حركة شباب المجاهدين
الخميس 03/ديسمبر/2020 - 10:00 ص
طباعة
النشأة والتأسيس
بعد تزايد هجمات حركة الشباب الصومالية على المواقع العسكرية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم)، وكذلك قيام الحركة بعمليات عسكرية ضد الجيش الصومالي طالت مدنيين أبرياء خلال الاسابيع الماضية، دعت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) القوات الجيبوتية والإثيوبية إلى أن تكون أكثر إبداعًا لتكثيف القتال ضد مقاتلي الشباب في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي.
يذكر أنه تم تأسيس حركة الشباب المجاهدين كانشقاق عن اتحاد المحاكم الإسلامية، حيث كانت الذراع العسكري له، بعد رفضها انضمام الاتحاد إلى ما يعرف بـ"تحالف إعادة تحرير الصومال"، بعد الهزيمة الأخيرة أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة، واعتبرت الحركة أن التحالف انحراف عن المنهج الإسلامي الصحيح؛ لأنه يضم بين صفوفه علمانيين، كما أنه لا يتفق مع مبادئ حركة الشباب، التي تؤكد عدم التفاوض مع المحتل الإثيوبي، بالإضافة إلى رفضها التعامل مع الحكومة الانتقالية، واصفة لها بالعمالة والانضواء تحت الأهداف والرغبات الغربية والإقليمية.
وللأسف لا يوجد تاريخ محدد لنشأة الحركة فيما تفيد بأنها تأسست في العام ما بين عامي 2003، 2006، وذلك التضارب يرجع إلى كونها بدأت كشبكة حرة، قبل أن تتخذ طابعاً رسمياً في وقت لاحق لتصبح تنظيماً، واتخذت الحركة طريق المقاومة وحرب العصابات ضد القوات الإثيوبية التي تكبدت خسائر فادحة، حتى استغاث الرئيس الإثيوبي مليس زيناوي بالمجتمع الدولي لانتشال قواته من المستنقع الصومالي، وبذلك حظيت حركة الشباب بشعبية كبيرة بين الصوماليين.
ليكون أول ظهور علني لاسم حركة الشباب المجاهدين عام 2006، عقب سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو، ومعظم مناطق وسط وجنوب الصومال، وكان للشباب المجاهدين نفوذ قوي في المحاكم الإسلامية، حيث كان معظم الميليشيات المسلحة التابعة لتلك المحاكم، تحت قيادات عسكرية من شباب المجاهدين، وكان أمير حركة الشباب الشيخ مختار أبي زبير والمعروف أيضا بأحمد عبدي جودان، يشغل آنذاك منصب الأمين العام للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم الإسلامية، وكان في العاصمة معسكر لتجنيد وتدريب المقاتلين الجدد.
ضمت الشبكة مع بداية تأسيسها أعضاء حاليين وسابقين من تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا، وحظي المحاربون القدامى من أفغانستان بامتيازات داخل الحركة بناء على علاقاتهم الواضحة بينهم وبين تنظيم القاعدة؛ لتكون هذه هي بداية العلاقة بين الحركة والتنظيم.
بحلول عام 2005، كانت شبكة حركة الشباب المجاهدين قد قويت كتنظيم وشاركت في حملات للسيطرة على مقديشيو في ذلك الوقت، والذي عرف بـ"شبح الحرب في مقديشو"، وقامت الحركة بدعم المحاكم الشرعية ضد القادة العسكريين.
تسلمت الحركة السلطة لدى امتداد المحاكم الشرعية في العام 2006، لكنها كانت مجرد مجموعة واحدة من بين مجموعات كثيرة داخل هذا التحالف، وبالطبع لم تكن الأقوى، واتسمت حركة الشباب المجاهدين بأنها أكثر اتحادا من المجموعات الأخرى، خاصة وأن الذي كان يقودها آنذاك هو عبد الله سودي أرال، الذي اعتقلته الولايات المتحدة لاحقا، وأرسلته إلى خليج جوانتانامو.
