تعاون فرنسي سعودي في مواجهة التطرف.. هل ينجح بمواجهة الارهاب؟
الخميس 30/نوفمبر/2017 - 06:33 م
طباعة
كشف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عن تعاون فرنسي سعودي من اجل مواجهة الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية والعالم .
تعاون فرنسي سعودي:
واعلن الرئيس ماكرون أنّ فرنسا ستزوّد السعودية لائحة بالمنظمات المتهمة بالتطرف من أجل ان توقف الرياض تمويلها "وفق ما تعهّد به" ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال ماكرون في مقابلة مع فرانس 24 واذاعة فرنسا الدولية إنّ باريس ستنظم في فبراير المقبل مؤتمرا يتعلق بتمويل الجماعات الارهابية حيث سيكون هذا الموضوع مطروحا.
وأوضح الرئيس الفرنسي "عندما ذهبت إلى الرياض، كان هناك حديث مع (ولي العهد) محمد بن سلمان، وهو تعهد بان نتمكن من أن نُقدّم له لائحة وبأن يوقف التمويل. ورغم أنه لم يقطع هذا الوعد علنا، انا اصدقه. وسأتحقق من الامر. الثقة تُبنى من خلال النتائج".
وشدّد ماكرون على ان فرنسا ترغب في العمل على هذا الملف مع بلدان اخرى، قائلا "طلبت من القادة الذين يَشْكون من هذا التمويل أن يعطوني اللائحة وسنتحقّق شهرا بعد آخر" من النتائج.
ولفت الى أنّه طالب تركيا وقطر وإيران بالأمر نفسه في ما يتعلق بمكافحة تمويل جماعات ارهابية.
وأشار الرئيس الفرنسي الذي يتوجه الى الدوحة الاسبوع المقبل، الى انه سيزور ايران "في الوقت المناسب"، قائلا "علينا أن نحضّر لهذا التاريخ".
وتابع "ايران ليست شريكا، لكن لدينا علاقة بُنيت من خلال اتفاق حول النووي ويجب أن يتم استكمال ذلك من خلال نقاش وتوافق منظّم حول الصواريخ البالستية وحول مكانة ايران في المنطقة من اجل مكافحة الاعمال المزعزعة للاستقرار في العديد من بلدان المنطقة".
ظاهرة التطرف في فرنسا:
وقد شهدت فرنسا خلال السنوات الماضية، تنامي المذهب السلفي في أوساط مسلمي فرنسا، بشكل لفت انتباه أجهزة الأمن ارتفاع فس عدد المساجد التي يرتادها السلفيون.
وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد زاد حضور هذا التيار بشكل خاص في المناطق الحضرية في أحياء باريس ورون ألب وكوت دازير وإيل دوفرانس، بالإضافة للمعاقل التقليدية للمسلمين على غرار فيتري سيرسان وسان دوني. ووصف المسئول السابق عن الشئون الدينية في وزارة الداخلية الفرنسية برنار غوبار في كتابه "مسألة المسلمين في فرنسا" المجموعات السلفية بأنها تنتشر بنفس الطريقة، وتشبه بعضها إلى حد كبير، وبأنها بدأت تسيطر على مساجد كبيرة ومهمة في عدة مدن فرنسية.
كما يحقق التيار السلفي، انتشارا في المدن المتوسطة، على غرار جوي لوتور ومدينة براست التي يوجد فيها أحد أشهر الأئمة السلفيين، رشيد أبو حذيفة. كما يدير السلفيون اليوم بعض المدارس الابتدائية الخاصة في مدينة روبي في الشمال ومدينة مارسيليا، ويحافظون على علاقات طيبة مع السلطات المحلية، بحسب تقرير "لوموند".
وتفيد أرقام حكومية فرنسية، أن حوالي 700 مقاتل من فرنسا توجهوا للمشاركة في الحرب القائمة في سوريا والعراق. كما أن 1350 من الراديكاليين المتهمين يقبعون في سجون فرنسية، وأن نحو 300 منهم لهم صلات مع شبكات إرهابية.
وتصنف السلطات 15.000 شخص كمتطرفين أو أشخاص يشكلون خطرا على الأمن داخل فرنسا. كما إن مائتان من هؤلاء يعيشون في مقاطعة لا جيروند وعاصمتها بوردو.
كما نشرت صحيفةُ “ لو باريس” الفرنسية من خريطةٍ سريّةٍ تكشفُ أعدادَ المقاتلين الفَرَنْسيين يتراوح مابين 15000 – 16000 ، من بينهم أكثر من 4000 يخضعون للمراقبة من قِبَلِ الجهاتِ المختصة.
