بعد إغلاق فرنسا 3 جمعيات سلفية.. هل تنجح خطة "برنار" في مواجهة الإرهاب؟
الخميس 14/يناير/2016 - 03:08 م
طباعة
إجراءات فرنسية جديدة في مواجهة الجمعيات المشتبه في تورطها بدعم الإرهاب، من شأنها أن تحد من قدرة التنظيمات المتطرفة على المناورة والتحايل على القوانين الغربية في التمدد والانتشار.
حظر جمعيات سلفية
قال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف: "إن الحكومة الفرنسية حظرت، الأربعاء 13 يناير، ثلاث جماعات دينية على صلة بمسجد في شرق باريس أغلق في ديسمبر الماضي لارتباطه الوثيق بشبكة تجنيد للجهاديين".
ويطلق على الجمعية الأولى، جمعية "العودة إلى الأصل" تأسست في عام 2010، ومنذ فترة طويلة تمكنت المسجد في مدينة" لاني سور مارن". مؤسسها، ويرد محمد حمومي، وتتبنى الجمعية أفكارًا وأيديولوجية معادية للقيم الغربية والفرنسية، والدعوة إلى إبادة أعداء الإسلام والدعوة الجهاد والاستشهاد، وهناك العديد من أتباعها انضموا إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي.
وجمعية مسلمي لاني سور مارن"، وهي تأسست في مايو 2015، ورئيسها يدعو محمد رمضان، وتعتبر قريبة النهج والأيديولوجية من جمعية العودة إلى الأصل أو الجذور، فمحمد رمضان كان من تلاميذ محمد حمومي، والجمعية الثالثة هي جمعية "العودة إلى المنابع الإسلامية".
وأضاف أن الجماعات التي تربطها صلات بمسجد لاني سور مارن؛ حيث عثر على أسلحة وذخيرة ووثائق جهادية جرى حلها؛ لأن زعماءها حرضوا خلال السنوات 2016 القليلة الماضية على الكراهية ودعوا إلى الجهاد.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول بعد اجتماع للحكومة: إن "المعركة ضد وعاظ الكراهية ستكون شاملة".
وأضاف أن الجمعيات المحظورة كانت "تتصرف بشكل واضح للحض على الجهاد". وجمعية "العودة إلى الجذور(الأصل)" هي الأبرز بين الجمعيات المحظورة.
للمزيد عن الجماعات السلفية في فرنسا اضغط هنا
انتشار السلفيين
وقد زاد حضور هذا التيار بشكل خاص في المناطق الحضرية في أحياء باريس ورون ألب وكوت دازير وإيل دوفرانس، بالإضافة للمعاقل التقليدية للمسلمين على غرار فيتري سيرسان وسان دوني. ووصف المسئول السابق عن الشئون الدينية في وزارة الداخلية الفرنسية برنار غوبار في كتابه "مسألة المسلمين في فرنسا"- المجموعات السلفية بأنها تنتشر بنفس الطريقة، وتشبه بعضها إلى حد كبير، وبأنها بدأت تسيطر على مساجد كبيرة ومهمة في عدة مدن فرنسية.
ويبسط السلفيون سيطرتهم على أكثر من 90 مسجدًا من أصل 2500 مسجد في فرنسا، خاصة في مدينة مرسيليا التي تعتبر معقل السلفيين في فرنسا؛ حيث يديرون حوالي عشرة أماكن يجتمعون فيها للعبادة والقيام بأنشطة متنوعة.
كما لهم حضور في مدينة "جوي لوتور" ومدينة "براست" التي يوجد فيها أحد أشهر الأئمة السلفيين، رشيد أبو حذيفة. كما يدير السلفيون اليوم بعض المدارس الابتدائية الخاصة في مدينة "روبي" في الشمال، ويحافظون على علاقات طيبة مع السلطات المحلية.
وفي 2009 شهدت بلدة شاتونوف سيرشار التي تضم 1500 نسمة، قدوم حوالي عشرين من منتسبي التيار السلفي بقيادة الإمام محمد زكريا شفا، الذي نظّر لفكرة انتقال المسلمين المتدينين للعيش في الأرياف. وفي سنة 2013 شهد سكان بلدة مارجيفول البالغ عددهم خمسة آلاف وصول أربع عائلات من مدينة مونبيليي ترتدي نساؤها الحجاب. والشيء ذاته حصل في سنة 2014 في سان إيز التي تضم ألفي نسمة؛ حيث قدمت عائلة فرنسية اعتنقت الإسلام مع أطفالها الستة وكانت بناتها يرتدين النقاب.
للمزيد عن واقع الإسلام في فرنسا اضغط هنا
خطة "برنار"
وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف
وعقب اعتداءات باريس التي خلفت 129 قتيلًا على الأقل، وبينما تعيش فرنسا في ظل حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس فرانسوا هولاند- طرح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف مشروع خطة لإغلاق المساجد والجمعيات الإسلامية التي تنشر فكرًا متطرفًا، وطرد الأئمة الذين يدعون للعنف والكراهية، ويتم التحضير لقرار سيناقش قريبا في مجلس الوزراء.
