مؤتمر دولي بنواكشوط يتبنى توصيات للتصدي للتطرف ويطالب بإصدار « رؤى قيمة » للجهاد
الأحد 25/فبراير/2018 - 02:44 م
طباعة
أكد المشاركون في المؤتمر الإسلامي الدولي، في ختام أشغالهم، بضرورة إصدار «رؤى قيمة» لأحكام الجهاد، والوقوف في وجه دعوات التطرف والغلو.
وأوصى المشاركون في المؤتمر الذي انعقد خلال الأربعاء والخميس الماضيين، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، بالعمل على نشر المفاهيم الشرعية الصحيحة والتركيز على تنشئة الشباب على أسس علمية شرعية صحيحة.
وأصدر جملة من التوصيات من أبرزها «التركيز على تنشئة الشباب على أسس علمية شرعية صحيحة من أجل مواجهة الفكر المتطرف والعنيف»، ودعا في هذا السياق إلى استغلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل مخاطبة الشباب.
كما تضمنت التوصيات حث «العلماء وشيوخ المحاظر على تقديم رؤى قيمة حول أحكام الجهاد»، كما دعت التوصيات إلى «رفض كافة أشكال التعصب والعنف، وإنشاء مواقع إلكترونية إسلامية تدعو إلى نبذ التطرف والغلو».
المؤتمر الذي كان هذه السنة تحت عنوان: «واقع الأمة الإسلامية في ظل تحديات الغلو والتطرف العنيف»، شاركت فيه وفود رفيعة من العالم الإسلامي.
وقال وزير الشئون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني أحمد ولد أهل داوود، إن توصيات المؤتمر «ستكون محل عناية وتقدير من طرف الوزارة لتطابقها التام مع المقاربة التي تعتمدها موريتانيا».
وأكد الوزير أن مقاربة موريتانيا «أثبتت نجاحها في مواجهة التطرف من خلال المعالجة الفكرية لأسبابه وآثاره، واتخاذ السبل الناحجة من أجل الوقاية منه، مع تنفيذ سياسات تنموية للقضاء على الغبن والإقصاء وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي في هذا المسار»، وفق تعبيره.
وشارك في جلسات المؤتمر عدد من العلماء ورواد الفكر والباحثين في مجال الخطاب الإسلامي وتعامله مع ظاهرة العنف والتطرف، يتقدمهم الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ووزير الإرشاد والأوقاف في جمهورية السودان بوبكر عثمان، والأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، بالإضافة إلى وزير الأوقاف الأردني السابق هايل داوود.
وأكد يحيى ولد حدمين رئيس وزراء موريتانيا في مداخلة له أمام الندوة أمس «أن تنظيم هذه الندوة يأتي استجابة موضوعية للتحديات الراهنة التي تواجهها الأمة الإسلامية في ظل تنامي ظواهر الغلو والتطرف وما تخلفه من انحراف في سلوك الشباب وتعطيل لقدراته وما ينجم عنها من فت في عضد الأمة وخلخلة لأمنها واستقرارها.»
وقال «لقد أدركت موريتانيا مبكرا خطورة هذا الوضع، فبادرت إلى تبني مقاربة رائدة في مكافحة التطرف العنيف تنطلق من قراءة متروية لأسباب هذه الظاهرة وتشخيص دقيق لمختلف مظاهرها وصورها، وباشرت انطلاقا من ذلك النهوض بمهمة تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب خاصة، ونشر الخطاب الإسلامي الصحيح القائم على الاعتدال والتسامح والمجادلة بالتي هي أحسن، دون أن تغفل التعامل الصارم وبالوسائل الضرورية مع كل ما من شأنه أن يهدد أمن البلاد وسكينة المواطنين.»
وأكد ولد حدمين «أن دواعي انعقاد هذه الندوة عديدة، ومراميها نبيلة، والمشاركون فيها نخبة من خيرة علماء الأمة، ولنا أن نتوقع منها، بناء على ذلك، نتائج قيمة تعمق تشخيص التحديات القائمة وتعين على تقديم المقترحات الناجعة الكفيلة بدرء المفاسد المترتبة عليها».
