النيجر بين التحالفات الجديدة وتحديات الإرهاب
الثلاثاء 17/سبتمبر/2024 - 02:54 م
طباعة
حسام الحداد
أعلنت وزارتا الدفاع الأمريكية والنيجيرية، مساء الإثنين 16 سبتمبر، أن الولايات المتحدة أكملت انسحابها الكامل من النيجر، تماشياً مع طلبات النظام العسكري الحاكم. وأفادت القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان صحفي بأن عملية انسحاب القوات الأمريكية ومعداتها تمت بسلاسة ودون أي تعقيدات.
بهذا الانسحاب، ينتهي وجود القوات الأمريكية في النيجر، التي تحكمها سلطة عسكرية منذ أكثر من عام. وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت آخر قاعدة لها في النيجر، وتحديداً في أغاديز، في مطلع أغسطس الماضي، حيث بقي هناك حوالي 20 جندياً للإشراف على سحب ما تبقى من المعدات العسكرية.
منذ مارس الماضي، علقت واشنطن معظم تعاونها مع النيجر، بما في ذلك التعاون العسكري، وذلك بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم. كما أعلنت النيجر انسحابها من اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع الولايات المتحدة عام 2012، معتبرة أن الاتفاقية فُرضت بشكل أحادي.
في الفترة الأخيرة، تقاربت النيجر مع جيرانها في مالي وبوركينا فاسو، مكونة "تحالف دول الساحل". وأوضح الجيش الأمريكي في بيانه أن القوات الأمريكية عملت على تدريب نظيرتها النيجيرية على مدار العقد الماضي، بالإضافة إلى دعمها في مكافحة الإرهاب ضد تنظيمات مثل داعش والقاعدة.
أمر النظام العسكري النيجري الولايات المتحدة بسحب نحو ألف جندي، وذلك بعد عام تقريباً من الانقلاب. قبل ذلك، كانت النيجر شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في حربها ضد الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.
ورغم الانسحاب، أكدت الولايات المتحدة وجود "أهداف أمنية مشتركة" مع النيجر، حيث أشار الجنرال كينيث إيكمان من "أفريكوم" إلى أن الخطوة القادمة ستكون التعاون بناءً على احتياجات النيجر في المجال الأمني.
في الوقت نفسه، تبحث الولايات المتحدة عن بدائل في منطقة غرب أفريقيا، على الرغم من بطء العملية. ويشير المسؤولون إلى تراجع القدرات الاستخباراتية الأمريكية تجاه الجماعات المتطرفة المتنامية في المنطقة.
في ظل تقليص علاقاتها مع واشنطن وفرنسا، عززت النيجر تعاونها الدفاعي مع روسيا. وكانت الحكومة العسكرية قد وافقت على توسيع هذا التعاون في يناير الماضي بعد طرد القوات الفرنسية من أراضيها.
يُذكر أن الجيش الألماني أعلن، في 30 أغسطس، عن عودة آخر جنوده من قاعدته في نيامي إلى ألمانيا.
ويشكل انسحاب القوات الأمريكية من النيجر حدثاً ذا تأثير واسع على الصعيدين السياسي والعسكري في منطقة الساحل الأفريقي. يأتي هذا الانسحاب في سياق متوتر، حيث يشهد الإقليم تزايداً في نشاط الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش والقاعدة، إلى جانب تغييرات سياسية عميقة تمثلت في صعود الأنظمة العسكرية في النيجر ودول مجاورة مثل مالي وبوركينا فاسو. يطرح هذا التطور أسئلة جوهرية حول الأمن الإقليمي والمحلي، ودور الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، فضلاً عن تأثير العلاقات المتغيرة بين النيجر والغرب، خصوصاً في ظل تقاربها مع روسيا.
