عودة الإرهاب إلى غرب الجزائر.. بين تداعيات الصراع في الساحل وتهديد الأمن المحلي
الثلاثاء 17/سبتمبر/2024 - 03:13 م
طباعة
حسام الحداد
يشكل اغتيال راعيين في منطقة بني سنوس، بأقصى غرب الجزائر، قرب الحدود المغربية، تصعيدًا مفاجئًا للعنف في منطقة شهدت هدوءًا أمنيًا لأكثر من 14 عامًا. هذا الحادث يعكس عودة النشاط الإرهابي إلى غرب الجزائر، ويثير تساؤلات حول مدى ارتباط هذه العمليات الإرهابية بالتوترات الإقليمية المحيطة، لاسيما الصراع الدائر في مالي والنيجر وتأثيراته على الأمن في جنوب وغرب الجزائر.
اغتالت جماعة مسلحة راعيين في منطقة بني سنوس بأقصى غرب الجزائر، قرب الحدود المغربية، مساء الاحد الماضي، فيما أصيب ثلاثة جنود بعد تفخيخ مكان الجريمة من قبل المسلحين.
وأفادت مصالح ولاية تلمسان أن العملية الإرهابية نُفذت على يد جماعة مسلحة يُعتقد أنها من بقايا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي عاد للظهور مؤخراً في غرب الجزائر، وتم تفخيخ موقع الجريمة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود كانوا في مهمة لنقل جثتي الضحيتين.
وفي الوقت الذي شُيعت فيه جنازة الضحيتين في بلدة بني سنوس بحضور حاكم الولاية، تواصل وحدة من الجيش الجزائري مطاردة منفذي الهجوم.
ويأتي هذا الحادث بعد فترة من الهدوء الأمني في المنطقة، إذ تُعد هذه أول عملية من نوعها في بني سنوس منذ أكثر من 14 عاماً.
وتكررت في الأشهر الأخيرة مواجهات بين الجيش وبقايا عناصر مسلحة في غرب الجزائر، حيث سبق للجيش أن قضى على ثلاثة مسلحين في يوليو الماضي بولاية عين الدفلى، ويشتبه في انتماء منفذي هجوم بني سنوس إلى نفس التنظيم الإرهابي.
السياق السياسي والأمني:
تعد الجزائر إحدى الدول الرئيسية في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وشمال إفريقيا منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث خاضت حربًا ضد الجماعات الإرهابية، أبرزها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يعد المتهم الرئيسي في هذه الجريمة. ورغم تراجع نشاط هذه الجماعات في السنوات الأخيرة، إلا أن الهجوم الأخير في بني سنوس يشير إلى احتمالية وجود خلايا نائمة أو عناصر متبقية من التنظيمات الإرهابية التي تحاول إعادة تموضعها في المنطقة.
توقيت الحادث بعد فترة من الهدوء يعكس تحولًا في نشاط الجماعات الإرهابية، خاصة في ظل تزايد نشاط تنظيمات أخرى في المناطق الحدودية مع مالي والنيجر. كما أن تفخيخ موقع الجريمة واستهداف الجنود الجزائريين الذين جاؤوا لنقل جثتي الضحيتين يشير إلى تخطيط مُسبق وتنظيم جيد لدى المسلحين، مما يُظهر أن هذه الجماعات لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات معقدة.
تأثير الصراع في مالي والنيجر:
الصراع الدائر في مالي والنيجر، خاصة مع تزايد الهجمات التي تنفذها الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ساهم بشكل مباشر في زعزعة الاستقرار في المناطق الجنوبية والغربية للجزائر. يشكل عدم الاستقرار السياسي والأمني في تلك الدول قاعدة خلفية لتدفق العناصر الإرهابية والأسلحة عبر الحدود المشتركة، مما يعزز من احتمالية تسلل العناصر الإرهابية إلى الجزائر.
