المؤرخ الليبى على أحميدة: «الوحدة» تبدأ بتقديم تنازلات من جميع الأطراف
السبت 21/أبريل/2018 - 07:24 م
طباعة
رغم مرور ٣ سنوات من الجدل، حول الاتفاق السياسى الليبى، المعروف باتفاق «الصخيرات» وتعديلاته، الذى شمل اتفاق أطراف الصراع فى ليبيا، وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة فى مدينة الصخيرات بـ«المغرب» فى ديسمبر ٢٠١٥، بإشراف المبعوث الأممى، مارتن كوبلر، لإنهاء حالة الصراع فى ليبيا، بموافقة ٢٢ برلمانيًا ليبيًا، فى ٦ أبريل ٢٠١٦، رأسهم صالح محمد المخزوم، عن المؤتمر الوطنى العام الجديد ومحمد على شعيب عن مجلس النواب الليبى.
حذر الباحث والمؤرخ الليبى، الدكتور على عبداللطيف احميدة، صاحب «كتاب ليبيا التى لا نعرفها»، من حدوث غزو تتعرض له ليبيا من الجنوب، ونبه إلى أن الأمن الوطنى فى خطر، لأن التوافق والمصالحة لم يتحققا حتى الآن، وقال إن الوضع الليبى مرشح لأن يكون أكثر سوءًا ما لم تتنازل القيادات، وتبدأ المصالحة، وشدد على ضرورة أن يجلس قائد الجيش المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسى فائز السراج، وممثلو مصراتة معًا؛ كى يتنازلوا من أجل الثوابت الليبية، وحدة التراب الوطنى ووحدة الجيش والشرطة.
وأكد أن الرؤية الاستراتيجية تعنى أن نعى العالم كما هو، ونبنى الدولة لمواجهة الوضع الإقليمى، وقال «أحميدة» فى حوار لـ»بوابة الوسط الليبية»: إن خبرة التاريخ الليبى الحديث تعطى حكمة استراتيجية أساسية، مؤداها ضرورة حماية الحدود الجنوبية، والتحالف مع دول الجوار لتدعيم المصالح الليبية كما حدث فى العهد العثمانى، والنظام الملكى، بل حتى نظام القذافى الشمولى استوعب هذه الحكمة».
وعن الأحزاب السياسية والعملية الديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع قال: «هى جزء مهم، لكنها ليست الأهم، هناك المواطنة والاعتراف بشرعية الاختلاف، هذه الأشياء مهمة، ويأتى بعدها الأحزاب السياسية وصندوق الاقتراع، لدينا تراث فى ليبيا من الحكم المركزى والوحدة الوطنية والمؤسسات والجامعات والمدارس، والشرطة، والبلديات، لماذا لا نضخ الدم فى هذه المؤسسات؟ وهذا يحتاج شجاعة وتجردًا أخلاقيًا».
مضيفًا: «باختصار، يهمنى أن يشعر المواطن العادى بالأمن وبحياة يومية مستقرة، ويعبر عن ذاته، وأعتقد أن التقدير المبالغ فيه للديمقراطية الليبرالية كلام فارغ، فأى دولة عربية بما فيها ليبيا إذا لم تبنِ مؤسساتها ونظامها على تراثها، الذى هو جزء من تراث عربى إسلامى متوسطى حديث، وتقليدى فى آن واحد، دون هذا فنحن نتفلسف ونمارس النخبوية على الناس، الوضع قاتم لكنه ليس محتومًا، والكل يقدم نفسه على أنه الفرقة الناجية، والأسوأ أن كل طرف يسعى إلى حليف إقليمى أو دولي».
وحول «إخوان ليبيا» ودورهم فى مستقبل العملية السياسية قال: «ليسوا فصيلًا كبيرًا، من حقه أن يعبر عن نفسه، شرط أن يقبل الدستور والتداول السلمى للسلطة، وألا يكون امتدادًا لنظام دولى، وأن يراجعوا أنفسهم، مثلما يجب أن تراجع الجماعات الأخرى نفسها، وتكون هناك قواسم مشتركة، ستكون هناك بالتأكيد خلافات، لكن لا بد من قبول شرعية الاختلاف».
وعن عودة أنصار النظام السابق إلى المشهد قال أحميد: «على الجميع تجاوز عقلية سبتمبر، هؤلاء يمثلون قطاعًا مهمًا من الشعب الليبى، ويجب أن يكون لهم دور ما لم يكونوا قد أجرموا، لقد أكدت ذلك مبكرًا، ففى أواخر عام ٢٠١١، تقدمت بورقة إلى مؤتمر عقد بطرابلس تحت عنوان «نحو دولة ديمقراطية حديثة»، كان عنوان ورقتى هو «لماذا وكيف نفكر فى المصالحة الوطنية؟»، قلت فيها إن نموذج جنوب أفريقيا هو الأقرب، لكن للأسف لم تتم المصالحة، واستمرت الأزمة حتى الآن، ولا تزال مأساة نازحى تاورغاء مستمرة، إذ لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم حتى الآن».
وحول أزمة القيادة قال: «الحقيقة ما ينقصنا هو بناء مؤسسات، ونريد قيادات عادية غير كارزمية، الأهم أن تتمتع بالمصداقية، وتنتخب لمدة أربع أو ثمانى سنوات، ويتعلم المجتمع أنه يخطئ أو يصيب فى اختياره، علينا أن نكون أنفسنا فى النهاية، وأتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة فى يوم من الأيام، والحقيقة، أننى أصحح نفسى، فقد سألتنى قناة «بى بى سي» الأميركية فى العام ٢٠١١ عن رأيى فى القيادة الجديدة وقتها (المجلس الانتقالي)، وقلت لهم: لا نريد زعيمًا أوحد، فقد سئمنا وتضررنا من الزعيم الأوحد سواء فى ليبيا أو مصر أو العراق أو سوريا، وهذه هى الطامة الكبرى».
متابعًا: «فى ليبيا اندلعت ثورة حقيقية لأن النظام سقط، لكن المشكلة فى ليبيا أن الانتفاضة تعسكرت، حدث هذا بمساعدة دول إقليمية، ولذا لا تستطيع أن تتنبأ بالمستقبل، من ينتصر بقوة السلاح يفرض نفسه، ولهذا كانت عسكرة الانتفاضة الليبية كارثة، وفى ٢٠١٨ ومع فشل القيادات الليبية فى استيعاب الأشياء التى تجمع الناس، والتنازل من أجل الوطن، استعر الصراع على المناصب والرواتب والسفارات، بينما يعانى الشعب الليبى دون رواتب أو سيولة فى دولة غنية بمواردها». مضيفًا: «الدولة الوطنية التى كنا ننتقدها، باتت فى خطر، فالشعوب تقتتل بدعم خارجى وإقليمى، ولا أدرى كيف تفهم القيادات مسألة الوفاق أو التوافق، إذا لم تتنازل القيادات فهى تضحك على الناس، وإصرار كل طرف على رأيه يعنى غياب التوافق.