في ذكرى تقي الدين الهلالي.. علاقة السلفية المغربية مع الإرهاب

الثلاثاء 26/يونيو/2018 - 01:53 م
طباعة في ذكرى تقي الدين هناء قنديل
 
في شهر يونيو الحالي، حلت الذكرى الـ31 لوفاة أبو السلفية المغربية، تقي الدين الهلالي، الذي كان المسؤول الأول عن انتشار الفكر السلفي في المملكة المغربية، وفي هذه المناسبة يسعى «المرجع» إلى تقديم سردٍ مبسط لقصة التيار السلفي في المغرب، منذ نشأته.

يُرجع بعض المؤرخين ظهور السلفية في المغرب، إلى عصر الحكم المرابطي، بين عامي 1073 و1147م، وتحديدًا في اللحظة التي أحرق فيها المرابطون الكتاب الشهير للإمام الغزالي «إحياء علوم الدين»؛ متهمين صاحبه بالصوفية.

ومع بداية عصر الموحدين، عقب انتهاء حكم المرابطين، انتصر حاكم المغرب، أبويوسف يعقوب، للفكر السلفي، وهو ما استمر خلال العصر العلوي، الذي حكم المغرب أيضًا.

ويؤكد المؤرخون أن المنهج السلفي هو السائد في أكثر أطوار التاريخ الإسلامي المغربي.

وشكلت «السلفية» العنصر الأساسي لأغلب الحركات الإسلاموية، في المغرب اعتبارًا من منتصف القرن الـ20، وذلك اعتمادًا على كتابات تقي الدين الهلالي، ومعه آخرون مثل: «محمد بوخبزة، ومحمد زحل، وزين العابدين».

ويُعدُّ الشيخ محمد تقي الدين الهلالي، المولود في جنوب المغرب، أحد رواد التوجه السلفي، وقد اشتهر «الهلالي» بخطبه الحماسية، التي كان ينقلها راديو «برلين» الألماني؛ ما جعل فرنسا وبريطانيا تسعيان للحدِّ من نشاطه، الأولى لمنع أثره على الشعب المغربي؛ لكونه يرفع وتيرة المقاومة ضد قواتها في المغرب، والثانية لمسؤوليته عن تعزيز علاقة التعاون بين زعماء التحرير المغربي، ونظرائهم في فلسطين، خاصة عبدالخالق الطريس، وأمين الحسيني.

سلفية المغرب والإرهاب
تعود علاقة السلفية المغربية بالفكر المتشدد الذي نجم عنه التطرف والإرهاب، إلى وقت سابق على ظهور تقي الدين الهلالي؛ إذ إن هذه العلاقة بدأت مع ظهور الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية، خلال القرن الـ18، حتى إن سلطانين من سلاطين المغرب أبديا تبنيًا واضحًا لأفكار محمد بن عبدالوهاب (منظر الفكر الوهابي في الجزيرة العربية)، وابنه سليمان، وأرسل كل من السلطانين وفودًا إلى الجزيرة للقاء مطلق الفكر الوهابي، والأخذ عنه.

وأدى سقوط المغرب في يد الاحتلال الفرنسي، اعتبارًا من عام 1912، إلى ذيوع صيت السلفية الجهادية، كواحدة من أدوات المقاومة التي تُحارب الاحتلال، واختلط الأمر حتى إن الحركة الوطنية في المغرب اعتبرت نفسها -آنذاك- وجهًا للسلفية؛ ما أدى إلى توغل كبير للفكر السلفي في المجتمع.

علال الفاسي
وقف القائد المغربي علال الفاسي (زعيم حزب الاستقلال)، عقبةً في وجه المزيد من انتشار الفكر السلفي على النسق «الوهابي»، وبقي كذلك حتى وفاته عام 1974؛ حيث انطلقت بعدها الحركة السلفية في كل اتجاه داخل المجتمع المغربي، بواسطة تقي الدين الهلالي.

الأب الروحي للوهابية المغربية
يُعتبر تقي الدين الهلالي الأب الروحي لـ«الوهابية المغربية»؛ حيث استمر في التنظير لأفكاره، والترويج لسلفية محمد بن عبدالوهاب، المستمدة من الجزيرة العربية، حتى وفاته سنة 1987؛ لتنتقل الراية إلى الشيخ محمد بن عبدالرحمن المغراوي، الذي يصنف ضمن التيار السلفي المهتم بالعلوم الشرعية.

سلاح لمواجهة الماركسية
في الفترة بين منتصف السبعينيات، والثمانينيات من القرن العشرين، اشتد عود الماركسيين في المغرب، فوجدت الدولة نفسها في حاجة إلى سلاح تواجه به هذا التمدد الماركسي في المجتمع، فتحالفت مع التيار السلفي.

وخلال التحالف بين الدولة والتيار السلفي، لم يفت الأخير الحصول على أكبر المكاسب الممكنة، فسيطر على الحقل الديني في المغرب، واستطاع إقناع القيادة -في ذلك الوقت- بمنحه حرية جمع الأموال من الناس كـ«صدقة وزكاة»، وهو ما حقق مكاسب مالية كبيرة للتيار، منحته مزيدًا من القوة.

هجمات 2003:
بقيت العلاقة الوثيقة بين التيار السلفي الوهابي في المغرب والسلطات هناك، تدور في مساحة من الثقة الضئيلة، والرقابة اللصيقة، لكن دون تدخل من السلطة للتضييق على نشاط التيار، إلى أن وقعت هجمات الدار البيضاء (سلسلة من الهجمات المُتزامنة بالأحزمة الناسفة)، في مايو 2003.

فور وقوع هذه الهجمات، شنَّت السلطات الأمنية المغربية حملات موسعة ضد عناصر التيار السلفي، فاعتقلت عددًا كبيرًا من السلفيين، بينهم رموز شهيرة، وإن لم تمنع هذه الإجراءات من وقوع هجومين إرهابيين آخرين، الأول في الدار البيضاء سنة 2007، والثاني في مراكش سنة 2011.

ومنذ ذلك الحين، تتأرجح العلاقة بين الدولة المغربية والتيار السلفي بين الهدوء والتوتر بحسب الأحداث الجارية في المنطقة، خاصةً الموقف من القضية الفلسطينية، ومن قضايا الربيع العربي.

شارك