مع مقتل أمير "تحرير الشام" بحلب.. غموض مستقبل جبهة النصرة بسوريا
السبت 27/يناير/2018 - 06:03 م
طباعة
ما زالت حرب الاغتيالات دائرة بين الفصائل الاسلامية المسلحة في سوريا، حيث قتل قيادي في هيئة "تحرير الشام" الجمعة 26 يناير 2018، بعدما تم استهدافه من قبل مسلحون في بلدة "كفر كرمين" في منطقة جبل سمعان بمحاقظة حلب شمال سوريا.
ونعت حسابات مقربة من "تحرير الشام"، القائد العسكري لقطاع حلب في “هيئة تحرير الشام أبو أسامة تل عرن" عطية الله " ، وقالت إن حادثة الاغتيال جاءت على يد مجهولين استهدفوه بالرصاص في بلدة كفركرمين على الطريق الذي يصلها مع مدية الأتارب في منطقة جبل سمعان عربي حلب.
وأشارت إلى أنه "لم يتم اكتشاف المقدمين على هذا الفعل"، بينما لم تعلّق هية تحرير الشام على حادثة الاغتيال رسميًا حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
ويشغل "أبو أسامة" منصب أمير الهيئة العسكري في حلب وريفها، وتتزامن حادثة الاغتيال مع تحركات عسكرية تركية في ريفي حلب الغربي والجنوبي، كان آخرها أول أمس الأربعاء.
ويعتبر من أبرز القادة العسكريين في "تحرير الشام"، وشارك في عدة معارك جنوبي حلب، بينها السيطرة على تلال منطقة العيس.
ويندرج مقتل المسؤول العسكري ضمن سلسلة اغتيالات طالت "تحرير الشام" في الأشهر الماضية، وآخرها في نهاية شهر ديسمبر الماضي حيث تم اغتيال مسؤول قطاع جبل الحص المدعو محمد رمضان الحجي الملقب بـ "أبو عمارة الحصي" جراء انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في ريف حلب الجنوبي آنذاك.
وشهد الشمال السوري حوادث اغتيال متعددة طالت قياديين في الفصائل العسكرية العاملة، ووجهت أصابع الاتهام لغالبيتها إلى تنظيم داعش.
لكن الاغتيالات التي طالت تحرير الشام منذ تشرين الأول الماضي حتى الآن، ربطها مراقبون بالتدخل التركي في ريفي حلب وإدلب، بموجب اتفاق "تخفيف التوتر" الذي انضمت إليها المنطقة مؤخرًا.
وتعيش تحرير الشام انقسامًا داخليًا في صفوفها بين رافض للتدخل التركي ومرحب به، وسط غموض حول مصيرها في ظل حديث عن إمكانية انخراطها تحت راية حكومة الإنقاذ المشكلة حديثًا.
حيث أعلن المدعو ابو عبد الله الشامي القيادي البارز في "تحرير الشام" استقالته من جميع مناصبه فيها.
وقال الشامي في بيان له نشره عبر قناته في برنامج التليجرام "أعلن عن استقالتي من جميع مناصبي في هيئة تحرير الشام وتعليق عملي معها".
يذكر أن الشامي هو مؤسس حركة فجر الشام التي اندمجت مع جيش المهاجرين والأنصار والكتيبة الخضراء وشام الإسلام ضِمن ما يسمى جبهة أنصار الدين، وأصبح مسؤولاً فيها والتي بدورها كانت من ضمن المجموعات المؤسسة لـتحرير الشام وكان يشغل منصب الإداري العام للهيئة وعضو شورى فيها.
كما أعلن المدعو عزو أبو أحمد مسؤول "القوة التنفيذية" في مدينة أريحا استقالته من "تحرير الشام" دون ذكره للأسباب.
وخلال 2017 شهد هيئة تحرير الشام موجات ظهرت بشكلٍ واضح ، وتزامنت مع بدء الخلاف بين "تحرير الشام" وحركة أحرار الشام الفصيل المسلح المحسوب علي جماعة الإخوان في سوريا.
