إسرائيل تتمسك بنزع سلاح حماس وترفض مقترح التجميد/تزوير «الأوراق الوطنية»... تهديد مباشر للأمن القومي في ليبيا/واشنطن تصادر «ناقلة فنزويلية» مرتبطة بتمويل «الحرس» و«حزب الله»
الجمعة 12/ديسمبر/2025 - 12:28 م
طباعة
إعداد: فاطمة عبدالغني
تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 12 ديسمبر 2025.
الخليج: حملة دبلوماسية أمريكية بعد الفرنسية على لبنان لحصر السلاح
بدأ وفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى حملة دبلوماسية في بيروت، بينما أنهى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته التي استمرت ثلاثة أيام، وسط ضغوط مكثفة للمضي في خطة نزع سلاح «حزب الله» وتجنب مواجهة محتملة مع إسرائيل بعد أعياد الميلاد.
والتقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام رئيس «مجموعة العمل الأمريكية لأجل لبنان» إدوارد غابرييل، على رأس وفدٍ من المجموعة تم خلاله بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والتحديات التي يواجهها لبنان. كما التقى الوفد قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، وتناول اللقاء بحث الأوضاع العامّة في لبنان والمنطقة، وسبل دعم الجيش والتحديات التي تواجهه حالياً في ظلّ الأوضاع الرّاهنة.
وأكدت أوساط متابعة أن الوفد الأمريكي، الذي يضم أيضاً عدداً من أعضاء الكونغرس، يحمل رسالة تحذيرية مفادها أنّ لبنان سيخسر الاهتمام الأمريكي في حال لم يقم بما هو مطلوب منه، من حصر السلاح إلى إقرار الإصلاحات الاقتصادية ومن ضمنها القروض الأربعة المقدّمة من البنك الدولي والتي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار قبل نهاية العام الحالي.
وفي السياق أنهى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين والقيادات السياسية بالترحيب بتكليف سيمون كرم للمشاركة في اجتماع «الميكانيزم» إلا أنه اعتبر أن ذلك غير كافٍ من أجل إبعاد شبح التصعيد عن لبنان وأن المطلوب معالجة سلاح «حزب الله» وتطبيق القرار 1701 واتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، إضافة إلى استكمال الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تمهّد الطريق لمؤتمر الدعم المالي الدولي الذي تسعى فرنسا لعقده في باريس، وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وتطرق رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة أمس، إلى التهديدات التي يطلقها بعض الدبلوماسيين، خاصة ما صدر أكثر من مرة عن الموفد الأمريكي توماس باراك لجهة ضم لبنان إلى سوريا، وقال: «لا يعقل أن يتم التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، خاصة من الدبلوماسيين ولا سيما من شخصية كشخصية السفير باراك، وما قاله عن ضم لبنان إلى سوريا «غلطة كبيرة» غير مقبولة على الإطلاق».
في غضون ذلك أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، بأنّ «حزب الله» يستعيد قدراته على جميع الجبهات وسط تدفق متجدد للأموال الإيرانية، لافتةً إلى أنّ «تل أبيب لن تنتظر إلى ما لا نهاية»، وقالت: إن «لبنان فكّك 80 في المئة من سلاح «حزب الله» جنوب الليطاني، لكنه غير قادر على استكمال نزع السلاح قبل نهاية العام»، مشيرةً إلى أنّ واشنطن أبلغت الجانب اللبناني أنها قد لا تتمكن من منع أي عملية عسكرية إسرائيلية محتملة إذا لم تُباشر الحكومة اللبنانية خطوات ملموسة وسريعة لنزع سلاح الحزب.
بري: تصريح باراك عن ضم لبنان لسوريا غلطة كبيرة
لانا نسيبة: الإمارات تؤكد أولوية الهدنة الإنسانية الفورية في السودان
أكدت لانا زكي نسيبة، وزيرة دولة، اليوم الخميس، خلال مؤتمر صحفي في أبوظبي، أن الإمارات في مشاورات منتظمة بشأن الصراع المروع الجاري في السودان، وأنها ترحب بقرار البرلمان الأوروبي لدعم جهود الوساطة في السودان، وكذلك بنتائج اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الذين أكدوا في ختامه على أولوية جهود الوصول إلى هدنة إنسانية فورية في السودان.
وعقدت لانا زكي نسيبة، مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع دوبرافكا سويكا، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، شددت خلاله دوبرافكا على أن دولة الإمارات تعد شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وهناك تعاون ممتد بين الجانبين لعقود، ويشكل هذا التعاون الاستراتيجي ركيزة أساسية في جهودنا المشتركة لتعزيز الاستقرار وتحقيق الازدهار والتنمية في المجتمعات.
مفاوضات اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي
وأكدت لانا زكي نسيبة في مستهل المؤتمر الصحفي أهمية الإعلان اليوم عن مفاوضات اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي، وقالت: إنه لمن دواعي سروري أن نخطو هذه الخطوة المهمة نحو تعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس قناعتنا المشتركة بأن التعاون بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي أمر أساسي لتحقيق الاستقرار والازدهار وتوفير الفرص داخل منطقتنا وخارجها على المستوى العالمي.
وأضافت: ملتزمون بالارتقاء بعلاقاتنا إلى مستوى أكثر طموحاً، ورأينا منذ وقت طويل الإمكانات الكبيرة غير المستغلة في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي، ونرحب بالخطوات التي تم اتخاذها في بروكسل لبدء مفاوضات ثنائية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بهدف إبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية شاملة.
وأوضحت أن محادثاتنا المعمقة، لاسيما محادثات اتفاقية التجارة الحرة، تتقدم بسرعة، مدعومة بأساس قوي من المصالح الاقتصادية المشتركة، مشيرة إلى أن آثارها الإيجابية ستنعكس على شعوبنا وشعوب القارة الأوروبية، إذ ستعزز الروابط التجارية وستتوسع فرص الاستثمار، كما سيتعمق التعاون بين مجتمع الأعمال في الجانبين.
