« تنظيم الوعد».. حين سعى السلفيون لقلب نظام الحكم في مصر

الإثنين 25/يونيو/2018 - 12:17 م
طباعة « تنظيم الوعد».. عبدالهادي ربيع
 
لطالما قدمت الدعوة السلفية نفسها للمجتمع المصري تحت لافتة الدعوة للتمسك بمبادئ الإسلام، في مهادنة ناعمة مع المجتمع وهروبًا من قبضة الدولة التي يطول قانونها كل التيارات التي تحث على العنف وتحرض على الإرهاب، بل كثيرًا ما وصفت السلفية نفسها بأنها تتبنى دعوة إصلاحية، إلا أنه باختبار تلك الدعوة ووضعها على محك الأحداث السياسية في مصر، تكشف وجهها الحقيقي من خلال تنظيم عسكري مسلح حاول الانقلاب على نظام الحكم المصري، عام 2001، في ما عرف حينها بتنظيم الوعد السلفي.

اعتادت المحاكم المصرية المدنية، وكذلك العسكرية أن تحال إليها قضايا الجماعات المتطرفة المسلحة، مثل: جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، وشهدت المحاكم في مايو عام 2001 للمرة الأولى قضية خلية مسلحة تنتمي إلى التيار السلفي، المهادن على حد زعم قياداته في مصر!

كان ذلك حينما أحيل أوراق 94 متطرفًا، من بينهم 7 هاربون، أبرزهم: زعيم التنظيم نشأت أحمد إبراهيم (أحد أبرز دعاة السلفية كان خطيبًا بأحد مساجد الجمعية الشرعية بشارع رمسيس)، والسلفي فوزي السعيد، (خطيب مسجد التوحيد بغمرة)، و3 طيارين حصلوا على دورات تدريبية في الولايات المتحدة الأمريكية، أحدهم محمد محمود نورالدين كان يعمل طيارًا مدنيًّا‏) واثنان من الغواصين، وعدد من خبراء مفرقعات، إضافة إلى متورطين أجانب من جنسيات عدّة (أغلبها أفغانية وشيشانية، إضافة إلى يمني و3 داغستانيين و4 متهمين يحملون الجنسيات الأمريكية والكندية والألمانية والهولندية)، كل هؤلا شكلوا فيما بينهم تنظيمًا سلفيًّا إرهابيًّا سموه «الوعد» يسعى -كما جاء في مذكرة الاتهام- لفرض الفوضى وقلب نظام الحكم في مصر والاستيلاء على السلطة.

وفي تفاصيل التنظيم أن زعيمه نشأت إبراهيم خطط لقلب نظام الحكم المصري، من خلال تدريب أعضاء الخلية العسكرية خارج مصر (خاصة على الحدود الألبانية الكسوفية)، ثم استقدام خبير المتفجرات الداغستاني عمر حاجاييف مهدي محمد، وإلحاقه بكلية طب جامعة الأزهر؛ لتوفير غطاء شرعي لإقامته في القاهرة؛ ليعمل على تدريب عناصر التنظيم على صناعة المتفجرات عن بعد؛ لاستخدامها في مخططهم الذي تضمن اغتيال الرئيس المصري حينها حسني مبارك وعدد من الشخصيات الدينية والسياسية، وتنفيذ هجمات ضد المباني الرسمية، مثل: مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو).

وتكون التنظيم من 6 خلايا متوزعة على مناطق عدّة شعبية مختلفة، هي: «الفرنواني، والشرقاوية، والمرج، والقناطر الخيرية، وبنها، وشبرا الخيمة».

وقد تولى عناصر التنظيم إنشاء خلايا أخرى؛ لضمها مستقبلًا إلى التنظيم، مثل المتهم محمد صالح وردة، الذي كشف في اعترافاته أنه تولى تأسيس خلية جديدة بمركز الحوامدية.

كانت التجربة الأولى لتدريب عناصر التنظيم على صناعة المتفجرات، في ورشة صغيرة كائنة أسفل الطريق الدائري في المعادي؛ حيث اصطحب الداغستاني حاجاييف أفراد المجموعة؛ لإجراء تجربته وكانت تجربة ناجحة، من خلال استخدامه أحماضًا عدّة، مثل حامض الخليك والكبريتيك ولريفلين وجلسرين وستريك‏ 8‏ ونترات أمونيوم، وقد جاء في محضر الضبط أنه عثر بحوزته على 16‏ مفجرًا يدويًّا، ومجموعة من الأحماض المذكورة، وأجندة بها محاضرات عن صناعة المواد المفرقعة‏.‏

وقد حاول حاجاييف تنفيذ تجربة أخرى؛ حيث استضافه أحد المتهمين وهو محمد لطفي العدل في الإسكندرية، وشارك في عقد دورة مكثفة لبعض عناصر التنظيم (مدتها 3 أيام) درس لهم فيها كيفية تصنيع المتفجرات، ودربهم على تفجير سيارة عند فتح بابها‏،‏ أو باستخدام التليفون المحمول، كما نفذ المتهمون تجربتهم عمليًّا في منطقة نائية في محافظة الإسكندرية.‏

واعتمد التنظيم في تمويله على جمع التبرعات من المساجد تحت ستار «خدمة قضايا العرب والمسلمين وأولاها القضية الفلسطينية»، خاصة من خلال ضم عدد من رجال الأعمال لتمويل أنشطته مثل: محمد حسن الورداني صاحب شركة تنمية عقارية، وأحمد مصطفى محمد عبدالمجيد صاحب شركة للشحن البري والجوي وهشام السيد متولي صاحب مصنع لتصنيع الأجهزة الرياضية‏.‏

ويمثل الجانب الشرعي في التنظيم زعيمه نشأت أحمد إبراهيم، والسلفي فوزي السعيد، الذي يؤمن- إلى حد الاعتناق- بفكرة الحاكمية التي وردت في كتابات أبي الأعلى المودودي وسيد قطب وتقوم على تكفير الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة الإسلامية.

وبعد التداول قضت المحكمة العسكرية العليا بعدة أحكام من بينها السجن لمدد تتراوح بين عامين إلى 15 عامًا مع الأشغال الشاقة على نحو 51 متهمًا، من بينهم مجدي حسين محمد وعمر خليفة إبراهيم وعمر حجاييف وهو مواطن روسي من داغستان، بالسجن 15 عامًا مع الأشغال الشاقة، كما أصدرت المحكمة حكمًا بالبراءة على 43 متهمًا من بينهم زعيم التنظيم نشأت أحمد محمد إبراهيم.

ومن أبرز المدانين في القضية «أبوإسماعيل المصري» هشام محمود دياب، الذي قتل في يوليو 2017 ضمن صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي بمدينة حلب السورية، وكان دياب قد حوكم بالسجن 10 سنوات، على ذمة قضية تنظيم الوعد إلا أنه تمكن من الهروب في أعقاب أحداث ثورة الـ 25 من يناير2011.

شارك