صراع "التيار- أمل".. حزب الله في عين العاصفة والتغيرات قادمة بلبنان

الثلاثاء 30/يناير/2018 - 01:58 م
طباعة صراع التيار- أمل..
 
تعيش لبنان هذه الأيام علي وقع حرب طكلامية وتصريحات نارية  تشعلها مواقع التواصل الإجتماعي لتمتقل إلي الشارع وسط استنفار أمني من قبل وزارتي الداخلية والدفاع اللبنانية ، بين أنصار حركة أمل (شيعي) والتيار الوطني الحر(مسيحي) وهما فريقان وضلعين مهمان في ائتلاف 8أذار والذي يشؤير الي تصدع تيار "8أذار" فالتيار الوطني وحركة أمل هما حليفان همهمان لحزب اله اللبناني بيما يشير إلي تبدل الخرطية والتحالفات السياسية في لبنان.
فقد اشتعل الشارع اللبناني مع تحركة "حركة أمل" علي أثر  المواجهات بين "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل"  والتي ارفتعت حدتها بعد انتشار فيديو لوزير الخارجية اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يصف خلاله رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حكرة أمل الشيعية، نبيه بري بـ "البلطجي"، ما بات يوحي بأزمة سياسية مفتوحة بين الطرفين تهدد السلام الإجتماعي  وتشعل الأوضاع في بلاد الأرز
التيار الوطني الحر وحركة أمل طرفان كبيران في لبنان. الأول يستند إلى موقع الرئاسة الأولى "رئاسة الجمهورية الرئيس عون" والثاني إلى موقع الرئاسة الثانية "مجلس النواب البرلماني رئيس نبيه بري"، فضلاً عن انتمائهما الى طائفتين أساسيتين "حركة امل شيعية والتيار الوطني مسيحي"، وهما في الوقت عينه حليفان لحزب الله القوة التي يُحسب لها حساب في الخارج قبل الداخل.
وقد شهدت لبنان خلال اساعات الماضية،  حرب ألكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري أمل والتيار،في تغريدات وصلت إلى 32 ألف تغريده خلال 24 ساعة فقط "مساء الأحد"من تسريب المقطع المصور، حيث أطلقت حملة تحت شعار "البلطجي باسيل"، توالت ردود فعل لم تخل من الشتائم والتهديد من قبل المسؤولين في "حركة أمل" التي أصدرت هيئتها الرئاسية بيانا محذرة من الفتنة، ليعود بعدها المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ويدخل على الخط محملا العهد مسؤولية اثارة الاجواء الطائفية. 
وقال باسيل في لقاء انتخابي عقده في بلدة بترونية بحسب ما أظهره الفيديو المسرّب وقال باسيل نصا: "هيدا مش رئيس مجلس، هيدا بلطجي"، " متّهما إياه بالطلب من المغتربين الشيعة في افريقيا بعدم المشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي تنظمه وزارته. 
ولم تمرّ ساعات على انتشار الفيديو وما رافقه من ردود فعل، حتى انتشر تسجيل آخر يقول فيه باسيل في رد على سؤال حول كيفية التعامل مع سياسة بري "الحل هو نحنا نكسرلو راسو ومش هوي يكسرلنا راسنا".
وفي حين عبّر باسيل عن أسفه لنشر الفيديو وصدرت دعوات للتهدئة من المسؤولين اللبنانيين، حملت ردود الوزراء والنواب في "حركة أمل" لهجة تصعيدية تجاه باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون. كما غرد وزير المال اللبناني علي حسن خليل، في كتلة حركة امل ، في حسابه على "تويتر موجها شتائم وسبابا للوزير باسيل.
‏وزير المال اللبناني علي حسن خليل غرّد معلقاً بالآتي "إذا كان هناك من يسمع فليسمع أن صهره المفضل قليل الأدب ووضيع وكلامه ليس تسريباً، بل هو خطاب الانحطاط ونعيق الطائفيين أقزام السياسة الذين يتصورون أنهم بالتطاول على القادة يحجزون موقعاً بينهم".
وتعليقاً على الفيديو قال النائب في "حركة أمل" أيوب حميد : "في الواقع ذهلت، ولا يمكن أن نقول أكثر من ذلك، أقزام يتجرأون على عمالقة وقامات وطنية كبيرة"
وعن إمكانية لجوء "حركة أمل" للقضاء، قال حميد: "القضاء غاف، ومن يقوم بدور الحامي لسلطة القضاء غاف، وبنفس الوقت يعمل على القطع".

