«الأفغان الجزائريون».. نقطة سوداء في تاريخ بلد المليون شهيد
الإثنين 25/يونيو/2018 - 02:11 م
طباعة
طه علي أحمد
مثلت فترة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، مَعِينا ثريًّا للتيارات الجهادية حول العالم كافة، خاصةً بعد عودة غالبية العناصر الجهادية إلى بلدانهم فيما بعد، وقد كان للجزائر حظٌّ وافرٌ بين هؤلاء العائدين، فيما عرف بـ«الأفغان الجزائريين».
تمثلت الشرارة الأولى لتجمع هؤلاء «الجهاديين» في الفتوى التي أطلقها الإخواني «عبدالله عزام» ضد الشيوعية ووجودها في أفغانستان، فكان أول من لبى النداء من الجزائريين هو «عبدالله أنس»، الذي سرعان ما سافر إلى أفغانستان؛ ليُسهم في تأسيس مكتب الخدمات المعني بتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين، وتطور الأمر ليصل عدد الجزائريين الموجودين في أفغانستان إلى نحو 3000 مقاتل.
وبعد سقوط نظام الرئيس الأفغاني «محمد نجيب الله» عاد كثير من الجهاديين إلى بلادهم، وبينهم الأفغان الجزائريون الذين عادوا متسللين عبر تونس والجزائر، وتزامن ذلك مع مرحلة انتشار ما عرف بـ«الجهادية العالمية» التي قادها أسامة بن لادن خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، فقد استغل أسامة بن لادن إقامته بأحد الفنادق المغربية لمدة 3 أشهر- قبل انتقاله إلى السودان- في التنسيق السري مع الأفغان المغاربة حول دعم الجماعات المسلحة الجزائرية والأفغان الجزائريين، وكان لتدخل بن لادن عظيم الأثر في تعاظم دور العائدين من أفغانستان.
ينتمي «الأفغان الجزائريون» إلى «السلفية الجهادية» التي تعتمد على القوة في للتغيير؛ ما سهَّل على العائدين من أفغانستان الدخول في تحالفات مع التيار السلفي بفصائله كافة في محاولة لتوحيد راياتهم في مواجهة النظام الحاكم بالجزائر؛ فقد شهد عام 1993 مؤتمرًا ضم الجماعات كافة التي تنتمي إلى هذا التيار، ليتم الإعلان لاحقًا عن نشأة الجماعة الإسلامية.
وتأثرت تلك الجماعة بشبكة واسعة من العلاقات توفرت لقياداتها بالعديد من الشخصيات المعروفة، ومن بينهم «محفوظ نحناح» الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالتنظيم الدولي للإخوان، وكان هذا التنظيم أحد الداعمين لدعوة عبدالله عزام.
وفي حين كانوا يتمتعون بالخبرة القتالية، والمال والسلاح، بات «الأفغان الجزائريون» في حاجة إلى مرجعية دينية يستندون على تنظيراتها، فسعوا إلى استقطاب عدد من رجال التيار السلفي وعلى رأسهم «عبدالقادر شبوطي»، الذي كان ضابطًا سابقًا في الجيش الشعبي الجزائري، والذي لم تنجح اتصالات الأفغان الجزائريين معه؛ نتيجة لانشغاله بتأسيس خلية سرية عُرفت بـ«حركة الدولة الإسلامية»، فاتجهوا إلى شخصية أخرى هو «منصور الملياني» الذي وافق على قيادة الحركة؛ ليقود العنف الذي خاضته الحركة بعد إلغاء الانتخابات في 1992 التي تقدم فيها الإسلاميون، فبدأت عملياتها في فبراير باستهداف قاعدة «الأميرالية» التابعة للقوات بالعاصمة الجزائرية؛ ما أدى إلى مقتل 10 عسكريين واثنين من الأفغان.
تعدد الفصائل
تعددت الفصائل التي تشكلت من العائدين من أفغانستان فكان أبرزها «جماعة الملياني»، التي تُعد أبرز الجماعات المسلحة في الجزائر خلال تلك الفترة، وتشكلت في المقام الأول من المقاتلين السابقين في أفغانستان؛ حيث كانت لديهم خبرة على حمل السلاح؛ فضلًا عن قناعاتهم الفكرية التي لم تكن تؤمن بالديمقراطية، والجهاد في ضوء رؤيتهم هو السبيل لإقامة الدولة المنشودة لديهم.
وأسس «الأفغان الجزائريون»، الجماعة المسلحة في 1992؛ حيث تنامت بشكل مُتسارع؛ نتيجة لغياب جبهة الإنقاذ من الساحة؛ حيث سجن أفرادها، لتصبح الجماعة المسلحة هي القوة الأبرز في ميدان العمل المسلح بالجزائر.
