بداية النهاية.. مذكرات توقيف تفتح ملف انتهاكات ميليشيا "الكانيات" في ترهونة

السبت 05/أكتوبر/2024 - 09:47 ص
طباعة بداية النهاية.. مذكرات أميرة الشريف
 
تستمر تداعيات الأزمات الأمنية والسياسية في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، حيث تتجلى الانتهاكات في العديد من المناطق.

و في خطوة جديدة نحو تحقيق العدالة، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية مؤخرًا عن إصدار مذكرات توقيف بحق ستة ليبيين يُشتبه في تورطهم في جرائم وحشية ارتكبتها ميليشيا "الكانيات" في مدينة ترهونة.

هذه الأحداث تسلط الضوء على ما عاناه سكان المنطقة من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

 ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد تم الإبلاغ عن اختفاء أو اختطاف ما لا يقل عن 338 شخصًا خلال السنوات الخمس التي هيمنت فيها هذه الميليشيا على المدينة.

المحكمة، من خلال تصريحات المدعي العام كريم خان، أكدت أن ثلاثة من المشتبه بهم هم من القادة البارزين في ميليشيا "الكانيات"، التي أرهبت سكان ترهونة.

وبيّن خان أن الثلاثة الآخرين مرتبطون بالميليشيا التي نفذت عمليات إعدام ممنهجة ضد معارضيها، مع إعدام عائلات كاملة.

من بين الأسماء البارزة، يتصدر عبد الرحيم الكاني، أحد الإخوة الذين قادوا الميليشيا، والتي كانت تجوب المدينة مُستعرضةً قوتها، مستفيدة من أسدين تم تقييدهما كوسيلة لبث الرعب في نفوس المواطنين.

وأكد خان على وجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب في ترهونة، منها القتل والتعذيب والعنف الجنسي، مشيرًا إلى أن زيارته للمدينة في عام 2022 كشفت عن حالات احتجاز في ظروف غير إنسانية، بالإضافة إلى مقابر جماعية في مواقع متعددة.


ميليشيا "الكانيات"


تأسست ميليشيا "الكانيات" في ليبيا في عام 2015، وتعتبر واحدة من أبرز الجماعات المسلحة التي ظهرت بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

يُعرف عن هذه الميليشيا أنها تنتمي إلى عائلة الكاني، وتحديدًا الإخوة الكاني الذين قادوا هذه المجموعة، حيث كان لهم دور بارز في السيطرة على مدينة ترهونة الواقعة على بعد حوالي 80 كيلومترًا جنوب طرابلس.

ويُعتبر عبد الرحيم الكاني، الذي صدر بحقه أمر اعتقال في أبريل 2023، "زعيم الكانيات" و"مسؤول مشترك" عن الجناح العسكري للميليشيا.

تتكون "الكانيات" من مجموعة من المقاتلين المحليين، وقد استندت في بنيتها إلى الولاءات العائلية والقبلية.

 عُرفت الميليشيا بأساليبها القاسية في التعامل مع المعارضين، حيث استخدمت العنف المفرط والتخويف لتحقيق أهدافها. تميزت بتبنيها لممارسات وحشية، منها الاعتقالات التعسفية، التعذيب، وعمليات الإعدام الميداني، حيث أُبلغ عن قتل العائلات بالكامل كوسيلة للانتقام.

خلال فترة سيطرتها على ترهونة، أظهرت الميليشيا ولاءً متغيرًا، حيث كانت في البداية تتعاون مع المجموعات المسلحة في طرابلس، لكن عندما شن المشير خليفة حفتر هجومًا للسيطرة على العاصمة، تحولت ولاءاتها لتصبح قوة داعمة لقوات حفتر، مُستغلة الوضع لتعزيز سلطتها في المنطقة.

تُعتبر "الكانيات" مسؤولة عن عدد من الجرائم الإنسانية، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية، التعذيب، والعنف الجنسي.

ووفقًا لتقارير من منظمات حقوق الإنسان، يُعتقد أن الميليشيا وراء اختفاء أو اختطاف ما لا يقل عن 338 شخصًا خلال فترة سيطرتها.

 كما تشير الأدلة إلى تورطها في ارتكاب جرائم حرب تشمل القتل والاغتصاب، مما أدى إلى إصدار مذكرات توقيف دولية بحق عدد من قادتها.

بعد الهزيمة العسكرية لقوات حفتر، تراجع نفوذ "الكانيات" في المنطقة، واختفى العديد من قادتها، مع اعتقاد البعض أن بعضهم قُتل بينما لا يزال الآخرون مختبئين.

ومع استمرار التوترات في ليبيا، تبقى الميليشيا رمزًا للانفلات الأمني والتحديات التي تواجه البلاد في سعيها لتحقيق الاستقرار والعدالة.

تعتبر "الكانيات" مثالًا على التحديات المعقدة التي يواجهها المجتمع الليبي في مرحلة ما بعد الثورة، حيث تعكس استمرار الصراع بين الجماعات المسلحة والجهود لتحقيق المصالحة الوطنية.

وتأتي مذكرات التوقيف هذه في وقت حساس بالنسبة للأمن والاستقرار في ليبيا، حيث تكشف عن حجم المعاناة التي واجهها سكان ترهونة.

ومع استمرار التحقيقات، يأمل الكثيرون أن تُسهم هذه الخطوات في تحقيق العدالة للضحايا وتكون بمثابة إنذار للجماعات المسلحة التي تستمر في ارتكاب الانتهاكات.

 ويري مراقبون أن العدالة لن تعود إلا بتسليط الضوء على هذه الجرائم ومعاقبة المسؤولين عنها، مما يعد خطوة ضرورية نحو بناء ليبيا أكثر استقرارًا وأمانًا.

شارك