وأشارت إلى أن اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي أبرمتها دولة الإمارات على المستوى العالمي أثبتت الأثر التحولي الذي يمكن أن تحدثه هذه الخطوات على اقتصاداتنا المشتركة، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاستثماري الأول لدولة الإمارات وثاني أكبر شريك تجاري لها على مستوى العالم، ونحن نتطلع إلى بناء شراكة اقتصادية شاملة مع الاتحاد الأوروبي على أسس راسخة.
وقالت إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي نتفاوض بشأنها الآن ستوفر هيكلاً منظماً للتعاون في المجالات الحيوية والملحة مثل الرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة وغيرها.
وأكدت أن شراكتنا تتجاوز التأثير الاقتصادي، فهي تجسد مسؤولية مشتركة للإسهام في الاستقرار العالمي والإغاثة الإنسانية، ويشكل تعهد دولة الإمارات بتقديم 550 مليون دولار أمريكي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة التي أطلقتها الأمم المتحدة، التزامنا بضمان أن التعاون الدولي لا يوفر الازدهار فحسب، بل أيضاً الكرامة والأمل لأكثر المجتمعات ضعفاً حول العالم.
وقالت إن مهمتنا الآن هي ترجمة هذا التحالف المتنامي مع الاتحاد الأوروبي إلى نتائج ملموسة، والانتقال من النوايا الاستراتيجية إلى التنفيذ العملي، وضمان أن تحقق شراكتنا فوائد قابلة للقياس لشعوبنا ولقطاعاتنا الخاصة وللمجتمع الدولي الأوسع.
وأكدت أن دولة الإمارات على أتم الاستعداد للعمل بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي، مسترشدة بمبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والرؤية طويلة المدى، من أجل تعزيز مستقبل التعددية الثقافية والتنوع والمشاركة البناءة على الساحة العالمية.
من جانبها، أكدت دوبرافكا سويكا أننا نخطو اليوم خطوة مهمة في مسار علاقتنا الاستراتيجية مع الإعلان عن مفاوضات اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات.
وقالت: يرتكز هذا الإعلان على تعاوننا الممتد منذ عقود، وعلى الأجندة الطموحة التي وضعناها في عام 2024 والتي تمضي قدماً برؤية طويلة المدى في إطار استراتيجية الاتحاد الأوروبي لعام 2032، ومن خلال هذه المفاوضات نهدف إلى وضع أجندة حديثة وطموحة وتنفيذها، ونؤكد أننا نسعى إلى تعزيز الأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات.
وأشارت إلى أنه سيتم العمل على المضي قدماً في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة التي أُطلقت في مايو من هذا العام، وتعد دولة الإمارات شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وتقوم بدور بارز كشريك رئيسي في مجالي التجارة والاستثمار، كما تمثل مركزاً محورياً يربط أوروبا بالشرق الأوسط وبقارة آسيا.
وأضافت: من خلال اتفاقية التجارة الحرة، نهدف إلى وضع إطار شامل وطموح لتعميق التعاون الحيوي في مجالات واسعة، منها البحث العلمي والابتكار، والطاقة، والذكاء الاصطناعي، والرقمنة، والعمل الإنساني، والتعليم، كما ستفتح اتفاقية التجارة الحرة آفاقاً جديدة للتعاون في مشاريع واسعة النطاق عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما يسهم في معالجة التحديات المشتركة واغتنام الفرص الاستراتيجية.
وأكدت أن دور أوروبا في بناء هذا التعاون الاستراتيجي هو عنصر أساسي في تعزيز الاستقرار والازدهار، ونحن نرى في دولة الإمارات شريك استراتيجي في هذا الجهد، وتعد اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي نطلقها اليوم أداة رئيسية ضمن إطار علاقاتنا المشتركة.
ملف السودان
ورداً على أسئلة لعدد من ممثلي وسائل الإعلام حول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة ومفاوضات التجارة الحرة بين دولة الإمارات الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ملف السودان، قالت لانا نسيبة: إنه بشأن محادثات التجارة، نحن نُجري محادثات مثمرة للغاية، ودولة الإمارات تضاعف جهودها في مجال التجارة، ولديها سجل حافل في التقدم السريع والجريء في اتفاقية التجارة، وسجلها يتحدث عن نفسه، حيث تم توقيع 31 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة في ثلاث سنوات فقط.
وعن ملف السودان، قالت: إننا في مشاورات منتظمة بشأن الصراع المروع الجاري في السودان، ونرحب بقرار البرلمان الأوروبي لدعم جهود الوساطة في السودان، وكذلك بنتائج اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الذين أكدوا في ختامه على أولوية جهود الوساطة من أجل التوسط للوصول إلى هدنة إنسانية فورية في السودان، يليها وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم انتقال إلى حكومة مدنية مستقلة في السودان، مؤكدة أن هذا هو الأساس الجوهري لجهود الوساطة التي ندعمها بالكامل، ونحن نجتمع بانتظام مع نظرائنا الأوروبيين بشأن شروط التهدئة.
وأشارت إلى أن بيان المجموعة الرباعية الصادر في سبتمبر يمثل خطوة تاريخية نحو وقف القتال وإنهاء الحرب الأهلية بين الطرفين المتنازعين، ورسم خريطة طريق واقعية للتهدئة، كما أن المجموعة الرباعية أكدت أن السودان يجب ألا يكون له مستقبل تحدده الجماعات المتطرفة، ولا أن يصبح دولة هشة يجد فيها الإرهابيون ملاذاً آمناً؛ فالحكومة المدنية المستقلة هي الطريق نحو سودان مستقر وآمن.
