هل من الممكن تأجيل الانتخابات العراقية؟

الأربعاء 28/فبراير/2018 - 09:41 م
طباعة هل من الممكن تأجيل
 
نشر معهد "جيت ستون" الأمريكي مقالًا بعنوان "العراق والانتخابات.. وتضارب المصالح"، للكاتب الإيراني أمير الطاهري، المتخصص في الشأن العراقي، تسائل فيه الكاتب عن امكانية تأجيل الانتخابات المقرر عقدها في مايو المقبل 2018، في ظل وجود معوقات تواجهها الحكومة العراقية أحدها الحرب على داعش، والانقسامات التي شهدتها الساحة الداخلية، المقال ترجمته "بوابة الحركات الإسلامية.
ويرى الكاتب أنه بعد ما يقرب من 15 عاما من الحرب التي أنهت حكم صدام حسين في العراق، ما زالت الظروف التي أدت إليها والطريقة التي اتبعت بها مثيرة للجدل، ومع ذلك، فإن أكثر المعارضين حتما للحرب يعترفون بأن نهاية الديكتاتورية في بغداد أعطت العراق فرصة للبحث عن مستقبل مختلف، كان مرجحًا أن يكون أفضل مشتملًا في طياته نظام ديمقراطي.
من المفترض ألا يتم فرض الديمقراطية بالقوة، ولكن القوة يمكن أن يتم استخدامها لإزالة الحواجز التي تعترض الديمقراطية، كما كان الحال في ألمانيا وإيطاليا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وفي هذا السياق، استطاع العراق من إجراء منذ عام 2003 عدة انتخابات حرة ونزيهة، واستشهد بالاستفتاءات كدليل على أن الحواجز المناهضة للديمقراطية التي أقامتها الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة في بغداد ربما أزيلت، ومع ذلك، فإن الانتخابات وحدها، حتى عندما تكون حرة ونزيهة، لا ترقى إلى الديمقراطية.
ويعد وجود مجموعة من القواعد المتعلقة بالسلطة السياسية وفهم ممارستها، هو الضامن الحقيقي لنظام ديمقراطي، والعراق استطاع على مدار هذه الـ15 عامًا من تشكيل هذا الضمان، من خلال الوصول إلى توافق في الآراء يتجاوز الانقسامات الطائفية والعرقية والحزبية، التي يتم بموجبها الحصول على السلطة من خلال الانتخابات وممارستها من خلال المؤسسات.
قد لا يبدو ذلك بالنسبة للرأي العام في الديمقراطيات الغربية حدثًا كبيرا، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين كانوا يعاملون دائما كأشياء في تاريخهم، فإن هذا الأمر كبير جدا، ولأن الديمقراطية العراقية لا تزال شابة وهشة، ولهذا تتطلب الانتخابات العامة المقبلة مزيدا من الدراسة والتحضير الدقيقين، الأمر الذي قد يؤجل إجراء الانتخابات حتى تتسنى تهيئة ظروف وبيئة مثليين.
وهناك عدة أسباب قد ترجح تأجيل الانتخابات، تشقق للحمة الوطنية العراقية مرتين، الأولى مع انشقاق صفوف الشيعة، والثاني مع دعوات الأكراد إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق في 2017، ولم يعد الإجماع الذي اتسمت به الانتخابات السابقة موجود من الأساس.
ثانيا، قد لا تتوفر الظروف اللوجستية والمادية اللازمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أجزاء كبيرة من البلد، بسبب استيلاء تنظيم داعش على عدة مناطق متفرقة منها، فالمقاطعات الأربع التي تحملت وطأة الحرب ضد الجماعات الإرهابية المتعاقبة، وآخرها تنظيم داعش، تفتقر إلى البنية التحتية للحملات المناسبة، ناهيك عن إنشاء سجلات الناخبين، وإنشاء مراكز الاقتراع، وضمان الإشراف الكافي على التصويت، ووفقا للأمم المتحدة، فإن المعركة ضد داعش أسفرت عن وجود 2.8 مليون نازح لا يمكن تحديد وضعهم الانتخابي قبل 12 مايو من هذا العام، وهو التاريخ الذي حدده البرلمان العراقي الأسبوع الماضي، فضلًا عن مشكلة ما يسمى "المناطق المتنازع عليها" التي ينافس عليها الأكراد العرقيون، التركمان والمسيحيون والشيعة والجماعات السنية العربية.
ثمة مشكلة أخرى تتعلق بوجود جماعات مسلحة عديدة من ديانات ومذاهب وخلفيات إثنية مختلفة في ثماني مقاطعات من أصل 18 مقاطعة، ففي بعض الأماكن، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي السيطرة غير الرسمية التي تمارسها هذه الجماعات في الموصل، في غياب الجيش النظامي والشرطة الحكومية، إلى تنظيم الحملات الانتخابية والتصويت وإحصاء الأصوات.
وفي بعض الأماكن، ولا سيما المقاطعات التسعة التي يشكل فيها الشيعة أغلبية، تعمل الميليشيات مثل قوات الحشد الشعبي، التي يعتقد أنها تابعة لإيران، بالمخالفة لقانون الانتخابات العراقي الذي يقضي بأن على أي عضو من أفراد الجيش يرغب في الخوض في الانتخابات، يجب أن يستقيل أولا من منصبه العسكري.
في الوقت الذي يرفض فيه العديد من الزعماء السياسيين البارزين، من بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، عمار الحكيم من جماعة الحكمة الوطنية ومقتدى الصدر، أي تأجيل للانتخابات، بينما لن تعارض القيادة الدينية الشيعية التأجيل في إطار خطة واضحة لضمان أن الانتخابات آمنة ونزيهة ومجانية.

شارك