خضعت الحركة لسيطرة اثني عشر أميرًا، قُتِلَ غالبيتهم في مواجهات مع السلطات الجزائريَّة، بداية من «منصور الملياني»، الذي أُعدِمَ في 1992، و«علال محمد» الذي قتل في نفس العام و«عيسى بن عمار» الذي قُتِلَ في أغسطس 1993، و«مراد سي أحمد وشريف القوسمي ومحفوظ طاجين وجمال زيتوني وعنبر زوابري ورشيد أوكلي وبوضياف نور لادين وشعبان يونس، وعبدالحق لعيادة».
وصلت هذه الجماعة إلى أوج قوتها تحت قيادة «أبوعبدالله أحمد» الملقب بالشريف القواسمي، لكنها شهدت مرحلة انحدار؛ حيث اصطدمت بالمجتمع الجزائري إلى الدرجة التي أشيع عنها لفظ «جماعة الدباحين»، الذي روجه «أنور هدام» أحد قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وفي لقاء شهير عُرِفَ بـ«لقاء الوحدة» في 13 مايو 1994 انضمت الجماعة فيما عُرِفَ بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بجانب التيار الذي يقوده محمد السعيد، وتيار آخر يقوده «السعيد مخروفي» تحت مسمى «حركة الدولة الإسلامية»، وصل إلى تشكيل ما عرف بـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» في صيف 1991.
وتنبهت الدولة الجزائرية آنذاك لخطر العائدين من أفغانستان، فتعاون الأمن الجزائري مع نظيره الفرنسي في وضع خطط لتتبع شبكات المسلحين، سواء في فرنسا، أو أوروبا عامة.
وتوزع الأفغان الجزائريون بين الجزائر وأوروبا؛ حيث حصل عدد منهم على حق اللجوء السياسي، وتمكن آخرون من دخول إيران والإقامة بها وتحديدًا مدينة «قم»، وشارك عدد منهم في الحرب الإيرانية العراقية بجانب الإيرانيين، أما الحركة الإسلامية المسلحة فنجحت في التفاوض مع الجيش الإسلامي للإنقاذ، بقيادة مدني مزراق الذراع العسكرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وأخيرًا، فإن واقع الحركات الإسلامويَّة في الجزائر يشير إلى صعوبة نجاحهم مستقبلًا؛ بسبب الخبرة الدموية التي ارتبطت بوجودهم، والأخطاء الاستراتيجية، التي وقعت فيها تلك الحركة، فضلًا عن نجاح الحكومة في اختراق صفوفها وإحداث الوقيعة فيما بينهم، وتأليب الشارع الجزائري عليهم، وليس أدل على ذلك مما كتبته «الجبهة الاسلامية للإنقاذ» في أحد بياناتها، الذي جاء فيه: «إن الجماعة الإسلامية المسلحة ليست سوى عصابة مسلحة منفصلة عن الشعب تحاول أن تفرض مخططاتها التخريبية على الشعب الجزائري»، وهو ما كان له أثر كبير على رؤية الجزائريين أنفسهم تجاه هذا الحركات.
تمثلت الشرارة الأولى لتجمع هؤلاء «الجهاديين» في الفتوى التي أطلقها الإخواني «عبدالله عزام» ضد الشيوعية ووجودها في أفغانستان، فكان أول من لبى النداء من الجزائريين هو «عبدالله أنس»، الذي سرعان ما سافر إلى أفغانستان؛ ليُسهم في تأسيس مكتب الخدمات المعني بتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين، وتطور الأمر ليصل عدد الجزائريين الموجودين في أفغانستان إلى نحو 3000 مقاتل.
وبعد سقوط نظام الرئيس الأفغاني «محمد نجيب الله» عاد كثير من الجهاديين إلى بلادهم، وبينهم الأفغان الجزائريون الذين عادوا متسللين عبر تونس والجزائر، وتزامن ذلك مع مرحلة انتشار ما عرف بـ«الجهادية العالمية» التي قادها أسامة بن لادن خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، فقد استغل أسامة بن لادن إقامته بأحد الفنادق المغربية لمدة 3 أشهر- قبل انتقاله إلى السودان- في التنسيق السري مع الأفغان المغاربة حول دعم الجماعات المسلحة الجزائرية والأفغان الجزائريين، وكان لتدخل بن لادن عظيم الأثر في تعاظم دور العائدين من أفغانستان.
ينتمي «الأفغان الجزائريون» إلى «السلفية الجهادية» التي تعتمد على القوة في للتغيير؛ ما سهَّل على العائدين من أفغانستان الدخول في تحالفات مع التيار السلفي بفصائله كافة في محاولة لتوحيد راياتهم في مواجهة النظام الحاكم بالجزائر؛ فقد شهد عام 1993 مؤتمرًا ضم الجماعات كافة التي تنتمي إلى هذا التيار، ليتم الإعلان لاحقًا عن نشأة الجماعة الإسلامية.
وتأثرت تلك الجماعة بشبكة واسعة من العلاقات توفرت لقياداتها بالعديد من الشخصيات المعروفة، ومن بينهم «محفوظ نحناح» الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالتنظيم الدولي للإخوان، وكان هذا التنظيم أحد الداعمين لدعوة عبدالله عزام.