السياقات السياسية والعسكرية
على المستوى السياسي، يعكس الانسحاب الأمريكي استجابة لمطالب النظام العسكري في النيجر، الذي جاء إلى السلطة في عام 2023. مما أدى إلى تغييرات جذرية في العلاقات الدولية للبلاد، حيث انسحبت النيجر من اتفاقية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة التي وقعتها في 2012، وتوجهت لتعزيز علاقاتها مع دول أخرى مثل روسيا. انسحاب القوات الأمريكية من النيجر يعكس تحديات أكبر في العلاقات الغربية مع الأنظمة العسكرية الجديدة في الساحل. فبعد الانقلاب، جمدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهما، وهو ما أدى إلى إعادة تموضع النيجر وتحالفاتها باتجاه خصوم الغرب التقليديين، مثل روسيا.
أما من الناحية العسكرية، فإن وجود القوات الأمريكية في النيجر كان يمثل جزءاً من جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيث دعمت واشنطن النيجر عبر تدريب القوات المحلية وتقديم الدعم اللوجستي في الحرب ضد الجماعات الإرهابية. خروج القوات الأمريكية، مع سحب المعدات العسكرية، يترك فراغاً قد يُعقّد جهود مكافحة الإرهاب، خصوصاً أن القوات النيجرية قد لا تمتلك الكفاءة والموارد المطلوبة لمواجهة هذه الجماعات بمفردها.
أثر الانسحاب على الأمن الإقليمي والمحلي
من المتوقع أن يؤدي انسحاب القوات الأمريكية إلى تداعيات أمنية خطيرة على المستويين الإقليمي والمحلي. فمنذ عقد من الزمن، كانت القوات الأمريكية تلعب دوراً رئيسياً في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، لا سيما في النيجر التي كانت تُعتبر قاعدة استراتيجية للعمليات الأمريكية ضد داعش والقاعدة. انسحاب هذه القوات يعني فقدان الشريك العسكري الأكثر تقدماً في المنطقة، مما يضع مزيداً من الضغوط على القوات المحلية.
الفراغ الأمني الناتج عن هذا الانسحاب قد يؤدي إلى تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية. فالجماعات الجهادية، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، تستغل أي ضعف في البنية الأمنية للدول الساحلية لتعزيز تواجدها. هذه الجماعات استفادت من الاضطرابات السياسية السابقة، وقد تستغل الفرصة لتوسيع عملياتها في النيجر والدول المجاورة.
علاوة على ذلك، قد يساهم الانسحاب في زيادة التوتر بين النيجر ودول الجوار، حيث أن النيجر كانت تمثل جزءاً من استراتيجية إقليمية أوسع لمكافحة الإرهاب تضم مالي وبوركينا فاسو. هذه الدول الثلاث شكّلت تحالفاً جديداً بعد تزايد الضغوط الغربية عليها، لكنها تفتقر إلى الموارد الكافية لإدارة التهديدات الإرهابية بمفردها. في هذا السياق، قد تضطر هذه الدول إلى البحث عن دعم عسكري آخر، وربما يزداد الاعتماد على روسيا، التي قدمت نفسها كلاعب رئيسي في دعم الأنظمة العسكرية في الساحل.
تنامي الجماعات الإرهابية
مع انسحاب الولايات المتحدة من النيجر، ستواجه الدول الساحلية تحديات أكبر في احتواء الإرهاب. فالجماعات الجهادية تنتشر بسرعة في المنطقة وتستفيد من ضعف الحكومات المحلية والنزاعات الداخلية لتوسيع نفوذها. على الرغم من جهود القوات النيجرية وشركائها الإقليميين، فإن نقص الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي كانت توفره القوات الأمريكية سيؤدي إلى صعوبة في مراقبة وتحييد التهديدات الإرهابية.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أن القوات الأمريكية كانت توفر قدرات استخباراتية متقدمة في المنطقة، مثل الطائرات بدون طيار، والتي لعبت دوراً محورياً في رصد تحركات الجماعات الإرهابية وضرب أهدافها. مع تراجع هذه القدرات، قد تجد الجماعات الإرهابية الفرصة لاستعادة قوتها وزيادة عملياتها في المنطقة، ما يهدد الأمن المحلي والدولي.