أما عضو حركة الشباب الأكثر دهاء في أمور وسائل الإعلام، وعلى الرغم من ميله إلى عدم إظهار وجهه في الصور، فهو "آدم حاشي عيرو"، على الرغم من إنكار الحركة كونه قائدا فيها.
نجحت حركة الشباب المجاهدين في تعزيز موقعها ونفوذها ضمن نظام المحاكم الشرعية الإسلامية، وشغلت منصب نيابة القيادة في جيش المحاكم الشرعية، وقامت بجمع تبرعات بين الشتات الصومالي، وتسلمت مسئوليات في أنشطة الصحة وعمل الشبيبة ضمن التحالف، ولكن مع دخول القوات الإثيوبية نهاية عام 2006، ودحرها لسلطة المحاكم في مقديشو أخذت حركة الشباب المجاهدين فرصة قوية لإثبات وجودها ومبررات لفرض أجندتها الجهادية، حيث توفر لهم المبرر الكافي لحمل السلاح واستخدامه في وجه العدوان الإثيوبي.
وبحلول منتصف 2007، انفصلت الحركة عن باقي المحاكم الشرعية، مصرحة عبر وسائل الإعلام أنها "لم تعد تحارب كمقاومة، بل إنها تخوض جهادا مسلحا ضد ما سمته "العدوان الإثيوبي"؛ الأمر الذي يتعارض مع التحالفات التي كانت المحاكم الشرعية قد قامت بها مع العلمانيين والمسيحيين، ومع مشاركة نساء متزوجات من رجال غير مسلمين في المعارضة، وتزامن في ذلك الوقت تولى أحمد عبدي جودان قيادة الحركة.
استطاعت الحركة على الصعيد الميداني تحقيق مكاسب على الأرض، وأسست ولايات إسلامية في معظم مناطق وسط وجنوب الصومال، وخضع لسيطرتها ثلثا مساحة أحياء العاصمة مقديشو من 2009 وحتى أواخر عام 2011.
زعماء الحركة
عدن هاشي فرح آيرو
عدن هاشي فرح آيرو
عضو تنظيم القاعدة حتى عام 2001، وقائد تنظيم حركة الشباب، الجناح العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية قبل انشقاق الحركة عنه، والذي تولى قيادته في 15 يونيو 2006 بتكليف من حسن طاهر أويس رئيس مجلس شورى اتحاد المحاكم، أحد أكثر المتشددين داخل الاتحاد، بعدها قاد حركة انشقاق الحركة عن الاتحاد.
في يوليو 2006 قام عيرو بانتقاء ما يقرب من 720 شابا صوماليا وأرسلهم إلى لبنان، ليقاتلوا ضمن صفوف حزب الله ضد إسرائيل، عاد منهم 100 مقاتل صومالي وكان من بينهم 5 أعضاء من حزب الله اللبناني.
في الأول من مايو 2008 تم إعلان مقتل هاشم آيرو، في غارة جوية للقوات الأمريكية على منزله بمدينة طوس مريب.
مختار روبو
مختار روبو
والملقب أيضا بـ"أبو منصور الأمريكي"، وخليفة آيرو في قيادة حركة الشباب عام 2008، وكان إسلاميا معتدلا، حيث درس القانون في جامعة الخرطوم، ليعود إلى مقديشيو ليعمل بالتدريس في أحد دور الأيتام، وذلك قبل عمله في مؤسسة الحرمين السعودية والتي أدرجتها الولايات المتحدة كأحد مصادر تمويل الإرهاب، وفي منتصف التسعينيات سافر إلى أفغانستان وانضم لمعسكرات تدريب القاعدة، وانضم لصفوف مقاتليها حتى أدرجته الولايات المتحدة ضمن قائمة الإرهابيين الدوليين، عند عودته من أفغانستان عام 2000، عمل كنائب لرئيس اتحاد المحاكم الإسلامية، وبعد وفاة عيرو كان من المفترض أن يكون روبو رئيسا للتنظيم، الأمر الذي كان مرفوضا من عبدي جودان القائد الحالي للحركة، لتبدأ الصراعات بين كل من جودان وروبو، لتشهد الحركة انشقاقات وصراعات انهاها جودان باغتيال الأخير في مايو 2009، بعد هروب أبو منصور من الحركة.
