واصل محمود عباس أمين صندوق حزب النور السابق والمنشق عن الحزب، هجومه الشرس على الحزب السلفي مطالبا الدولة المصرية بحله كونه حزبًا يخلط بين الدين والسياسة بالمخالفة للدستور الذي يحظر إنشاء الأحزاب الدينية.

ولم يكتف «عباس» فقط بالموافقة على حل الحزب، بل كشف بالأدلة خلط «النور» العمل الدعوي بالعمل السياسي؛ حيث أكد على أن الدليل الأول على ذلك هو سيطرة 7 من قيادات حزب النور على مجلس إدارة الدعوة السلفية المكون من 13 شخصًا، وهم: "ياسر برهامي مسئول اللجنة الصحية بالحزب، وجلال مرة أمين عام الحزب، ويونس مخيون رئيس الحزب، محمد إبراهيم أمين عام مساعد الحزب، وأشرف ثابت، غريب أبو الحسن، ومحمد شريف- وأعضاء الهيئة العليا"، هذا بجانب إصدار الدعوة السلفية لبيانات سياسية وعقدها لمؤتمرات صحفية سياسية أيضا بالمخالفة لقانون الجمعيات الأهلية الذي يحظر العمل السياسي للجمعيات.

واستمر محمود عباس في أدلته على خلط الحزب السلفي والجمعية الدعوية الدين بالسياسة مستدلا بتصريحات قيادات النور في السابق أن حزبهم هو الذراع السياسي للدعوة السلفية، هذا إضافة إلى الاجتماعات التي عقدها محمد عبدالفتاح أبو إدريس رئيس مجلس إدارة الدعوة، مع قيادات وكوادر الحزب من أجل التنسيق حول العمل السياسي الذي لا يخصه من الأساس.

واختتم عباس تصريحاته التي نشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مؤكدا على أن حزب النور حزب غير قانوني يخلط بين الدين والسياسة، وكذلك جمعية الدعوة السلفية هي جمعية أيضا غير قانونية تخلط بين العمل الاجتماعي والدعوي مع العمل السياسي المحظور وفقا لقانون الجمعيات، ونشر المنشق عن حزب النور صورا تؤكد ارتباط الدعوة السلفية بحزب النور منها بيانات سياسية للدعوة السلفية وحزب النور معا، وتصريحات تؤكد أن الحزب هو الذراع السياسي للدعوة وغيرها.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها محمود عباس حزب النور، ولكن ما نعرفه جيدا ان هناك دلالات كثيرة لهجومه الان على الحزب والدعوة السلفية، خصوصا بعدما تم تدشين الحملة الشعبية لحل الاحزاب الدينية، وما يتعرض له حزب النور من نقد من معظم الفصائل السلفية خاصة تلك الفصائل الموالية للإخوان، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى دفاع حزب النور المستميت عن نفسه بانه ليس حزب ديني رغم ان هناك اوراق كثيرة تؤكد انه حزب ديني مخالف لمواد الدستور المصري كذلك مخالفته لقانون مباشرة الحقوق السياسية في مادته الرابعة.

وبعيدًا عن حشد الآراء المدنية والقانونية لإثبات ان حزب النور السلفي هو حزب ديني خارج اطار الدستور والقانون فنستند لمحمود عباس نفسه بحكم أنه كان أحد المؤسسين وشغل منصب أمين صندوق الحزب، ففي مايو 2013 قام محمود عباس بنشر ما اطلق عليه "من مذكرات احد مؤسسي حزب النور" وتم النشر على موقع "انصار" و"وكالة اونا للأنباء" مما يثبت أن هذا الحزب من اللحظة التأسيسية الأولى هو حزب ديني، فيقول محمود عباس في الحلقة الأولى " الثورة جعلت شبابًا كثيرًا يحاول التفكير كيف يتفاعل معها وكيف ينهض بهذا البلد، هل نكتفى بالثورة وذهاب رؤوس الحكم أم نحاول أن يكون لنا دور؟ وهذا الدور كيف نشرع فيه ؟ ومن هنا بدأ التفكير في تكوين حزب سياسي تكون مرجعتيه إسلامية"، فدور الحزب الذي انشأ من اجله هو التشريع لدور الشباب في مرحلة ما بعد الثورة حسي المرجعية الاسلامية فلم يذكر القانون او الدستور رغم ان الاحزاب تبنى في الدولة المدنية حسب مرجعية هذه الدولة الدستورية وليست اية مرجعيات دينية لان الدستور هو العقد الاجتماعي الذي اتفقت عليه جموع مواطني هذه الدولة.

