أنصار بيت المقدس.. وحرب المساجد

السبت 25/نوفمبر/2017 - 10:24 ص
طباعة أنصار بيت المقدس..
 
إن عقيدة الولاء والبراء من أخطر أبواب المعتقد؛ لأنّها أحد أبواب التكفير التي ولج منها الخوارج قديمًا ومن سار على طريقتهم ممن جاء بعدهم لتكفير المجتمعات وتدمير الممتلكات بشُبَهٍ واهيةٍ كعش العنكبوت فهذه المسألة من أدقّ المسائل وأخطرها ولا سيما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظن أنّ أي شيء يكون فيه اتصال مع الكفار فهو موالاة لهم ؛ حسب ما تعلموه من الخطاب الوهابي.
أولًا: لا يوجد في علم التوحيد وعلم الكلام والعلوم التي درست العقائد الإيمانية للمسلمين والفِرَق ما يسمى بـ"عقيدة الولاء والبراء".
أنصار بيت المقدس..
ثانيًا: الولاء والبراء من الأعمال القلبية في الأساس، التي تكون من آثار عقيدة الإيمان، فإن المؤمن الذي آمن بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره، يثمر ذلك الإيمانُ في قلبه حبًّا وموالاةً وميلًا ونصرةً لكافة المؤمنين بالحق، كما يثمر في قلبه براءة من العقائد والأفكار التي تناقض ما يؤمن به.
ثالثًا: المظهر السلوكي للولاء هو النصرة والتأييد، والمظهر السلوكي للبراء هو المعاداة وعدم التأييد، وتتجلى مظاهر الولاء والبراء عندما يقرر من يكفر بعقيدتك وإيمانك وهويتك أن يظلمك ويحارب وطنك، فإن الولاء يقتضي الوقوف بجوار وطنك وقومك وهويتك، والبراءة من العدو الذي يريد هدم هويتك وأمنك ووطنك.
لذا، فإن الولاء والبراء لا بد أن يُستحضر دائمًا في منظومة تعايش المسلم مع غيره، فعلى المسلم أن ينتمي للإسلام ويحافظ على هويته الإسلامية من غير الإخلال بمبدأ التعايش السلمي بين الناس وهذا هو الولاء، والبراء هو أن يحافظ المسلم على عدم التباس عقيدته بما قد يشوبها من الشبهات ونحوها دون الدخول في التكفير أو الاعتداء على نفس معصومة.
رابعًا: عدم موالاة غير المسلمين من المواطنين وغيرهم ممن لا يكونون في حالة حرب مع المسلمين بمعنى معاداة أشخاصهم وإيذائهم مخالفٌ لصريح نصوص القرآن والسنة؛ فالمسلم مأمور بقول الحسنى لكل الناس دون تفريق؛ قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: 90]، كما أن الله لم ينهَنا عن بر غير المسلمين ووصلهم وإهدائهم وقبول الهدية منهم وما إلى ذلك من أشكال البر بهم؛ قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].
وانطلاقا من هذه العقيدة والتي تؤمن بها الجماعات الإرهابية استشهد أمس الجمعة 24 نوفمبر 2017،  235 شهيد على الأقل، وجرح 109 آخرين في هجوم استهدف مسجدا في بلدة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء.
وأوضح متحدث باسم وزارة الصحة أن المسلحين استهدفوا المسجد بعبوة ناسفة وأسلحة آلية أثناء أداء صلاة الجمعة.
وأعلنت رئاسة الجمهورية الحداد العام في البلاد لثلاثة أيام، ووصفت الهجوم بأنه "عمل غادر خسيس".
وأكدت في بيان على أنه " لن يمر دون عقاب رادع وحاسم، وأن يد العدالة ستطول كل من شارك، وساهم، ودعم أو مول أو حرض على ارتكاب هذا الاعتداء الجبان".
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن "القوات المسلحة والشرطة سترد بقوة غاشمة" على مرتكبي الهجوم.
وقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكليف اللواء مجدي عبد الغفّار وزير الداخلية، اللواء جمال عبد الباري مساعد الوزير لمصلحة الأمن العام، بفتح تحقيقات موسعة، وتشكيل فريق بحث موسع يضم مباحث شمال سيناء والأمن الوطني والأمن العام، لسرعة تحديد للوقوف علي ملابسات انفجار عبوة ناسفة بجوار مسجد بالعريش، وكشف ملابساتها تمهيداً لضبطهم.
أنصار بيت المقدس..
وانتقلت الأجهزة الأمنية وجميع القيادات بمحافظة شمال سيناء لموقع الانفجار للوقوف على ملابسات الحادث، وقامت أجهزة الأمن بإغلاق جميع المداخل والمخارج للعريش لسرعة ضبط الجناة.
ومسجد الروضة يعد أهم مساجد شمال سيناء ويتبع وزارة الأوقاف، يقع على الطريق الدولي "العريش – القنطرة" في قرية الروضة في منطقة بئر العبد غرب العريش، ويتضمن أعلى مئذنة في شمال سيناء، تقع بجواره زاوية خاصة بالطرق الصوفية، ويذهب إليه المئات من الأهالي من كل القرى المجاورة.
خبراء
وقد ادان خبراء في الاسلام السياسي الحادث وقاموا باتهام تنظيم أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء"، والمنتمية في الاساس لجماعة الاخوان في مصر حسب نبيل نعيم الجهادي السابق، وقال أحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن حادث تفجير مسجد الروضة بالعريش، الذي وقع ظهر يوم الجمعة وأسفر عن وقوع 235 شهيدا وعشرات المصابين، يقف ورائه تنظيم "أنصار بيت المقدس"، مبررًا ذلك بأنه يُعد التنظيم الأقوى في منطقة شبه جزيرة سيناء، والمسيطر على المشهد هناك.
وأضاف بان، في تصريحات صحفية، أنه يستبعد أن يكون السبب وراء الاستهداف خلفية المسجد "الصوفية"، حيث ليس من المعقول أن يكون كل هؤلاء الضحايا والمصليين على الطريقة الصوفية، مشيرًا إلى أن الرسالة التي نستطيع استخلاصها من هذا العملية الغادرة هو أن الجميع مستهدفون بسبب وقوفهم وراء الدولة.
على جانب أخر، أكد نبيل نعيم القيادي الجهادى السابق، أن عملية تفجير مسجد الروضة تم اختيارها على أساس إنها إهداف رخوة يصعب على الدولة والأمن تأمنيها، في محاولة منها لإرباك القيادة السياسة، وهذا يعد مشكلة كبير ة للدولة حيث من الصعب تأمين دور العبادة على مستوى محافظات الجمهورية.
وأضاف "نعيم"، أنه سيتم الإعلان أن داعش وراء تنفيذ العملية لكن في الحقيقة أن من نفذ العملية الخسيسة هم تنظيم أنصار بيت المقدس المتحالفين مع جماعة الإخوان، مشيرًا إلى هذه العملية تعد الاولى من نوعها في مصر.
واستبعد "نعيم" أن تكون خلفية المسجد "الصوفية" وراء استهداف هذا المسجد بالتحديد؛ حيث أن العمل إجرامي بحت، ومستمد من الفكر الوهابي، حيث أن محمد عبد الوهاب قتل الحجاج في بيت المسجد النبوي بحجة أنهم يشركون بقبر الرسول، منوهًا أن كل المصريين في نظرهم "كفرة" - على حد تعبيره.
وقال علي بكر، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، في تصريحات خاصة لمصراوي: "تهديدات داعش للصوفية عقائدية، يراها التنظيم في تعامله مع التيار الصوفي، حيث يعتبر منهجهم من الشركيات التي تخالف الإسلام، ويكره شيوخ سيناء ويعتبرهم مصدر خطر دائم له، فضلًا عن اتهامهم بالتعامل والتقرب من أجهزة الأمن".
