الانتخابات الرئاسية والصراع بين الديني والسياسي
السبت 10/مارس/2018 - 08:36 م
طباعة
تباينت مواقف الجماعات الاسلامية في الآونة الاخيرة من الانتخابات الرئاسية، ليس اعتراضا او تأييدا كما يحدث من الأحزاب السياسية في دولة مدنية، لكن وصل الأمر الى حد التحريم والاتهام بالضلال بل والكفر احيانا مما يصاحبه من مواقف تصل لإهدار الدماء، مما يخلق حالة من حالات التوتر والشتات لدى المواطن العادي، نتيجة تضارب الفتاوى بين التحريم والتحليل.
وفي هذا السياق أفتي الداعية السلفي محمد سعيد رسلان، بحرمة منافسة الرئيس في الانتخابات الرئاسية القادمة، الذي وصفه بـ"ولي الأمر"، لافتًا إلى أن هذه الانتخابات إن حدثت ستأتي بالخراب على مصر وأهلها.
وقال رسلان في فيديو نشرته الصفحة الرسمية له على موقع التواصل الإجتماعي "الفيس بوك"، بلغت مدته 9 دقائق: إن "من المقرر المعلوم، شرعا ومنظور، هو الاصرار والاكبار على اسقاط مصر، وإحداث الفوضى فيها، فإنها الجائزة الكبرى التي تبحث عنها الدول التي تريد هدم مصر".
وتابع: "ولا تبلغ أي دولة من الدول التي وقعت فيها الفوضى، عشر معشار المكان التي تحوذها مصر عند أولئك الساعين لانتخابها، وإن وهذا التوقيت مقصود منه أن الأمة المصرية تنشغل على حسب ما قرر دستورها في معركة غير معترك هي معركة الرئاسة لان الدستور ينص على بدأ الاجراءات الانتخابية قبل انتهاء مدة الرئيس وهذه المدة ستكون على وجه التحديد، ستكون على اقل تقريب في الاسبوع الاخير من يناير 2018".
وأما عن منافسة الرئيس في الانتخابات، فيقول رسلان: إن "الشرع يقول أن ولي الأمر لا ينازع، لا في مقامه ولا منصبه ولا ينافس عليه، بل هو باق فيه الا إذا عارض عارضًا من موانع الأهلية، إما إذا لم يعرض فلا يجوز غير ذلك، فالشرع يقول أن ولي الأمر المسلم لا ينازع في مقامه ولا منصبه، الذي باركه الله عزوجل فيه إياه، الشرع يقول والعقل يصدق، لا مجال مطلقًا لتقاضي ونصب العداوات في الفترة القادمة".
وحذر الأمة من إجراء الانتخابات القادمة والعواقب التي ستحدث، بقوله: "لن تسقط القدس وحدها، إنها المؤامرة، اتقوا الله فأنتم الباقون، بعدما أصاب الضعف قلب الأمة، ولن يضخ الدماء في قلب الأمة إلا سواكم، نتنافس ونتسارع وإن الحكم لله وان الملك لله، يعطيه لمن يشاء، وإذا رجعت إلى كتب السيرة ستجدون أن من بيده السلطة، ومن له الحكم بأمر لا ينازع ولا ينافس ولا يدخل في منافسة على منصبه، والعقل يقول أن نتكاتف ونتعاون من أجل الخروج إلى النفق المظلم، من أجل أن تفوق الأمة، فهذا الشعب الأبي الأصيل، هو الصخرة القائمة التي ينحط عنها السيل، والتي يبعد عنها أمواج المؤامرات، شريطة أن يرجع المصريون إلى ربهم عز وجل، وإذا رجعت الأمة إلى كتب التراث لوجدوا أنه عندما توحدت الأمة على دين ربهم وصولوا إلى أهدافهم".
واختتم كلمته التي وجها للشعب المصري، بقوله: "اتقوا الله أيها المصريون، لا تكونوا عونًا علي أولادكم وعلى دياركم، لتنفيذ المؤامرة، إن أصوات الناعقين بالمؤامرة في كل مكان عليً زاعقًا أفلا تسمعون".
