معايير صارمة بوثيقة " الأمم المتحدة " لإعادة إعمار سوريا

الأربعاء 07/فبراير/2018 - 02:18 م
طباعة معايير صارمة بوثيقة
 
حددت وثيقة الأمم المتحدة  معايير صارمة لعمل المؤسسات الأممية،  ومساهمتها  في إعمار سوريا بحصول انتقال سياسي جدي وشامل، مع وجوب التزام العاملين في الأمم المتحدة بــ "المساءلة"، وعدم التعاون في سوريا مع "متورطين بجرائم حرب" وعندما يحصل انتقال سياسي شامل وجدي ومتفاوض عليه بين ممثلي النظام والمعارضة، ستكون الأمم المتحدة جاهزة لتسهيل الإعمار، وذلك في محاولة لضبط عمل مؤسسات أممية".
وتحت عنوان: "معايير ومبادئ مساعدة الأمم المتحدة في سوريا"، أكدت الوثيقة التي حصلت (الشرق الأوسط) على نصها، ضرورة التزام "الجهات الفاعلة في الأمم المتحدة والعاملة في سوريا معايير بهدف ضمان توفير الدعم والمساعدة للمستحقين لها في كل المناطق السورية، بما ينسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة"، في إشارة إلى القرارين 2254 و2118 وبيان جنيف.
الوثيقة جاءت بعد أنباء عن مرونة لدى مكتب الأمم المتحدة في دمشق في التعاطي مع جهات وشخصيات سورية، إضافة إلى طرح الاستعداد للمساهمة في "التنمية" باعتبارها بديلاً عن "الإعمار"، إضافة إلى قيام مسؤولين في مكاتب الأمم المتحدة في سوريا بزيارات لدول إقليمية لحض منظمات غير حكومية على العمل في دمشق والتنسيق معها.
وإذ أشارت إلى أن "الحاجات الإنسانية ملحة جداً في الواقع السوري، وتقديم المساعدات عبر أكثر الطرق مباشرة من الأمور بالغة الأهمية"، أكدت على ضرورة أن "تنسحب المبادئ الإنسانية، من الحياد والنزاهة والاستقلال، على الاحتياجات الإنسانية المتعلقة بإنقاذ الحياة، كما أن جهود التعافي المبكر والمقدرة على المواجهة والصمود من أبرز الأهداف الإنسانية هناك"، مع ضمان "عدم الاعتراض والتدخل في عملياتها، بغية مواصلة العمليات المتوخاة في خطة الاستجابة الإنسانية".
وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، هناك 13.8 مليون في حاجة ماسة للمساعدة، من أصل نحو 22 مليون سوري، وهناك 5.5 مليون سجلوا في مكاتب الأمم المتحدة لاجئين في الدول المجاورة، إضافة إلى 6.1 مليون نازح داخل البلاد. وبحسب تقديرات بروكسل، دفع الاتحاد الأوروبي 12 مليار دولار أميركي مساعدات إنسانية إلى سوريا منذ 2011 ودفعت أميركا 7.4 مليار دولار. وأسفر كل مؤتمر للمانحين في لندن العام الماضي، وفي بروكسل بداية العام الحالي، عن رصد نحو 12 مليار دولار لم ينفذ من كل منهما سوى نحو 30 في المائة من التعهدات.
ورغم قلق دول غربية من عدم تجديد القرار 2165، الذي يسمح بتمرير مساعدات عبر الحدود من الدول المجاورة، قالت الوثيقة: "من شأن خطة الاستجابة الإنسانية أن تلتزم الخط الإنساني بهدف تأمين قدرات الأمم المتحدة على تنفيذ الأنشطة الإنسانية الأساسية المعنية بإنقاذ الأرواح، وضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان هناك. أما بالنسبة إلى أنشطة التنمية وإعادة الإعمار، فينبغي أن تُدرج على أجندات أو ضمن أطر مختلفة تستلزم بطبيعة الأحوال إجراء مفاوضات أطول مع الحكومات المعنية. وهذا من الأمور الضرورية، مع اعتبار المسائل القانونية والسياسية المعقدة المعنية".