اشتعال الشارع:
الأوضاع اتخذت منحى تصاعدياً، إذ تجمهر مناصرو "أمل" أمام مكتب "التيار الوطني الحر" المركزي في سنتر ميرنا الشالوحي، حيث أحرقوا الإطارات مندّدين بكلام باسيل، ومطالبين الرئيس اللبناني ومؤسس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون بإزاحته.
وقد سمع اطلاق نار في المحلة وسط اتهامات متبادلة من الطرفين، فقد اتهم انصار "امل" التيار الوطني الحر بإطلاق النار على المتظاهرين، اكد القيادي في التيار ناجي حايك ان عناصر امن المبنى ردو على اطلاق النار الذي استهدفهم .
كذلك نظّم مناصرو "أمل" اعتصاماً في منطقة المشرفية - الضاحية الجنوبية، منددين بما أدلى به باسيل عن بري، وكذلك طالبوا باستقالته. كذلك انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الإجتماعي يظهر شباناً بينما يقومون بإزالة يافطات لرئيس اللبناني العماد ميشال عون.
كما تجمّع عدد من انصار أمل امام المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى على طريق المطار رافعين صور الرئيس نبيه بري ومنددين بتصريحات باسيل.
فيما وجه وزير الدفاع اللبنانى يعقوب الصراف توجه الى مركز التيار الوطني الحر في منطقة ميرنا الشالوحي للوقوف على مجريات الأحداث، بعد ان قطع مناصرو حركة أمل الطريق احتجاجا على وصف وزير الخارجية ورئيس التيار جبران باسيل لرئيس حركة أمل نبيه برى بالبلطجى.

مطالب بالتهدئه:
وتعليقاً على مجريات الأحداث في ميرنا الشالوحي بين مناصري "التيار" و"أمل"، أصدر "التيار الوطني الحر" بياناً قال فيه إنّ "عناصر من حركة أمل عمدت إلى الهجوم على مقر عام التيار في ميرنا الشالوحي، ورشقت المقر بالحجارة وحرقوا الدواليب وأطلقوا النار، فاضطرت عناصر حماية المقر إلى الدفاع عن نفسها، واستدعت الجيش الذي طوق المكان". ودعا التيار مناصريه إلى "عدم القيام بأيّ ردّات فعل في أيّ مكان وترك معالجة الأمر للقوى الأمنية فقط، كما يطلب من مسؤوليه عدم التعليق الإعلامي على ما يجري من أحداث وترك اللبنانيين يحكمون بأنفسهم. ويبقى التيار أميناً على الإستقرار وحماية الوطن واصلاح دولته".
ولفت ابرز قادة التيار الوطني الحر العميد المتقاعد شامل روكز إلى أنه "في لم نستطع أن نتحالف فعلينا أن نتعاون، وإن لم نستطع أن نتعاون فعلينا أن نتبادل الاحترام"، مؤكداً "أننا نكنّ كل الاحترام والتقدير لشريكنا في الوطن رئيس مجلس النواب نبيه بري".
فيما اصدرت هيئة الرئاسة في حركة "أمل" بيانا بعد اجتماع طارئ لها، محذرة من الفتنة. وجاء في بيانها " إن ما جرى تداوله من كلام صادر عن رئيس التيار الوطني الحر يحمل أبعادا خطيرة تهدد وحدة البلد واستقراره وأمنه، وهي دعوة مفتوحة الى فتنة ستأخذ في طريقها كل ما أنجز على مستوى البلد، وتذكرنا بحروب التحرير والالغاء المشؤومة التي جلبت للبنان الدمار والويلات". 
ودعا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل وزير الخارجية جبران باسيل للاستقالة قائلا:" استقل اليوم يا معالي الوزير فالاعتذار لم يعد كافيا". وراى الخليل أن "ما قام به باسيل جريمة يحاسب عليها قانون العقوبات الذي ينص على ان كل من يحرض او يقوم بعمل قد يثير النعرات الطائفية يحاكم".