كما أن الانقلابات العسكرية المتتالية في مالي والنيجر والتدخلات العسكرية الإقليمية قد أدت إلى تفكك الأوضاع الأمنية في تلك المناطق، وهو ما استفادت منه الجماعات الإرهابية التي تجد في الصحاري الممتدة بين الجزائر ومالي والنيجر ملاذًا آمنًا ومسرحًا لنشاطها.
دلالات الحادث:
عودة النشاط الإرهابي: هذا الهجوم يشير إلى أن الجماعات الإرهابية ما زالت نشطة في المنطقة الغربية من الجزائر، رغم الحملات الأمنية المتواصلة ضدها. عودة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لتنفيذ عمليات في هذه المنطقة، قد تكون محاولة لإعادة التموقع أو استغلال الفراغ الأمني الناتج عن توترات إقليمية في مناطق الساحل.
الرمزية الجغرافية: اختيار منطقة بني سنوس، الواقعة بالقرب من الحدود المغربية، قد يشير إلى محاولة الجماعات الإرهابية استغلال المناطق الحدودية لتنفيذ عملياتها، مما يشكل تحديًا إضافيًا للقوات الأمنية الجزائرية التي تواجه صعوبات في تأمين الحدود الممتدة.
التأثير الإقليمي: تصاعد العنف في مالي والنيجر قد ساهم في تنشيط الجماعات الإرهابية في غرب الجزائر، حيث أن التدهور الأمني في الدول المجاورة يؤدي إلى خلق بيئة مواتية لانتقال العناصر المسلحة عبر الحدود، مما يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب.
استهداف المدنيين: اغتيال الراعيين يعكس استراتيجية واضحة للجماعات الإرهابية تهدف إلى زرع الخوف وإرباك المدنيين، ومحاولة فرض نفسها كقوة مؤثرة في المناطق الريفية النائية التي قد تكون أقل قدرة على تلقي الحماية الأمنية الفورية.
خاتمة:
حادثة اغتيال الراعيين في بني سنوس تسلط الضوء على تحديات الأمن في الجزائر، في ظل عودة النشاط الإرهابي في المنطقة الغربية بعد فترة من الهدوء. يأتي ذلك في سياق معقد يتداخل فيه الإرهاب المحلي مع التوترات الإقليمية في منطقة الساحل. ينبغي على الجزائر تعزيز جهودها الأمنية والدبلوماسية للتصدي لهذا التهديد المتجدد، من خلال تعزيز التعاون مع الدول المجاورة ومواجهة الخلايا الإرهابية المحتملة قبل أن تتمكن من إعادة بناء قواعدها.
اغتالت جماعة مسلحة راعيين في منطقة بني سنوس بأقصى غرب الجزائر، قرب الحدود المغربية، مساء الاحد الماضي، فيما أصيب ثلاثة جنود بعد تفخيخ مكان الجريمة من قبل المسلحين.
وأفادت مصالح ولاية تلمسان أن العملية الإرهابية نُفذت على يد جماعة مسلحة يُعتقد أنها من بقايا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي عاد للظهور مؤخراً في غرب الجزائر، وتم تفخيخ موقع الجريمة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود كانوا في مهمة لنقل جثتي الضحيتين.
وفي الوقت الذي شُيعت فيه جنازة الضحيتين في بلدة بني سنوس بحضور حاكم الولاية، تواصل وحدة من الجيش الجزائري مطاردة منفذي الهجوم.
ويأتي هذا الحادث بعد فترة من الهدوء الأمني في المنطقة، إذ تُعد هذه أول عملية من نوعها في بني سنوس منذ أكثر من 14 عاماً.
وتكررت في الأشهر الأخيرة مواجهات بين الجيش وبقايا عناصر مسلحة في غرب الجزائر، حيث سبق للجيش أن قضى على ثلاثة مسلحين في يوليو الماضي بولاية عين الدفلى، ويشتبه في انتماء منفذي هجوم بني سنوس إلى نفس التنظيم الإرهابي.