ولا تزال هناك بعض المناطق المحاصرة من قبل نظام الرئيس السورى بشارالأسد، بينها غوطة دمشق التي تضم نحو 400 ألف مدني، وتتعرض لقصف عنيف في الأيام الأخيرة. وقالت الوثيقة: "لا بد من توفر جهود التعافي المبكر والصمود في سوريا، على النحو الموضح في خطة الاستجابة الإنسانية. الفرصة السانحة للتحرك على مسار يتجاوز مجرد جهود المساعدات العاجلة لإنقاذ الأرواح بهدف توفير الحد الأدنى من الظروف المعيشية الإنسانية للمجتمعات المحلية المتضررة". ونجحت جهود روسية - تركية، بعيداً عن مسار مجموعة العمل الإنسانية في جنيف، بإخراج مصابين ومرضى من غوطة دمشق التي يفترض أن تكون مشمولة باتفاق "خفض التصعيد" بين الفصائل المقاتلة والنظام، بضمانة روسية ورعاية مصرية.
وكانت روسيا وأميركا والأردن قد وقعت اتفاق لـ"خفض التصعيد"، جنوب غربي سوريا، تضمن في أحد أهدافه توفير ظروف لعودة لاجئين مقيمين في دول مجاورة، مثل الأردن ولبنان. وأفادت الوثيقة: "من شأن الأمم المتحدة الدعوة إلى تأييد مجموعة كاملة من الحلول الدائمة للسكان المشردين داخلياً واللاجئين في كل أرجاء سوريا، وتوفير الدعم للمجتمعات المضيفة، وتعزيز المناهج القائمة على احترام الحقوق بالقدر الذي يتسق مع القانون والمعايير الدولية. (لكن) لن تقدم الأمم المتحدة الدعم لعودة اللاجئين أو للسكان المشردين داخلياً، غير أنها ستوفر الدعم للعائدين بمختلف الرؤى لضمان العودة الآمنة والكريمة والمستنيرة والطوعية والمستدامة، وإعادة الاندماج والاستيعاب، مع تأمين حق السوريين في التماس حق اللجوء والحصول عليه".
وإذ أكدت الوثيقة: "فقط عندما يحصل انتقال سياسي شامل وجدي ومتفاوض عليه بين الأطراف المعنية، ستكون الأمم المتحدة جاهزة لتسهيل الإعمار"، حضت العاملين في مؤسسات الأمم المتحدة على ضرورة "التزام مبادئ الحياد والنزاهة والاستقلال المأخوذة في الاعتبار، مع مراعاة المبادئ الأساسية المتسقة مع منهج البرمجة القائم على أسس حقوق الإنسان، بما في ذلك المشاركة والتمكين والملكية المحلية والاستدامة".
وبعد تلقي نيويورك شكاوى من مؤسسات غير حكومية حول طبيعة العمل بين مكاتب أممية في دمشق وشخصيات سورية، أو العمل وفق أولويات النظام، شددت الوثيقة: "لا بد من منح الأولوية للمساعدات، استناداً إلى الاحتياجات الملحة للسكان (بدلاً من الاحتياجات ذات التوجهات الحكومية)، مع تركيز خاص على احتياجات الفئات الضعيفة والأفراد، بالأسلوب الذي يوفر الحماية لحقوق الإنسان نتيجة لذلك. ولا بد من توصيل تلك المساعدات بطريقة منصفة وعادلة وغير تمييزية وغير مسيسة".
وقالت الوثيقة: "من شأن الأمم المتحدة العمل مباشرة مع المجتمعات المحلية والعائلات، بحيث يتم تقديم مساعدات الأمم المتحدة بصورة موحدة في كل أرجاء سوريا، بصرف النظر تماماً عن مناطق النفوذ المختلفة"، وأنه "يتعين على الأمم المتحدة أن تولي عناية خاصة لحقوق الإنسان، وآثار الحماية المترتبة عليها، ولا سيما فيما يتعلق بأماكن وكيفية تقديم المساعدات. ولا يجب للمساعدات الأممية أن تكون موجهة لخدمة الأطراف التي يُزعم ارتكابها جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية".
وشددت على أنه "يجب تحديد مساعدات الأمم المتحدة بصورة واعية وصريحة من دون الإخلال بأهداف المساءلة المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وكذلك أهداف التسوية السياسية المشروعة والمنصفة والمستدامة".
وتؤكد الوثيقة الأممية كذلك :مجموعة العمل متعددة التخصصات، وهي تعمل تحت إشراف فريق العمل المشترك بين الوكالات الخاص بسوريا على مراقبة الالتزام بالمبادئ والمعايير المتفق عليها، وفق نظام الأمم المتحدة في هذه الاستراتيجية، بما في ذلك الحقوق السياسية والقانونية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الأبعاد الإنسانية والتنموية  وينبغي تطبيق معايير العناية الواجبة الصارمة، والمستمدة من مبادئ سياسة إيلاء العناية الواجبة المعنية بحقوق الإنسان".

شارك