وسَمَحَتْ هذه البيانات السِّرِّيّة بإنشاءِ خريطةٍ دقيقةٍ للتَّطَرُّفِ في فرنسا،. كما تمّ إحصاءُ هذه البيانات من خلالِ سِجِلّاتِ مَلَفِّ البلاغاتِ الخاصةِ بالوقايةِ من التَّطَرُّفِ ذي الطابع الإرهابي (FSPRT) ، والذي يَضُمُّ الإسلاميين الراديكاليين الفرنسيين أو المقيمين على الأراضي الفَرَنْسية.
وأثبتت نتائج بحث علمي قام به المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا، زيادة نسبة التطرف والراديكالية في أوساط طلاب الثانويات الفرنسية، بالشكل الذي يدعو للقلق ودق ناقوس الخطر لأن الموضوع يثبت صعود تيار قوي من الأفكار الاسلاموية المتطرفة في المجتمع الفرنسي.
ونشر عالما الاجتماع” آن ميكسل، وأوليفيه غالاند” النتائج الأولية للدراسة التي أعداها حول التطرف والراديكالية في المدارس الفرنسية، وشملت حوالي 7000 طالب، وكان الهدف من الدراسة قياس نسبة اختراق الأفكار الإسلاموية المتطرفة لحياة الشباب الفرنسي، وأظهرت بوضوح أن نسبة 25% من هؤلاء الشبان يتقبلون بعض السلوكيات العنيفة أو المنحرفة.
وعرض محلل شؤون الأمن ومكافحة الإرهاب لدى CNN، بيتر بيرغن، لواقع المجتمع الفرنسي المسلم بالقول: "علينا أن نتذكر بأن المسلمين يمثلون عشرة في المائة من سكان فرنسا، في حين أن المسلمين يشكلون قرابة 70 في المائة من المسجونين في فرنسا، وبالتالي فنحن أمام مجموعة سكنية تشكو التهميش ولا تشعر بالانتماء، هذا لا ينطبق على جميع المسلمين بفرنسا، ولكن هذه الظاهرة موجودة."
فيما يقول خبير الشؤون الاجتماعية أوعيسى كيس":الدولة احتاجت لوقت طويل والآن يتم البحث عن صيغة عجيبة". وفي السنة الماضية افتتحت حكومة اليسار الفرنسية 12 مركزا لمكافحة التطرف وخصصت للسنوات الثلاث المقبلة 284 مليون يورو لمثل هذه البرامج. غير أن برلمانيين فرنسيين أكدوا في تقرير صادر بداية هذه السنة أن بعض تلك المراكز لا تفي بمهمتها الحقيقية كما لايتوافد الشباب على بعضها، أو أن سمعتها سيئة. وقد حصلت 80 مبادرة على تمويلات من صندوق مكافحة التطرف.
للمزيد عن اجراءات فرنسا اضغط هنا
اجراءات فرنسية:
وخلال العامين الماضيين قامت فرنسا يإجراءات في مواجهة الجمعيات المشتبه في تورطها بدعم الإرهاب، من شأنها أن تحد من قدرة التنظيمات المتطرفة على المناورة والتحايل على القوانين الغربية في التمدد والانتشار.
فقد أعلن رئيس وزراء فرنسا السابق” مانويل فالس” خلال تقديمه خطة جديدة لمكافحة «الإرهاب»، أن فرنسا ستنشئ بحلول نهاية 2017 مركز إعادة دمج في كل منطقة لمن اعتنقوا الفكر،المتطرف، أو المعرضين للالتحاق بالمتطرفين.
كما خصصت الحكومة الفرنسية، 40 مليون يورو إضافية لها حتى 2018 وعلى مدى عامين لمضاعفة قدرات متابعة الشباب الناشطين في شبكات الجهاديين ، أو المعرضين للالتحاق بصفوفهم، وأشار فالس إلى أن التطرف يشمل كل أراضي فرنسا، مؤكدا عزم الحكومة على إقامة مراكز لمكافحة الإرهاب في كل المناطق .
كما صادقت فرنسا يوم 10 اغسطس 2017 على معاهدة مجلس أوروبا الرامية إلى معاقبة “المقاتلين الأجانب”وهذه المعاهدة تتضمن المعاقبة على الاستعداد للقيام بعمل إرهابي، دون انتظار التورط فيه أو تنفيذه، والمعاهدة بروتوكول إضافي لمعاهدة مجلس أوروبا للوقاية من الإرهاب يضيف إلى اللائحة الحالية للجرائم الجزائية عددا من الأعمال، منها “المشاركة المتعمدة في مجموعة إرهابية” و”تلقي تدريب على الإرهاب” والانتقال إلى الخارج لممارسة الإرهاب وتمويله أو تنظيم هذه الرحلات.
كما اخضعت فرنسا العناصر الخطرة للرقابة الشديدة، حيث كشف تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي، أن أكثر من 17 ألف شخص يخضعون للمراقبة في البلاد بشبهة الإرهاب، وجاء في التقرير الذي حمل عنوان “السلطات المحلية ومكافحة التطرف” أن الأشخاص الذين تجري مراقبتهم بشبهة الإرهاب، وصل عددهم 17 ألفًا و393 شخصًا بحلول مطلع مارس2017.
