ضغط أمريكي ورفض أوروبي يزيد من إشكالية العائدين من داعش
الأحد 18/فبراير/2018 - 09:24 م
طباعة
يبدو أن أزمة العائدين من تنظيم داعش والجماعات الارهابية بالشرق الأوسط تؤرق المجتمع الأوروبي، وعدم التوصل إلى حلول لكيفية التعامل مع هؤلاء، فى ضوء إصرار عدد من الدول الأوروبي على رفض قبول عودة مواطنيها الذين حاربوا مع التنظيمات الارهابية، فمن بين 5 آلاف أوروبي انضموا لداعش في المنطقة، عاد إلى مواطنهم 1500 فقط.
وكان مركز الدراسات الألماني "فيريل"، رصد عدد من الجنسيات المنضمين لداعش، وأبرزهم الأتراك ، حيث يصل عددهم إلى 25800 تركي، قتل منهم 5760، بلغ عدد المفقودين 380 شخصا، في حين تقدر دراسات أخرى عددهم بحوالي 2200 شخصا فقط، عاد منهم قرابة 600 شخص، أما عدد الشيشان الذين التحقوا بالتنظيم فيصل إلى 21 ألف شخص، قتل منهم 5230 شخصا، فيما بلغ عدد المفقودين 1920 مفقودا، بينما عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيات أوروبية وأميركية بلغ 21500، وأن عدد العائدين منهم إلى دولهم بلغ 8500 شخص.
فى حين بلغ العائدين الدواعش، أقل من 100 إلى كل من البوسنة والدنمارك والنمسا، وحوالي 100 إلى السويد ونحو 200 إلى ألمانيا و250 إلى فرنسا و350 إلى بريطانيا.
ويري خبراء أن إجمالي عدد الأسرى المتهمين بالانتماء لداعش في العراق والمناطق الكردية في سوريا 20 ألفا، من بينهم عدة مئات من الأوروبيين على الأقل، فحتى الآن أكراد سوريا بالخصوص عاجزون عن توفير حراسة للأعداد الهائلة من الدواعش الذين وقعوا في أسرهم ويأملون أن يمثل الأوروبيون منهم على الأقل أمام محاكم في بلدانهم الأصلية.
من جانبه حاول وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الذي تعد بلاده أهم حلفاء الأكراد السوريين، أثناء لقاء جمع وزراء دفاع التحالف الدولي ضد داعش في روما الثلاثاء الماضي إقناع شركائه الأوروبيين بضرورة استعادة مواطنيهم. دون جدوى، فلا البريطانيون ولا الفرنسيون أبدوا استعدادهم لذلك. أما موقف ألمانيا، التي مثلتها في الاجتماع وزيرة دفاعها أورزولا فون در لاين.
فى حين لجأ البريطانيون لحيلة إسقاط الجنسية عنهم كلما وجدوا ما يسمح بذلك في قوانينهم، وهو ما رصدته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فقد تمكنوا بفضل ذلك من التخلص من 150 من مواطنيهم، إلا أن هذه الوسيلة ليست متاحة أمام الفرنسيين لأسباب دستورية، وهو ما يعقد سياسة فرنسا في التعامل مع 100 داعشي فرنسي في سجون أكراد سوريا، 60 منهم ما زالوا قصرا حسب المعلومات التي نشرتها صحفية لو موند الفرنسية، إلا أن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان من إبداء موقف واضح، اعتبر فيه هؤلاء أعداء لبلادهم ارتكبوا أفعالا وحشية ويجب محاكمتهم في أماكن أسرهم.
الأكراد السوريون لا يملكون نظاما قضائيا معترفا به دوليا، فما بالك بمعايير قضائية كتلك المتبعة في أوروبا، هذا دون الحديث عما يروج عن حالات التعذيب والإعدامات الخارجة عن إطار القانون هناك، وعلى هذا الأساس يستنتج أن ما يقصده الوزير بمحاكمات عادلة لا يتعدى في الحقيقة ألا يحكم على مواطنيه بالإعدام، فسيكون محرجا السماح بذلك بالنسبة لحكومته التي تدافع دوليا عن إلغاء عقوبة الإعدام.
ويري مراقبون إنه بالرغم من تخوف الأوروبيين من ارتفاع خطر الإرهاب في حال عودة المقاتلين الأوروبيين إلى بلدانهم، فإن القلق الرئيسي في الأدلة المتوفرة ضدهم قد لا تكفي لإدانتهم في أوروبا، لذا يحاول المسؤولون الأوروبيون الالتفاف على مبدأ افتراض براءة المتهم، الذي يجب أن يشمل حتى الإرهابيين المحتملين، وبذلك تفرغ أوروبا مبدأ دولة القانون من محتواه وتخون قيمها التي يفترض أنها تدافع عنها في حربها ضد التطرف.
فى حين تتضارب الأرقام بأعداد المقاتلين العرب والأجانب الذين التحقوا بتنظيم داعش، خصوصا مع كثرة الحديث عن احتمال عودة الآلاف منهم، والجدل حول استقبالهم في دولهم أو رفضهم، من منطلقات عدة أبرزها أنهم قد يشكلون قنبلة موقوتة في بلاده، حيث تشير تقديرات دولية إلى أن عدد المقاتلين في صفوف داعش في سوريا والعراق يزيد على 30 ألف عنصر، بينما تقدرهم دراسات أخرى بما بين 90 و360 ألف مسلح، بينما تقدر العديد من الدراسات والأبحاث عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيم بأكثر من 6 آلاف تونسي، مشيرة إلى أن عدد الذين عادوا منهم يقدر بنحو 2000، إلا أن مصادر تونسية رسمية ذكرت أن عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيم داعش في بؤر التوتر والقتال، يقدر بنحو 4600 تونسي (3600 في سوريا والعراق و1000 في ليبيا)، وأكدت أن عدد "الدواعش" العائدين من مناطق القتال وصل إلى 800 عائد، حين ذكرت تقارير أن السلطات تمكنت من منع 13 ألف تونسي من السفر للقتال في صفوف داعش.
وسبق أن كشفت مجلة "دير شبيجل" الالمانية، نقلا عن وكالة الاستخبارات الخارجية الالمانية "BND" تشارك في عملية سرية تقودها الولايات المتحدة لمكافحة المخاطر المحتملة لعناصر تنظيم داعش العائدين من العراق وسوريا، والتأكيد على أن الاستخبارات الخارجية الألمانية تشارك ضمن عملية "Gallant Phoenix" بمشاركة 21 دولة أخرى منذ تشرين الأول الماضي.
نوهت المجلة اعتمادا على رد سري من الحكومة الألمانية على طلب إحاطة للكتلة البرلمانية لحزب اليسار، أن الوحدة السرية تجمع معلومات عن مقاتلي تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتتولى قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية إدارة العملية انطلاقا من قاعدة عسكرية في الأردن، إلا أن العملية تتعلق بتقييم وثائق ووسائط تخزين بيانات وآثار للحمض النووي "DNA" وبصمات أصابع حرزتها قوات خاصة في معاقل سابقة لتنظيم داعش.
ويري مراقبون أن وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية، والجيش الألماني يريان أن هذا التعاون ضروري لمواجهة خطر الإرهاب، الذي يشكله العائدون من مقاتلي داعش.