السياق السياسي والأمني:
تعد الجزائر إحدى الدول الرئيسية في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وشمال إفريقيا منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث خاضت حربًا ضد الجماعات الإرهابية، أبرزها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يعد المتهم الرئيسي في هذه الجريمة. ورغم تراجع نشاط هذه الجماعات في السنوات الأخيرة، إلا أن الهجوم الأخير في بني سنوس يشير إلى احتمالية وجود خلايا نائمة أو عناصر متبقية من التنظيمات الإرهابية التي تحاول إعادة تموضعها في المنطقة.
توقيت الحادث بعد فترة من الهدوء يعكس تحولًا في نشاط الجماعات الإرهابية، خاصة في ظل تزايد نشاط تنظيمات أخرى في المناطق الحدودية مع مالي والنيجر. كما أن تفخيخ موقع الجريمة واستهداف الجنود الجزائريين الذين جاؤوا لنقل جثتي الضحيتين يشير إلى تخطيط مُسبق وتنظيم جيد لدى المسلحين، مما يُظهر أن هذه الجماعات لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات معقدة.
تأثير الصراع في مالي والنيجر:
الصراع الدائر في مالي والنيجر، خاصة مع تزايد الهجمات التي تنفذها الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ساهم بشكل مباشر في زعزعة الاستقرار في المناطق الجنوبية والغربية للجزائر. يشكل عدم الاستقرار السياسي والأمني في تلك الدول قاعدة خلفية لتدفق العناصر الإرهابية والأسلحة عبر الحدود المشتركة، مما يعزز من احتمالية تسلل العناصر الإرهابية إلى الجزائر.
كما أن الانقلابات العسكرية المتتالية في مالي والنيجر والتدخلات العسكرية الإقليمية قد أدت إلى تفكك الأوضاع الأمنية في تلك المناطق، وهو ما استفادت منه الجماعات الإرهابية التي تجد في الصحاري الممتدة بين الجزائر ومالي والنيجر ملاذًا آمنًا ومسرحًا لنشاطها.
دلالات الحادث:
عودة النشاط الإرهابي: هذا الهجوم يشير إلى أن الجماعات الإرهابية ما زالت نشطة في المنطقة الغربية من الجزائر، رغم الحملات الأمنية المتواصلة ضدها. عودة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لتنفيذ عمليات في هذه المنطقة، قد تكون محاولة لإعادة التموقع أو استغلال الفراغ الأمني الناتج عن توترات إقليمية في مناطق الساحل.
الرمزية الجغرافية: اختيار منطقة بني سنوس، الواقعة بالقرب من الحدود المغربية، قد يشير إلى محاولة الجماعات الإرهابية استغلال المناطق الحدودية لتنفيذ عملياتها، مما يشكل تحديًا إضافيًا للقوات الأمنية الجزائرية التي تواجه صعوبات في تأمين الحدود الممتدة.
التأثير الإقليمي: تصاعد العنف في مالي والنيجر قد ساهم في تنشيط الجماعات الإرهابية في غرب الجزائر، حيث أن التدهور الأمني في الدول المجاورة يؤدي إلى خلق بيئة مواتية لانتقال العناصر المسلحة عبر الحدود، مما يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب.
استهداف المدنيين: اغتيال الراعيين يعكس استراتيجية واضحة للجماعات الإرهابية تهدف إلى زرع الخوف وإرباك المدنيين، ومحاولة فرض نفسها كقوة مؤثرة في المناطق الريفية النائية التي قد تكون أقل قدرة على تلقي الحماية الأمنية الفورية.
خاتمة:
حادثة اغتيال الراعيين في بني سنوس تسلط الضوء على تحديات الأمن في الجزائر، في ظل عودة النشاط الإرهابي في المنطقة الغربية بعد فترة من الهدوء. يأتي ذلك في سياق معقد يتداخل فيه الإرهاب المحلي مع التوترات الإقليمية في منطقة الساحل. ينبغي على الجزائر تعزيز جهودها الأمنية والدبلوماسية للتصدي لهذا التهديد المتجدد، من خلال تعزيز التعاون مع الدول المجاورة ومواجهة الخلايا الإرهابية المحتملة قبل أن تتمكن من إعادة بناء قواعدها.