"نيويورك تايمز" سوريا تحولت الى ساحة مواجهة بين إيران وإسرائيل
الثلاثاء 20/فبراير/2018 - 12:33 م
طباعة
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا يكشف عمق التدخل الإيراني في حرب نظام الأسد على المدنيين، والبنى التحتية التي تأسسها طهران لتحويل سوريا إلى ساحة مواجهات مع إسرائيل.
وتشير الصحيفة، إلى أن واقعة دخول الطائرة بدون طيار الإيرانية إلى المجال الجوي الإسرائيلي هذا الشهر، عمقت المخاوف حول ما إذا كانت حرب كارثية جديدة تختمر في الشرق الأوسط، بسبب ما نتج عنها من سلسلة سريعة من الضربات والضربات المضادة.
فالانفجار السريع للعنف، والذي انتهى بسرعة، بعد أن أدى إلى تدمير الطائرة بدون طيار وإسقاط الطائرة الإسرائيلية بعد قصفها لمواقع في سوريا.، لفت الانتباه جديداً، إلى ما أسمته الصحيفة بعمق إيران في سوريا، والذي يعيد رسم الخارطة الاستراتيجية للمنطقة.
حيث قامت إيران، بنشر مستشارين تكتيكيين تابعين لـ "الحرس الثوري الإسلامي" في القواعد العسكرية في جميع أنحاء سوريا. كما أن قياداتهم، تظهر بانتظام في الخطوط الأمامية لقيادة المعارك. بالإضافة إلى بناء ودعم، شبكة من الميليشيات القوية والتي تضم آلاف من المقاتلين المدربين في سوريا. كما أدخلت إيران، تكنولوجيا جديدة إلى القتال، مثل الطائرات بدون طيار، وتقنيات التجسس على الأعداء، بالإضافة إلى احتمال قيامها بهجمات جوية.
وتشير الصحيفة إلى أن كلاً من المسؤولين الإسرائيليين وأعدائهم، يرون أن أي نزاع جديد، بين إسرائيل وإيران، أو أي من حلفائها، من المحتمل أن يؤدي إلى حشد شبكة إيران الواسعة من الوكلاء المتشددين لها، في بلدان عديدة، والذي تشير إليهم إيران على أنهم "محور المقاومة".
دخلت إيران وحلفاؤها لأول مرة في سوريا للدفاع عن حكم (بشار الأسد) ضد الثوار في عام 2011، وبعد أن بدأت قوات الثورة بالتراجع، بحسب وصف الصحيفة، وانحسار الخطر الذي يهدد حكم (الأسد)، عملت إيران وحلفاؤها على تحويل تركيزهم إلى إقامة بنى تحتية تهدد إسرائيل. حيث تواصل إيران تدريب وتجهيز المقاتلين وتعزيز العلاقات مع الحلفاء في العراق ولبنان على أمل إقامة جبهة موحدة في حالة نشوب حرب جديدة.
وبحسب الصحيفة فإن محللين ومسؤولين، يرون ذلك على أنه الهدف الأساسي لاستراتيجية إيران، ليس فقط الاعتماد على المعدات العسكرية التقليدية أو السيطرة على الأراضي، والتي يمكن لإسرائيل أن تقصفها بسهولة، بل بناء علاقات مع القوات المحلية التي تشترك بأهدافها مع إيران وتستفيد كذلك من خبرتها وتمويلها.
مكن هذا النهج، إيران، من تعزيز قوتها في العالم العربي، مع تقليل التهديد الذي تواجهه قواتها وأراضيها. كما خلق مشكلة لعدة دول، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، والتي تخشى من النفوذ الإيران المتزايد وتكافح من اجل التوصل إلى سبل لإيقافه.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن البعض في إسرائيل، قد بدأ بالإشارة إلى احتمال اندلاع "الحرب الشمالية الأولى"، مما يعني أن إسرائيل سوف تضطر للقتال عبر الحدود اللبنانية والسورية. كما يقول الكثير من الإسرائيليين إن الخطر ليس فقط من الميليشيات المدعومة من إيران، بل أيضا من الجهود الإيرانية في تزويد "حزب الله"، القوة الإيرانية الخارجية ذات الخبرة، بأسلحة متقدمة، عالية الدقة، قادرة على ضرب أهداف حساسة في البنية التحتية الإسرائيلية.
ووفقاً للمسؤولين الإسرائيليين، فإن إيران وحلفاءها يسعون إلى إقامة ممر أرضي من إيران إلى البحر المتوسط، عبر العراق وسوريا ولبنان، لتسهيل نقل هذه الأسلحة ولبناء معامل تحت الأرض تقوم بتصنيعهم في لبنان وسوريا. وتشير الصحيفة، إلى قيام إسرائيل بقصف قوافل في سوريا يعتقد أنها تحمل أسلحة متقدمة لـ "حزب الله" إلا أن طبيعة الحزب السرية، تجعل من الصعب تحديد الأسلحة التي حصل عليها وما إذا كانت مصانع الأسلحة هذه قادرة على العمل.
إن هذه الأسلحة، إلى جانب القذائف الثقيلة، والتي تقدر بأكثر من 100 ألف قذيفة وصاروخ بدون قدرات استهداف عالية الدقة، تقول إسرائيل إن "حزب الله" يمتلكها بالفعل، والتي يمكنها أن تطغى على الدفاعات الإسرائيلية.
وقد أثارت التحركات الإيرانية في المنطقة قلق الولايات المتحدة. "ما يثير القلق بشكل خاص هو شبكة الوكلاء هذه التي تكتسب المزيد والمزيد من القدرة فيما تزرع إيران المزيد والمزيد من الأسلحة المدمرة في هذه الشبكات" قال الجنرال (هربرت مكماستر) مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي في إدارة (ترامب) في ميونيخ يوم السبت وأضاف "حان الوقت الآن في اعتقادي للتحرك ضد إيران".
