فصل معلمات رياض الأطفال في كابول.. طالبان تواصل التضييق على المرأة

الأربعاء 21/مايو/2025 - 08:25 م
طباعة فصل معلمات رياض الأطفال محمد شعت
 

في خطوة جديدة تؤكد تراجع حقوق المرأة في أفغانستان تحت حكم حركة طالبان، أقدمت إدارة رياض الأطفال التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية على فصل نحو 120 معلمة وموظفة في رياض الأطفال بمدينة كابول. هذا الإجراء يأتي في إطار سياسة ممنهجة لتهميش النساء، وتقليص دورهن في المؤسسات الحكومية والخدمات العامة.

بحسب القائمة المقدمة لصحيفة "اطلاعات روز"، فإن جميع المفصولين هم من النساء، حيث تضم القائمة الرسمية أسماء 92 موظفة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن العدد الإجمالي للمفصولات يبلغ 117 شخصًا، حيث شمل الفصل أيضاً موظفات في رياض الأطفال التابعة للأحياء في كابول. الموظفات المفصولات كن يعملن في رياض الأطفال المرتبطة بالمدارس الحكومية والمستشفيات، وهي أماكن كانت توفر بيئة عمل آمنة ومناسبة للمرأة، خصوصاً في ظل طبيعة العمل التي تتطلب التعامل مع الأطفال.

المصدر أوضح أن الفصل جاء بعد معاناة الموظفات من عدم استلام رواتبهن لمدة ثلاثة أشهر، مما يشير إلى حالة من التدهور في دعم العاملين في هذه القطاعات الحيوية. وكانت رياض الأطفال التي تديرها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد أنشئت خلال الحكومة السابقة، التي شهدت تحسناً ملحوظاً في مشاركة المرأة في سوق العمل والمؤسسات الحكومية، إذ عملت على توفير مرافق تساعد النساء العاملات، مثل رياض الأطفال في أماكن العمل، لتسهيل التوفيق بين مسؤولياتهن المهنية والعائلية.

غير أن وصول حركة طالبان إلى السلطة أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر، حيث حرمت النساء من حق العمل في العديد من القطاعات، وأغلقت رياض الأطفال في أماكن العمل في معظم المكاتب الحكومية. هذا الإجراء لا يؤثر فقط على النساء العاملات، بل يمتد تأثيره ليشمل الأطفال وأسرهم، حيث تفقد النساء العاملات المساعدة التي كانت توفرها رياض الأطفال، مما يزيد من الأعباء المنزلية ويحد من فرص مشاركتهن الاقتصادية والاجتماعية.

وأشارت تقارير افغانية إلى أن السياسات التي تنتهجها حركة طالبان هذا العام تشير إلى نية واضحة في تقليص حجم القطاع الحكومي، وإقصاء النساء بشكل ممنهج، فقد طردت الحركة مئات العاملات والموظفات، في محاولة لإعادة تشكيل المجتمع الأفغاني وفق رؤى متشددة تحرم المرأة من أبسط حقوقها الإنسانية والمهنية. هذه الانتهاكات ليست جديدة، لكنها تزداد حدتها مع مرور الوقت، وتعكس تحولا خطيرًا في وضع حقوق المرأة في أفغانستان.

وأوضحت التقارير أن حرمان المرأة من العمل وفصلها من وظائفها الحكومية لا ينعكس سلبًا فقط على مستوى المعيشة لأسرهن، بل يضر أيضًا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، حيث أن مشاركة المرأة في سوق العمل تعد من الركائز الأساسية لبناء مجتمع قوي ومتطور. إن سياسة إقصاء المرأة تقوض كل الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى دعم حقوق الإنسان والتنمية المستدامة في أفغانستان.

وحذرت التقارير من أن هذه الإجراءات تثير مخاوف دولية حول مصير حقوق المرأة في أفغانستان، لا سيما في مجالات التعليم والعمل والصحة. فقد أغلقت المدارس الثانوية للبنات في مناطق عديدة، ومنعت النساء من السفر أو الظهور في الأماكن العامة بدون محرم، مما يزيد من عزلة المرأة ويحد من حريتها في المجتمع.

و منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، شهدت النساء الأفغانيات موجة من القيود والانتهاكات التي أثارت إدانات دولية واسعة. ومن بين الإجراءات التي تعرضن لها الحظر المفروض على الدراسة الجامعية للبنات، وفرض قيود على الحجاب والتنقل والعمل، مما دفع الكثير منهن إلى الخروج من البلاد بحثًا عن الأمان وحرية العيش.

وأشارت التقارير إلى أنه في ظل هذه الظروف، تتطلب الحالة دعمًا دوليًا مستمرًا لتوفير المساعدات الإنسانية والحماية للنساء والفتيات في أفغانستان، إلى جانب الضغط على حركة طالبان للالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تكفل حقوق المرأة. كما يتوجب على المجتمع الدولي دعم المنظمات النسائية الأفغانية والمبادرات المحلية التي تحاول الحفاظ على مكتسبات النساء رغم الظروف القاسية.

واعتبرت أنه على الصعيد الداخلي، تبقى المرأة الأفغانية أكثر المتضررين من هذه السياسات القمعية، لكنها لا تزال تقاوم بشتى الوسائل للحفاظ على حقوقها الأساسية. شهادات العديد من النساء اللاتي تم فصلهن من وظائفهن تكشف عن معاناة حقيقية من فقدان الاستقلال المالي والمهني، مع تبعات نفسية واجتماعية شديدة.

وشددت أصوات أفغانية على أن فصل نحو 120 معلمة وموظفة من رياض الأطفال في كابول هو مؤشر واضح على تصاعد انتهاكات حقوق المرأة في أفغانستان تحت حكم طالبان، وعلى تراجع الدور الاجتماعي والاقتصادي للمرأة، مما يهدد مستقبل الجيل القادم ويعكس واقعًا مظلمًا بحقوق الإنسان في البلاد. يبقى الأمل في أن تستعيد المرأة الأفغانية حريتها وحقوقها عبر دعم دولي وإصرار محلي على التغيير.

شارك