الحريري في الأزمة:
وعلى الجانب الآخر، أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري انه ستكون له مبادرة لتهدئة الأجواء بين بري وباسيل، وفقا لبيان من الرئاسة اللبنانية، وأضاف ردا علي أسئلة الصحافيين في أعقاب لقائه مع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ظهر امس الاثنين في قصر بعبدا "لقد قابلت فخامة الرئيس وأكدنا على التهدئة التي يجب أن تحصل". وتابع "أن شاء الله تتجه الأمور إلى التهدئة والايجابية، فالبلد ليس بحاجة لا إلى تصعيد ولا إلى تأزيم. لقد سمعنا الكثير، وحصل هناك اعتذار من قبل الوزير باسيل. فلندع الأمور عند هذا الحد، ومع الوقت نأمل أن تحصل التهدئة. وأنا سأكمل جهودي في هذا الموضوع. وأرى انه من واجبنا أن نتطلع إلى شؤون المواطن اللبناني وسط الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، فهذا هو الأساس. وأهدافنا جميعا فخامة الرئيس ودولة الرئيس بري وأنا شخصيا أن ندير هذا البلد بأفضل طريقة لما فيه مصلحة المواطنين. تحصل في بعض الأمكنة مشاكل، وأنا تحصل معي مشاكل معينة، يبقى المهم أن هناك مبادرة قريبة، أمل أن نتوصل إلى حل".

حزب الله موقف صعب:
فيما علق حزب الله اللبناني حليف "أمل و" التيار" على الكلام المسرب عن وزير الخارجية جبران باسيل قائلا : نرفض رفضاً قاطعاً الكلام الذي تعرض بالإساءة إلى دولة رئيس مجلس النواب الأخ الأستاذ نبيه بري شكلاً ومضموناً، ونرفض الإساءة له من أي طرف كان.
وأضاف الحزب في بيان له" إننا نؤكد على تقديرنا العالي واحترامنا الكبير لشخص ومقام دولة الرئيس نبيه بري، وهذا ما كان يعبّر عنه سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاباته ومواقفه.
وتابع حزب الله إن هذه اللغة لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح بل تخلق المزيد من الأزمات وتفرق الصف وتمزق الشمل وتأخذ البلد إلى مخاطر هو بغنى عنها.
وحذر الحزب من اشتعال الأوضاع في لبنان، داعيا  إلى المسارعة بمعالجة هذا الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية.
جاء بيان حزب الله بعد  وجود تقارير بفشل حزب الله في التقريب بين "امل " و"التيار الوطني" بيما يشير إلي أن  لبنان علي وشك أزمة كبيرة قد تشهد تدخل اقليمي ودولي، وتهدد استقرار البلد الملغم بالعديد من القنابل وألغام تهدد بعودة اجواء الصراع والحرب.
وقالت مصادر "حزب الله" لـ"الجمهورية اللبنانية": "لم يعد ينفع النأي بالنفس وسقَطت كلّ الوساطات بعد كلام باسيل، فما حصَل لم يكن في الحسبان، والتعرّض للرئيس بري خط أحمر".
وقد مرر حزب الله رسائل عدة للرئيس ميشال عون بأن الرئيس بري هو خط أحمر، كان آخرها ما أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن "الحزب سيتحالف مع حركة أمل في كل لبنان من دون استثناء، وهناك عمل كبير سيكون بين حزب الله وحركة امل"، الا ان هذه الاشارات قوبلت بتصلب من الرئيس عون وتياره في موضوع المرسوم.
وأوضحت  مصادر اعلامية عديدة  أن حزب الله عجز عن التقريب بين وجهتي نظر حليفيه الرئيس العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. فهو لم يتمكّن من حلّ خلافهما على خلفية أزمة مرسوم منح الأقدمية لضباط دورة العام 1994. ولم يستطع ضبط إيقاع تداعيات المناكفات التي ظهرت علنية مع تشبث كل من بعبدا وعين التينة بموقفها من زاوية استناد كل منهما إلى خبراء دستوريين وقانونيين.

