اتفاق مبدئي بخصوص اللاجئين فى ألمانيا وسط انتقادات حقوقية
الأربعاء 31/يناير/2018 - 08:58 م
طباعة
للاجئون السوريون في ألمانيا
بعد أشهر من الجدل والمفاوصات الشاقة، توصل التحالف المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لاتفاق مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشأن جمع شمل اللاجئين في ألمانيا، وسيتم بموجب الاتفاق الإبقاء على وقف استقدام أسر اللاجئين حتى الحادي والثلاثين من يوليو المقبل على ألا يتجاوز عدد الأقارب الذين يتم استقدامهم بعد هذا التاريخ ألف شخص شهريا إضافة لإجراءات استثنائية تتعلق بأصحاب الحالات الخاصة.
وحسب الاتفاق بالحديث عن وضع الحالات الخاصة لم يحدد في المذكرة السابقة التي بلورها الائتلاف، وسيتم تحديد التفاصيل النهائية للإجراء الجديد خلال الأشهر المقبلة، وبالتوصل لهذا لاتفاق يكون الطرفان قد أزالا إحدى أهم نقاط الخلاف الرئيسية التي وقفت حجر عثرة في مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي بعد أشهر على الانتخابات التشريعية.
يذكر أن الطرفين كانا تحت الضغط للإيجاد سريع لهذا الخلاف خصوصا وأن القواعد التي تحدد التعامل مع اللاجئين الذين يتمتعون بحماية محدودة ستنتهي صلاحياتها في منتصف مارس المقبل.
ويري متابعون أنه من المتوقع أن يؤدي تمديد وقف استقدام اللاجئين الحاصلين على لجوء غير مطلق أقاربهم إلى ألمانيا بشكل مؤقت وذلك خلال جلسة للبرلمان بعد غد الخميس وهو الإيقاف الذي انتهت مدته الحالية بالفعل.
وكانت هناك مفاوضات بين قيادات من الكتلة البرلمانية لكل من التحالف المسيحي والاشتراكيين بشأن التوصل لمثل هذا الحل، وكان الحل الوسط مثار الحديث يتمثل في حصر لم الشمل على ألف حالة أسرية شهريا فقط حسبما تم الاتفاق عليه خلال مفاوضات جس النبض بين الجانبين والتي سبقت هذه المفاوضات النهائية مع السماح بزيادة هذا العدد في الحالات الملحة.
ونوهت شبكة دويشته فيله فى تقرير لها إلى انه رغم الوجود الفعلي لمثل هذا البند المصاغ بشكل عام، ترك الجانبان مسألة سريانه على اللاجئين الذين لا يتمتعون بلجوء نهائي مفتوحة، وليس هناك حتى الآن اتفاق نهائي بشأن القرارات الخاصة بنقاط الخلاف الأساسية بين الطرفين.
ميركل وشولتس
على صعيد آخر كانت هناك انتقادات واسعة خاصة من جانب حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المعادي للأجانب لمسألة لم الشمل حيث يخشى الحزب من أن يؤدي العدد الكبير للاجئين في ألمانيا إلى تغيير الطبيعة السكانية في ألمانيا إضافة إلى تغيير الثقافة الألمانية.
وفى هذا السياق، برزت العديد من الأفكار المتفق عليها بين الأحزاب المشاركة، بحيث يتم الموافقة على قبول "1000 شخص شهريا، إضافة إلى الحالات الصعبة"، وتري منظمات حقوقية أن هذا العدد قليل مقارنة بعدد الطلبات المقدمة، لأن الاتفاق ينص على أن يستمر تنظيم "الحالات الصعبة" وفق القواعد المعمول بها حاليا. وهذه القواعد لم تمنح لم شمل –خلال الأعوام الماضية- إلا لأعداد قليلة جدا. في عام 2017 كان العدد أقل من مئة وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الألمانية.
وانتقدت منظمة برو أزول الألمانية المتخصصة بقضايا اللجوء هذا الاتفاق، معتبرة أنه حل وهمي، كما انتقدت المنظمات الكنسية في ألمانيا هذا الاتفاق، معتبرة إياه مراوحة بالمكان.
وحتى الآن غير معروف مصير عشرات الالاف الذين يرغبون فى حل المشكلات الأسرية الخاصة بهم، وإنهاء موضوع لم الشمل، فى حين تراقب الأوساط السياسية فى ألمانيا عن كثب ما سوف تنتهى إليه هذه المفاوضات فى ضوء توافد أكثر من ملون و 200 الف لاجيء منذ اكتوبر 2015 إلى مختلف المدن الألمانية.
وكان مسؤولي الحزب الاشتراكي يقولون إنهم سيفاوضون على زيادة عدد تأشيرات لم الشمل للاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية، بالرغم من تعرض الحزب لضغط من قاعدته لإجراء تعديلات على الاتفاق الأولي، ومن ضمنها موضوع لمّ شمل اللاجئين، خصوصاً بعد تصويته بأغلبية ضئيلة لصالح الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة مع الاتحاد المسيحي.
ويري محللون أن موضوع لمّ الشمل مرتبط بلاجئين حاصلين على الحماية الثانوية، قادمين من سوريا والعراق وأريتريا وأفغانستان، والذي يقدر عددهم بنحو 60 ألف، ويؤثر هذا الموضوع بشكل كبير على القاصرين منهم.
ويري محللون أنه بعد نجاح منقطع النظير خصوصاً في المجال الاقتصادي، منذ انتخابها مستشارة لألمانيا للمرة الأولى عام 2005، حلمت أنجيلا ميركل بالبقاء مستشارة لألمانيا لولاية رابعة. لكن "أقوى امرأة في العالم" دخلت الانتخابات الجديدة في 24 سبتمبر 2017، وهي في موقف صعب بسبب سياسة "الباب المفتوح"، التي طبقتها في مواجهة موجة اللجوء الكبرى في عام 2015، إلا ان حلفاؤها في "الحزب المسيحي الاجتماعي يطالبون بوضع "حد أعلى" لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنوياً، لكن ميركل لم تتراجع عن توجهها، ولذلك برز سخط لدى شرائح عريضة من المواطنين، خصوصاً في شرق البلاد. والنتيجة هي صعود "حزب البديل" اليميني الشعبوي للبرلمان الألماني كثالث قوة، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية.
رغم أن الاتحاد المسيحي بحزبيه الديمقراطي بقيادة ميركل والبافاري بقيادة زيهوفر، فاز في الانتخابات بالحصول على 32 % من أصوات الناخبين، إلا أنه كانت تعد أسوأ نتيجة لتحالف المسيحي، منذ عام 1949، لكن حليفهما في الحكم، الحزب الاشتراكي، سجل أكبر خسارة في تاريخه بالحصول على 20.5 % وقرر الحزب الجلوس في مقاعد المعارضة بدلاً من مواصلة التحالف مع ميركل، حتى دخل فى المشاورات مؤخرا.