الصومال على مفترق طرق: مجلس الأمن يمدد ولاية مراقبة العقوبات وتحذيرات من سقوط العاصمة

الأحد 14/ديسمبر/2025 - 05:14 م
طباعة الصومال على مفترق علي رجب
 
جدد مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، ولاية اللجنة المكلفة بمراقبة العقوبات المفروضة على حركة الشباب الصومالية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في الصومال، وذلك في ظل تصاعد المخاطر الأمنية وتفاقم الأوضاع السياسية والإنسانية في البلاد.

 وصوّت أعضاء المجلس الخمسة عشر لصالح القرار الذي يمدد صلاحية عمليات التفتيش البحري لإنفاذ حظر توريد الأسلحة إلى الصومال، ويُبقي على حظر تصدير الفحم، ويعزز الرقابة على العبوات الناسفة اليدوية الصنع حتى 30 نوفمبر 2026، فيما تظل تدابير أخرى مثل حظر السفر وتجميد الأصول وحظر الأسلحة الشامل مفتوحة المدة لمواصلة الضغط على الحركة والحد من قدراتها المالية والعسكرية.

وأكد القائم بالأعمال البريطاني لدى الأمم المتحدة، جيمس كاريوكي، أن اعتماد القرار جاء نتيجة نهج بنّاء وتوافق بين أعضاء المجلس، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة قادت المشاورات بصفتها الجهة المعنية بملف الصومال. 

وشدد على أن القرار يعزز الجهود الرامية إلى تقليص وصول حركة الشباب إلى السلاح، وتعطيل شبكات تمويلها، ودعم الحكومة الصومالية في بناء قدراتها الأمنية والمؤسسية.

وتأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه الصومال أزمة مركبة تتداخل فيها عوامل التمرد الجهادي، والانقسام السياسي الداخلي، وتراجع الدعم الدولي، والتنافس الإقليمي، ما يضع الحكومة الفيدرالية في موقف هش لا تسيطر فيه فعليًا سوى على العاصمة مقديشو وبعض المدن الكبرى. 


وتشكل حركة الشباب، المرتبطة بتنظيم القاعدة، التهديد الأمني الأكبر، إذ تسيطر على نحو 30 في المئة من أراضي البلاد، وتواصل شن هجمات واسعة النطاق ضد القوات الحكومية والأهداف المدنية، مستفيدة من ضعف الدولة والانقسامات السياسية بين الحكومة المركزية والولايات.

وقد تصاعدت المخاوف الدولية مع شن الحركة هجومًا واسعًا في أبريل 2025 على مناطق وسط الصومال، واقترابها من محيط مقديشو، ما دفع عددًا من السفارات الأجنبية إلى سحب موظفيها غير الأساسيين. 

ورغم توقف تقدم الحركة بشكل مفاجئ، يرى مراقبون أن هذا التوقف مؤقت، في ظل استمرار انهيار التعاون السياسي الداخلي وتراجع فعالية بعثة الاتحاد الأفريقي، التي تشهد انسحابات تدريجية وتسليم مواقع للقوات الصومالية غير الجاهزة بالكامل لتحمل المسؤولية الأمنية.

ويرى محللون أن قوة حركة الشباب ليست سوى انعكاس مباشر لضعف النظام السياسي الفيدرالي، الذي يعاني من أزمات دستورية وانتخابية متكررة واستقطاب حاد بين النخب السياسية. 

وقد زادت هذه الانقسامات مع محاولات تعديل الدستور وإعادة رسم الخريطة الفيدرالية، ما أفقد الحكومة القدرة على تشكيل جبهة موحدة في مواجهة التهديد الجهادي. 

وفي المقابل، تعتمد حركة الشباب استراتيجية الانتظار واستنزاف خصومها، مع تعزيز وجودها حول العاصمة وتكثيف هجماتها النوعية داخلها.

ورغم الحملات العسكرية التي شنتها الحكومة الصومالية بدعم من الولايات المتحدة وشركاء دوليين وإقليميين، والتي حققت مكاسب مؤقتة في بعض المناطق، فإن الحركة تمكنت مرارًا من استعادة مواقعها، مستفيدة من ضعف القدرات العسكرية الحكومية، والفساد، وتسرب عناصرها إلى المؤسسات الأمنية. 
كما ساهمت الأزمة الإنسانية المتفاقمة، الناتجة عن الجفاف وتغير المناخ واستهداف الحركة لجهود الإغاثة، في تعميق معاناة السكان ونزوح الملايين، ما يوفر بيئة خصبة لتجنيد المزيد من المقاتلين.

وفي ظل هذه التطورات، يحذر خبراء من أن غياب تدخل دولي حاسم ومنسق، إلى جانب إصلاحات سياسية وأمنية جوهرية داخل الصومال، قد يفتح الباب أمام سيناريو خطير يتمثل في انهيار الحكومة الفيدرالية وسيطرة حركة الشباب على مقديشو، وهو ما سيعيد تشكيل المشهد الأمني في القرن الأفريقي، ويحوّل الصومال إلى مركز جهادي إقليمي ذي تداعيات دولية واسعة.

شارك