إسرائيل تتمسك بنزع سلاح حماس وترفض مقترح التجميد
أكّد مسؤول إسرائيلي الخميس أن سلاح حماس سيُنزع وفق اتفاق الهدنة الذي أبرم بوساطة أمريكية، وذلك غداة اقتراح الحركة «تجميده» مقابل هدنة طويلة الأمد.
وقال المسؤول الإسرائيلي: لن يكون هناك أي مستقبل لحماس في إطار الخطة المكوّنة من 20 نقطة، وسيُنزع سلاح الحركة، مضيفاً «ستكون غزة منزوعة السلاح».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج خالد مشعل أكد في مقابلة تلفزيونية الأربعاء أن حركته تطرح عدم استخدام سلاحها مقابل هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل.
وتبحث إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقترحاً يتم بموجبه نزع سلاح حماس، على طريقة الجيش الإيرلندي، حيث تم تسليم الأسلحة وتخزينها تحت الإشراف البريطاني.
ويعد نزع سلاح حماس من أكثر النقاط تعقيداً في المرحلة الثانية من اتفاق وقف القتال، ففي حين ترفض الحركة التسليم الفوري لسلاحها، قال باسم نعيم، عضو مكتبها السياسي، إن حماس ستكون منفتحة على مناقشة «تجميد أو تخزين» ترسانتها، تحت إشراف مستقل، بدلاً من قولها سابقاً إنها ستسلمه إلى السلطة الفلسطينية الحاكمة، لكن رغم ذلك لا تزال التفاصيل ضبابية.
البيان: هل باتت «الميكانيزم» مسرحاً يتحدد عليه مستقبل لبنان؟
تتجاذب الجو العام في لبنان تقديرات متناقضة، بين من يعتبر من جهة، الفترة الفاصلة من الآن وحتى آخر العام الجاري، استراحة موقتة تسبق الانتقال إلى مرحلة متفجرة بتصعيد إسرائيلي اعتباراً من مطلع العام الجديد، يلي انقضاء المهلة الممنوحة للجيش اللبناني حتى آخر العام لسحب سلاح حزب الله، ويقارب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن أواخر الشهر الجاري بوصفها تأسيسية لهذا التصعيد، لتحقيق هدف إسرائيل بنزع السلاح، وبين من يستبعد من جهة ثانية، احتمالات التصعيد، ويعول على كابح أمريكي له، وعلى مسار معاكس يفتح على حل سياسي، ربطاً بالمفاوضات ضمن لجنة الميكانيزم بعد تطعيمها بمدنيّين.
أما على المقلب المكمل لهذه الصورة، فإن ثمة كلاماً عن أن واشنطن نجحت في فرض هدنة سياسية - تفاوضية أوقفت الانزلاق إلى حرب شاملة.. غير أن هذه الهدنة موقتة ومعلقة على نتائج الاجتماعات المقبلة لـ«الميكانيزم» (لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية)، والتي باتت المسرح الذي سيتحدد عليه مستقبل لبنان القريب.
ورغم كل التحركات المتصلة بالجهود لاستبعاد تجدد الحرب، والتعويل الكبير على قوة الدفع التي يمكن أن تنشأ حال إعلان لبنان انتهاء المرحلة الأولى من حصرية السلاح بيد الدولة، لا تبدو صورة الموقف في لبنان واضحة أو مطمئنة إلى الحدود التي تتيح رسم خط بياني للمرحلة التي ستلي استحقاق انتهاء حصر السلاح في جنوب الليطاني.
ذلك أن لبنان، في ظل الجهود الدبلوماسية المنصبة على تجنيبه الحرب التي لا تبدو احتمالاتها مستبعدة.
ووفق ما يتردد من معلومات دبلوماسية، يمرر مرحلة تهدئة نسبية في الأسابيع الأخيرة قبل نهاية العام، في انتظار الاجتماع المقبل للجنة الميكانيزم في 19 ديسمبر الجاري، وما إذا كان سيؤدي إلى أي شيء، وإنْ في ظل توقعات سلبية في شكل عام نتيجة أجواء احتقان مستمرة داخلية ومع إسرائيل وعدم وضوح الرؤية اللبنانية لمسار الأمور، وخصوصاً أن الكلام على آلية الانسحاب الإسرائيلية من المواقع المحتلة جنوباً، أو وقف اعتداءاتها، لن يكون كافياً وحده في حال التسليم جدلاً بوجود موقف لبناني موحد واستراتيجية واضحة في هذا الإطار.
وما يلفت المعنيين في هذا الإطار أن السفير الأمريكي، ميشال عيسى، أقام جداراً عازلاً بين العمل السياسي والأمني، ففصل المسار التفاوضي عن العسكري، ورأى أن انطلاق المفاوضات لا يعني أن إسرائيل ستوقف اعتداءاتها، وذلك في إشارة قرأتها مصادر سياسية على أنها تعكس مباركة أمريكية لفصل المسارين التفاوضي والميداني، ما يعني استمرار الضغوط على الحزب بمعزل عن مسار التفاوض مع الدولة.
إلى ذلك، يبدو أن لبنان يتقدم صوب اجتماع باريس المقرر في 18 ديسمبر الجاري، وهو يضم إلى جانب بيروت كلاً من واشنطن وباريس والرياض.
وأهمية هذا الاجتماع مزدوجة، فهو من جهة يمهد لمؤتمر دعم الجيش، المفترض عقده الشهر المقبل، ومن جهة ثانية يتيح لقائده العماد رودولف هيكل أن يقدم وللمرة الأولى، تفاصيل عن خطة حصر سلاح حزب الله، وحاجات المؤسسة العسكرية لاستكمالها.
تخوف أممي
بدوره، أكد مسؤول أممي لـ«البيان»، أن الوضع في لبنان لا يبعث على التفاؤل، ومستقبله سيكون في خطر كبير إن لم تتبلور تفاهمات تلغي عوامل التصعيد والتوتر، خصوصاً أنه مقبل على وضع حساس جداً في منطقة الجنوب، إذ بعد عام من الآن لن تكون هناك قوات أممية، بعد قرار مجلس الأمن بسحبها حتى نهاية العام المقبل.