وفي حين كانوا يتمتعون بالخبرة القتالية، والمال والسلاح، بات «الأفغان الجزائريون» في حاجة إلى مرجعية دينية يستندون على تنظيراتها، فسعوا إلى استقطاب عدد من رجال التيار السلفي وعلى رأسهم «عبدالقادر شبوطي»، الذي كان ضابطًا سابقًا في الجيش الشعبي الجزائري، والذي لم تنجح اتصالات الأفغان الجزائريين معه؛ نتيجة لانشغاله بتأسيس خلية سرية عُرفت بـ«حركة الدولة الإسلامية»، فاتجهوا إلى شخصية أخرى هو «منصور الملياني» الذي وافق على قيادة الحركة؛ ليقود العنف الذي خاضته الحركة بعد إلغاء الانتخابات في 1992 التي تقدم فيها الإسلاميون، فبدأت عملياتها في فبراير باستهداف قاعدة «الأميرالية» التابعة للقوات بالعاصمة الجزائرية؛ ما أدى إلى مقتل 10 عسكريين واثنين من الأفغان.
تعدد الفصائل
تعددت الفصائل التي تشكلت من العائدين من أفغانستان فكان أبرزها «جماعة الملياني»، التي تُعد أبرز الجماعات المسلحة في الجزائر خلال تلك الفترة، وتشكلت في المقام الأول من المقاتلين السابقين في أفغانستان؛ حيث كانت لديهم خبرة على حمل السلاح؛ فضلًا عن قناعاتهم الفكرية التي لم تكن تؤمن بالديمقراطية، والجهاد في ضوء رؤيتهم هو السبيل لإقامة الدولة المنشودة لديهم.
وأسس «الأفغان الجزائريون»، الجماعة المسلحة في 1992؛ حيث تنامت بشكل مُتسارع؛ نتيجة لغياب جبهة الإنقاذ من الساحة؛ حيث سجن أفرادها، لتصبح الجماعة المسلحة هي القوة الأبرز في ميدان العمل المسلح بالجزائر.
خضعت الحركة لسيطرة اثني عشر أميرًا، قُتِلَ غالبيتهم في مواجهات مع السلطات الجزائريَّة، بداية من «منصور الملياني»، الذي أُعدِمَ في 1992، و«علال محمد» الذي قتل في نفس العام و«عيسى بن عمار» الذي قُتِلَ في أغسطس 1993، و«مراد سي أحمد وشريف القوسمي ومحفوظ طاجين وجمال زيتوني وعنبر زوابري ورشيد أوكلي وبوضياف نور لادين وشعبان يونس، وعبدالحق لعيادة».
وصلت هذه الجماعة إلى أوج قوتها تحت قيادة «أبوعبدالله أحمد» الملقب بالشريف القواسمي، لكنها شهدت مرحلة انحدار؛ حيث اصطدمت بالمجتمع الجزائري إلى الدرجة التي أشيع عنها لفظ «جماعة الدباحين»، الذي روجه «أنور هدام» أحد قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وفي لقاء شهير عُرِفَ بـ«لقاء الوحدة» في 13 مايو 1994 انضمت الجماعة فيما عُرِفَ بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بجانب التيار الذي يقوده محمد السعيد، وتيار آخر يقوده «السعيد مخروفي» تحت مسمى «حركة الدولة الإسلامية»، وصل إلى تشكيل ما عرف بـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» في صيف 1991.
وتنبهت الدولة الجزائرية آنذاك لخطر العائدين من أفغانستان، فتعاون الأمن الجزائري مع نظيره الفرنسي في وضع خطط لتتبع شبكات المسلحين، سواء في فرنسا، أو أوروبا عامة.
وتوزع الأفغان الجزائريون بين الجزائر وأوروبا؛ حيث حصل عدد منهم على حق اللجوء السياسي، وتمكن آخرون من دخول إيران والإقامة بها وتحديدًا مدينة «قم»، وشارك عدد منهم في الحرب الإيرانية العراقية بجانب الإيرانيين، أما الحركة الإسلامية المسلحة فنجحت في التفاوض مع الجيش الإسلامي للإنقاذ، بقيادة مدني مزراق الذراع العسكرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وأخيرًا، فإن واقع الحركات الإسلامويَّة في الجزائر يشير إلى صعوبة نجاحهم مستقبلًا؛ بسبب الخبرة الدموية التي ارتبطت بوجودهم، والأخطاء الاستراتيجية، التي وقعت فيها تلك الحركة، فضلًا عن نجاح الحكومة في اختراق صفوفها وإحداث الوقيعة فيما بينهم، وتأليب الشارع الجزائري عليهم، وليس أدل على ذلك مما كتبته «الجبهة الاسلامية للإنقاذ» في أحد بياناتها، الذي جاء فيه: «إن الجماعة الإسلامية المسلحة ليست سوى عصابة مسلحة منفصلة عن الشعب تحاول أن تفرض مخططاتها التخريبية على الشعب الجزائري»، وهو ما كان له أثر كبير على رؤية الجزائريين أنفسهم تجاه هذا الحركات.