الخلاصة
يشكل انسحاب القوات الأمريكية من النيجر نقطة تحول كبيرة في الصراع ضد الإرهاب في منطقة الساحل. على الرغم من محاولات النيجر وشركائها الإقليميين الحفاظ على الأمن، فإن الفراغ الناتج عن خروج القوات الأمريكية سيفتح الباب أمام تحديات أكبر في مواجهة الجماعات الإرهابية. كما أن التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، مع تزايد التقارب مع روسيا وتوتر العلاقات مع الغرب، قد تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وتغيير التوازنات في الساحل.
بهذا الانسحاب، ينتهي وجود القوات الأمريكية في النيجر، التي تحكمها سلطة عسكرية منذ أكثر من عام. وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت آخر قاعدة لها في النيجر، وتحديداً في أغاديز، في مطلع أغسطس الماضي، حيث بقي هناك حوالي 20 جندياً للإشراف على سحب ما تبقى من المعدات العسكرية.
منذ مارس الماضي، علقت واشنطن معظم تعاونها مع النيجر، بما في ذلك التعاون العسكري، وذلك بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم. كما أعلنت النيجر انسحابها من اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع الولايات المتحدة عام 2012، معتبرة أن الاتفاقية فُرضت بشكل أحادي.
في الفترة الأخيرة، تقاربت النيجر مع جيرانها في مالي وبوركينا فاسو، مكونة "تحالف دول الساحل". وأوضح الجيش الأمريكي في بيانه أن القوات الأمريكية عملت على تدريب نظيرتها النيجيرية على مدار العقد الماضي، بالإضافة إلى دعمها في مكافحة الإرهاب ضد تنظيمات مثل داعش والقاعدة.
أمر النظام العسكري النيجري الولايات المتحدة بسحب نحو ألف جندي، وذلك بعد عام تقريباً من الانقلاب. قبل ذلك، كانت النيجر شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في حربها ضد الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.
ورغم الانسحاب، أكدت الولايات المتحدة وجود "أهداف أمنية مشتركة" مع النيجر، حيث أشار الجنرال كينيث إيكمان من "أفريكوم" إلى أن الخطوة القادمة ستكون التعاون بناءً على احتياجات النيجر في المجال الأمني.
في الوقت نفسه، تبحث الولايات المتحدة عن بدائل في منطقة غرب أفريقيا، على الرغم من بطء العملية. ويشير المسؤولون إلى تراجع القدرات الاستخباراتية الأمريكية تجاه الجماعات المتطرفة المتنامية في المنطقة.
في ظل تقليص علاقاتها مع واشنطن وفرنسا، عززت النيجر تعاونها الدفاعي مع روسيا. وكانت الحكومة العسكرية قد وافقت على توسيع هذا التعاون في يناير الماضي بعد طرد القوات الفرنسية من أراضيها.
يُذكر أن الجيش الألماني أعلن، في 30 أغسطس، عن عودة آخر جنوده من قاعدته في نيامي إلى ألمانيا.
ويشكل انسحاب القوات الأمريكية من النيجر حدثاً ذا تأثير واسع على الصعيدين السياسي والعسكري في منطقة الساحل الأفريقي. يأتي هذا الانسحاب في سياق متوتر، حيث يشهد الإقليم تزايداً في نشاط الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش والقاعدة، إلى جانب تغييرات سياسية عميقة تمثلت في صعود الأنظمة العسكرية في النيجر ودول مجاورة مثل مالي وبوركينا فاسو. يطرح هذا التطور أسئلة جوهرية حول الأمن الإقليمي والمحلي، ودور الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، فضلاً عن تأثير العلاقات المتغيرة بين النيجر والغرب، خصوصاً في ظل تقاربها مع روسيا.
السياقات السياسية والعسكرية
على المستوى السياسي، يعكس الانسحاب الأمريكي استجابة لمطالب النظام العسكري في النيجر، الذي جاء إلى السلطة في عام 2023. مما أدى إلى تغييرات جذرية في العلاقات الدولية للبلاد، حيث انسحبت النيجر من اتفاقية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة التي وقعتها في 2012، وتوجهت لتعزيز علاقاتها مع دول أخرى مثل روسيا. انسحاب القوات الأمريكية من النيجر يعكس تحديات أكبر في العلاقات الغربية مع الأنظمة العسكرية الجديدة في الساحل. فبعد الانقلاب، جمدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهما، وهو ما أدى إلى إعادة تموضع النيجر وتحالفاتها باتجاه خصوم الغرب التقليديين، مثل روسيا.
