تفجير الخُبر.. الإرهاب «الصفوي» على الأراضي السعودية

الإثنين 25/يونيو/2018 - 12:18 م
طباعة تفجير الخُبر.. الإرهاب نهلة عبدالمنعم
 
منذ سيطرة نظام الملالي على مقاليد الحكم في إيران بعد الثورة التي تزعمها روح الله الخميني عام 1979 من القرن الماضي على نظام الشاه محمد رضا بهلوي، أَبَى إلا أن يتربص بجيرانه في الإقليم المحيط، خاصةً دول الخليج العربي بوجه عام، والمملكة العربية السعودية بوجه خاص، محاولًا دعم حركات الاحتجاج في القطيف عام 1981، ضد الحكومة السعودية القائمة؛ للتحريض على قيام ما يُسمّى ثورة الشيعة، واحتضن «الملالي» جماعة شيعية سعودية معارضة لنظام الحكم فى المملكة، أطلق عليها «منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية»، أسسها شخص يُدعى حسن الصفار (شيعي من مواليد القطيف عام 1958) في حقبة الثمانينيات، والتي بدورها، أسست جناحًا عسكريًّا سمته جماعة «حزب الله الحجاز» بالسعودية؛ ليكون ذراعًا مسلحة تنفذ أيديولوجيتها في الأراضي السعودية.
وأسهم التحاق «الصفار» بالحوزة العلمية في مدينة «قم» الإيرانية في 1971، في تشكيل النزعة الشيعية المتشددة لديه، إضافةً إلى قيام الإذاعة الإيرانية ببث محاضراته وخطبه؛ ما زاد من انتمائه الروحي والعقائدي لأركان النظام الإيراني، وهو ما استغله في دعم حسن بن موسى بن الشيخ رضي الصفار؛ للوصول لقيادة منظمة الثورة الإسلامية.

ويُعد ما عرف إعلاميًّا بتفجير الخبر، 25 يونيو عام 1996، من أشهر العمليات الإرهابية التي نفذها الجناح العسكري للمنظمة، وهو تفجير مجمع سكني بأبراج «الخبر» في منطقة «الظهران» شرق المملكة، عن طريق شاحنة مفخخة تركت في محيط المجمع، وكانت تقطنه قوات أمريكية، ونتيجة احتواء «المفخخة» على أطنان من مادة «تي إن تي» شديدة الانفجار، قُتل على إثره 19 شخصًا، وجرح 372 آخرون، إضافة إلى انهيار جزئي للمبنى، ودمار واجهة المبنى.

ولتبرير هذا الجرم ادعى منفذو العملية أن هدفهم كان إجبار القوات الأمريكية على إخلاء المنطقة، رغم أن تلك القوات توجد في المملكة على خلفية اشتراكها في التحالف الدولي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، في عملية أطلق عليها آنذاك «حرب الخليج الثانية»، ولكن ما كان ينشده نظام الملالي الحاضن للجماعة الإرهابية، هو استهداف رعايا الولايات المتحدة في أراضي المملكة، إلى جانب زعزعة استقرار النظام السُّني، ومحاولة استبداله بآخر شيعي يُحقق أهداف الدولة الصفوية.

وأدلى بعض المتهمين ممن ألقت السلطات القبض عليهم، مثل «عبدالله الجراش، وعبدالجليل السمين، وسعيد البحار»، وغيرهم، باعترافات حول خطة الهجوم، الذي تم بالتنسيق بين عناصر المجموعة في دول عدّة، مثل لبنان وسوريا.

