"حزب الله" و"ايران" ومخططات التغيير الديموغرافي في سوريا

الأربعاء 24/يناير/2018 - 05:56 م
طباعة حزب الله وايران
 

 لاتكف ميليشيا "حزب الله"  وايران عن مخططاتهم  لإجراء تغييرات ديموغرافية واسعة في المناطق التي  تسيطر عليها في  سوريا  من خلال تهجير أهلها، وجلب العائلات الشيعية من لبنان وسوريا للسكن فيها.
 كما انضمت مدينة داريا بريف دمشق إلى مخططات "التغيير الديمغرافي"  بعد 4 سنوات من الحصار داريا، الواقعة على بعد 8 كلم غربي دمشق، باتت "منطقة أشباح" بموجب اتفاق فرضته "سياسة التجويع والقتل"  الذى أتاح الاتفاق الذي خط بحبر إيراني لأكثر من 7 آلاف مدني وزهاء 600 عنصر من فصائل المعارضة مغادرة مدينتهم، التي بلغت فيها نسبة الدمار الناجمة عن الضربات الجوية والقصف المدفعي نحو 70 في المئة، وفق الناشطين.
وفي إعادة لسيناريوهات التغيير الديمغرافي السابقة، غادر أهالي داريا إلى مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة، لاسيما في محافظة إدلب التي تملك حدودا إدارية مع محافظات اللاذقية وحلب وحماة والأراضي التركية.
والزبداني الخاضعة لسيطرة المعارضة قريبة من الحدود اللبنانية على غرار داريا، الأمر الذي يؤكد أن الاتفاقات تأتي في سياق محاولة حزب الله خلق منطقة خالية من طائفة بعينها لتتصل بمناطق لبنانية.
فأغلبية موالية لحزب الله تقطن معظم المناطق اللبنانية المحاذية للشريط الحدودي بريف دمشق، مما دفع الائتلاف السوري المعارض للتحذير مجددا من مخططات مشبوهة مبنية على إجبار المدنيين على هجرة مناطقهم.
وردا على إجلاء المدنيين من داريا، انتقد الائتلاف، في بيان، إقدام "نظام الأسد (الرئيس السوري) على السير وفق خطة ممنهجة لتهجير السكان حول دمشق بهدف التغيير الديمغرافي وصولا إلى التقسيم على أساس طائفي".
وما يؤكد هذه الشكوك أن المفاوض الإيراني هو من قاد المباحثات التي أثمرت في يناير 2015 وأبريل من العام الجاري عن إجلاء مدنيين ومسلحين من الزبداني، مقابل آخرين من الفوعة وكفريا اللتين تقطنهما أغلبية شيعية.
وقبل هذه الاتفاقات، نجحت ايران  في إفراغ أحياء حمص القديمة، باستثناء حي الوعر، من سكانها الأصليين، بموجب اتفاق جاء في مايو 2014 بعد نحو عامين من الحصار والقصف.
 كما قامت طهران بإخضاع أهالي أحياء الخالدية وباب سباع وباب هود وجورة الشياح والقصور بحمص،  وتهجير سنة ريف المدينة من مناطق عدة أبرزها، القصير الواقعة على بعد نحو 15 كلم من الحدود اللبنانية.
 وفى القصير التى اجتاحها  عام 2013  قال الناشط يامن الحمصي لأورينت نت، إن القصير شهدت خلال عام 2017م  قيام حزب الله بنقل مهجري وسكان بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام إلى مدينة القصير بريف حمص الجنوبي، لتتحول بذلك القصير من المدينة ذات النسيج الطائفي المتنوع والمتعارف بانسجامه، إلى مدينة تحوي بداخلها على مقاتلين شيعة مع عائلاتهم.
وتملك القصير موقعاً جغرافياً هاماً بالنسبة لحزب الله، لمحاذاته لحدوده داخل لبنان، بالإضافة لكونها أحد المعابر الهامة لمقاتلي الحزب ولأسلحته التي يقوم بنقلها عبر الطريق الواصل بين لبنان والقصير، ويعتبر توطين سكان كفريا والفوعة في القصير مصدر أمانٍ لتلك الحدود ولذلك المعبر الاستراتيجي.
وأشار يامن الحمصي بأن هذا التغيير في الخريطة السكانية لأهالي المدينة لم يكن وليد اليوم والأمس، بل إنه مخطط استعماري بامتياز قام به "حزب الله"  منذ عام 2013 عند سيطرة الحزب على مدينة القصير، حيث قامت وقتها الميليشيات بطرد الكثير من العائلات السنيّة إلى خارج المدينة وتهجيرهم إلى مدن حمص وحماة، كما أن منطقتي دير بعلبة والبياضة في حمص تحولتا لمقرات ومراكز تواجد لحزب الله وإلى سكن خاص للعائلات من أبناء الطائفة الشيعية.

