بطريرك يضع خريطة لمواجهة التطرف الديني

الثلاثاء 06/فبراير/2018 - 04:45 م
طباعة  بطريرك يضع خريطة
 
وضع البطريرك روفائيل ساكو ما يمكن وصفه بخريطة تحدد كيفية مواجهة الفكر المتطرف  والارهاب وكان البطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو قد شارك  في مؤتمر عن العنف باسم الدين، والذي عُقد في مدينة فراسكاتي في روما، بتنظيم من مكتب الخارجية لمؤسسة Wilton Park بالاشتراك مع: الكومنولث في لندن، والمجلس البابوي لحوار الأديان في الفاتيكان، ومؤسسة الأديان في لبنان، بمشاركة نخبة من الشخصيات الدينية والسياسية، وناشطين في مجال الحوار والسلام وحقوق الانسان، من بينهم رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان الكاردينال جان لويس توران.
وفي كلمته أشار البطريرك ساكو، إلى أن معظم الأديان مارست في تاريخها نوعًا من أنواع العنف، بشكل أو بآخر. وانه من المؤسف والمخجل أن يُضطهد الإنسان بسبب إيمانه. فنحن في العراق اختبرنا هذا النوع من العنف الديني الذي مارسته التنظيمات الإرهابية (أمثال القاعدة وداعش) والمافيات الاجرامية (منذ عام 2004 وحتى اليوم، فقد اُستهدفت أو أُحرقت أو دمرت 100 كنيسة، على سبيل المثال، وحصل نفس الشيء لعدد من المساجد والحسينيات) وكذا الحال في سوريا ومصر، وما يُمارس من ظلم ضد مسلمي روهينغا في ميانمار وأماكن أخرى في العالم.
وأضاف: لو سعت الديانات لإجراء حوار صادق وإلى التفاهم فيما بينها، لما حصل كل هذا العنف المدمر باسم الدين، بل على العكس تمامًا، ولساهمت الأديان إلى حد كبير في تحقيق السلام. السبب الأول لهذا العنف هو عدم فهم النصوص المقدسة بشكل صحيح وغياب التفسير السليم. وفي هذا الصدد، نشكر الله على أن المسيحية حققت تقدمًا ملحوظًا. أما السبب الثاني فهو تسييس الدين لخدمة أجندات ومصالح شخصية معينة، وهذا بحد ذاته تشويه للدين.
كما قدم البطريرك الكلداني: مثل تنقية مناهج التربية الدينية من "المغالطات" والأفكار المتطرفة والارهابية التي تهدد الأمن، وبنائها من جديد على أسس تعزز الاعتدال والفهم الصحيح والسليم للنصوص. إضافة الى ضرورة قيام دول قوية وحديثة تتأسس على المواطنة وليس على الدين والاثنية. وفي الختام دعا الجميع، مسيحيون ومسلمون ألا يستسلموا لليأس ولهؤلاء المتطرفين والإرهابيين، بل أن يعملوا معًا لتحقيق هدف السلام السامي والضروري.وجاء في رسالة البطريرك  حول كيفية مواجهة العنف باسم الدين  مايلي 
إن جوهر "رسالة" الدين، بشكل عام، عبارة عن دعوة الناس لعبادة الله. والتعاون فيما بينها، وحماية الطبيعة، تحقيق السلام والأمن. ومع ذلك، يؤسفنا ان نقرأ عبر التاريخ عن تورط معظم الأديان باستخدام العنف.
يعتبر الصراع بين الأديان عار وفضيحة. بل إنه جُرم أن يتعرض الناس للاضطهاد بسبب إيمانهم، وقد حدث ذلك في العراق (حين تعرضت 100 كنيسة للهجوم والحرق والتدمير منذ عام 2003 وأيضًا العديد من المساجد). وكذا الحال في سوريا ومصر ونيجيريا، وضد مسلمي الروهينغا في ميانمار، وغيرها من البلدان.
فلو سعت الديانات المختلفة الى حوار صادق يساعدها على فهم أهمية الأبعاد الروحية للأديان، مثل الرغبة في طاعة الله، واحترام البشرية والبيئة. لتحقق السلام في العالم بالتأكيد.
هناك عاملان رئيسيان يسهمان في العنف الديني:

1. النص الديني
يعدُّ التفسير الحرفي لآيات الكتب المقدسة سبباً رئيسياً في معظم الخلافات. لذا يتوجب على السلطات الدينية أن تبذل جهداً في التفسير والتحدیث للانتقال من "الحرف الجامد" إلى المعنى المناسب الذي يساعدنا على فھم "الرسالة" بشكل صحيح وعيشها في حياتنا الیومیة. يقول القديس بولس في رسالته الثانية إلى كورنثوس: "الحرف يُميت، أما الروح فيحيي" (3/6).
وبينما نعيش نحن في عصر مختلف بالمقارنة مع العصر الذي انبثقت فيه الأديان، وبسبب ظهور اهتمامات وقيم جديدة، مثل الحرية وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والديمقراطية والعلمانية والعدالة والمساواة وما إلى ذلك. أصبح التجديد ضروري جداً بما يناسب حياة الناس دون المساس بالعقيدة والقيم الأخلاقية. وقد أحرزت الكنيسة تقدما كبيرا في هذا المجال.
2. السياسة
أكثر ما يشوِّه الدين، هو استخدامه لخدمة أجندات سياسية ومصالح شخصية.
ا. منذ زمن الحروب الصليبية، ربط العالم العربي ولاء مسيحيي الشرق الأوسط بالغرب، وقد غدا من الصعب جدا إزالة سوء الفهم هذا من عقولهم.
ب. كما أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلق نوع من التوتر، حيث يعتقد العالم العربي أن الغرب يدعم إسرائيل ضد الفلسطينيين. هذه العقلية دفعت الإسلام السياسي للسيطرة على هذه المنطقة باستخدام العنف.
ونقدم فيما يأتي بعض الحلول:
لغرض مكافحة التطرف والإرهاب، ينبغي على السلطات الدينية أن تعمل معاً لوضع استراتيجية فعالة من أجل تحقيق السلام وتستجيب لتحديات العصر الحالي والمستقبلي.
وبغض النظر عن الظروف غير المشجعة، فنحن لدينا قناعة راسخة بأن المستقبل واعد بسبب اصرارنا على احترام الحياة وتعزيز السلام من خلال:
1. التأكد من أن الحكومات تطبق ميثاق حقوق الإنسان لجميع المواطنين، وتتجنب خلق "مواطن من الدرجة الثانية". خصوصاً أن المسيحيين والأقليات الأخرى يواجهون آلاف المشاكل يوميا بسبب الدستور والثقافة الطائفية. لذلك يجب تصحيح القوانين التي تعامل المسيحيين كمواطنين من الدرجة الثانية.
2. إصلاح الدساتير والقوانين بالتركيز على كل ما يحترم حياة المواطن ويعزز السلام والاستقرار.
3. ضمان مواطنة متساوية لجميع الناس بعيدا عن التفضيل الديني. لا يهم أن كنت مسيحياً أم مسلماً، فالشيء الرئيسي هو أنني مواطن عراقي ولدي الحق في العيش بحرية وكرامة.
4. تحديث برامج التعليم الديني في عموم البلاد، فضلاً عن مساعدة الطوائف الدينية والعرقية الأخرى تحاشياً لظهور المتطرفين والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش.
5. تأكيد المشاركة الإنسانية والوطنية في بث روح التسامح والمودة واحترام حق التعددية الدينية والفكرية.
6. القضاء على إيديولوجية الجهاد في الإسلام أو الحرب المقدسة في المسيحية والأديان الأخرى، خصوصاً لأن كل بلد لديه جيش وشرطة لحماية المواطنين والدفاع عن الوطن.
7. الحفاظ على التراث المسيحي. خصوصا أن هناك كنائس وأديرة يعود تاريخها الى القرن الخامس والتي تقف شاهداً حياً للوجود المسيحي على هذه الأرض منذ القرون الأولى.
في الختام، أعتقد أن مهمتنا الأساسية كمسيحيين ومسلمين في الشرق الأوسط، هي تثقيف شعبنا بكيفية تحقيق السلام، من خلال العيش معا في تناغم. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكننا لن نستسلم، حتى يتحقق السلام.

شارك