من جانبه، قال الخبير الأمني حسام لاشين، إن طريقة تنفيذ تفجير مسجد الروضة يقف وراءها تنظيم "أنصار بيت المقدس"، حيث أن لهم العديد من العمليات التي تستهدف المدنيين.
أنصار بيت المقدس..
شهود عيان
وقد ظهر الشيخ محمد عبد الفتاح رزيق، إمام وخطيب مسجد الروضة، بعد 7 ساعات من الحادث، ليروي شهادته حول الحادث الأليم قائلاً إنه عندما صعد إلى المنبر بعد الأذان الثاني سمع إطلاق النيران، وبعد ذلك حدثت حالة من الهرج والمرج في محاولة من المصلين للهروب من طلقات الرصاص، والبعض قفز من شباك المسجد.
وتابع رزيق، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كلام تاني" المذاع على فضائية "دريم" المصرية، مساء الجمعة، أن الإرهابيين قاموا بتفجير المسجد في البداية، وبعد ذلك قاموا بإطلاق النيران على كل المصلين خلال محاولتهم الهروب من داخله.
ولفت إلى أنه الآن في المستشفى يتلقى العلاج، معقباً: "لسه في المستشفى والأطباء بيشخصوا الحالة.. وربنا يستر".
وحسبما ذكرت وسائل الإعلام المصرية، فقد توجّه الشيخ رزيق، الذي يبلغ من العمر 26 عاما إلى مسجد الروضة لإلقاء الخطبة، رغم وجود تحذيرات سابقة وصلت إليه بضرورة التوقف عن الصلاة في المكان، لكنه لم يكترث.
وكشف عدد من أهالي قرية الروضة التابعة لمركز بئر العبد بشمال سيناء، تفاصيل الحادث الإرهابي الذي استهدف المسجد، مؤكدين أنه عقب انطلاق الأذان الثاني للصلاة، وقبيل بدء خطيب المسجد في إلقاء الخطبة، سمع المصلون صوت انفجار ضخم، بمحيط المسجد أعقبه إطلاق رصاص بغزارة من قبل مسلحين اقتحموا المسجد وفتحوا نيرانهم صوب كل من بالمسجد، لمدة استمرت من 10 إلى 20 دقيقة.
وأرجع الأهالي سبب استهداف المسجد كونه خاصا بالجماعة الصوفية، الذين تكفرهم التنظيمات الإرهابية، وأن السبب الرئيسي وراء الحادث – بحسب الأهالي - هو تعاون الصوفيين مع رجال الأمن، ورصد تحركات التنظيمات الإرهابية.
كان تنظيم داعش استهدف أضرحة الطرق الصوفية عام 2013، إذ فجّر ضريح الشيخ سليم أبوجرير بقرية مزار، وضريح الشيخ حميد بمنطقة المغارة وسط سيناء. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أعلن التنظيم ذبح الشيخ سليمان أبوحراز، أكبر مشايخ الطرق الصوفية في سيناء، بدعوى "التكهن، وادعاء معرفة الغيب".
وأضاف شهود عيان، أن عبوة ناسفة انفجرت وأثناء خروج المصلين، تبعها إطلاق رصاص من كل جانب، على من حاول الفرار من الانفجار. 
وأوضح شهود العيان أن نحو 6 مسلحين يستقلون سيارات دفع رباعي نفذوا الهجوم، ولاذوا بالفرار.
وأعلنت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية رفع درجة الاستنفار الأمني في محافظات القناة المؤدية إلى شمال سيناء، وقال مصدر أمني إنه تم الدفع بمجموعات قتالية من ضباط العمليات الخاصة والأمن العام والمباحث الجنائية في شوارع وميادين مدن القناة المؤدية إلى محافظة شمال سيناء.
وأوضح المصدر أنه تجري منذ ارتكاب العمل الإرهابي عملية تفتيش دقيق للسيارات القادمة من مناطق رفح والشيخ زويد والعريش في اتجاه مدن القناة والتحقق من هويات القادمين منها.