وقال إن المشاركين في أشغال المؤتمر كشفوا النقاب عن حقيقة الخطابات المتعصبة وما يصاحبها من أخطاء في التفسير والتأويل باعتبارها مناقضة لمفاهيم الإسلام الصحيحة ومخالفة لروحه السمحة وما تحتضنه من قيم نبيلة ترفض الغلو والتطرف .
وفي مداخلة أخرى، أوضح أحمد ولد أهل داود وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني «أن هذه الندوة تتنزل في إطار التصدي لمثل الفهم الخاطئ وسعيا إلى نقاش أوضاع الأمة في ضوء ما يشهده العالم من انحراف فكري وتطرف عنيف، سبيلا إلى إظهار قيم الإسلام الناصعة ومقوماته الحضارية وما تحتضنه من معان وضاءة قوامها السلم والتسامح والتقارب وتبادل الآراء والتجارب حول الإكراهات التي تواجه الأمة وأنجع السبل لمواجهتها وتحليل أسباب ظاهرة الغلو والتطرف الغريبة على الإسلام والمسلمين وتفعيل دور الشباب واستنهاض همم العلماء وأصحاب الرأي وهيئات المجتمع المدني ليساهم الكل مساهمة معتبرة في الحد من هذه الظاهرة».
وركز الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة مداخلته على إبراز مواصفات المنهج الوسطي الذي يسعى الى تعزيز ثقافة التعايش السلمي في المجتمعات الإنسانية والمسلمة واحياء القيم المشتركة كالسلم والرحمة والعدل.
وقال «إن الوسطية تسعى الى تصحيح المفاهيم باعتماد المنهجية العلمية الرصينة لمعالجة الفكر المأزوم وآثاره»، مشيرا إلى أنه «قدم عبر مجموعة من الكتب والبحوث، منهجية كاملة في التعامل مع نصوص الشريعة الإسلامية».
أما الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، فقد ثمن تنظيم موريتانيا للمؤتمر، وقال إنه يؤكد تميز الدور الذي تلعبه في «مواجهة العنف والتطرف»، كما استعرض جهود رابطة العالم الإسلامي في «إيضاح الصورة الناصعة للإسلام»، من خلال حضورها في المنتديات الدولية والشراكة مع عدد من الهيئات والمنظمات العاملة في هذا المجال.
من جهة أخرى، دعا عميد الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال محمد أحمد لو، إلى ضرورة أن تسعى الدول في العالم الإسلامي إلى الاهتمام أكثر برعاية الدين وتربية الشباب على «التربية الدينية الصحيحة» وإبعادهم عن طريق الغلو والتطرف.
وأوضح محمد أحمد خلال جلسات النقاش أن «الشباب يمثل أكثر من 70 في المائة من سكان أفريقيا، حسب آخر الإحصائيات، وباستطاعته أن يحقق لهذه البلدان ما هي بحاجة إليه من النمو والازدهار عندما يتلقى تربية إسلامية أصيلة وناصعة»، وفق تعبيره.
وقال محمد أحمد إن بلدان الساحل الأفريقي خصوصاً، وأفريقيا على وجه العموم، تواجه تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية التي تستغل انتشار الجهل والفقر في المجتمعات المسلمة، لاكتتاب الشباب وإقناعهم بفكرها العنيف والمتطرف على أنه هو الإسلام الصحيح.
وأوضح عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في السينغال السيد محمد أحمد لو، بدوره، أهمية وجود دولة رشيدة ترعى دينها وتربي أبناءها على التربية الدينية الصحيحة وتعقد المؤتمرات وتنظم الندوات العلمية خدمة للإسلام والمسلمين معتبرا ذلك نعمة عظيمة.
وقال إن الشباب يمثل أكثر من 70 % في إفريقيا حسب آخر الإحصائيات، وباستطاعته أن يحقق لهذه البلدان ما هي بحاجة إليه من النمو والازدهار عندما تتلقى تربية إسلامية أصيلة وناصعة.