3. أحمد عبدي جودان:
والمعروف أيضا بـ" مختار أبو الزبير"، وهو أكثر قادة الحركة دموية حيث كان مسئولا عن التدريبات العسكرية للحركة، يبلغ من العمر 36 عاما، وعلى الرغم من دراسته الأكاديمية للمحاسبة، وولعه بالشعر ولكن مع الاسف فهو ضمن قائمة أكثر إرهابيين العالم خطورة، وأصبح معروف دوليا باسم "جزار نيروبي"، بعد تفجير المركز التجاري "ويست جايت" بنيروبي عاصمة كينيا في سبتمبر من العام الماضي 2013.
ارتبط اسم جودان بتفجيرات كامبالا في أوغندا العام 2010 التي حصدت 74 قتيلا ممن كانوا يشاهدون نهائيات كأس العالم، وكان جودان قد حذر بعد التفجيرات من أن «ما حصل في أوغندا ليس سوى البداية»، تفجيرات نيروبي جعلت من جودان "بن لادن القاعدة"، خاصة وأنه انتهج نفس أسلوب طالبان في إدارة الحرب داخل الصومال، تأخر تنصيبه في الحركة كقائد للحركة، نظرا للخلافات والانشقاقات التي أصابت الحركة من داخل أعضائها نتيجة اختلاف توجهاتها وأهدافها عن تنظيم الجهاد العالمي.
تطور الحركة وبناؤها التنظيمي
تتمتع الحركة بقوة تنظيمية بين قواتها وأفرادها، وبالحفاظ أيضا على التسلسل الهرمي للإدارة، وبالتبعية المطلقة للأمير الذي هو وحده من يدير الملفات الحساسة مثل الإعلام، والأمن، والعمليات النوعية، ومن خلال هذا التماسك الداخلي استطاعت الحركة أن تتوسع عسكريا، وأن تسيطر على تسع مناطق حيوية من الجنوب من أصل ثماني عشرة منطقة من جمهورية الصومال.
وقد أصبحت حركة شباب المجاهدين تحت قيادة واحدة مهيمنة وهي قيادة أحمد عبدي جودان، بعد اغتيال العديد من أعضاء الحركة لتنفرد بالقيادة، وفي ظل هذه الظروف الجديدة، فسيكون بإمكان هذه القيادة إدارة شؤونها الأمنية والعسكرية والحفاظ على ما تبقى من الوحدة الداخلية مع استمرار تعاطفها وتواصلها مع التنظيم الدولي للقاعدة الذي كان ولا يزال داعما أساسيا لأمير الحركة.
وعلى الرغم من عدم وجود أي وثائق أو دلائل للهيكل التنظيمي، للحركة إلا أنه هناك شبه اتفاق على وجود أربعة أجنحة أساسية للحركة أولها مجلس الشورى وهو شبيه إلى حد كبير من حيث الوظيفة والمسؤولية باتحاد المحاكم الإسلامية، ويعد أمير الحركة هو رئيس المجلس في نفس الوقت، وله السيطرة الكاملة على حركة الشباب؛ خاصة فيما يتعلق في اتخاذ القرارات الجماعية.
أما الجناح الثاني فهو الجناح الدعوي الذي يهتم بنشر الإسلام على حد إدعاءاتهم، ولكنه في حقيقة الأمر ما هو إلا جناح لتجنيد ميليشيات جديدة، بينما يتمثل الجناح الثالث للحركة في ما يسمي بالحسبة وهو نوع من الشرطة الدينية التي يتمثل دورها في مراقبة وصيانة احترام الأحكام والأعراف الإسلامية.
وهذا الجناح مسؤولا عن عمليات تدمير الأضرحة الصوفية في منطقة جنوب وسط البلاد، ويأتي رابعا الجهاز العسكري هو الجناح الأخير لحركة الشباب، والذي يتم فيه تدريب الشباب عسكريا، في عدد من مخيمات التدريب، المنتشرة في عدة قرى لهذه الميليشيات الدور الأكبر في اشتباكاتها مع القوات الإثيوبية.
