مع اعتقال شاب بايع "البغدادي.. هل يجد "داعش" موطئ قدم له في موريتانيا؟
الأحد 25/فبراير/2018 - 03:16 م
طباعة
كشفت عملية اعتقال السلطات الموريتانية لشاب بايع زعيم"داعش" أبو بكر البغدادين عن نشاط التنظيم في موريتانيا ،ومن أجل تجنيد، وايضا ايجاد موطئ قد له في البلاد.
واعتقل الأمن في مدينة انواذيبو، شمالي موريتانيا، محمد ولد احويبيب متهماً بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية « داعش »، في تدوينة نشرت على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي « فيس بوك »، وجرى ترحيله إلى العاصمة نواكشوط.
وجرت عملية الاعتقال يوم الجمعة 23 فبراير 2018، بعد ساعات فقط من نشر التدوينة التي يعلن فيها الشاب مباعيته وولاءه لمن سماه « قائد الخلافة الإسلامية معيد الأمة لعزها ومكانتها ».
مخاوف من حضور داعش:
إن صعود التطرف في موريتانيا يتضح في السنوات الأخيرة في المجال القضائي، كما اعتقلت السلطات الامنية في موريتانيا عدة أشخاص خلال العامين الأخيرين ووجهت لهم تهم تتعلق بمبايعة تنظيم "داعش".
في 2014 نشر تنظيم "داعش" في مجلته دابق خارطة جديدة، تضم موريتانيا بكامل أطرافها، وقسم "داعش" دولته من خلال الخريطة الجديدة التي نشرت كذلك على، مواقع ومنتديات مقربة منه، إلى ثلاث عشرة ولاية، هي (العراق، الشام، الحجاز، اليمن، خراسان، كردستان، بلاد القوقاز، الأناضول، أوروبا، الأندلس، أرض الكنانة، أرض الحبشة، والمغرب.
الخريطة جاءت لتحسم الجدل حول استهداف التنظيم للموريتانيين، إذ ظل الحديث عن وجود تنظيم "داعش" في موريتانيا غير مستند، إلى وقائع أو مشاهد تؤكده، على الرغم من ظهور صفحات على "فيسبوك" وحديث إعلامي عن تفكيك خلية شمال البلاد.
كما ذكرت تقارير إعلامية عدة، أن الحكومة الموريتانية أحبطت محاولة اكتتاب تنفذها (داعش) على الأراضي الموريتانية، واعتقلت قياديا بالحركة لدى وصوله مطار نواكشوط قادما من اللاذقية في سوريا.
وكان الرئيس يرد حينها علي تصريحات للرئيس الموريتاني الأسبق و المدير العام للأمن الوطني طيلة عقدين من الزمن "أعل ولد محمد فال" الذي أدلى بتصريحات لإذاعة فرنسا الدولية (RFI) شهر يوليو 2015 ، أكد خلالها أن "داعش" يقوم بعمليات اكتتاب واسعة في القرى الموريتانية وأن السلطات تغض الطرف عنها، متهما إياها بالعجز.
وقد فككت السلطات الموريتانية في أكتوبر 2014، أول مرة خلية من أربعة أشخاص اتهموا بربط «صلات» مع داعش، لكن التنظيم المتشدد لم ينجح في تنفيذ أي اعتداء على أراضي هذا البلد.
وأحالت السلطات القضائية في موريتانيا قد مؤخرا خلية متهمة بالارتباط مع تنظيم «داعش» الارهابي إلى قاضي التحقيق.وتشير المعلومات التي سربتها بعض المصادر إلى أن الخلية تتكون من 11 عنصراً، وقد تم اعتقالها قبيل انعقاد القمة العربية في نواكشوط نهاية شهر يوليو 2017، وجرت معها تحقيقات أحيطت بقدر كبير من السرية.
وحسب القضاء الموريتاني فان خلية "داعش" التي تمت محاكمتها تتكون من ثلاثة متهمين بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية والانتماء لمنظمة إرهابية.
ومثل أمام المحكمة في العاصمة نواكشوط (سيد محمد ولد اعل لصفر، ويعقوب ولد ميه ولد بله، والبخاري ولد دحان)، بتهمة موجهة من النيابة تتعلق أساسا بــ "الانتساب إلى تجمع قائم بهدف ارتكاب جرائم إرهابية والتحريض على العنف الديني واستخدام رموز ترجع إلى منظمة إرهابية من أجل تمجيدها وتوفير مكان لاجتماع أشخاص لهم علاقة بمنظمة إرهابية".
