تظاهرات الاقليات تزلزل نظام خامنئي.. وباحثة امريكية : النظام الايراني في ورطة
السبت 06/يناير/2018 - 02:53 م
طباعة
رأي مركز بحثي امريكي، انه من الصعب احتواء مظاهرات الغضب في ايران من قبل نظام المرشد الأعلي علي خامنئي، لافتا إلي أن نظام ولايه الفقيه يواجه مازقا كبيرا لصعوبة احتواء التظاهرات الأخيرة في ظل انتشار لهيب التظاهرات من شار لشارع ومن مدينة لمدنية لتشمل الغالبية العظمي من مدن الجمهورية الايرانية.
و تشهد إيران منذ28 ديسمبر2017 أشدّ الاحتجاجات منذ عام 2009. ولم تثر نتائج الانتخابات هذه الموجة من التظاهرات، وإنما جاءت بسبب المظالم الاقتصادية وعدم الرضا العام. وحتى لو كانت على نطاق أصغر من احتجاجات عام 2009، إلّا أنها تبدو أكثر انتشاراً، وخلافاً لسابقاتها يقودها الآن أولئك الذين يعيشون في المحافظات الريفية، والمتعاطفون عادةً مع النظام.
تظاهرات تزلزل النظام
ونبه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى -في دراسة بحثية للدكتورة بريندا شيفر أستاذة مساعدة في "مركز الدراسات الأوروبية والروسية وأوروبا الشرقية" في جامعة جورج تاون، ومؤلفة كتاب "الحدود والإخوة: إيران وتحدّي الهوية الأذربيجانية"- إلى أن شرارة التظاهرات الأخيرة المناهضة للنظام في إيران اندلعت في المحافظات الطرفية للبلاد، التي كانت بدورها مسرحاً لغالبية حالات الوفاة المعلنة. ولا يزال زخم التظاهرات على أشده في المحافظات الحدودية وليس في طهران، لا سيما في الشمال الغربي والجنوب الغربي من البلاد.
الباحثة بريندا شيفر ، أشارت إلى أن اندلاع التظاهرات الواسعة الانتشار في أماكن مختلفة من البلاد، بما فيها المناطق الريفية وخارج المدن الكبرى، يؤكد أن الحراك سيضع النظام أمام تحديات أكبر بكثير من تلك التي طرحتها احتجاجات "الحركة الخضراء" عام 2009، والتي تركّزت في طهران، وتمتعت بقيادة واضحة يمكن كبتها وإخضاعها مباشرة.
التركيبة العرقية:
وأضافت الباحثة أن الاحتجاجات الحالية تمثل أيضا احتجاجاً عرقياً كان غائباً خلال انتفاضة عام 2009، حيث تشتعل الانتفاضة في المحافظات الحدودية التي تعاني تهميشا متكررا من النظام، ضمن مشاكل اقتصادية واجتماعية أخرى، ومن شأن الأسباب العرقية أن تسبب مشاكل إضافية للنظام الإيراني، وهو ما يهدد باندلاع اضطرابات خطيرة.
وأوضحت الباحثة الأسباب التي تجعل احتواء الانتفاضة الإيرانية هذه المرة أمرا بالغ الصعوبة بالنسبة للملالي.
وتتألف إيران من 31 محافظة لكل منها محافظ تعيّنه الحكومة المركزية. وفي حالات عديدة، لا يكون هؤلاء المسؤولون من أبناء المناطق التي يتولون حكمها، كما أنهم لا يتحدثون اللغة المحلية. ويقع ثلث المحافظات عند الحدود مع دولة أجنبية واحدة على الأقل، ويتشارك معظم سكانها الأصول العرقية، وغالباً ما تجمعهم روابط أسرية بهذه الدول. وفي بعض المحافظات، تنافس التعاملات التجارية المباشرة مع الدول المجاورة التجارة مع مركز إيران أو حتى تتخطاها.
ورأت أن غالبية سكان معظم المحافظات الحدودية هم من غير الفارسيين، في حين أن وسط إيران فارسي عموماً (على الرغم من أن نصف سكان طهران نفسها مكوّنون من أقليات). وفي المجموع، تشكّل الأقليات العرقية أكثر من نصف إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 82 مليون نسمة، وفقاً للتقييمات الأكاديمية الرئيسية. وأكبر مجموعة من هذه الأقليات هي تلك المكونة من الأذربيجانيين (نحو 24 مليونا)، تليها الأكراد (8 ملايين)، واللور أو الأكراد الفيلية (3 ملايين)، والعرب (3 ملايين)، والتركمان (3 ملايين)، والبلوش (3 ملايين).