كما اصدرت فرنسا قوانين جديدة لمكافة الارهاب كما تسعي الي اصدار قوانين اخري وفقا لما تعهد به الرئيس “ايمانويل ماكرون” خلال الحملة الانتخابية ستسمح للسلطات بوضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية والقيام بتفتيش المنازل، كما تمنع التجمعات العامة دون موافقة مسبقة من احد القضاة.
ويناقش البرلمان خططا لقانون الإرهاب المفترض أن يحل في نوفمبر 2017 مكان حالة الطوارئ المفروضة في فرنسا منذ الهجمات الجهادية التي نفذها ” داعش” في باريس في نوفمبر 2015 وقتل فيها 130 شخصا.
كما اعلن فرنسا عن عزمها إطلاق شرطة أمنية أوائل عام 2018 ويطلق عليها “شرطة الأمن اليومي” حيث يتم توظيف عشرة آلاف من رجال الشرطة والدرك الفرنسي .
لماذا السعودية؟
أما السؤال الخاص لماذا التعاون الفرنسي السعودي لمواجهة الارهاب، فانه في إطار السياسية الجديدة التي يتبعها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد الامير محمد بن سلمان، لمحاربة التطرف والارهاب وتبيض صفحة السعودية من الاتهامات الدائمة لها بدعم وتمويل التطرف كانت العلاقات مع فرنسا من أجل التعاون في مجال مكافحة الارهاب والتطرف.
وكانت الرياض في السابق تمول ا جماعات تشرف عليها رابطة العالم الإسلامي ومقرها مكة والتي اتهمت طيلة عقود بنشر فكر متشدد في أنحاء العالم. ويسعى ولي العهد الشاب لتحديث المملكة والانتقال إلى تفسير أكثر انفتاحا وتسامحا للإسلام.
واتخذ ولي العهد بالفعل بعض الخطوات لتخفيف القيود الاجتماعية المتشددة، إذ قلص دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسمح بإقامة حفلات موسيقية عامة وأعلن خططا للسماح للنساء بقيادة السيارات العام المقبل.
كما يلعب مركز "محمد بن نايف للمناصحة والرعاية" وهو مركز سعودي متخصص في مكافحة التطرف يققع في العاصمة السعودية الرياض، دورا كبيرا في إعادة تأهيل الأشخاص المتطرفين.
وكشف المشرفون على المركز عن استقبال أكثر من 3300 مدانا بقضايا تتعلق بالإرهاب بينهم عناصر تم ترحيلهم من معتقل غوانتانامو، منذ تأسسيه في 2014.
ويقول مدير المركز يحيي أبو مغايض إن "نسبة النجاح تصل إلى 86 بالمئة"، موضحا بأن هذه النسبة تستند إلى أعداد المتطرفين الذين لم يعودوا إلى دائرة العنف خلال عقد من الزمن بعد خروجهم من المركز. مشيرا إلى أن العدد الأكبر من النسبة الباقية ظهرت عليهم بوادر "سلوكيات منحرفة"، بينما عاد عدد قليل منهم للانخراط في التطرف المسلح.
ويشكل المركز عنصرا رئيسيا في إستراتيجية المملكة للتعامل مع العناصر المتطرفة على أراضيها، معتمدا مبدأ "المعالجة الفكرية"، في وقت تبقى الضربات الجوية والأعمال العسكرية الأخرى عناصر أساسية في الحرب الدولية على الإرهاب.
ويشرف على عمل المركز شيوخ وعلماء نفس يحاولون منع المتطرفين من العودة إلى دائرة العنف عبر مجموعة من الخطوات تبدأ بجلسات لشرح الوسطية والاعتدال، وتنتهي ببرامج رعاية أسرية بعيد خروجهم من المركز.
وكان محمد العيسى رئيس رابطة العالم الإسلامي قال الأسبوع الماضي أن تركيزه منصب الآن على استئصال الفكر المتطرف.
كما جاء تأسيس السعودة لتحالف الدولي لمكافحة الارهاب والذي يضم نحو 40 دولة ليشكل ورقة قوية لدي لسعودية لتؤكد علي مساعيها الجادة لمحاربة الارهاب، فجاء زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الي الرياض وبحث العلاقات مع السعودية وفي مقدمتها مواجهة التطرف والارهاب.
ختاما الارهاب لا يشكل صبغة دينية او يختصر بدين بعينة او عرقية بعينها او قومية بعينها، بل ظاهرة عالمية لها اسبابها التي تغذيها، لذلك وضع استراتيية دولية موحدة تساهم في مواجهة هذا الارهاب والقضاء علي التطرف.