وعلى الرغم من نفي المتهمين لما وجه لهم جملة وتفصيلا إلا أن النيابة العامة عرضت فيلما يتضمن صور المتهمين وهم يعلنون بيعة الولاء لقائد تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.
وقضت المحكمة الموريتانية بسجن المتهمين الثلاثة لمدد تراوحت بين خمس إلى عشر سنوات لإدانتهم بالانتماء لتنظيم داعش، وبسجن المتهم الرئيسي، عشر سنوات بالسجن سبع وخمس سنوات للمتهمين الآخرين.
ويعد إعلان الجهات الأمنية في موريتانيا عن تفكيك خلية تابعة لتنظيم "داعش" في مدينة زويرات بأقصى شمال البلاد العام الماضي، دليل استهداف الموريتانيين من قبل التنظيم، خاصة بعد إعلان داعش وإشادته بمن وصفهم بالجهاديين السنة من موريتانيا وباقي دول المغرب العربي، في إذاعته المحلية في العراق، كما يقول المحلل السياسي محمد محمود ولد سيدي.
كما شكل إعلان القيادي الموريتاني في حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا سابقا حماده ولد محمد الخيري عن مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أبرز عامل لتحفيز العشرات من الشباب الموريتاني المنتمي للحركات الجهادية لمبايعة "داعش" والعمل معه.
من هؤلاء الشباب الذي تبع قيادي التوحيد والجهاد السابق، محمد ولد بريهيمات والذي درس تخصص الاتصالات عام 2007 في جامعة الشيخ "آنتا ديوب" بالعاصمة السنغالية دكار، وحصل على درجة الماجستير في الاتصالات والشبكات المعلوماتية عام 2012. وعقب انضمامه إلى داعش بعث الشاب الموريتاني برسالة إلى والدته وذويه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أعلن فيها التحاقه بتنظيم "داعش" بعد اقتناعه بمنهجه وفكره.
نفي السلطات:
و فى أواخر ديسمبر 2015، نفي الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز خلال مقابلة تلفزيونية على هامش الاحتفالات المخلدة للذكرى الخامسة و الخمسين لعيد الاستقلال الوطني، وجود أي مواطن موريتاني ضمن "داعش".
وقال ولد عبد العزيز حينئذ إنه لا علم للسلطات الأمنية بانتماء أي مواطن يحمل الجنسية الموريتانية للتنظيم الإرهابي “داعش”، مضيفا أن الأنباء التي ترددت عن وجود شبكات تقوم بتجنيد مقاتلين لداعش في موريتانيا لا أساس لها من الصحة ولا تستند لأي دليل، وأن هذه الشائعات تخدم أهدافًا شخصية.
وقد واجهت الحكومة الموريتانية الفكر المتشدد بالفكر المتسامح بعد أن خاضت مُواجهة أمنية وعسكرية مفتوحة مع المجموعات السلفية المسلحة، التابعة للتنظيمات الجهادية، ففتحت حوارا فكريا دينيا بإشراف أبرز علماء البلاد وحتى وقبل انطلاق هذا الحوار أصدرت مجموعة كبيرة من الجهاديين بيانا رحّـبت فيه بالحوار وأعربت عن نبذِها للعُـنف ورفْـضها لحمل السِّـلاح ضد البلد وقد أعطى هذا الحوار نتائج مهمة تجسدت في تخلي البعض عن أفكاره المتطرفة.
ولا يملك المراقبون القدرة على نفي أو إثبات أحد الرأيين لكنهم يتفقون علي أن عدد الموريتانيين في تنظيم داعش إن وُجد فهو لا يكاد يُذكر وهو ما يدفع إلي مزيد من التساؤلات عن المناعة والحصانة التي يتمتع بها الشباب الموريتاني وفشل تنظيم الدولة الإسلاميه في استقطابه و استدراجه، والمتابع للتقارير التي تم نشرها عن الجنسيات المنضوية في التنظيم يكتشف عدم تورط الموريتانيين أو على الأقل قلة عددهم.
ويبقى السؤال المطروح هل يستطيع تنظيم "داعش" ايجاد موطأ قدم له في موريتانيا أو قريبة من حدودها ليؤكد وجوده في المنطقة؟ أم أن تواجده في منطقة الساحل والمغرب العربي لن يؤثر علي حضوره في بلد المليون شاعر.