ويروي أبو عبد الله أحد سكان مدينة القصير السابقين أن ميليشيا حزب الله رفضت عودته إلى منزله الكائن في الحي الجنوبي لمدينة القصير عقب نزوحه من المدينة في عام 2013، مشيراً إلى أن ميليشيا الحزب وعدته بتقديم تعويض مالي يمكنّه من شراء منزل جديد في منطقة أخرى، ولكن تلك الوعود لم تنفّذ إلى اليوم.
وأضاف أن هناك عدد من العائلات السنية والمسيحية ما زالت تقطن في مدينة القصير ممن لم تنزح إلى خارج المدينة أثناء سيطرة الحزب عليها، ولكنها تعامل بمعاملة فظّة وتحت رقابة وتشديد أمني كبير وذلك خاصة أثناء عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين من وإلى لبنان، مع السماح لمقاتلي نسور الزوبعة -الجناح العسكري للحزب القومي السوري الاجتماعي والموالي للنظام السوري- بالإشراف على المنطقة التي تقطنها الغالبية المسيحية، عقب اتفاق سرّي بين حزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي في لبنان في مطلع عام 2014.
وبدأ حزب الله منذ أشهر بتوسيع هذا التغيير إلى قرى وبلدات تحيط بالقصير، بهدف إنشاء مركز كبير لهذه القوات يحاذي مقرات حزب الله في لبنان، وسط وعود بتقديم منازل بديلة لمن يتخلى عن منزله في أي قرية من القرى المحيطة بالقصير، وهذه المنازل ستكون في داخل مدينة حمص في المنطقة القديمة التي يعاد بنائها كحي الوعر وبابا عمرو وغيرها والتي يشرف على بنائها تجار إيرانيون وشركات إيرانية وصينية.
وأكد ناشطون أن المنازل التي يتم بيعها للإيرانيين ولعناصر حزب الله تباع بأسعار رخيصة الثمن وبعقود مزورة، دون موافقة أهلها الأصليين، وتحت رعاية وتنسيق من حزب الله مع مؤسسات النظام.
فمخططات حزب الله تبدأ بتهجير أهالي المناطق المستهدفة ومن ثم استبدالهم في المرحلة الثانية بأهالي مقاتلي عناصر الحزب للعيش في تلك المناطق، وبذلك تتحول هذه المناطق إلى مناطق موالية تماماً ، بالإضافة إلى نشر المذهب الشيعي فيها، كما حصل في منطقة القلمون بريف دمشق، حيث قام بتفجير عدّة أبنية سكنية داخل القلمون وحرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لضمان عدم عودة المهجرين إليها وفقدان أهلها الأصليين من الأمل في العودة إلى أملاكهم التي تم حرقها وتدميرها، من ثم إجبارهم على بيع تلك الأملاك لصالح التجّار المتعاملين مع إيران وحزب الله.
 وتعتبر دمشق جوهرة المشروع الإيراني، نظراً للمكانة الدينية التي تنطوي عليها، وبدون دمشق يفقد المشروع الإيراني أهم مبرراته، حيث تشكّل دمشق بلد العتبات المقدسة محركاً لاستقطاب المقاتلين من مختلف الاصقاع، ومحفزاً لبذل الغالي في سبيلها. وتدرك إيران أنه بدون دمشق سيظهر مشروعها على شكله الحقيقي، مشروع إمبريالي رث في زمن تجاوز هذا المنطق.
وقد عرّض هذا الوضع مدينة دمشق إلى ضغط مكثف مارسته إيران وأدواتها لتسريع تحويل المدينة إلى ما تريده إيران، وهو جعلها مدينة شيعية بما يتطلب ذلك من إجراءات عديدة لإنجاز هذا التحول:
- أهم تلك الإجراءات تفريغ دمشق من سكانها، عبر ممارسة أساليب الترهيب والترغي. فبالإضافة إلى عمليات القمع الواسعة، تعمل إيران على استثمار الأوضاع المادية الصعبة لسكان دمشق والقيام بشراء المنازل والعقارات من أصحابها."3".
- استثمار وجود العائلات الشيعية في قلب دمشق، في أحياء الشاغور وزين العابدين والميدان والعمارة، وهو وجود ضئيل استطاعت إيران توسعته عبر شراء العقارات بكثافة أو الاستيلاء عليها بعد تهجير الغالبية من سكانها.
- العمل على إقامة مشاريع عمرانية كبيرة في مناطق كفرسوسة والمزة.
- تفريغ غلاف دمشق من السكان وعدم السماح بعودة من خرج من تلك الأحياء، وخاصة في جنوب دمشق، والمناطق المحيطة بمقام السيدة زينب.
- دفع النظام إلى إصدار المراسيم اللازمة والتي تنطوي في ظاهرها على تطوير مخطّط دمشق العمراني، كإجراءات بديلة لاستبعاد السكان الأصليين"4".
- تغيير هوية المدينة من خلال وضع اليد على المقامات والمساجد والأضرحة واعتبارها من تراث آل البيت الذين هم ملكية حصرية للشيعة.