ووفق المسؤول الأممي نفسه، فإن ثمة حاجة لقوات بديلة ترعى الأمن في تلك المنطقة، والبديهي هنا إسناد هذا الدور للقوات المسلحة اللبنانية.
وبالتالي فإن المرحلة من بداية العام الجديد إلى آخرها هي مرحلة التدرج في سحب تلك القوات، ما يعني أن عديدها سيتقلص مع توالي الأيام، وأن ضرورات الأمن والاستقرار على جانبي الحدود تقتضي من جهة أن يُحكِم الجيش اللبناني سيطرته على المنطقة الجنوبية وزيادة عديده فيها، من دون أن تبرز أمامه أي عراقيل.. وتقتضي من جهة ثانية الالتزام الكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية تحديداً من قبل إسرائيل، وهذا يوجب بدوره على الدول الصديقة للبنان أن ترفده بالدعم اللازم، ويؤمل أن تبدأ معالم هذا الدعم الفعلي في المسار التفاوضي الذي تقرر عبر «الميكانيزم».
ملامح المشهد السوري بعد إلغاء قيصر.. الاقتصاد أولاً
يشكّل إدراج بند إلغاء «قانون قيصر» ضمن مشروع قانون الدفاع الوطني الأميركي للعام المالي 2026 نقطة تحوّل في مسار العلاقة بين واشنطن ودمشق منذ عام 2011. فبعد ست سنوات من تطبيق نظام عقوبات واسع النطاق شمل قطاعات الطاقة والمصارف والإنشاءات والبنى التحتية، يتجه هذا الإطار التشريعي إلى نهايته لأول مرة، بما يعيد سوريا إلى وضعية مختلفة تماماً ضمن النظام المالي والاقتصادي العالمي.
ولا يقتصر إلغاء قيصر على رفع القيود القانونية عن التعامل مع سوريا، بل يمثل انتقال أميركي من سياسة الخنق الاقتصادي إلى سياسة «الرقابة المشروطة»، بما يجعل سوريا أمام مرحلة جديدة تؤسس لاندماج سياسي واقتصادي تدريجي.
ويعني إلغاء قانون قيصر، في المستوى الاقتصادي المباشر، إزالة الخطر القانوني عن الشركات الأجنبية، خصوصاً الخليجية والأوروبية، التي امتنعت طوال السنوات الماضية عن الدخول في مشاريع الطاقة والكهرباء والمرافئ والاتصالات والمصارف خشية العقوبات الثانوية. ومع زوال هذا العائق، تصبح قطاعات واسعة كانت مجمّدة بشكل كامل قابلة للاستثمار، وعلى رأسها قطاع الكهرباء الذي يحتاج إلى إعادة بناء شبه شاملة، وقطاع الإسمنت الذي تعطل بفعل استحالة استيراد المعدات، إضافة إلى مشاريع الطرق والمرافئ والمطارات والمصافي. كما يتيح الإلغاء عودة التمويل الدولي لأول مرة منذ 2011، إذ لم تكن سوريا قادرة على الوصول إلى قروض أو برامج تنموية من مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بسبب القيود القانونية المرتبطة بقيصر، فيما يفتح الإلغاء الباب أمام طلب تمويل لمشاريع بنى تحتية كبرى في مجالات المياه والصحة والنقل والطاقة، بما يسمح بعودة تدريجية إلى الدورة الاقتصادية الدولية.
وفي المستوى المالي والنقدي، يمهّد الإلغاء لتخفيف الضغط على الليرة السورية عبر إدخال العملة الأجنبية بطرق نظامية، إذ يمكن للتحويلات والاستثمارات والمساعدات التقنية أن تتم عبر النظام المصرفي وليس عبر السوق السوداء فقط. وهذا يخلق بيئة أقل هشاشة، ويقلّل كلفة التعاملات، ويعيد جزءاً من الثقة المفقودة في المؤسسات المالية. كما يساهم في تقليل الاعتماد على طرق الالتفاف بفعل العقوبات، ويفتح الباب أمام نماذج أكثر استقراراً لإدارة الموارد، خصوصاً في مرحلة إعادة الإعمار.
ترافق الإلغاء مع آلية مراقبة تمتد لأربع سنوات، يلتزم فيها البيت الأبيض برفع تقرير إلى لجان الكونغرس كل 180 يوماً يتناول التزام الحكومة السورية بمجموعة معايير تُعتبر جوهر التحوّل المطلوب أميركياً. وتشمل هذه المعايير مكافحة تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة، واتخاذ خطوات ملموسة في ملف الاعتقال والمفقودين، واحترام حقوق الأقليات الدينية والقومية، وعدم شنّ عمليات عسكرية ضد دول الجوار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل، والتعاون مع آليات الأمم المتحدة ذات الصلة، إضافة إلى اتخاذ خطوات سياسية داخلية يراها الكونغرس مدخلاً لتسوية قابلة للاستمرار. ولا يؤدي الإخلال بهذه المعايير إلى عودة تلقائية للعقوبات، لكنه يمنح الكونغرس القدرة على إعادة فرضها إذا رأى أن مسار التغيير يتراجع.
