"ثقافة مستوردة" لمعاداة السامية.. اتهامات جديدة للاجئين فى ألمانيا
الإثنين 23/أبريل/2018 - 10:57 م
طباعة
يبدو أن أزمات اللاجئين فى ألمانيا لا تتوقف، وما بين سلوكيات خاطئة عملت على تغيير ثقافة الباب المفتوح والترحيب باللاجئين إلى المطالبة بترحيلهم، وبين تنامى نفوذ اليمين المتطرف وتواجد أعضاء بالبرلمان الألمانى تاببعين لحزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف لأول مرة منذ عقود، عاد الجدل مؤخرا فى ضوء المخاوف من انتشار معاداة السامية داخل ألمانيا.
ياتى ذلك بعد أن تعرض شابان في برلين يرتديان قلنسوة يهودية، مما زاد المخاوف من قياما للاجئين وخاصة القادمين من الشرق الأوسط بنقل ثقافتهم تجاه اسرائيل واليهود إلى ألمانيا، وهو ما عمل على اتساع رقعة النقاش واتخاذه اتجاها جديداً تمثل في الحديث عن شكل جديد "مستورد" من معاداة السامية جلبه مهاجرون من أصول عربية مع موجة اللاجئين، بعد أن كشفت التحقيقات أن منفذ الاعتداء على الشابين في برلين لاجئ سوري سبق له أن قضي فترة في مركز للاجئين قرب برلين، ويوجد الآن في قبضة الشرطة.
من جانبها اكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استخدمت عبارة "مستورد" معتبرة بقولها "نحن أمام شكل آخر لمعاداة السامية، لدينا الكثير من اللاجئين بينهم مثلاً أناس من أصل عربي يجلبون شكلاً جديداً من معاداة السامية إلى البلاد".
ووعدت ميركل يهود بلادها بموقف حازم في مواجهة ظاهرة معاداة السامية.
وهذا الاعتداء يأتى فى ضوء تجريم القوانين الألمانية بشدة معاداة السامية وتعتبر التحريض على كراهية اليهود ونكران المحرقة النازية أو المناداة بزوال إسرائيل خطاً أحمر لا يُسمَح بتجاوزه، وذلك بسبب المسؤولية التاريخية لألمانيا إزاء اليهود بسبب تعرضهم للاضطهاد في العهد النازي.
وسبق أن دعا فولكر كاودر القيادي في الحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لتطبيق التبليغ الإبلاغ عن أي حوادث معاداة السامية في مدارس، ونقلت صحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية قوله "لابد أن تلتزم المدارس في كل ولاية بالإبلاغ باستمرار عن مثل هذه الحوادث لإدارة المدارس".
أكد كاودر على أنه من المهم الحصول على بيانات موثوقة عن حجم معاداة السامية وأسبابها كي يتسنى لوزراء التعليم في الولايات دراسة الإجراءات عبر المدارس. ودعا كاودر لضرورة معاقبة كل حالة على حدة بحزم، لاسيما في مثل هذا الموضوع لابد أن يسري: عدم التسامح بالمطلق".
وحسب تقرير لـ DW كشفت الإحصائيات الرسمية في ألمانيا إلى أن أكثر من 90 بالمائة من جميع الجرائم المعادية للسامية ترتبط بشكل مباشر باليمين الألماني المتطرف كما أن معاداة السامية كظاهرة ليست مسألةً جديدةً ظهرت مع اللاجئين وإنما هي مشكلة تاريخية تسعى ألمانيا إلى مواجهتها منذ عقود، إلا أن حدة معاداة السامية ازدادت مع وصول عدد كبير من اللاجئين من بلدان مثل العراق وسوريا، كما يرصد مجموعة من الخبراء في قضايا الإسلام والاندماج ومنهم الباحثة لمياء قدور، التي ترى أن احد أسباب ذلك الخلفية، التي يحملها معه اللاجئ أوالمهاجر العربي عن إسرائيل.
كانت عملية إحراق العلم الإسرائيلي، خلال مظاهرة في وسط برلين عقب إعلان الرئيس الأمريكي ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، أثارت الكثير من الجدل، حيث اُعتبر ذلك نوعا من معاداة السامية بسبب التعدي على رمز من رموز اليهودية وهو نجمة داوود، وقد جرى التأكيد عقب هذا الحادث على ضرورة التفريق بين انتقاد حكومة إسرائيل وبين التشكيك في حق إسرائيل في الوجود، وهذا الأخير هو أمر مرفوض تماماً في ألمانيا.
وفى هذا السياق قال أحمد منصور، الخبير النفسي والناشط في محاربة التطرف على الحكومة الألمانية "افتقادها لرؤية واضحة" بخصوص التعامل مع مشكلة معاداة السامية في أوساط المهاجرين واللاجئين ويقول بهذا الخصوص "نحتاج إلى إعادة التفكير، فبرامج الاندماج التي تنهجها ألمانيا لا توضح للاجئين أن معاداة السامية أمرٌ لا يمكن التسامح فيه". أضاف بقوله " يتم الحديث في ورشات الاندماج عن كيفية فرز النفايات في ألمانيا عوض التركيز على قضايا أساسية مثل معاداة السامية".
ويري محللون أن الوضع في الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلق لدى الكثيرين من أبناء المنطقة نظرة سلبية عن إسرائيل ورسخ في أذهان البعض نظرية المؤامرة، وهو ما جعلهم يخلطون في الكثير من الأحيان بين سياسة إسرائيل وبين اليهود بشكل عام بل تعدى الأمر لدى الكثيرين إلى اعتبار أن كل يهودي هو صهيوني ومستوطن ينبغي عداؤه. وقد تعرضت طفلة يهودية للتهديد بالقتل من زملاء مسلمين لها في إحدى مدارس برلين، بعد أن أفصحت عن ديانتها.
دعا منصور إلى إصلاح التعليم في ألمانيا من أهم الإجراءات، التي يمكن أيضا اللجوء إليها لمواجهة مثل هذه الحوادث. ويأتي على رأس هذه الإصلاحات تقديم دروس في التاريخ الألماني بطريقة تراعي الخلفية المهاجرة للتلاميذ، مؤكدا على ضرورة الاندماج ومكافحة التطرف أيضا على ضرورة ضمان إعداد وتكوين أفضل للمعلمين والمعلمات لمواجهة تحدي التعامل مع مظاهر معاداة السامية المتزايدة بالمدارس.
فى حين اعتبر الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا عبد الصمد اليزيدي، أن الحديث عن نوع جديد "مستورد" من معاداة السامية هو محاولة غير مباشرة للتغطية عن واقع هذه الظاهرة المتجذرة في المجتمع الألماني، والتي يتحمل الجميع المسؤولية في مواجهتها والتصدي إليها. أضاف بقوله "هناك حالات فردية أو معزولة يقوم بها بعض المنتسبين للإسلام وهي خارجة عن إطار الدين وإطار الإنسانية. ولا ينبغي أخذ هذه الحالات المعزولة واتهام أتباع الدين الإسلامي، الذين يتجاوز عددهم في ألمانيا 5 ملايين نسمة أنهم يعادون الآخر".
نوه على أن "المسلمون هم ضحايا بالدرجة الأولى ونحن نرى أن المساجد تحرق في ألمانيا ولا أحد يرفع صوته".