمر الذي يسهم في تعزيز الأمن ومراقبة الأنشطة الإرهابية في المناطق الحدودية. فالبنية التحتية القوية تعزز قدرات الحكومات الأفريقية على توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، مما يعزز من استقرار المجتمعات المحلية.
كما أن تطوير شبكات الطرق والسكك الحديدية، التي تعد جزءًا من استثمارات الصين في أفريقيا، يمكن أن تسهل الحركة التجارية بين الدول الأفريقية، وهو ما يسهم في تقوية الاقتصاد وتقليل العوامل التي تؤدي إلى تأجيج التوترات الاجتماعية والسياسية التي تستغلها الجماعات المتطرفة.
دور الصين في تنمية الموارد البشرية ومكافحة الفقر
تعد مبادرة خلق مليون فرصة عمل في أفريقيا أحد الجوانب الأكثر تأثيراً في خطة الدعم الصيني. البطالة والفقر من الأسباب الرئيسية لانضمام الشباب الأفريقي إلى التنظيمات المتطرفة. حين يتوفر للشباب بدائل اقتصادية عبر فرص العمل، يقل انجذابهم نحو الأيديولوجيات المتطرفة. ومن المتوقع أن توفر هذه الفرص الجديدة دخلاً مستقراً للأسر الأفريقية، مما يساهم في تقليل الفقر وتعزيز الأمن الاجتماعي.
إضافةً إلى ذلك، يساهم تحسين التعليم والتدريب المهني في بناء جيل جديد من الأفارقة الذين يتمتعون بمهارات فنية ومهنية تتيح لهم المنافسة في السوق العالمي، وهو ما يعزز من مكانة القارة على المستوى الدولي ويحد من تدخل الجماعات الإرهابية في حياة الأفراد.
بعد جديد لمكافحة الإرهاب
إلى جانب الدعم الاقتصادي، قد تسهم الصين في تعزيز القدرات الأمنية للدول الأفريقية عبر تقديم الدعم اللوجستي والمساعدات التقنية. بالفعل، سبق للصين أن شاركت في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، مما يعكس استعدادها للتعاون الأمني. وبالتالي، فإن الدعم المالي والبنية التحتية يمكن أن يكون له بعد أمني يساعد في بناء القدرات الأمنية المحلية، مما يسهم في تعزيز قدرة الدول الأفريقية على مكافحة الإرهاب.
التحفظات والمخاوف
على الرغم من الإيجابيات الواضحة التي يمكن أن تنجم عن الدعم الصيني، إلا أن هناك تحفظات تتعلق بدوافع الصين الاستراتيجية. إذ يرى بعض المحللين أن الصين تسعى من خلال هذه الاستثمارات إلى تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في القارة الأفريقية، خصوصاً في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى توسيع نطاق التأثير الصيني عبر مشاريع البنية التحتية الدولية.
علاوة على ذلك، يمكن أن تتسبب الديون المتزايدة الناتجة عن هذه الاستثمارات في خلق ضغوط على الدول الأفريقية، مما قد يؤدي إلى اعتماد بعض هذه الدول بشكل أكبر على الصين. لذا، فإن من الضروري أن توازن الدول الأفريقية بين الاستفادة من هذه الاستثمارات وتجنب الانزلاق في فخ التبعية الاقتصادية.
فرصة للتنمية ومكافحة الإرهاب
يمكن القول إن الدعم المالي الذي تقدمه الصين يمثل فرصة حقيقية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا، وهو ما يمكن أن يسهم بشكل مباشر في تقليص عوامل الجذب التي تستخدمها الجماعات المتطرفة لتجنيد الأفراد. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك تعاون شفاف ومفتوح بين الدول الأفريقية والصين لضمان أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى نتائج مستدامة تعزز من قدرة القارة على مواجهة الإرهاب وتحقيق التنمية المستدامة.

شارك