وتشير طبيعة هذا التحول إلى أن سوريا تتجه نحو مرحلة التكيف مع البيئة الدولية الجديدة. فالإلغاء يعيد توجيه بوصلة الاستثمار نحو أصدقاء سوريا الذين يمتلكون القدرة والرغبة في لعب دور مركزي في إعادة الإعمار، كما يحدّ من تغوّل النفوذ الخارجي الضار الذي توسع خلال فترة الانعزال الاقتصادي بحقبة نظام الأسد المخلوع.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا الانفتاح إلى تسريع مشاريع الكهرباء والطاقة والمرافئ والغاز، التي بدورها توفّر أساساً مادياً لاستقرار سياسي واجتماعي لا يمكن تحقيقه بغير اقتصاد فعّال. ومع الزخم العربي المتزايد منذ مطلع 2025، يصبح إلغاء قيصر خطوة مكملة لمسار استعادة سوريا لموقعها ضمن النظام العربي، خصوصاً مع استعداد للدخول في مشاريع استراتيجية، كانت مستحيلة قانونياً قبل هذا التحوّل.
وتتجه البلاد في ظل إلغاء قيصر نحو توازن جديد بين ضرورات الاستقرار الداخلي ومتطلبات الانفتاح الخارجي. فالاقتصاد السوري الذي ظلّ محاصراً لأكثر من عقد يقف اليوم أمام مرحلة انتقالية تحتاج إلى سياسات أكثر انضباطاً، وإلى قدرة على إدارة تدفق الاستثمارات دون خلق احتكارات أو مسارات غير إيجابية.
الاتجاه العام يميل نحو مرحلة عنوانها عودة سوريا إلى شبكة المصالح الدولية بعد سنوات من الانقطاع، وبداية انتقال من اقتصاد العقوبات إلى اقتصاد المصالح.
الحوثيون يدفعون اليمن نحو عام مثقل بالجوع والصراع
على وقع تصعيد الحوثيين في مختلف خطوط التماس يطل اليمن على عام جديد مثقل بالجوع والأزمات، حيث يواجه 23 مليون شخص صعوبة في الحصول على الغذاء الكافي، في غياب أي أفق للتسوية بعد عامين على إفشالها من قبل الجماعة.
مع حلول العام الجديد لا يزال ما يقرب من 4.8 ملايين يمني نازحين داخل البلاد - كثير منهم منذ سنوات - بينما لجأ أكثر من 62,000 لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. لكن الأشد سوءاً هو تصعيد الحوثيين من استهداف المنظمات الإغاثية ما ينبئ بعام غاية في القسوة على المدنيين.
أحدث البيانات الإغاثية أظهرت أن هناك 23 مليون يمني سيحتاجون للمساعدات الغذائية خلال العام المقبل لكن مظلة المساعدات الأممية لن تغطي سوى أقل من نصف هذا العدد، ويواجه السكان في مناطق سيطرة الحوثيين سيواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الغذاء ومستويات عالية من الحرمان والجوع بعد أن قامت الجماعة بمداهمة مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية واعتقال العشرات من الموظفين والبدء بمحاكمتهم.
المملكة المتحدة دانت قرار الحوثيين إحالة موظفين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية إلى المحاكمة، ودعتهم إلى التراجع الفوري عن هذه الخطوة والإفراج عن جميع المحتجزين دون قيد أو شرط. وحذرت من أن هذا التصعيد يهدد بشكل مباشر إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية إلى الفئات الأكثر احتياجاً في البلاد.
الأمم المتحدة جددت قلقها البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة بشكل تعسفي، إضافة إلى عشرات من موظفي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية وأدانت إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية لموظفي الأمم المتحدة إلى محكمتها الجنائية الخاصة.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام إن موظفي الأمم المتحدة يحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، دون أي إجراءات قانونية واجبة، في انتهاك للقانون الدولي. الذي يكفل لموظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، حصانة من الإجراءات القانونية فيما يتعلق بجميع الأعمال التي يقومون في إطار مهامهم الرسمية.
ودعا المتحدث باسم الأمين العام سلطات الأمر الواقع الحوثية إلى التراجع عن هذه الإحالة والعمل بحسن نية من أجل الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي المحتجزين. وأكد أن الأمم المتحدة تظل ملتزمة بدعم الشعب اليمني وتقديم المساعدة الإنسانية بما يتماشى مع المبادئ.
الشرق الأوسط: تزوير «الأوراق الوطنية»... تهديد مباشر للأمن القومي في ليبيا
يتابع الليبيون بقلق كبير ما ستكشفه تحقيقات النيابة العامة حول توسع عمليات التزوير داخل منظومة السجل المدني، بعدما وصلت وفق مسؤولين إلى الاشتباه في وجود حوالي 34 ألف قيد عائلي.
ولا يعني هذا الرقم، وفق مراقبين وسياسيين، مجرد حصول أجانب على أرقام وطنية عبر مستندات مزورة، وما يرافق ذلك من نيل مزايا اجتماعية واقتصادية وسياسية، بل يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي، عبر المساس بالتركيبة الديمغرافية للمجتمع الليبي.
ورغم تعدد دوافع التزوير، يرى هؤلاء أن منحة «أرباب الأسر»، المعروفة بمنحة الزوجة والأبناء في المجتمع الليبي، تعد المحرك الأبرز وراء انتشار هذه الممارسات، بعد تمكن بعض الموظفين والوسطاء من التلاعب بالبيانات مقابل مكاسب مالية.
وتقدم المنحة بواقع 100 دينار شهرياً للأبناء دون 18 عاماً، ومبلغ مماثل للبنات فوق 18 عاماً، و150 ديناراً للزوجة غير العاملة. (الدولار يساوي 5.44 دينار في السوق الرسمية).
وأشار خليفة عاشور، المحامي العام بمكتب النائب العام، في تصريحات تلفزيونية إلى أن «الحصول على هذه المنحة كان في مقدمة دوافع اختراق منظومة السجل المدني، قبل أن يتطور الأمر لاحقاً للحصول على جوازات سفر ليبية». وأوضح أن «الاشتباه في 34 ألف قيد عائلي يعني نظرياً الاشتباه في عدد كبير من الأرقام الوطنية، على أساس أن كل قيد قد يضم ربما ستة أفراد»، عادّاً أن «ما جرى التحقيق به فعلياً من ملفات لا يزال رمزياً»، مبرزاً أن البلاغات الأولية تتضمن «أكثر من 274 أجنبياً، يشتبه في حصولهم على أرقام وطنية، وأنه قد تمت إحالة 154 قضية مرتبطة بهذه الوقائع إلى المحاكم المختصة».