اتبعت إيران في السنوات الأخيرة، بحسب الصحيفة، نموذجاً موحداً، ساعدها على توسيع نفوذها في سوريا.
في لبنان في الثمانينيات، ساعدت على خلق "حزب الله"، الذي تطور منذ ذلك الحين إلى قوة العسكرية مهيمنة في البلاد وقوة إقليمية في حد ذاتها، وانضم إلى الحروب في سوريا والعراق واليمن. أما في العراق، قامت إيران برعاية مجموعة من الميليشيات مع تطوير روابط عميقة مع الاقتصاد العراقي والنظام السياسي.
وتقول الصحيفة إن الحرب في سوريا، أعطت إيران فرصة جديدة، للتقدم في هذا المشروع من خلال ربط حلفائها في بلاد الشام معاً.
في البداية، واجهه مقاتلو "حزب الله" الثوار السوريين، بالقرب من الحدود اللبنانية، كما أرسلت إيران مستشارين لمساعدة قوات (الأسد) المحاصرة خلال السنوات الأولى من الحرب.
إلا أنه بحلول عام 2013، تدخلت إيران بقوة أكبر، بعد أن كانت قوات (الأسد) على وشك الانهيار، وقامت بعملية إقليمية واسعة لتدريب وتسليح ونقل الآلاف من رجال الميليشيات الشيعية من الخارج إلى سوريا لمحاربة الثوار وتنظيم "الدولة الإسلامية"
وبحسب "نيويورك تايمز" يقدر عدد العسكريين الإيرانيين في سوريا اليوم من مئات الآلاف إلى الآلاف. وبينما يشارك البعض منهم بشكل مباشر في القتال إلا أن معظم هؤلاء مدربون، فهم إما قادة أو خبراء يقدمون المشورة لجيش النظام ويشرفون على الميليشيات الأخرى، والتي تضم ما يصل إلى 20 ألف مقاتل. وترى الصحيفة، أن هذه الميليشيات هي ما يعطي لإيران قوتها الحقيقية.
بين هؤلاء المقاتلين، حوالي 6,000 مقاتل من "حزب الله". أما معظم أفراد الميليشيات المتبقية، يأتي من أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان وأماكن أخرى. وقد تم إغوائهم للمشاركة للقتال في سوريا، بالمال وكذلك بسبب تأثرهم بالمذهب الشيعي، حسب ما تراه الصحيفة، التي تضيف، أن معظمهم يرى الحرب في سوريا من الناحية الدينية، كجهاد ضد أعداء دينهم.
وقال (علي الفونه) الباحث في "المجلس الأطلسي"، والذي يتابع تقارير ذات صلة بمقاتلي الميليشيات الأجنبية الذين قتلوا في سوريا، إن عدد الوفيات المبلغ عنها بين صفوف هذه الميلشيات قد انخفض إلى حد كبير. والسبب برأيه يرجع إلى أن الذين يقاتلون من أجل (الأسد) أصبحت لهم اليد العليا في الحرب. وبدلا من مغادرة البلاد، فقد تحولت أنظارهم نحو إسرائيل.
"أن إيران أدركت انه من الممكن فعلا الحفاظ على جبهة ضد إسرائيل حيث لا يوجد حرب ولا سلام أيضا" قال (الفونه ) وضمن البحث الذي قام به (الفونه) حدد وجود ثلاث قواعد إيرانية رئيسية تشرف على العمليات في أجزاء كبيرة من سوريا - واحدة بالقرب من حلب في الشمال واثنين في جنوب العاصمة دمشق - فضلا عن سبع قواعد تكتيكية أصغر بالقرب من الخطوط الأمامية النشطة حيث تتواجد إيران ووكلائها.
وتورد الصحيفة، القلق الإسرائيلي من فكرة وجود دائم لإيران في سوريا. حيث تخشى إسرائيل من مواجهة تهديد لها في سوريا على غرار ما يشكله "حزب الله" في لبنان. وبحسب المحللون القريبون من إيران ووكلائها، فإن هذا هو الهدف الإيراني بالضبط.
وتشير الصحيفة، إلى زيارة قيادات من الميلشيات العراقية إلى الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بصحبة قيادات من "حزب الله" حيث أعتبر أعضاء هذه الميليشيات أن الزيارات تضمنت وضع خطط لكيفية تعاونهم في نزاع مستقبلي ضد إسرائيل.
أعرب بعض المحللين عن أملهم في أن تكون روسيا، التي تدخلت أيضا في سوريا لحماية (الأسد)، تستطيع الحد من طموحات إيران. روسيا، التي تعاونت مع إيران خلال الحرب السورية، تسعى أيضا إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل. ومن الملاحظ بحسب الصحيفة، عدم الشكوى الروسية، علناً، من القصف الإسرائيلي الذي استهداف قوافل يعتقد أنها مرتبطة بـ "حزب الله".
وتطرح الصحيفة، تساءل المراقبون للوضع في سوريا، إلى أي مدى سيشتري السكان السوريون المشروع الإيديولوجي الإيراني، بالإشارة إلى وجود نسبة ضئيلة فقط من السوريين هي من تشترك في الإيمان الشيعي الإيراني.
ولا يزال الكثير غير واضح بشأن نوايا إيران. فبعد أيام من تدمير إسرائيل لطائرة بدون طيار قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إنهم ما زالوا غير متأكدين ما إذا كانت هذا الطائرة مسلحة أو مرسلة فقط للمراقبة أو أنها كانت مجرد اختبار للدفاعات الإسرائيلية.