قوي لبناني تدعو للتهدئة:
كما دخل المجلس الشيعي الاعلى على خط الحرب، محذرا من "النهج المتبع في اثارة الاجواء الطائفية والمذهبية"، بحسب ما جاء في بيان له. معتبرا ان استهداف بري " الحريص دوما على الوحدة الوطنية وحفظ المؤسسات والضامن للاستقرار والعيش المشترك يأخذ البلاد الى فتنة داخلية لاهداف شخصية"، محملا "العهد مسؤولية هذا النهج المستنكر والمدان، وهو مطالب بإعادة الامور الى نصابها ووضع حد لهذا الاستهتار واللامسؤولية في ادارة شؤون الدولة في أخطر مرحلة يمر بها لبنان".
فيما شدّد رئيس "حزب التوحيد العربي" وئام وهاب، في تصريح على مواقع التواصل الإجتماعي، تعليقاً على الفيديو المُسرّب لرئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الّذي وصَف فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ"البلطجي"، على أنّ "ما يحصل بين حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر" غير مبرّر وباسيل مُطالب بإعتذار، ونتمنّى على بري العمل لتلافي أي تصعيد".
في سياق متصل، كان بارز أمس زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط  لرئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط، التي جاءت بعد ‏نحو 24 ساعة على لقائه الرئيسَ بري في عين التينة، وتبيّن انّ جنبلاط بادرَ شخصياً الى ‏تسويق مبادرة بري لحلّ أزمة المرسومين لدى الحريري، ليتحرّك الاخير بدوره في اتّجاه رئيس الجمهورية ‏العماد ميشال عون، وهي تقضي بدمج مرسومَي الاقدمية والترقيات بمرسوم واحد يوقّعه رئيسا الجمهورية ‏والحكومة والوزراء المختصون، وفي مقدّمهم وزير المال‎.‎
اكد النائب وليد جنبلاط "إن الكلام المسرّب عن لسان وزير الخارجية بحق رئيس مجلس النواب نبيه بري مستنكر وغير لائق ولا يتماشى مع طبيعة العلاقات السياسية الداخلية حتى لو كان من موقع الخلاف في وجهات النظر".
ودعا لتصحيح هذه الإهانة المرفوضة من خلال موقف واضح وصريح يعيد الأمور إلى نصابها وينفس الإحتقان في الشارع ويؤسس لمرحلة جديدة تحمي الإستقرار الداخلي ويحول دون تمزيق لبنان المغترب ما يترك تداعيات في غاية السلبية.

المشهد اللبناني:
بات المشهد اللبناني مزيدا من التعقيد للوصول إلي حل قوي، وباتت اللعبة الإنتخابية وخريطة التحالفات الإنتخابية والسياسة المقبلة متغيرة في بلاد الأرز، فالتحالف وقوي 8أذر قد تشهد تغيرا في الوضع المستقبلي ، مع جنوح "التيار الوطني الحر" إلي التحالف مع المستقبل تاركا مقعده في "8أذر " وحلفائه التاريخيين "حزب الله- حركة أمل" .
مواقف "التيار الحر" السياسية والإنتخابية  يربطها مراقبون بالأوضاع الإقليمية والدولية، فالتيار أصبح أكثر جنوحا إلي" تيار المستقبل –السعودية"، فيما بات أكثر ابتعادا من "حزب الله- إيران" .
كذلك يري مراقبون أن سياسية "التيار – عون" ترتبط بشكل كبير مع سياسية الولايات المتحدة الأميركية، الإخيرة  التي تشهد ممارسة واشنطن ضغطا طكبيرا علي حزب الله ، عبر العقوبات وغير العقبات بما يشير إلي أن" التيار – باسيل" يسعي عبر تغير موقعه من التحالف مع  الثنائي الشيعي ، في رفع الغطاء عن حزب الله المحلي مركتزا علي الموقف الإقليمي"السعودية" والدولي " الولايات المتحدة الأمريكية" بما يمهد بتغيرات تكيك معادلة اللعبة السياسية داخل لبنان .

شارك