ويرى عضو مجلس النواب الليبي، محمد عامر العباني، أن «تمتع ليبيا بثروات نفطية وقلة عدد سكانها، مقارنة بدول الجوار، شكّل دافعاً قوياً لسعي كثيرين إلى الحصول على جنسيتها عبر طرق مشروعة أو مسارات التزوير، في ظل ما يرتبط بذلك من مزايا اقتصادية واجتماعية».
وأوضح العباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه إلى جانب منحة الزوجة والأبناء، هناك مبادرات إعانات شهرية للأسر والفئات المستحقة ولغير القادرين على العمل، فضلاً عن دعم السلع الأساسية، مؤكداً أن هذه الامتيازات «حولت الجنسية إلى هدف مُغرٍ».
من جانبه، عدّ الباحث القانوني الليبي، هشام سالم الحاراتي، أن الفوضى السياسية والأمنية عقب سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وما رافقها من ضعف الرقابة، «سمحت بتمكن حصول بعض العناصر الأجنبية على أرقام وطنية بطريقة غير مشروعة». وقال الحاراتي لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض الموظفين الفاسدين بالسجل المدني حولوا الهوية الوطنية إلى سلعة تباع وتُشترى، والمزايا المرتبطة بالجنسية، مثل العلاج والتعليم المجاني داخل ليبيا وخارجها، تحولت على أيديهم من أداة دعم تقدمها الدولة لمواطنيها إلى بوابة للانتفاع غير المشروع لهم».
ورغم ما تشهده ليبيا من انقسام سياسي واشتباكات متقطعة وانتهاكات بسبب المهاجرين غير الشرعيين، فإن البلاد ما زالت تمثل محطة جذب للباحثين عن العمل، أو لأنه معبر نحو أوروبا، وهو ما يزيد من حجم الطلب على تزوير الأرقام الوطنية.
وحذّر الحاراتي من «توظيف هذا التزوير في الحصول على جواز السفر الليبي، وتبعاته من توظيف للهوية الوطنية في شبكات تطرف، أو في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عبر تضخيم السجل المدني، وشراء أصوات من حصلوا على أرقام وطنية بطرق غير قانونية، وهو ما يهدد نزاهة أي عملية انتخابية».
وتجرى التحقيقات في عدة مكاتب رئيسية للسجل المدني، بينها طرابلس والأصابعة وصرمان وسرت وبنغازي، لكشف باقي المتورطين في هذه الجرائم.
وقد تم الكشف في إحدى القضايا عن حصول أجنبي على أرقام وطنية له ولأسرته مقابل 45 ألف دينار. واحتلت سبها جنوب البلاد المرتبة الأولى في حجم الاختلالات، بعد حبس موظف اتهم بتزوير أكثر من ألف مستند رسمي، بين شهادات ميلاد، وعقود زواج وطلاق، وقيود عائلية.
ورغم اعتراف بعض المسؤولين بأن منظومة السجل المدني أنشئت على عجل بعد 2011، وأنها تعاني خللاً بنيوياً، فإن الحاراتي يرى أن «الانقسام السياسي ألقى بظلاله على عرقلة الكشف عن وقائع التزوير، نظراً لغياب التنسيق بين الجهات الأمنية في شرق البلاد وغربها».
وخلال تصريحاته، أكد النائب العام، الصديق الصور، أن «الموظفين المتورطين يخضعون لقانون العقوبات وقانون الكسب غير المشروع، والأجانب الذين حصلوا على وثائق مزورة يعدون شركاء في الجريمة».
وانضمت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان لكثير من الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي، داعية في بيان لها «إنزال أقسى العقوبات على كل من شارك في هذه الجرائم»، محذرة من «خطورتها على الأمن القومي».
وعدّ أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، أيوب الفارسي، أن وقائع التزوير تمثل «ملفاً يتجاوز الفساد سواء الإداري أو المالي، ليهدد الهوية والسيادة، ويستنزف الموارد».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» لفت الفارسي إلى مزايا اقتصادية يتمتع بها حامل الرقم الوطني، مثل «امتلاك عقارات وشركات، وفتح حسابات بنكية، والحصول على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي، الذي يقل كثيراً عن سعر السوق الموازية»، معبّراً عن قلقه مما تفرضه «مشاركة الأجانب لأبناء البلاد في الامتيازات من أعباء مالية ضخمة على الدولة».
وفي صرمان غرب ليبيا، كشف عن تزوير تسعة قيود عائلية، وتمكين 63 أجنبياً من الحصول على أرقام وطنية، حصلوا عبرها على أكثر من 85 ألف دينار خلال 13 عاماً.
واشنطن تصادر «ناقلة فنزويلية» مرتبطة بتمويل «الحرس» و«حزب الله»
في أخطر تصعيد منذ بدء الضغوط الأميركية على الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الاستيلاء على ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا، التي وصفت العملية بأنها «قرصنة دولية». وربطت تقاريرُ بين حمولة الناقلة وتمويل «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.
وكان الرئيس الأميركي يتحدث خلال مناسبة في البيت الأبيض، الأربعاء، عندما أشار إلى عملية الاستيلاء على ناقلة النفط، واصفاً إياها بأنها «كبيرة للغاية»، من دون تقديم تفاصيل بشأن الجهة مالكة الناقلة، مضيفاً أن «هناك أموراً أخرى تجري». وعندما سئل عن النفط الذي كانت تحمله السفينة، أجاب ترمب: «حسناً؛ سنحتفظ به، على ما أعتقد»، مضيفاً أنه «جرى الاستيلاء عليها لسبب وجيه للغاية». كما جدّد ترمب تهديده الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، وقال إن «دوره سيأتي بعد مادورو».