أما من الناحية العسكرية، فإن وجود القوات الأمريكية في النيجر كان يمثل جزءاً من جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيث دعمت واشنطن النيجر عبر تدريب القوات المحلية وتقديم الدعم اللوجستي في الحرب ضد الجماعات الإرهابية. خروج القوات الأمريكية، مع سحب المعدات العسكرية، يترك فراغاً قد يُعقّد جهود مكافحة الإرهاب، خصوصاً أن القوات النيجرية قد لا تمتلك الكفاءة والموارد المطلوبة لمواجهة هذه الجماعات بمفردها.
أثر الانسحاب على الأمن الإقليمي والمحلي
من المتوقع أن يؤدي انسحاب القوات الأمريكية إلى تداعيات أمنية خطيرة على المستويين الإقليمي والمحلي. فمنذ عقد من الزمن، كانت القوات الأمريكية تلعب دوراً رئيسياً في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، لا سيما في النيجر التي كانت تُعتبر قاعدة استراتيجية للعمليات الأمريكية ضد داعش والقاعدة. انسحاب هذه القوات يعني فقدان الشريك العسكري الأكثر تقدماً في المنطقة، مما يضع مزيداً من الضغوط على القوات المحلية.
الفراغ الأمني الناتج عن هذا الانسحاب قد يؤدي إلى تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية. فالجماعات الجهادية، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، تستغل أي ضعف في البنية الأمنية للدول الساحلية لتعزيز تواجدها. هذه الجماعات استفادت من الاضطرابات السياسية السابقة، وقد تستغل الفرصة لتوسيع عملياتها في النيجر والدول المجاورة.
علاوة على ذلك، قد يساهم الانسحاب في زيادة التوتر بين النيجر ودول الجوار، حيث أن النيجر كانت تمثل جزءاً من استراتيجية إقليمية أوسع لمكافحة الإرهاب تضم مالي وبوركينا فاسو. هذه الدول الثلاث شكّلت تحالفاً جديداً بعد تزايد الضغوط الغربية عليها، لكنها تفتقر إلى الموارد الكافية لإدارة التهديدات الإرهابية بمفردها. في هذا السياق، قد تضطر هذه الدول إلى البحث عن دعم عسكري آخر، وربما يزداد الاعتماد على روسيا، التي قدمت نفسها كلاعب رئيسي في دعم الأنظمة العسكرية في الساحل.
تنامي الجماعات الإرهابية
مع انسحاب الولايات المتحدة من النيجر، ستواجه الدول الساحلية تحديات أكبر في احتواء الإرهاب. فالجماعات الجهادية تنتشر بسرعة في المنطقة وتستفيد من ضعف الحكومات المحلية والنزاعات الداخلية لتوسيع نفوذها. على الرغم من جهود القوات النيجرية وشركائها الإقليميين، فإن نقص الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي كانت توفره القوات الأمريكية سيؤدي إلى صعوبة في مراقبة وتحييد التهديدات الإرهابية.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أن القوات الأمريكية كانت توفر قدرات استخباراتية متقدمة في المنطقة، مثل الطائرات بدون طيار، والتي لعبت دوراً محورياً في رصد تحركات الجماعات الإرهابية وضرب أهدافها. مع تراجع هذه القدرات، قد تجد الجماعات الإرهابية الفرصة لاستعادة قوتها وزيادة عملياتها في المنطقة، ما يهدد الأمن المحلي والدولي.
الخلاصة
يشكل انسحاب القوات الأمريكية من النيجر نقطة تحول كبيرة في الصراع ضد الإرهاب في منطقة الساحل. على الرغم من محاولات النيجر وشركائها الإقليميين الحفاظ على الأمن، فإن الفراغ الناتج عن خروج القوات الأمريكية سيفتح الباب أمام تحديات أكبر في مواجهة الجماعات الإرهابية. كما أن التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، مع تزايد التقارب مع روسيا وتوتر العلاقات مع الغرب، قد تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وتغيير التوازنات في الساحل.