تهميش واضطهاد الاقليات:
وتقول الباحثة :يمكن للهوية العرقية أن تضطلع بمجموعة واسعة من الأدوار في إيران. فالعديد من المواطنين المنتمين إلى الأقليات يعرّفون أنفسهم تعريفاً تاماً على أنهم إيرانيون، وأن هويتهم العرقية هي ذات أهمية سياسية ضئيلة. وفي الواقع، تنحدر بعض أهم ركائز النظام من مجتمعات الأقليات بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه، الذي هو من أصول أذربيجانية. غير أنه بالنسبة للكثيرين غيرهم، تُعتبر الهوية العرقية أساسية، وربما تتنامى رغبتهم في الانفصال بسبب مجموعة من سياسات النظام التي تؤثر على مجتمعاتهم على الصعيد المحلي والخارجي، وبسبب وسائل الإعلام الحكومية التي لا تنفك تعامل الأقليات بازدراء.
وفيما يخص الاضطرابات المندلعة حالياً، تدلّ مؤشرات عديدة على أن الانتماء العرقي أصبح عاملاً مهماً. فعلى سبيل المثال، انطلقت الاحتجاجات في الأساس من مدينة مشهد، التي تضمّ شريحة واسعة من التركمان وتقع على بعد ساعتين بالسيارة من الحدود مع تركمانستان. ومن هناك امتدت الاحتجاجات إلى العديد من المدن الصغيرة في الشمال الغربي والجنوب الغربي من البلاد، ومعظمها في المناطق الكردية والعربية. ولم تبدأ الاحتجاجات الكبيرة في طهران إلا في اليوم الثالث، كما اندلعت مظاهرات كثيرة في وسط البلاد في مجتمعات تسكنها الأقليات (مثلاً مدينة كرج التي يهيمن عليها الأذربيجانيون خارج العاصمة).
بالإضافة إلى ذلك، فإن عشرات التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد أظهرت المحتجين في بعض المحافظات وهم يطلقون مطالب عرقية- قومية مترافقة مع موسيقى، في الوقت الذي يرددون فيه شعارات بلغات الأقليات مثل اللغة الأذربيجانية والكردية والعربية.
وأصدر عدد من المنظمات الأجنبية التي تنادي بحقوق الأقليات العرقية تصريحات مؤيدة للاحتجاجات، ولكن ليس من الواضح إلى أي مدى تمثل هذه المنظمات المواطنين فعلياً على الأرض. ومهما كانت الحالة، يبدو أن مطالب الجماعات العرقية تمثّل محركاً قوياً لشرائح واسعة من السكان التي قد لا تكون ناشطة سياسياً.
وتواجه المحافظات صعوبات اقتصادية أكثر من تلك في وسط البلاد. فمعدلات الدخل والخدمات الاجتماعية في المناطق المحيطة هي في مستويات أدنى، ومعدلات البطالة في مستويات أعلى، ويعاني العديد من السكان تحديات صحية ومعيشية باهظة ناجمة عن الأضرار البيئية. وسواء كان هناك ما يبرر ذلك أم لا، غالباً ما تحمّل مجتمعات المحافظات مسؤولية هذا الضرر على سياسات الحكومة المركزية.
ولا يسمح نظام خامنئي لأقليات العرقية باستخدام لغاتهم الأصلية في الأماكن الرسمية مثل المحاكم والمدارس، في انتهاك للحماية الدستورية. وربما نتيجةً لذلك، يقول العديد من مواطني الأقليات في المدن الكبرى إن الفارسية هي لغتهم الوظيفية الأقوى.
الإعدامات:
كما تجدر الإشارة إلى أن عدد الإعدامات القضائية التي نُفذت في المناطق الكردية والبلوشستانية يتجاوز إلى حدّ كبير المتوسط الذين يشهده وسط إيران. وبينما يدّعي النظام أن هذه الإعدامات تتعلق بجرائم مثل تهريب المخدرات، إلّا أنّ وتيرتها غير المتناسبة تشير إلى أن السلطات ربما تلجأ إليها من أجل قمع نشاط المعارضة.
كما هناك تداعيات محلية لسياسة إيران الخارجية تجاه الدول المجاورة. فعلى سبيل المثال، أدّت مساعي النظام لمعاقبة حركة الاستقلال الكردية في العراق في الخريف الماضي إلى إثارة السخط والاستياء في أوساط الأكراد الإيرانيين. بالإضافة إلى ذلك، قامت أعداد أكبر من الأذربيجانيين الإيرانيين برحلات سياحية إلى أذربيجان المجاورة خلال العام الماضي، وقد يكون بعضهم قد تأثر بتجربة الاستمتاع بلغتهم وثقافتهم الأم بعيداً عن القيود المفروضة عليهم في إيران.
الاذر ضد خامنئي
ومساء امس الجمعة 4 يناير 2018، خرج آلاف المواطنين الأتراك في شوارع تبريز، وذلك بعد جولة هتافات وشعارات مناهضة للنظام في ملعب المدينة.