وكشفت اعترافات المقبوض عليهم عن أهم قيادات الذراع التخريبية لإيران بالسعودية، الذين خططوا ونفذوا الهجوم، ومنهم:
أحمد المغسل، وهو الاسم الأشهر بين قيادات الإرهاب، واستطاعت أجهزة الأمن اعتقاله في 25 أغسطس عام 2015، بالعاصمة اللبنانية بيروت، أي بعد ما يقرب من 20 عامًا من الواقعة؛ حيث اتُّهم بأنه المهندس والمدبر الرئيسي لتفجير «الخُبر»، إضافة إلى كونه قائد الجناح العسكري لتنظيم «حزب الله الحجاز»، واتُّهم أيضًا بالضلوع في عمليات عدّة إرهابية أخرى، منها استهداف مبانٍ ومصالح تجارية لشركة «صدف» للبتروكيماويات في «الجبيل» (محافظة سعودية تقع في المنطقة الشرقية) عام 1988، وتخريب مجمع نفطي شمال «رأس التنورة» (شبه جزيرة تقع شرق المملكة العربية السعودية)، إلى جانب اتهامه بتنفيذ عمليات اغتيال خارج البلاد.

ولد «المغسل» بمدينة «القطيف» (مُحَافَظَة سُعودية تَقَع فِي المنطقَة الشَّرقِيَّة عَلَى الضَفة الغَربِيَّة مِن الخَلِيج العَرَبِي)، في 26 يونيو 1967، وسافر إلى إيران للتدريب على استخدام السلاح وتصنيع المتفجرات، وذلك وفقًا لما ذكره في التحقيقات التي أجريت معه بعد القبض عليه، كما كان مسؤولًا عن تدريب غيره من العناصر، فيما يُشار إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان قد خصص مكافأة 5 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات للقبض عليه، وذلك قبل اعتقاله في لبنان.

هاني الصائغ، بعد تنفيذ تقجيرات الخبر تمكن «الصائغ» في أغسطس 1996 من الهروب إلى كندا؛ حيث ادعى أنه تعرض للتعذيب من قبل السلطات السعودية على خلفية كونه من الأقلية الشيعية، وبعد أقل من عام اتهمه الأمن الكندي بقيادة سيارة اشتبه بأنها كانت تُساعد مركبة مفخخة أخرى لاصطياد هدفٍ للهجوم عليه، ومن ثم أرسلته السلطات الكندية إلى الولايات المتحدة، التي قامت بدورها بترحيله إلى المملكة العربية السعودية 1999، بعد تحققها من ضلوعه في تبني الفكر المتطرف، وألقت أجهزة الأمن القبض عليه بعد وصوله، ويُذكر أن «الصائغ» انضم للحرس الثوري الإيراني أثناء وجوده بإيران.

جعفر الشويخات، ولد في مدينة سيهات شرق الحجاز 1977، غادر السعودية بعد بلوغه سن الخامسة عشرة؛ للتزود بالمعارف الإسلامية، وعقب عودته شَكَّل عددًا من المجموعات الجهادية داخل المملكة العربية السعودية، ثم اعتقل أوائل التسعينيات، وأُصيب أثناء الاعتقال بأمراض مزمنة، وفي ظروف غامضة طاردته السلطات؛ ما جعله يفرُّ من البلاد، فلاحقوه في الخارج، إلى أن تم إلقاء القبض عليه في سوريا في 19 أغسطس 1996، وبعد 3 أيام فقط أُعلن عن وفاته داخل الزنزانة، وقال السوريون إنه انتحر في دورة المياه، ودفن بالشويخات في مقبرة للشيعة بجوار السيدة زينب بدمشق.

ويُشير البعض إلى أنه قُتل من قبل المخابرات السورية؛ لأنه كان سيقود التحقيقات السعودية والأمريكية إلى إيران، فيما يرى آخرون أن «الشويخات» تم تهريبه إلى إيران، والادعاء بأنه قتل نفسه؛ حيث تم دفنه سريعًا دون أن يَتَسَنَّى للسلطات السعودية التأكد من مقتله.

عبدالكريم الناصر، من أهم الإرهابيين المطلوبين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ حيث يرصد «FBI» مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يبلغ عن معلومات تفيد في القبض عليه، بينما تؤكد تقارير وجوده حاليًّا في إيران، ويعد من أبرز القياديين في «حزب الله الحجاز»، كما أنه من المشرفين على هجوم الخبر، والمتهم من قبل المحكمة الفيدرالية الأمريكية لولاية فيرجينيا بالتورط في قتل مواطنين أمريكيين في المملكة.

شارك