أبريل القادم.. اجتماع أفريقي رفيع المستوى لمواجهة مصادر تمويل الإرهاب في القارة السمراء
الإثنين 12/مارس/2018 - 09:48 م
طباعة
أعلن وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أن بلاده ستحتضن اجتماعا أفريقيا رفيع المستوى حول موارد تمويل الإرهاب في التاسع والعاشر من أبريل المقبل. وجاء وذلك عقب استقباله رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى محمد فقي، قبيل انعقاد القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي المرتقبة يوم 21 مارس في دولة رواندا، ومن المنتظر أن تخرج الاجتماعات بآليات وقرارات قالبلة للتنفيذ ومواجهة مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية، لا سيما مع استصدار مجلس الأمن الدولي قرارا لمكافحة تمويل الإرهاب تحت الفصل السابع، الذي يبيح استخدام القوة والعمل العسكري ضد أي دولة أو جماعة تتبنى الإرهاب.
وهذا يحيلنا بالضرورة إلى فتح ملف مصادر تمويل هذه التنظيمات التخريبية، خاصة أنه من المعروف عنها تمويل نفسها ذاتيا من خلال إنشاء مشاريع استثمارية قانونية سواء فعلية أو افتراضية موازية وتأتي على هيئة مصارف أو مؤسسات استثمارية في التحويلات النقدية، وتكون هياكلها المالية بمعزل عن الدول التي تنشط فيها وتحت تسميات أخرى بعيدة عن الشبهة، ويتم استغلال هذه المشاريع الضخمة كغطاء لعمليات مصرفية من فتح حسابات وتحويلات مالية بالإضافة إلى عمليات غسيل الأموال، الأمر الذي يجعل من الصعب تتبع الحركات المالية للعمليات المصرفية بسبب الحماية التي تتمتع بها بمقتضى القوانين التي تضبط العمليات المصرفية.
كما تقوم تلك التنظيمات بإنشاء مؤسسات خيرية تتلقى الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات إضافة إلى التبرعات عبر الأفراد ونقلها إما بشكل إلكتروني أو شخصي لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية إما عبر التمويل النقدي أو عبر شراء الأسلحة من أمراء الحرب والأسواق السوداء أو الشركات المصنعة للسلاح تحت غطاء دولي.
وتعتبر من أهم مصادر التمويل ، عمليات الاتجار في الأعضاء البشرية ، وتجارة الآثار، والسرقة، وغسيل الأموال، ونذكر هنا حركة "بوكو حرام" في نيجيريا، التي أسست عبر الحدود مع الدول المجاورة شبكة من الناقلين للأفراد الذين يقومون بنقل الأموال المحصلة من أعمال جمع التبرعات والضرائب والإتاوات وغيرها، إلى قيادة التنظيم. فنقل الأموال يتم نقداً بواسطة شبكة من الأفراد المتخصصين في عمليات النقل التي تتضمن في الوقت نفسه تأمين الشحنات المالية الثمينة المنقولة عبر الحدود وفي داخل نيجيريا نفسها، من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة، وتقدر وزارة الخزانة الأمريكية إيرادات بوكو حرام بنحو 10 ملايين دولار سنوياً. وتأتي معظم هذه الإيرادات من أعمال خطف أجانب أو محليين أثرياء واحتجازهم حتى يتم دفع الفدية المطلوبة ثم إطلاق سراحهم بعد ذلك.
كذلك تحصل بوكو حرام على مساعدات مالية محدودة من تنظيم القاعدة كما ترتبط بعلاقات عملياتية قوية مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وتعمل شبكات بوكو حرام في الكثير من الأنشطة الإجرامية وعلى رأسها عمليات تهريب المخدرات وأهمها الكوكايين في أفريقيا.