وهذا الجناح مسؤول عن المئات من الاغتيالات والهجمات، التي استعملت فيها تقنيات التفجير المختلفة كتفجير السيارات المفخخة والإستشهادية والتفجير بالتحكم عن بعد، وأيضا الكمائن والقصف بالهاون والقنابل اليدوية وطريقة الهجوم والفر وحسب التقرير فإن عمليات حركة الشباب المجاهدين تستهدف أساسا قوات أميصوم وفريق الأمم المتحدة وتسهيلاته، وأعضاء القطاع الأمني في المؤسسات الحكومية وفي بونتلاند، وبشكل أقل الأهداف الأخرى كالقضاة والسياسيين والشخصيات الفعالة.
ووفقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 13 يوليو 2013م، فإن الحركة استطاعت جمع وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، موزعة بشكل نسبي في كل جنوب ووسط الصومال، بانتظار انسحاب القوات الدولية لشن هجوم متعدد الجبهات ضد الحكومة الفدرالية الصومالية وميليشاتها الحليفة والإدارات المحلية.
وأضاف التقرير أن القوة العسكرية لحركة الشباب المجاهدين والتي تقدرها مجموعة المراقبة التابعة للأمم المتحدة بحوالي 5 آلاف مقاتل، لم تتأثر من ناحية القدرة التنفيذية وسلسلة الأوامر والالتزام وقدرات الإتصالات، وأشار إلى أن تفادي حركة الشباب المجاهدين المواجهة العسكرية المباشرة مع أعدائها واعتمادها على حرب العصابات قد مكنها من الحفاظ على قدرتها القتالية ومصادرها. كما أكد أيضا أن هيكل وبناء حركة الشباب المجاهدين لا يسمح لأي انقسامات بالتأثير في قدرتها على قيادة العمليات على الأرض، وقد بدا واضحا حسب التقرير أنه حتى الخلافات حول اقتسام السلطة والمصادر لايمكنها إضعاف الحركة. مضيفا أن قيادة الشيخ مختار أبو الزبير بقيت وبشكل كبير غير قابلة للتحدي ويرجع هذا حسب التقرير إلى تقوية دور ومصادر الأمنيات ويقصد بها استخبارات حركة الشباب المجاهدين، والتي حسب وصف التقرير يمكنها تجاوز أي نوع من التحديات الممكنة في الحركة. ويرجع التقرير السبب في هذه القوة إلى تولي الشيخ مختار أبو الزبير الإدارة المباشرة للأمنيات والتي لديها سلسلة الأوامر المستقلة وشبكاتها اللوجستية ومصادرها التمويلية الخاصة. ولهذا تتمكن من العمل بسرية وتجمع المعلومات الإستخباراتية ثم تضرب وبقوة في الأماكن تحت سيطرة أميسوم والحكومة الصومالية.
وطبقا للإحصائيات التي رصدها التقرير عن حجم عمليات الحركة ما بين عامي 2012 و2013، فلقد تصاعد المعدل الشهري لعمليات الحركة في جنوب ووسط الصومال بين نهاية 2012، وبداية 2013، وصل عدد الهجمات العسكرية (بما فيها الكمائن والاشتباكات والهجمات بالأسلحة الثقيلة) قد زاد بنسبة 11.42 %، وأما العبوات الناسفة فقد ازدادت بـنسبة 54.5%، والاغتيالات بنسبة20.9%، وهذه النسب بين أكتوبر وديسمبر 2012، و يناير ومارس 2013.
وتعتمد استراتيجية الحركة على مبدأ "إذا تقدم العدو ننسحب، وإذا عسكر العدو نضايقه، وإذا تعب نهاجمه وإذا تراجع نلاحقه"، وتعتمد التكتيكات الحربية للحركة بشكل كبير على حرب العصابات، وتطرق التقرير أيضا إلى وجود مقاتلين أجانب في صفوف الحركة يقدر عددهم بأكثر من 300 مقاتل غالبيتهم من اليمن والسودان وكينيا.