وأفاد مسؤولون أميركيون بأن الناقلة كانت تحمل نفطاً فنزويلياً، مؤكدين عدم حدوث مقاومة من الطاقم وعدم وقوع إصابات. وأفاد أحدهم بأن الناقلة كانت تنقل النفط إلى كوبا.
«قرصنة دولية»
بعد ساعات من تأكيد ترمب عملية الاستيلاء، صرّح وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان غيل، في بيان على «إنستغرام»، بأن كاراكاس «تدين بشدة وترفض ما تُعدّ سرقةً سافرة وعملاً من أعمال القرصنة الدولية». وأضاف: «انكشفت أخيراً الأسباب الحقيقية وراء العدوان المتواصل على فنزويلا. إنها ليست الهجرة، وليس تهريب المخدرات، وليست الديمقراطية... لطالما كان الأمر يتعلق بمواردنا الطبيعية». وقال إن هدف ترمب «لطالما كان الاستيلاء على النفط الفنزويلي دون أي مقابل».
وتُمثّل عملية الاستيلاء أحدث خطوة في المسار التصاعدي الذي يسلكه الرئيس ترمب للضغط على مادورو، المتهم أميركياً بإدارة عصابة «إرهابية» تُهرب المخدرات إلى الولايات المتحدة، علماً بأن كثيراً من المسؤولين الحاليين والسابقين في واشنطن العاصمة يعتقدون أن الحملة تهدف في نهاية المطاف إلى تغيير النظام في كاراكاس.
ومنذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، شنت الولايات المتحدة أكثر من 22 غارة معلنة ضد قوارب في جنوب البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ؛ ما أدّى إلى مقتل 87 شخصاً. وتُصرّ إدارة ترمب على أن هذه القوارب تُهرّب المخدرات.
ونشرت وزيرة العدل الأميركية، بام بوندي، ليل الأربعاء، مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر قوات أميركية مسلحة تهبط بالحبال من طائرة هليكوبتر على سطح ناقلة نفط، موضحة أن العملية ضمت «مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)»، ووزارة الأمن الداخلي، وخفر السواحل، بدعم من «وزارة الحرب (البنتاغون)». وأضافت أن الناقلة كانت تُستخدم لنقل «نفط خاضع للعقوبات» من فنزويلا وإيران.
عقوبات مرتبطة بإيران
وتوقع مسؤولون أميركيون وقوع عمليات مصادرة إضافية في الأسابيع المقبلة، في إطار جهود إدارة ترمب لإضعاف حكومة مادورو عبر تقويض سوق النفط الفنزويلية.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول أميركي تأكيده أن الناقلة المصادرَة تحمل اسم «سكيبر»، وأنها كانت تحمل نفطاً من «شركة النفط الحكومية الفنزويلية». وأضاف أن «الناقلة سبق أن تورطت في تهريب النفط الإيراني، وهو سوق سوداء عالمية تحقق فيها وزارة العدل منذ سنوات».
وذكرت تقارير أن السفينة كانت تبحر تحت علم دولة غويانا دون أن تكون مسجلة فيها، وأن وجهتها النهائية كانت آسيا، كما أنها كانت تُبحر تحت اسمَيْ «أديسا» و«تويو». وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عام 2022 عقوبات على السفينة. وصرح مسؤولون أميركيون بأنها جزء من «شبكة دولية لتهريب النفط تسهل تجارة النفط وتدر عائدات» لدعم «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني.
وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه، وفقاً لتحليل صور الأقمار الاصطناعية والصور الفوتوغرافية، «يُحتمل أن الناقلة كانت تُحاول إخفاء موقعها ببث بيانات موقع مزيفة قبل المصادرَة».
وصرّح المدعون بأن إيران تستخدم عائدات مبيعات النفط لتمويل جيشها و«الحرس الثوري»، الذي تُصنّفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية. ولم تُفصح الإدارة الأميركية عن تفاصيل كثيرة بشأن العملية، بما في ذلك مصير الطاقم ومصير السفينة. ولم يتضح ما إذا كان أمر المصادرَة يخص السفينة، أم النفط، أم كليهما.
النفط الفنزويلي
ورغم الاعتقاد بأن فنزويلا تمتلك احتياطات نفطية هائلة غير مستغلة، فإن إنتاجها النفطي أقل بكثير مما كان عليه في بداية القرن؛ بسبب سوء الإدارة، والعقوبات الأميركية، والفساد في «شركة النفط الفنزويلية» الذي أدى إلى تراجع الإنتاج. ولطالما كانت الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط الفنزويلي، إلا إن التوترات السياسية أدت إلى تآكل هذه العلاقات.
وتستورد الصين حالياً نحو 80 في المائة من إجمالي صادرات النفط الفنزويلية. وتتجه كميات أقل إلى الولايات المتحدة، وغالباً لمصافي التكرير على ساحل الخليج، وإلى كوبا، حيث اعتمد القادة الشيوعيون في «الدولة الجزيرة» لفترة طويلة على هذه الشحنات لتوفير مظهر من مظاهر الاستقرار الاقتصادي.
وفي الأشهر الأخيرة، أمر الرئيس ترمب بتعزيز كبير للقوات الأميركية في المنطقة، حيث بلغ عدد الجنود أكثر من 15 ألف جندي، بالإضافة إلى 12 سفينة حربية في منطقة البحر الكاريبي، بما في ذلك حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد». وأَذِن أيضاً بعمليات سرية ضد فنزويلا، محذراً بأن الولايات المتحدة قد توسع «قريباً جداً» نطاق هجماتها من القوارب قبالة السواحل الفنزويلية لتشمل أهدافاً داخل البلاد. ووضعت إدارة ترمب مجموعة من الخيارات للعمل العسكري في البلاد، بما في ذلك استهداف مادورو والسيطرة على حقول النفط.
