استمرار تهديد "داعش" في سوريا.. هجمات متفرقة وتكتيك حرب العصابات

الجمعة 29/نوفمبر/2024 - 12:31 م
طباعة استمرار تهديد داعش أميرة الشريف
 
رغم إعلان التحالف الدولي القضاء على تنظيم "داعش" في مارس 2019، لا يزال هذا التنظيم يشكل تهديدًا مستمرًا في مناطق متعددة من سوريا والعراق، حيث يواصل تنفيذ هجمات متفرقة تستهدف قوات الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
 هذه الهجمات تأتي في وقت تشهد فيه الساحة السورية تصعيدًا كبيرًا في المعارك بين الفصائل المسلحة، الأمر الذي خلق بيئة مناسبة لعودة نشاط التنظيمات المتطرفة التي تسعى لاستغلال هذه الفوضى لتأكيد وجودها وفرض قوتها في المناطق التي كانت تُعتبر خالية من خلايا "داعش".
تُظهر التقارير المستمرة من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه رغم التراجع الكبير في قدرة التنظيم العسكرية بعد خسارته لأراضٍ شاسعة في السنوات الأخيرة، إلا أن خلاياه النائمة لا تزال نشطة، وتنظم عمليات هجومية متواصلة في بعض المناطق. 
ففي شهر نوفمبر 2024 فقط، نفذ تنظيم "داعش" 27 عملية في مناطق سيطرة الجيش السوري و"قسد"، أسفرت عن مقتل 14 شخصًا، من بينهم 5 مدنيين. 
وشملت هذه العمليات تفجيرات وكمائن وهجمات مسلحة، وهي تكتيكات يسعى التنظيم من خلالها إلى إظهار قدرته على إحداث الفوضى في المناطق التي كانت تُعتبر آمنة، لتوسيع دائرة تأثيره.
كانت منطقة ريف دير الزور واحدة من أبرز الأماكن التي شهدت كثافة في الهجمات، حيث نفذ التنظيم 22 عملية في هذه المنطقة. 
وقد شملت هذه العمليات استهداف صهاريج النفط، محطات الوقود، بالإضافة إلى نقاط عسكرية تابعة للجيش السوري و"قسد". 
وتعتبر هذه العمليات جزءًا من استراتيجية التنظيم لإضعاف البنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها الجيش السوري والقوات المتحالفة معه.
و يواصل "داعش" استهداف آبار النفط ومحطات الوقود بشكل خاص، في محاولة لتقويض إمدادات الطاقة التي تديرها قوات النظام السوري، مما يؤدي إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية في المنطقة.

وبجانب ذلك، استهدف تنظيم "داعش" أيضًا القيادات المحلية والعسكرية في مناطق مثل ريف الحسكة والرقة. ففي هذه المناطق، نفذ التنظيم 4 عمليات متفاوتة، شملت تفجير عبوات ناسفة، وكذلك عمليات اختطاف وقتل لعناصر عسكرية. 
ومن خلال هذه الهجمات، يسعى "داعش" إلى إشاعة حالة من الذعر والاضطراب، وتكثيف الضغوط على السلطات المحلية بهدف تقويض استقرار المناطق التي تقع تحت سيطرة "قسد" والتحالف الدولي.
وفي ريف حلب، استمر التنظيم في تكتيكاته الهادفة إلى إضعاف الجبهة العسكرية السورية، حيث نفذ هجومًا أسفر عن مقتل عنصرين من قوات الجيش السوري.
 هذا الهجوم يعكس استمرار التنظيم في التركيز على استهداف القوات العسكرية السورية، التي لا تزال تشن عمليات أمنية ضد خلايا التنظيم في عدة مناطق.
أما منطقة البادية السورية، التي تعد أحد أبرز معاقل التنظيم في الصحراء السورية، فقد شهدت أيضًا نشاطًا مكثفًا من قبل تنظيم "داعش".
 ورغم تزايد العمليات الأمنية والعسكرية، إلا أن هذه المنطقة لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا للجيش السوري و"قسد"، نظرًا للطبيعة الجغرافية الوعرة التي تتيح للتنظيم التمركز والاختباء.
 وقد أسفرت الكمائن والهجمات المباغتة التي شنها "داعش" في هذه المنطقة عن مقتل 18 جنديًا من قوات الجيش السوري، مما يعكس مدى قدرة التنظيم على الاستفادة من هذه البيئة الصحراوية لتنفيذ عمليات خاطفة تترك آثارًا مدمرة.
من ناحية أخرى، تكثف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من عملياتها الأمنية ضد خلايا التنظيم، حيث نفذت بالتعاون مع "قسد" 8 عمليات في نوفمبر 2024. 
أسفرت هذه العمليات عن اعتقال 116 عنصرًا من تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى مقتل أحدهم. ورغم نجاح هذه العمليات الأمنية في تعطيل بعض الأنشطة الإرهابية، إلا أن التنظيم لا يزال قادرًا على تنفيذ هجمات غير تقليدية، مثل التفجيرات الانتحارية، التي تستهدف تجمعات عسكرية ومدنية على حد سواء، ما يفاقم الأزمة الأمنية في العديد من المناطق.
وفيما يتعلق بالغارات الجوية، يواصل الجيش السوري تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع التنظيم في البادية السورية، بهدف تدمير مواقعه وتعطيل قدراته العسكرية. ولكن رغم هذه الضربات، لا يزال "داعش" قادرًا على التكيف مع الهجمات العسكرية من خلال اللجوء إلى أساليب حرب العصابات، والاختباء في الأماكن الوعرة التي يصعب على القوات الحكومية السيطرة عليها بشكل كامل.
 كما أن الدعم اللوجستي المستمر الذي يحصل عليه التنظيم من خلال شبكات التهريب والمناطق النائية، يعزز من قدرته على تنفيذ عمليات واسعة النطاق رغم الضغوط العسكرية الكبيرة.
ورغم هذه الحروب العسكرية المستمرة ضد التنظيم، فإن أكبر مصدر للقلق يبقى مصير آلاف الأشخاص الذين اختطفهم "داعش" خلال السنوات الماضية، حيث لا يزال مصير العديد من هؤلاء مجهولًا.
 من بين هؤلاء المختطفين، الأب باولو دالوليو، والمطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم، الذين تم اختطافهم من قبل التنظيم في وقت سابق، ولا تزال أوضاعهم غامضة حتى اليوم. 
هذا الأمر يضيف بعدًا إنسانيًا إلى الصراع، حيث يظل الأمل في معرفة مصير هؤلاء الأشخاص المختطفين مفقودًا.
في الختام، لا يمكن إنكار أن تنظيم "داعش" لم ينقرض بعد من الساحة السورية، رغم ما تم الإعلان عنه من القضاء على وجوده في مارس 2019.
 إذ لا تزال خلاياه تعمل في مناطق مختلفة من سوريا، وتنفذ عمليات متفرقة تهدف إلى إضعاف الأمن والاستقرار في هذه المناطق.
 ورغم الجهود العسكرية المكثفة التي يبذلها الجيش السوري والتحالف الدولي، فإن التنظيم لا يزال يشكل تهديدًا مستمرًا، مما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة القوى المعنية على القضاء على خلاياه نهائيًا.

شارك