 وفى منطقة القلمون التى تعد  جسر العبور إلى لبنان وتمتد من ريف دمشق حتى حمص، وهي أكثر المناطق التي شهدت عمليات تطهير علنية وصريحة، وتضم المنطقة عشرات المدن الصغيرة ومئات القرى والمزارع، ويشكل الوجود الشيعي فيها نسبة ضئيلة جداً، رغم ادعاء حزب الله أن نشاطه فيها بهدف حماية المكون الشيعي.
ويعمل حزب الله في المنطقة بمنطق احتلالي صرف وكأن المنطقة قد أصبحت ملكاً خالصا له. وقد ذهب بعيداً في قيامه بإجراء مبادلات سكانية بين سكان الزبداني وشيعة الفوعة، كما يحاصر مضايا حتى الموت ويشترط لإخراج السكان للعلاج تنازلهم عن ممتلكاتهم وعن حقهم في العودة.
كما تشكل منطقة القلمون، بشرقها وغربها، جسر المشروع الإيراني بين العراق ولبنان، ويساعد على تأمين هذا الجسر ملاصقة القلمون لسلسة الجبال الشرقية ومنطقة البقاع الشرقية التي تقطنها غالبية شيعية، بما يجعل ظهر دمشق مؤمناً، وكذلك تضمن السيطرة على هذه المنطقة خلو المساحة الممتدة من دمشق إلى حمص من أي تواجد سني.
مما سبق نستطيع التأكيد على ان ميليشيا "حزب الله" ومن خلفها ايران لن تكف عن  مخططاتها لإجراء تغييرات ديموغرافية واسعة في المناطق التي  تسيطر عليها في  سوريا  من خلال تهجير أهلها، وجلب العائلات الشيعية من لبنان وسوريا للسكن فيها وهو الامر الذى سيكون له بلاشك نتائج كارثية على الاوضاع الديمغرافية فى سوريا . 

شارك