الموارد المالية للحركة
رصد موقع منظمة (جلوبال ايكونوميست) في تقرير له عن مصادر تمويل حركة الشباب، وركز على المصادر الأساسية لتمويل الحركة، والتي تمثل في دعم القبائل الصومالية المستمر، والتي إما ينتمي لها قادة الحركة، أو المسيطرة عليها، وتوفر لهم المناخ والجو الملائم للتجارة وتربية المواشي والإنتاج الزراعي مع القدرة على إعطاء شيوخ القبائل مكانتهم وقد عززت هذه العوامل فقدان الثقة في الحكومة الصومالية بسبب أنها غير مستقرة وغير متزنة وأنها مصدر للعنف والفساد.
إضافة إلى الأموال التي تتلقاها الحركة من الجمعيات الخيرية والأفراد المتعاطفين معها أو المؤمنين بها، والجماعات الإرهابية الأخرى، ويتم نقل الأموال إليها عادة من خلال الحوالة، وهو نظام تحويلات غير رسمي وتقليدي بالنسبة للعديد من المجتمعات الإسلامية، كما تصل إليها الأموال أيضا من خلال القنوات المصرفية العادية، أوعن طريق البريد، وتنفق الأموال في المقام الأول لدعم أعضاء المجموعة وأسرهم، بالإضافة للتدريب والتوظيف، والأسلحة، والمعدات اللازمة للحفاظ على التمرد الصومالية.
كما رصد تقرير الأمم المتحدة وعدد من التقارير الاستخباراتية، أن قوة الشباب العسكرية لا تزال لم تتأثر رغم فقدان ميناء كسمايو، والذي يعد مصدرا رئيسيا للدخل المالي للحركة، سواء من الحركة التجارية أو التجارة النفطية، ومن جهة أخرى يرى فريق المراقبة للأمم المتحدة أنه ليس من الواضح إن كان الانضمام لتنظيم القاعدة في 9 فبراير 2012، ذو تأثير رمزي على الحركة أو أنه ضاعف خبراتها ومصادرها، لتبقى الحركة معتمدة وبشكل واسع على نفسها.
هذا إلى جانب عمليات القرصنة التي تقوم بها الحركة على السفن العابرة لمضيق باب المندب بالساحل الأفريقي، والذي يحده المحيط الهندي جنوبا، والبحر الأحمر شمالا، والذي يعد ممرا ملاحيا هاما في التجارة العالمية، ولهذا تستغل الحركة موقع الصومال لتنفذ العديد والعديد من عمليات خطف السف المحملة بالبضائع أو الأسلحة، إلى جانب مطالبتها الحكومات المختلفة لدفع ديات مقابل رهائنها.
علاقة الحركة بتنظيم القاعدة
كان رفض عبدي جودان الأهداف القومية للحركة، والتي أنشئت لمقاومة الاحتلال الإثيوبي وأوجد للحركة ظهير شعبي بين الصوماليين، هو بداية الانضمام إلى تنظيم القاعدة، مرتئيا أن الحركة ما هي إلا خط أول لتنظيم الجهاد الدولي، وعلى الرغم من أن الحركة أصبحت رسميا فرع تنظيم القاعدة في الصومال، إلا أن أعضاء الحركة نفسهم ظلوا في بداية نشأتها ينكرون صلتهم بالقاعدة، على الرغم من أن جزءا كبيرا من أعضاء الحركة أثناء عملها تحت اتحاد المحاكم، كانوا ينتمون لتنظيم القاعدة ومنهم من قدم من أفغانستان بعد تلقيه تدريبات عسكرية، أو مشاركتهم، وكان أعضاء الحركة يرددون أن صلاتهم بالتنظيم من الأعضاء المحيطين بالقاعدة وليس من التنظيم الأم، وظل الوضع ضبابيا ورماديا للمحللين، إلى أن تطورا مهما حدث في حركة الشباب، ليفتح مجالا لإعادة تقييمها وتحديد أهدافها ورؤيتها للواقع، ففي شهر سبتمبر 2009، قامت طائرات أمريكية باغتيال أحد أعضاء الحركة صالح نبهان الذي تتهمه الدوائر الأمريكية بالمشاركة في العملية الإرهابية التي استهدفت فندقا وطائرة إسرائيلية في نيروبي عام 2002، وردا علي هذه العملية، أعلنت الحركة انضمامها رسميا لتنظيم القاعدة، وبعد مقتل بن لادن في 2011، قام أبو الزبير بمبايعة أيمن الظواهري وتجديد الولاء لرئيس التنظيم الجديد.