وخلاصة فتوى سعيد رسلان حرمة الانتخابات من الاصل ومنافسة ولي الأمر "الرئيس" ومنازعته" ما يؤكد برفضه للديمقراطية وادواتها المستحدثة والياتها، ورغم ان الدعوة السلفية كانت تنتهج نفس هذا النهج ايام حكم مبارك ولا تعترف بالديمقراطية والياتها الا انها بعد ثورة يناير 2011، غيرت الكثير من مواقفها، خصوصا بعد تدشينها لحزب النور، وحول هذه الانتخابات دعا ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، أعضاء حزب النور والدعوة إلى الخروج والتصويت للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال برهامي خلال كلمة أمام المؤتمر الجماهيري الموسع الذي عقد بمدينة المنيا أمس الجمعة 9 مارس 2018، بحضور المهندس جلال مرة نائب رئيس حزب النور، وعادل حلمي أمين الحزب بمحافظة المنياـ إن "علينا جميعا الخروج للتصويت في الانتخابات المقبلة والحفاظ على استقرار الوطن".
وأكد أن الدعوة السلفية وحزب النور رصدا 10 مشاريع تدميرية دعت إليها جماعة الإخوان الإرهابية منها الفوضى والتلاعب بسعر الجنيه أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي وملفات الكهرباء والمياه والوقود وغيرها.
وأضاف أن على الشعب تحمل حالة الغلاء، وأن الدول المجاورة التي تعرضت للفوضى والبلطجة يتمنون العيش في حاله فقر وغلاء مقابل الأمن والسلام لشعوبهم، حيث أصبحت تلك الدول ضعاف بالفوضى والبلطجة، وانتشر بينهم فكر القاعدة، والليبراليون، والعلمانيون، والشيوعيين، والحوثيين، فأصبحت بلادهم خرابا.
وأشار نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية إلى أن الحزب قدم دراسات وأبحاث عديدة، «منها دراسة عن جزيرتي تيران وصنافير بأنهما سعوديتين، وقدمنا مستندات تؤكدا ذلك وحذرنا من اللجوء إلى التحكيم الدولي، وأكدنا أن قدرتنا على إزالة سد النهضة في الوقت الحالي ممكنة لكنها ستحمل غضب المجتمع الدولي وفرض عقوبات كبيرة، وندرس الآن ملف استيراد الغاز من إسرائيل وفور توافر المعلومات والدراسة سيعلن الحزب موقفة من ذلك».
بدوره، طالب المهندس جلال مرة نائب رئيس حزب النور، المشاركين في المؤتمر بالوقوف معا والحفاظ على استقرار الوطن من خلال التصويت للرئيس السيسي.
فعلى عكس محمد سعيد رسلان والسلفية السرورية من تحريم الانتخابات والمنافسة الرئيس دعت الدعوة السلفية الى الانتخابات والتصويت لصالح الرئيس، لاستكمال عمليات البناء والنهوض بمصر مستندة الى القاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"
بينما على الطرف النقيض تماما وردا على حزب النور ومحمد سعيد رسلان قامت رابطة علماء ودعاة ضد الانقلاب بأوروبا اليوم السبت 10 مارس 2018، بعقد مؤتمر تحت عنوان ( لا لحكم العسكر) وتعليق العلماء على ما اطلقوا عليه الديكتاتورية في المنطقة العربية وانتخابات العار ٢٠١٨ في مصر، خصص المؤتمر لمناهضة العملية الانتخابية والدعوة لمقاطعتها واتهام النظام المصري بانه نظام انقلاب جاء بالتغلب وهذا لا يوافق الشرع الاسلامي على حد زعمهم، وقد استند الحاضرون لآيات ونصوص فقهية على ردة النظام ليس هذا فقط بل ردة من يوالي هذا النظام ويشارك في العملية الانتخابية.
في الأخير نجد اننا في حيرة من الامر نتيجة لتضارب تلك الفتاوى بين مؤيد للانتخابات ولا يجد فيها تحريما، كحالة حزب النور والذي ينطلق من نصوص فقهية وقواعد شرعية، وفريق أخر يرى الانتخابات محرمة من الأساس وان منافسة الرئيس انما تجلب البلاء والخراب للمواطنين والدولة ويستند ايضا لنصوص فقهية وقواعد شرعية، محمد سعيد رسلان والسلفية السرورية، وكذلك موقف علماء جماعة الاخوان وموقفهم من النظام الذي ادى بهم الى القاء الاتهامات بالضلال والردة ليس على النظام وفقط بينما ايضا على الموالين له او مؤيدينه.
كل هذه المواقف المتبانية انما جاءت نتيجة تداخل الديني في السياسي والحكم على المطلق بما هو نسبي والعكس، فتتباين المواقف وتصدر الفتاوى التي تبيح القتل وينتشر التطرف سواء كان ناحية الدين او ناحية عدم الاعتراف به، مما يخلق في النهاية مجتمعا مفككا منقسما على نفسه في حالة صراع دائمة.