وأشار المصدر الأمني إلى أن شوارع محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس تشهد انتشارا مكثفا لرجال الأمن في محيط دور العبادة وعلى المنشآت الحيوية والهامة بتلك المحافظات.
من جهته، أعلن الدكتور عربي محمد وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، رفع حالة الطوارئ، ودرجة الاستعداد في مرفق الإسعاف وجميع مستشفيات المحافظة، وذلك عقب حادث الانفجار الذي استهدف مسجد الروضة في بئر العبد أمس الجمعة.
وقال عربي إنه تم استدعاء جميع الأطقم الطبية وإلغاء الإجازات، ورفع حالة الطوارئ والاستعداد في أقسام الاستقبال والطوارئ بالمستشفيات.
أنصار بيت المقدس..
انصار بيت المقدس
وقد تبنت جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية الحادث، من خلال إصدار بيان على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، قالت فيه "إنه قام مجموعة من أعضائها بداعش سيناء، بارتكاب تلك الجريمة بالعبوات الناسفة وكافة الأسلحة، مشيرة إلى أنها سوف تصدر فيديو في وقت لاحق للعملية".
وجماعة أنصار بيت المقدس قد غيرت اسمها رسميًا إلى ولاية سيناء منذ إعلانها مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية وقد ذاع صيتها في مصر عقب عزل مرسي من الحكم من خلال عمليات تفجير ومهاجمة أهداف ومنشآت عسكرية وشرطية. وهي جماعة مسلحة استوطنت في سيناء مؤخراً، وأعلنت أنها تحارب إسرائيل، ولكن بعد أحداث 3 يوليو 2013، أعلنت بوضوح أنها تحارب الجيش المصري أو جيش الردة كما يسميه أفراد التنظيم وقوات الأمن. وقد أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن العديد من التفجيرات والاغتيالات التي وقعت بعد 30 يونيو، وأعلنت مسؤوليتها رسميًا عن تفجير مديرية أمن الدقهلية التي أودى بحياة 15 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، ويعتقد أنها تكون المجموعة الرئيسية وراء نشاط الجماعات المتشددة بسيناء.
وتقوم الجماعة على تجنيد بدو سيناء بالإضافة إلى مصريين من الدلتا. 
في 8 من يوليو 2014، نظمت جماعة «أنصار بيت المقدس» عرضاً عسكرياً مسلحاً، شاركت فيه أكثر من 10 سيارات في «الشيخ زويد» ، وذلك بعد ساعات من تحذيرات أجهزة سيادية عن إعلان جماعات جهادية «الإمارة الإسلامية» في سيناء وتوزيع جماعة «بيت المقدس» منشوراً على أهالي مدينتي رفح والشيخ زويد، يمهدون من خلاله لمبايعة دولة الخلافة وإعلان سيناء إمارة إسلامية. وقال شهود عيان إن عناصر الجماعات التكفيرية ومن بينها عناصر «بيت المقدس» بدأت تعود للظهور مجدداً بصورة علنية، ونظموا عرضاً عسكرياً، وهم يستقلون سيارات دفع رباعي وملابس سوداء رافعين أعلام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف باسم «داعش»، شاهرين أسلحتهم لأعلى من بينها أسلحة ثقيلة كنوع من أنواع استعراض القوى، وطافوا الشوارع المختلفة بقرى جنوبي الشيخ زويد ورفح، وهم يرددون هتافات مناصرة لـ«داعش» وأميرها أبوبكر البغدادي. وعلق مصدر أمني بمدن القناة وسيناء على ما تشهده سيناء من نشاط للتكفيريين، وقال إنها تصرفات تؤكد تحذيرات أجهزة استخباراتية بشأن استعداد الجماعات التكفيرية لإعلان سيناء «إمارة إسلامية» وتبعيتها لـ«دولة داعش». ودفعت تحركات الجماعات التكفيرية، الأجهزة الأمنية لإعلان حالة الطوارئ جنوبي رفح الشيخ زويد.
للمزيد عن "أنصار بيت المقدس"

شارك