منذ ذلك التاريخ، لم تسع الحركة إلا إلى القيام بعمليات تؤكد انتماءها إلي تنظيم القاعدة، حتي أقدمت الحركة علي تنفيذ عملية إرهابية مزدوجة استهدفت مشجعين لكرة القدم في العاصمة الأوغندية كمبالا، وأسفرت عن مقتل 76 شخصا.
يرجع السبب وراء قبول القاعدة بحركة الشباب كجناح لها في الصومال، إلى ضعف تنظيم القاعدة في عامي 2010و2011، بسبب الضربات التي تلقاها التنظيم في كل من العراق وأفغانستان والمنطقة القبلية بباكستان علي الحدود مع أفغانستان دفعت عناصر التنظيم إلي البحث عن جبهات جديدة، جاءت في مقدمتها اليمن والصومال، الأمر الذي جعل التنظيم يتحول خلال السنوات الأخيرة إلي العمل بصورة لامركزية من حيث التحكم والقيادة، وبذلك تكون شبكة تنظيم القاعدة من العديد من الخلايا المحلية التي تتمتع بقدر من الاستقلالية عن التنظيم الأم، مما يعطي لها ثقلا من خلال فروعها، في الوقت الذي تحصل فيه هذه الفروع على الدعم اللوجيستي من التنظيم، على أن تحصل هذه الخلايا علي التمويل والتدريب والسلاح بصورة مستقلة عن التنظيم الرئيسي، وحسب تقارير مخابراتية فإن علاقة الحركة مع تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، والتي تطرق لها فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة في تقريره السابق يظهر أنها علاقات تنظيمية أكثر منها تنفيذية.
القاعدة وتحول عمليات الحركة خارج الصومال
تركز الحركة الآن في هجماتها على الحكومة الصومالية والدول المجاورة خاصة كينيا وأثيوبيا، وهي الدول التي ساهمت في الحملة العسكرية ضدها، فمنذ العام 2007، كانت 85 % من هجمات الحركة داخل الأراضي الصومالية في مقابل 12 % في كينيا.
ففي الفترة ما بين عامي 2011 حتى عام 2013، شكلت الحركة بقيادة جودان تهديدا لكينيا أكثر من مرة، خاصة بعدما شارك الجيش الكيني باحتلال أجزاء من الصومال، ليقوم جودان يتنفذ تهديداته لكينيا من أجل إعادة اعتباره داخلياً (أي في صفوف الحركة)، وخارجياً، وفي إبريل من عام 2013 شنت "حركة الشباب" هجمات انتحارية مسلحة ضد مبنى المحاكم الإسلامية بمقديشو وتلتها في شهر يوينو هجوم مسلح على مجمع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وذلك لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا، وفي 21 من سبتمبر من نفس العام قام مسلحون من حركة الشباب باطلاق نيران كثيفة على المركز التجاري ويست جيت بنيروبي عاصمة كينيا، استمر الهجوم على مدار ثلاثة أيام حتى 24 سبتمبر ليسفر عن مصرع 72 شخصا على الأقل، من بينهم 61 مدنيا و 6 جنود كينيون، و 5 المهاجمين. كما أصيب ما يقرب من مئتي بجروح في إطلاق النار الشامل المتبادل بين قوات الأمن الكينية ومسلحي حركة الشباب.
قامت القوات الكينية بتنفيذ عدد من العمليات العسكرية في الصومال، بما في ذلك تمركز القوات على طول الحدود الكينية الصومالية وانتزاع السيطرة في قرى حدودية تخضع لحركة الشباب، ما جعل من الصعب على الحركة التواصل مع شبكة دعمها في كينيا.