وجاءت موجة الانشقاقات الأولى، في شهر مارس2017، عندما بدأ الخلاف الفعلي بين الحركة والهيئة، ما دفع عدّة قياديين للانشقاق عن الهيئة والانضمام للحركة.
وقرّرت عدّة مجموعات وكتائب وشخصيات داخل هيئة تحرير الشام حينها ترك موقعهم في الهيئة، والعودة إلى صفوف حركة احرار الشام منها: كتيبة المدفعية والهاون، محمد أبو الدرداء من كوادر جبهة النصرة القدامى، مجلس شورى عشائر المَوالي الموحد، سرية "أنصار الشريعة" العاملة في سهل الغاب- قطاع حماة، أبو البراء طعوم قائد لواء "أجناد الشام" الذي انشق مع لوائه، كتيبة "حذيفة بن اليمان" العاملة في منطقة دارة عزة، كتيبة "محمد أسعد بدر" في سراقب، "كتيبة أحرار إسقاط" – قطاع الحدود.
أما موجة الانشقاقات الثانية جاءت في التاسع عشر من شهر مايو2017، أعلن محمد علوش "أبو سامي"، وهو القائد العسكري لفصيل "جند الملاحم"، التابع لـ "هيئة تحرير الشام"، انشقاقه عن الهيئة، لينضم إلى حركة أحرار الشام الإسلامية.
أما الموجة الثالثة، فجاءت في شهر يوليو 2017، الذي شهد تحوّل الخلاف بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام من حرب كلامية وبيانات إلى معارك مباشرة، حيث أعلنت عدة كتائب في الهيئة انشقاقها في مقدمتها "كتيبة المدفعية" في ريف حلب الجنوبي، وسرية "سهام الصالحين " في سراقب بريف إدلب، مرجعةً السبب إلى التجاوزات التي ارتكبتها الهيئة بحق حركة أحرار الشام، وانحراف البوصلة وفقاً لبيان رسمي.
كما أعلن القاضي عبد الله المحيسني، والداعية مصلح العلياني، انشقاقهما عن “هيئة تحرير الشام” في سوريا، طبقاً لبيان نشراه عبر قنواتهما الرسمية.
وأرجع المحيسني والعلياني قرارهما بالانشقاق إلى الفشل في تحقيق غايتهما من الوجود في الهيئة، وتجاوز الهيئة في القتال الأخير، في إشارة إلى القتال الذي شهدته محافظة إدلب بين فصيلي هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام.
ختاما تشهد حركة تحرير الشام عددا من التغيرات علي مستوري القيادة والتوجه السياسي والتغير الميداني علي الساحة السورية، وخاصة شمال سوريا والتي تعد ابرزها إعلان الجانب التركي عملية "غضن الزيتون" العسكرية بتنسيق ودعم روسي في عفرين لأجل الحد من نفوذ وحدات حماية الشعب "قسد" والمتصلة بشكل قوي مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إضافة إلى نشر تركيا لقواتها في محافظة إدلب بناء على اتفاق روسي-إيراني يهدف إلى تحويل ادلب منطقة "خفض توتر" مع تأكيد الجانب التركي بأنّ الهدف الاساسي لنشرها قواتها هناك هو التصدي لوحدات حماية الشعب.
هذه التطورات والمتغيرات كيف ستنعكس على مستقبل الهيئة، في ظل ارتفاع موجه الاغتيالات والانقسامات داخل الهيئة وهو ما يهدد جديدا سقوط "تحرير الشام" كقوة موحدة خلال الفترة المقبلة بما يعني كشف الغطاء عن "جبهة النصرة" ذراع القاعدة في سوريا، الشريك المؤسس لحركة تحرير الشام.
ويري راقبون ان جبة النصرة في مأزة الحصول علي غطاء سياسي في سوريا، في ظل تشذي ا"تحرير الشام" واقتراب الهيئة من السقوط وهو ما يضع "جبهة النصرة" بزعامة محمد الجولاني في مرمي الحرب علي الإرهاب، وهو ينهي الطموح السياسي للجولاني في سوريا.