وقال كازنوف، في وقت سابق، لتلفزيون فرانس2: إن "حالة الطوارئ هي أن نتمكن بطريقة حازمة وصارمة من طرد أولئك الذين يدعون للكراهية في فرنسا، سواء كانوا متورطين في أعمال ذات طابع إرهابي أو مشتبه في تورطهم بها".
وأضاف: "هذا يعني أيضًا أنني بدأت بأخذ إجراءات بهذا الصدد وسيجري نقاش في مجلس الوزراء بشأن إغلاق المساجد التي تبث فيها الكراهية، كل هذا يجب أن يطبق بأكبر حزم".
وشنت فرنسا حملة على أفراد وأماكن عبادة لصلتها بإسلاميين متشددين منذ الهجمات التي شنها مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية في باريس في نوفمبر الماضي، وأسفرت عن سقوط 130 قتيلًا.
وقال كازنوف: "لا مكان في الجمهورية للكيانات التي تلجأ للإثارة وتدعو إلى العنف وتحرض على الكراهية".
ويوجد بفرنسا أكثر من عشرة آلاف شخص مدرجين على سجلات أجهزة الأمن، وبينهم العديد من الإسلاميين المتطرفين على غرار عمر إسماعيل مصطفاوي، وهو أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في مسرح باتاكلان بباريس.
وينطبق ذلك على مشتبه بهم وردت أسماؤهم في الاعتداءات التي نفذت أو تم إحباطها في فرنسا منذ اعتداءات يناير 2015 على صحيفة شارلي إيبدو الساخرة ومتجر يهودي (17 قتيلًا)، أو كذلك محمد مراح الذي نفذ هجمات في مارس 2012 في تولوز جنوب غرب فرنسا. كذلك كان ياسين صالحي الذي قام بقطع رأس رب عمله "إرفيه كورنارا" في منطقة ايزيير قرب ليون (وسط شرق) في يونيو2015، أدرج لمدة سنتين في السجل "إس" بدون أن يلفت انتباه أجهزة الشرطة.
للمزيد عن التطرف في فرنس..اضغط هنا
وللمزيد عن "أبي عود".. حياته و سيرته اضغط هنا
100 مسجد
وفي إطار خطة وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، فإن عدد المساجد المتوقع إغلاقها في فرنسا ستكون بين 80 إلى 100 مسجد في فرنسا يمكننا تصنيفها على أنها متطرفة، وهي معروفة لدى أجهزة وزارة الداخلية الفرنسية، بحسب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيبش.
وأضاف كبيبش: ""نحن في دولة قانون ولا يمكننا اتخاذ إجراءات إلا بحق الأشخاص الذين يحثون على الكراهية والعنف"، لافتًا إلى أن هناك الـ 2500 مسجد ودور العبادة الموجودة في فرنسا، لا يحمل منها طابع الكراهية والتطرف إلا 100 مسجد، وهي معروفه لدى أجهزة الأمن الفرنسية.
وأكد كبيبش أن الحكومة الفرنسية التي تعمل مع المجلس حول هذه المسألة، تحارب منذ مدة كل أشكال التطرف، وأنها قامت باستمرار بطرد الأئمة الذين يتبنون هذا الخطاب.
وفر إمام المسجد السابق المعروف بخطبه المتشددة إلى مصر في عام 2014 مع نحو عشرة مصلين. وتتهمه السلطات الفرنسية بلعب دور في تدريب وتجنيد متطوعين لسوريا. ولم يعلق مسئولو المؤسسات الإسلامية بعد على قرار الحظر.
وقال وزير الداخلية الفرنس، أيضًا إنه منذ بداية عام 2015 اقترح طرد نحو 30 شخصًا من فرنسا جراء تحريضهم على الكراهية.
للمزيد عن إغلاق مساجد فرنسا.. اضغط هنا
تدريب الأئمة
ولمواجهة التطرف سبق أن أعلنت باريس عن خطة لملاءمة الأنشطة الإسلامية على أراضيها بالقيم الفرنسية التي تقوم على العلمانية، وشرعت في تدريب ما يقرب من 2000 من الأئمة ورجال الدين المسلمين على تقبل فكرة الإسلام المتناغم مع البيئة الفرنسية.
وتنص الخطة على إعادة النظر في وضع الأئمة والخطباء الذين يصعدون على منابر المساجد، خاصة أن أغلبهم يلقون خطبًا تتنافى مع قيم فرنسا ومصالحها.
وتعمل الخطة على منع التمويل الأجنبي للمساجد التي تحولت إلى حلبة صراع بين بلدان شرق أوسطية، وبين جماعات متشددة مثل الإخوان المسلمين.
مستقبل الجماعات المتشددة
ويؤكّد مراقبون أنّ التضييق الفرنسي على الجمعيات والتنظيمات المتشددة تشكّل ضربة قوية بالنسبة إلى الإسلاميين المتشددين، خاصة إسلاميي شمال إفريقيا والجالية الإفريقية..
ويحاول هؤلاء كسر الطوق الذي بدأ يضيق حولهم بعد شكوك غربية قوية بوجود علاقة لهم بموجة العنف.
وتؤشر الإجراءات الفرنسية الأخيرة على أن باريس بدأت بنهج الخطى البريطانية في خنق الإسلاميين، بعد اكتشاف هذه البلدان لخطر توغل تنظيم الإخوان المسلمين وغيره من التنظيمات المتشددة.