وبجانب ما سبق، يأتي جرائم تهريب المخدرات، فهناك اتهامات لجماعة بوكو حرام الإرهابية بالتواطؤ مع عصابات الجريمة المنظمة لتهريب المخدرات والخطف والسطو على المصارف وعمليات الاحتيال الإلكترونية، فضلا عن عمليات السرقة، كما سعت جماعة «بوكو حرام» إلى استكشاف مصادر تمويل لها تناسب وتعاظم نفوذها والتي تنوعت بين مصادر عديدة، كان أبرزها عمليات نقل الأموال داخل نيجيريا، واختطاف الأجانب في البلاد وإطلاق سراحهم مقابل أموال كبيرة.
وكذلك عمليات تحويل الأموال، تعد من مصادر التمويل، بواسطة بعض الشركات وعبر أسماء وهيئات وهمية، وأخيرًا تم الكشف عن ما يسمى نظام «الحوالة»، الذي حدده الإنتربول بأنه عملية نقل الأموال من دون تحريك للأموال، بهدف تمويل جماعات إرهابية، وهنا يأتي ذكر تنظيم الشباب في الصومال الذي يتمتع بقاعدة تمويلية قوية ومتنوعة، فهو يحصل على إيرادات في صورة إتاوات على تنظيمات إرهابية أخرى، ويحصل على مساعدات كبيرة ومنتظمة من حكومات راعية للإرهاب، وتبرعات من أفراد وجمعيات خيرية صومالية في الخارج، وأنشطة تجارية في الموارد الطبيعية الصومالية، وإيرادات عمليات خطف وإيرادات من عمليات قرصنة بحرية، ورسوم وضرائب على أنشطة أعمال محلية في مناطق تخضع لنفوذ التنظيم.
كما تدخل المنظمات غير الربحية في زمرة الوسائل التي تسهل عمليات تمويل التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، حيث أن التبرعات التي تلقتها المنظمات الإرهابية خلال ما عام تقريبًا بلغت ما يعادل 1,3 تريليون دولار أمريكي، ولم تستطيع الكثير من الدول إيقاف المنظمات التي يُشتبه في تمويلها للإرهاب، بأن تقوم هذه المنظمات عادة بالعمل مرة أخرى دون ترخيص من الحكومة وبشكل خفي، وهذه التبرعات قد لا تذهب بشكل مباشر إلى الجماعات الإرهابية، فقد يذهب جزء منها لدعم المساجد والمدارس التي تبث أفكاراً متطرفة.
وكذلك يعتبر تمويل الإخوان والإرهاب في القارة السمراء من أخطر أنواع التمويل، فهي تنبع من عدة مصادر أولها، أموال الإخوان، وداعش وجزء آخر من التمويلات مصدره دول وشخصيات إقليمية، فالتنظيم الإخوان الدولي أنشأ هيكلاً موازياً في الخارج، وهذا الهيكل الموازي صار أساساً لعمليات مصرفية وشركات ومشاريع عملاقة يتم من خلالها إخفاء ونقل الأموال من وإلى جميع أنحاء العالم.
وأحيانا ما تكوِّن الجماعات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية شراكات مربحة مع رجال حرب العصابات أو المنظمات الإرهابية، وهنا ظهر الذهب كواسطة لأنه مربح ويسهل إلى حد ما تحويله إلى سيولة نقدية.
ويأتي التمويل الأكبر للتنظيمات الإرهابية من خلال بعض الدول، ويظهر ذلك جليا من خلال تمويل عدد من التنظيمات الإرهابية خاصة في ليبيا واليمن وجماعة الإخوان في مصر. وكشفت ليبيا بالأدلة عمليات مصدرها دول إقليمية لتزويد الجماعات الإرهابية في ليبيا بالسلاح والمال، ولعبت تلك الدول دورا مهما في تمويل المتمردين في اليمن. واستخدمت دول داعمة للإرهاب أساليب ملتوية في التمويل وعقد الصفقات المشبوهة للالتفاف على القوانين والأعراف الدولية.