ويستطرد محمود عباس في نفس الحلقة ".. وجدت الحاضرين حوالى 20 شخصا ممن أعرفهم كلهم تقريبا وأخذ د. عماد يلقى بالفكرة التي كانت مختمرة في ذهنه وهى نفس الفكرة التي فكرت بها في ذلك الوقت حيث كان أمامي واحد من أربعة حلول :

الأول: الدخول في حزب الوسط الذى له خلفية إسلامية وأنشأه مجموعة تحسب على الإسلام الوسطى أو الإخوان وعلى رأسهم أ / أبو العلا ماضي و أ / عصام سلطان .

الثاني: الانضمام لأول حزب له مرجعية إسلامية سيتم تكوينه وكان الأقرب في ذلك الوقت حزب الحرية والعدالة .

الثالث : تكوين حزب جديد له مرجعية إسلامية ولكن يتكون من أعضاء سلفيين .

الرابع: الاشتراك في حزب العمل الإسلامي ولكنى أجده مجمدا ولا أعرف مصيره في ذلك الوقت رغم أنى لا أنكر أنى كنت معجبا به لالتفاف الإسلاميين حوله وجهره بالحق وقت عنفوان النظام القديم أيام حسنى مبارك ورغم أن رئيسه أ / مجدى حسين سجن أكثر من مرة بسبب آرائه ولكن ذلك لم يثنيه شيئا وكنت أتابع جريدته حتى أوقفت بفعل فاعل فخبت صوته .

في الحقيقة كنت أميل إلى الاختيار الثالث وهو إنشاء حزب مستقل له مرجعية إسلامية ولكن يظهر عليه وعلى أعضائه الانتماء السلفي والذى أصبح يتغلغل في قلوب كثير من المصريين حتى لو لم يلتزموا به في أنفسهم أو بيوتهم، وإنما أحبوا أصحاب هذا المنهج بغض النظر عن الجماعة أو الشيخ الذى ينتمون إليه، لأنهم كان جل همهم هو خدمة الناس بدون أي أغراض دنيوية فما أكثر المستوصفات والجمعيات الخيرية التي يديرها هؤلاء السلفيين والتي تتفاعل مع الناس كل يوم فتعتنى بالأرامل والأيتام ممن أهملتهم الدولة وتنشئ المستوصفات ذات الخدمات الطبية زهيدة الأجر والاهتمام بالصدقات وتوزيعها على مستحقيها هذا كله بالإضافة للاهتمام بالعلم الشرعي لأبناء هذا المنهج كل ذلك جعل كثير من الناس تحبهم وتلتف حولهم ".

فتم الاتفاق على " تكوين حزب جديد له مرجعية إسلامية ولكن يتكون من أعضاء سلفيين" الم يكن هذا تمييزا منذ اللحظة الاولى وعنصرية لصالح السلفيين ضد باقي المجتمع المصري، فقد قصرت عضوية الحزب على هؤلاء الاعضاء السلفيين.

يستطرد محمود عباس رحلته مع عماد عبد الغفور لتكوين الحزب الديني فيقول "ذهب د. عماد الدين عبد الغفور ليلتقي مع مجلس أمناء الدعوة السلفية ويعرض عليهم تصوره للحزب الجديد فكان هو صاحب الفكرة وعليه شرحها وقد أكد على هذه المعاني د احمد فريد أحد أعضاء مجلس أمناء الدعوة السلفية في حديث خاص منه سيأتي تفاصيله فيما بعد، وأخذ الموضوع أسبوعا ثم أسبوعا آخر، مرة تكون الجلسة مع مجلس أمناء الدعوة السلفية ومرة تكون الجلسة مع مجلس إدارة الدعوة السلفية، وهناك فرق بين هذا وذاك فإن مجلس أمناء الدعوة السلفية يتكون من الست شيوخ الكبار مؤسسي الدعوة السلفية وهم : الشيخ أبو إدريس، والشيخ محمد إسماعيل المقدم، والشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ أحمد حطيبة، والشيخ أحمد فريد، والشيخ ياسر برهامي، (كلهم أطباء عدا الشيخ أبو إدريس مهندس ) أما مجلس إدارة الدعوة السلفية فهو مجلس تنفيذي يتكون من شخصيات دعوية سلفية منتخبة عددهم حوالى 17 على ما أذكر، ورغم عدم موافقة عدد كبير في أول الأمر على الحزب وتأجيل تكوينه حتى تتضح الصورة، بل أن البعض قد اقترح أن يتم إنشاء الحزب بعد 4 سنوات على الأقل بعدما تمر الأحداث والإضرابات وتهدأ الأمور وتتضح، ولكن كانت الحجة القوية للدكتور عماد أن القطار قد انطلق فمن لم يركبه الآن سيفوته كثيرا، بالإضافة أن السبب الرئيسي لتكوين الحزب أن نكون في بؤرة الأحداث وعندما يتم عمل جمعية تأسيسية من خلال مجلسي الشعب والشورى يكون لنا يدا فيها، وفى الحقيقة أن حجة القائلين بالتأجيل كانت ضعيفة، والغريب أن منهم من كان يجادل د عماد في حل وحرمة الحزب أصلا، والأغرب أن منهم الآن من وصل إلى أعلى مناصب في الحزب بل و خارج الحزب أيضا، ومنهم من عزف عن الاشتراك في الحزب عند تأسيسه وهو الآن بعد إزاحة المؤسسين من طريقه في بؤرة الأحداث."