واندلعت مظاهرة احتجاجية في تمام الساعة 18.00 بالتوقيت المحلي في شارع السكك الحديدية باتجاه شارع ولي عص، وردد المحتجون شعاراً باللغة التركية يعني "الأذربيجاني لا يقبل المذلة"، وشعار "الموت للدكتاتور".
وأشارت الأنباء إلى أن الجمهور التركي الأذري الذي عاد من مباراة فريق "تراكتور سازي" في تبريز مركز محافظة أذربيجان ويقدر بحوالي 20 ألف شخص، بدأوا يهتفون ضد النظام في شوارع المدينة.
واشتبك متظاهرون أتراك في مدينة تبريز شمال إيران مع وحدة عسكرية في أول يوم من التحاقهم إلى الاحتجاجات العارمة التي بدأت قبل عشرة أيام من مدينة مشهد وتوسعت بشكل غير مسبوق منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
ونشر النشطاء مقطع فيديو وفيه يرشق المتظاهرون الغاضبون في تبريز من سياسات بلادهم، الجنود الذين جاؤوا لسد الطريق أمام تقدم المحتجين، وكان أحد المتظاهرين يقول بصوت عال: "نهاية الثورة" ويعني فيها الثورة التي جاءت بحكم خميني إلى السلطة عام 1979 واستمرت بعد وفاته بقيادة المرشد علي خامنئي.
ويرى مراقبون أن مشاركة الأتراك الآذربيجانيين وهي القومية الأكبر بعد الفرس في إيران، سيكون بمثابة العد العكسي لسقوط النظام، حيث تعد مشاركتهم في ثورة 1979 عاملا مميزا، أدى إلى سقوط الشاه بسبب عددهم الكبير وتوزيعهم على أكثر من أربع محافظات مهمة ومنها العاصمة طهران.
وتعد سعة وانتشار المظاهرات، هي الميزة الأكبر في الاحتجاجات الجارية، وهذا حدث غير مسبوق منذ 38 عاما. الاحتجاجات الجارية بدأت من مشهد وانتشرت كالنار في الهشيم في بقية المدن الصغيرة والكبيرة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.
كما تميزت الاحتجاجات بشعاراتها حيث اشتدت خلال يوم واحد وتبدلت من هتافات ضد حكومة روحاني، إلى المطالبة برحيل المرشد وإسقاط نظامه حيث مزق المتظاهرون صوره في أغلب الاحتجاجات.
ويركز الأتراك خلال الاحتجاجات على مطالبهم القومية، كالحقوق الثقافية، وتدريس لغة الأم، وإنقاذ بحيرة أرومية من الجفاف، بالإضافة إلى إنهاء الخطاب المعادي للأتراك في الإعلام الرسمي الناطق بالفارسية.
كما أعلن مولوي عبدالحميد إمام جماعة إقليم بلوشستان، يوم الجمعة دعمه الكامل للإحتجاجات التي بدأت منذ عشرة أيام، مؤكدا على لزوم تغيير السياسات والقوانين في إيران.
وأضاف مولوي عبدالحميد:" لا بد من تغيير أي قانون لا يمكنه حل مشاكل الناس ويعرقل طريق حل المشاكل". حسب ما جاء في موقع راديو زمانه الذي خصص هذه الأيام جلّ أخباره حول الإنتفاضة في إيران.
وخلافا لإمام جماعة السنة في زاهدان، هاجم أئمة الجمعة الذين يتم تعيينهم من قبل المرشد علي خامنئي بشكل مباشر، الإحتجاجات الجارية ووصفوها بالفتنة الجديدة تقودها دول أجنبية.
وبدأت الإحتجاجات التي دخلت يومها العاشر بعد أن إنضم لها الأتراك الأذربايجانيين يوم أمس الجمعة، من مدينة مشهد وإنتشرت في بقية المدن مخلفة وراءها حتى الآن، أكثر من 21 قتيلا و ما يزيد عن 1700 معتقل .
ونصح إمام جماعة السنة في أقليم بلوشستان شرق إيران السلطات في بلاده بالإستماع إلى أصوات المحتجين تلبية مطالبهم.
هذا بينما تصف السلطات والإعلام الرسمي الإيراني المحتجين الذين هفتوا في جميع مظاهراتهم ضد المرشد علي خامنئي وطالبوه بالتنحي عن السلطة بـ "مثيري الشغب والفوضى".
وطالب مولوي عبدالحميد من المتظاهرين، الإبتعاد عن العنف إثناء الخروج في المظاهرات والإستمرار في مطالبتهم بحقوقهم بهدوء والطرق السلمية.
وحول مطالب السنة في إيران، قال مولوي عبدالحميد إن السنة يطالبون برفع التمييز ضدهم مؤكدا إن أهل السنة في إيران، يعانون التمييز منذ أربعين عاما.