وجاءت عملية المصادرة في اليوم نفسه الذي مُنحت فيه جائزة «نوبل للسلام» رسمياً للمعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، التي لم تكن حاضرة في حفل التكريم الذي أقيم في أوسلو الأربعاء، حيث تسلمت ابنتها الجائزة نيابة عنها. وأفادت «لجنة جائزة نوبل للسلام» لاحقاً بأن ماتشادو غادرت فنزويلا باتجاه أوسلو.
وكانت ماتشادو تختبئ في فنزويلا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وتمنعها الحكومة من مغادرة البلاد. وقد أهدت الجائزةَ جزئياً إلى ترمب؛ «لدعمه الحاسم قضيتنا».
دعم روسي
في غضون ذلك، قال الكرملين إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، الخميس، وأكد له دعم موسكو نهج حكومته في مواجهة الضغوط الخارجية المتصاعدة. وأوضح الكرملين، في بيان، أن بوتين ومادورو ناقشا رغبتهما في السعي إلى إبرام اتفاقية للشراكة الاستراتيجية، وتنفيذ مشروعات مشتركة متعددة تشمل الطاقة.
موسكو تعرض التوسط لإنهاء الصراع في السودان
عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وساطة بلاده لدفع عملية سياسية تنهي الصراع الدائر في السودان. وقال في لقاء مع السفراء في موسكو، إن بلاده مستعدة إذا وافقت الحكومة السودانية على «تسهيل البحث عن حلول عملية»، داعياً في الوقت ذاته إلى «وقف توجيه الإدانات إلى أي طرف من أطراف النزاع والعمل على دفع الحوار السياسي».
في سياق آخر، أعلنت سلطات جنوب السودان التوصل إلى اتفاق مع طرفي النزاع في السودان؛ لضمان أمن حقل «هجليج» النفطي الواقع في منطقة حدودية بين البلدين، بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على المنطقة يوم الاثنين الماضي.
وتم الاتفاق من خلال اتصالات أجراها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، مع قائدي الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ويقضي بمنح القوات المسلحة في جنوب السودان المسؤولية الأمنية الأولى لحقل هجليج النفطي، مع انسحاب «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على الحقل إلى المناطق المحيطة به.
ويُعّدَ «هجليج» أكبر حقول النفط في السودان، وهو كذلك المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، والمصدر الوحيد تقريباً لكل إيرادات حكومة جوبا.
«الوحدة» الليبية تبحث مع بريطانيا تعزيز قدرات قواتها القتالية
يبحث وفد عسكري بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة في بريطانيا سبل التعاون العسكري لـ«تعزيز القدرات القتالية» للقوات الموجودة في العاصمة طرابلس، وذلك بالتزامن مع عودة «التوتر المسلح» إلى مدينة الزاوية بغرب البلاد.
وقالت رئاسة الأركان العامة بحكومة «الوحدة»، الخميس، إن معاون رئيس الأركان، الفريق صلاح النمروش»، والوفد المرافق له زارا «المؤسسات التعليمية العسكرية العليا والمتوسطة» بالجيش البريطاني، والتقيا قيادات هذه المؤسسات.
وأضافت رئاسة الأركان أن النمروش ناقش في بريطانيا سبل التعاون مع رؤساء تلك المؤسسات لـ«الارتقاء بمستوى التدريب بالجيش الليبي لرفع مستوى القدرات والكفاءة القتالية للضباط وضباط الصف، خصوصاً حديثي التخرج، علاوة على دراسة إمكانية تبادل الخبرات الطبية لتوطين العلاج المتطور في المستشفيات العسكرية الليبية».
ويتألف الوفد الليبي من ممثلي وزارة الدفاع، وإدارة التدريب برئاسة الأركان العامة، حيث عقد اجتماعات عدة مع المسؤولين والاختصاصيين بتنفيذ برامج التدريب بها.
تأتي زيارة الوفد العسكري الليبي لبريطانيا على خلفية مباحثات أجراها في طرابلس، مطلع الشهر الجاري، سفير المملكة المتحدة الجديد لدى ليبيا مارتن رينولدز، والملحق العسكري للدفاع البريطاني، تناولت بحث آليات التعاون المشترك بين البلدين، وتقديم الدعم العسكري في مختلف المجالات.
وبدا أن بريطانيا تعزز علاقاتها بسلطات غرب ليبيا. علماً بأن رئيس «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، سبق أن بحث الصيف الماضي مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فولكنر، ملفات التعاون الثنائي، من بينها مشاريع تطوير القطاع التعليمي، ومبادرة الدبيبة لتجويد تعليم اللغة الإنجليزية في مختلف أنحاء البلاد، بوصفها «خطوة أساسية لتمكين الأجيال القادمة».
كما تمت مناقشة سبل تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين في الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق رؤية ليبية مستقلة تحترم السيادة الوطنية.
تزامن ذلك مع عودة التوترات المسلحة للمرة الثالثة إلى الزاوية، مما يلقي بظلاله على المواطنين بسبب إغلاق الطرق، وبث الرعب في نفوسهم بسبب دوي أصوات الرصاص والقذائف.
وأمضت مناطق عدة في مدينة الزاوية ليلتها على وقع اشتباكات مسلحة بين تشكيلين محسوبين على حكومة «الوحدة الوطنية»، خلّفت قتلى وجرحى. وفي الرابع من الشهر الجاري وقعت اشتباكات في المدينة، التي تعاني من تغول الميليشيات، بين «الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة» بـ«إمرة عثمان اللهب»، وتشكيل آخر تابع لقوة «الإسناد الأولى - الزاوية»، بقيادة محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر».
وتتبع قوة «الإسناد الأولى» مديرية أمن مدينة الزاوية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، فيما تتبع «كتيبة السلعة» منطقة الساحل الغربي العسكرية.