وهكذا كان قرار انشاء الحزب واختصار العضوية فيه على العناصر السلفية كان قرار الدعوة السلفية ما يؤكد تصريحات عباس الجديدة لأنه كان من مؤسسي الحزب، حتى على مستوى الكوادر الأساسية، حيث يقول عباس " تمت دعوة عدد محدد من الأخوة السلفيين ولكن من كل المناطق تقريبا على مستوى الإسكندرية حيث أن هؤلاء نواة لكوادر الحزب بالإسكندرية في الفترة القادمة فكان منهم د بسام الزرقا، د يسرى حماد، أ / طلعت مرزوق، أ / نادر بكار، أ / مصطفى المغنى، أ / محمد الباز، أ / أحمد سامى، أ / سميح وغيرهم، وكان الدينامو لهذه الترتيبات هو أ / جمال عبد الرافع الذى أصبح فيما بعد نائبا لأمين الإسكندرية والذى قدم استقالته بعد ذلك فى ظروف غامضة لعلى أتعرض لها فيما بعد، وكنت من هؤلاء المجموعة التي يتم إعدادها كنواة للحزب بالإسكندرية"

ومما يثبت برجماتية الدعوة السلفية وحزبها "حزب النور" ما يقدمه عباس في الحلقة الرابعة عن أول محاضرة يلقيها المهندس عبد المنعم الشحات ويرفض فيها الاشتراك في الانتخابات الرئاسية خوفا من المشكلات التي سوف تواجه الرئيس السلفي وتحسبا من عدم القدرة على حلها حيث يقول " أن أول محاضرة كانت للمهندس عبد المنعم الشحات ومفاجئتها جاءت من أنه كان من غير المؤيدين لإقامة الحزب بل لديه في تكوينه إشكالية شرعية وجادل فيها د عماد كثيرا، وجاء م / عبد المنعم وأخذ يلقى محاضرة كمقدمة لسلسلة المحاضرات المتنوعة التي ذكرتها آنفا ولكننا لمحنا في كلماته نبرة سخرية من أهدافنا فى الحزب أننا سنصل إلى شيء مثل مجلس الشعب أو الشورى، وفى نهاية المحاضرة وفتح باب الأسئلة سألته ما المانع في ترشح أحد السلفيين لرئاسة الجمهورية أو حتى هو شخصيا لأنها فرصة قد لا تتكرر بعد ذلك ؟ فأخذ يضحك كثيرا وقال أن الرئيس الأول بعد الثورة سيجد صعوبات كبيرة أمامه وسيجد مشاكل لا حصر لها ولا نريد أن نحرق من سوف نرشحه لهذه المهمة من السلفيين بل نريد الانتظار حتى يتضح الموقف وتزول المشكلات الكبيرة التي تركها النظام البائد، يا سبحان الله على المواقف"، وهنا يتبادر الى الذهن سؤال مهم كيف لحزب سياسي ان لا يفكر في الترشح لانتخابات الرئاسة ولماذا تكون ان كان زاهدا في السلطة، لكن حزب النور السلفي ليس زاهدا في السلطة بل يفكر فيها طول الوقت ويبحث عنها دون ان يخسر شيء.

هكذا كانت بداية تأسيس حزب النور السلفي على اساس ديني مما يخالف القانون والدستور، هذا بالإضافة الى كم هائل من المخالفات منها وعلى قنتها التعامل مع الملف القبطي وملف المرأة والتي يقدم فيها نماذج اقل ما توصف به انها سيئة.