انقلاب الميزان العسكري، وانحسار رقعة الشباب المجاهدين
كان عام 2010، عاما حافلا وكادت حركة الشباب والمعارضة الإسلامية أن يطيحا بالحكومة، ولكن مع زيادة عدد وعُدَّة القوات الإفريقية قلبت ميزان المواجهات لصالح الحكومة وحلفائها، في البداية كان عدد القوات الإفريقية لحفظ السلام أربعة آلاف جندي من أوغندا وبوروندي، واقتصرت مهمتهم على تأمين القصر الرئاسي والمطار والميناء في مقديشو، ولكن مع تكثيف الهجمات للمعارضة، بدأت أوغندا وبوروندي مضاعفة عدد جنودهما في مقديشو حتى وصل إلى أكثر من خمسة عشر ألف جندي، وأصبح بإمكانهم شنّ هجمات على مواقع الشباب، بعد ثلاث سنوات كانوا فيها في موقع الدفاع.
وفي نهاية عام 2010 أعلنت حركة الشباب عن حملة عسكرية باسم "نهاية المعتدين"، والتي كانت تهدف إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية في مقديشو، وإسقاط حكومة شريف شيخ أحمد، ويعتقد الخبراء أن هذا القرار كان أكبر خطأ إستراتيجي وقعت فيه الحركة خلال تاريخها، وأن الواقع الحالي للحركة ليس سوى نتيجة هذا القرار وتبعاته.
وشهد عام 2011 انحسارا للصعود العسكري والميداني للحركة، وذلك لأسباب سياسية وعسكرية واقتصادية؛ منها غياب حكومة الصومال في تفعيل دورها، الأمر الذي استغلته الحركة، خاصة قيادات الشباب منها الذين يعرفون الملف الصومالي جيدًّا، واستغلوا صراع القبائل الصومالية على السلطة، فقاموا بتوظيف مواقف عشائر بعينها لصالح سياساتهم تجاه منطقة محددة؛ وكان ذلك واضحا عندما اجتاحت القوات الإثيوبية مدينة كيسمايو عام 2007، قامت الحركة بترك الحسابات العشائرية لتأخذ مجراها، لتجبر الخلافات العشائرية الحكومة على سحب ميليشياتها منها، وأصبحت كيسمايو لقمة صائغة للحركة آنذاك، لكن بمجرد تعيين محمد عبدالله فرماجو، الذي ينتمي إلى العشائر، ليكون رئيسًا للحكومة تبدل ولاء هذه العشائر وتحالفوا مع القوات الإثيوبية لإجبار مقاتلي الشباب المجاهدين على الانسحاب من مناطق جدو الحدودية.
أما أكبر الهزائم التي منيت بها حركة الشباب فكانت على يد القوات الأثيوبية التي تدخلت عبر إرسالها قوات عسكرية لمواجهة الحركة، فسيطرت أولا على العاصمة في وادي حيران، ومن ثم على منطقة "بيداوة" في فبراير لعام 2000، لتتقدم القوات الإثيوبية وتسيطر على مدن كبيرة أخرى في مقاطعة باي- باكول، وتتوغل في وسط الصومال لمساعدة الحكومة الصومالية على حماية "دوساماريب" من هجمات الحركة، مما دفع الأخيرة إلى الخروج من عاصمتهم "عيل بور" بوسط الصومال.
في أكتوبر 2012، تدخلت كينيا عسكريا داخل الصومال، وخلقت منطقة عازلة في الجنوب، ولكن لم ينجح الكينيون بإلحاق هزيمة استراتيجية بحركة الشباب، وفشلوا في الاستيلاء على مدينة كيسمايو المهمة استراتيجياً، وخلق حاجز وقائي من المدينة لحماية مصالحهم.
ولكن خلال عام 2013، انقلبت موازين الصراع بين القوات الكينية والحركة، التي انسحبت من مدن ومواقع مهمة واستراتيجية بالنسبة للصراع في الصومال، وكان آخر هذه المناطق مدينة كيسمايو الساحلية في جنوب الصومال بعد استيلاء القوات الكينية والميليشيات الصومالية التي تم تدريبها في كينيا، مما أفقد الحركة آخر مواردها الاقتصادية وهو ميناء كيسمايو.
للمزيد عن "احمد عبدي جودان" اضغط هناااااااااااااا