مخاوف مخابراتية هولندية من الإخوان

الأحد 01/يوليو/2018 - 03:35 م
طباعة مخاوف مخابراتية هولندية شيماء حفظي
 
تعتبر جماعة الإخوان أوروبا طوق نجاتها بعد ما أصابها في العالم العربي، وخاصة في بلد المنشأ مصر، وتحاول الجماعة اختيار أسماء ووجوه ذات خلفية «مسالمة» تظهر بها في الخارج، وتكسب عن طريقها الدعم.

وتعد هولندا واحدةً من الدول التي تحظى فيها «الإخوان» بموقع متميز، ومثل ذلك الوجود زعيم الإخوان هناك «يحيى بوعيفا»، الذي يتولى منصبًا قياديًّا في عدد من المؤسسات الإسلامية، التي تعمل بشكل مباشر، أو غير مباشر لصالح الجماعة.
وفي مقال للكاتب رونالد ساندي، نُشر في مايو 2018، تحت عنوان «التأثير المتنامي للإخوان في هولندا»، قال: إنه حتى ديسمبر 2007، لم تسيطر جماعة الإخوان فعليًّا على مسجد واحد في هولندا، وكان هناك مركز إسلامي قيد الإنشاء في روتردام، وكانت هناك شائعات بأن الجماعة في سباق للحصول على إذن لبناء مسجد في أمستردام، ولكن هذا كان بمثابة بصمة صغيرة.

ويقول المقال: إن الجماعة استطاعت أن يكون لها مكان قوي في هولندا، وأن توسع نفوذها في السياسة المحلية والوطنية، كما تم تسهيل دخولها إلى السياسة من قِبل الأحزاب اليسارية، مثل الحزب الأخضر، وحزب العمل PVDA.

وفي الوقت الذي أصبح فيه يحيى بوعيفا ضمن أكثر 100 مسلم مؤثر في هولندا، أصبح لدى جماعة الإخوان العديد من المراكز الإسلامية والمساجد، التي تقع تحت سيطرتها المباشرة، منها «مركز السلام الإسلامي الثقافي» (EIIC)؛ ومركز ميدينفخ الإسلامي (Centrum de Middenweg )، الذي يشير اسمه بالهولندية إلى حركة يوسف القرضاوي (يعتبره البعض مفتي جماعة الإخوان) في منطقة الوسيطية؛ ومبنى مدرسة سابق تم شراؤه من قبل المركز الثقافي الاجتماعي للمؤسسة في هولندا، وهو الذراع الاجتماعية والثقافية لحركة النهضة التونسية (ذراع الإخوان في تونس).

ويقول كاتب المقال: إن الجماعة تمتلك أيضًا في لاهاي، المركز الثقافي الاجتماعي، التابع لمؤسسة ملكية كبيرة تسمى «مركز محمد عبدالمحسن الخرافي الإسلامي»، كما يسيطر الإخوان في أمستردام على المسجد الأزرق.

وبعدما حرصت الجماعة على التوغل في المجتمع الهولندي، بدأت التركيز على العمل السياسي، حتى أصبح أعضاء الجماعة أو المقربون منهم فكريًّا ناشطين سياسيين، حتى إن جاكوب فان در بلوم -وهو هولندي اعتنق الإسلام، المدير الفعلي لمركز السلام الإسلامي الثقافي ومركز الوسطية في روتردام- سافر إلى لندن للتدريب الإعلامي في الجمعية الإسلامية في بريطانيا بمسجد «فينسبري بارك».
كما تدرّب آخرون في مؤسسات تابعة للإخوان، مثل «فضل سليمان، وزاهر بيراوي»، ويعد «بيراوي» شخصية رئيسية في شبكة «حماس» في المملكة المتحدة، وعندما تدرّب في روتردام حصل على مساعدة من إبراهيم عكاري (أحد الأعضاء القدامى في الجماعة بهولندا)، ونورالدين الوالي (سياسي محلي في روتردام).

وفي مارس 2018، أُجريت انتخابات محلية في هولندا، دعم خلالها مؤيدو أيديولوجية الإخوان في روتردام حزب «نداء»، وهو حزب محلي يتزعمه نورالدين الوالي، وهو عضو سابق في مجلس روتردام عن حزب «الخضر»، وكان أيضًا المتحدث باسم «القارب الهولندي»، الذي شارك في أسطول غزة سنة 2011، وهو مشروع لـ«حماس».

وفي روتردام، وافق حزب «نداء» رسميًّا على الانضمام إلى ائتلاف يساري إسلامي، تعاونت فيه الأحزاب اليسارية الراسخة (الخضر، العمل، والحزب الاشتراكي) مع «نداء»؛ في محاولة لتجنّب وصول حزب محلي شعبوي إلى السلطة، بحسب المقال.
استثناء تاريخي
ويقول الكاتب لورينزو فدينو، الباحث بجامعة هارفارد، في حوار إذاعي حول كتابه «الإخوان المسلمون في أوروبا وشمال أفريقيا»: إن هولندا تعد استثناء تاريخيًّا إلى حدٍّ ما، عندما يتعلق الأمر بـ«الإخوان»، فلوقت طويل، لم يكن هناك وجود لجماعة الإخوان في هولندا، وما يوجد اليوم من هذه الجماعة صغير جدًّا، مقارنةً مع معظم الدول الأخرى.

وأرجع سبب اعتقاده، إلى أن هولندا لم يكن يقدم إليها طلاب خلال الفترة من الخمسينيات إلى السبعينيات، مشيرًا إلى أن الإخوان في الغرب انتشروا عبر المنظمات طلابية، كاتحاد الطلاب وغيرها.

وبحسب الكاتب، يُعتبر تنظيم الإخوان -الذي نشأ في مصر 1928 بزعم إقامة دولة إسلامية- من أوائل الحركات الإسلاموية الحديثة، وفي الخمسينيات والستينيات قدم الكثيرون من أتباع هذا التنظيم للدراسة في أوروبا.

وكحال التنظيم في جميع الدول –حتى وإن لم يتم حظره كجماعة إرهابية- خلصت دائرة المخابرات الهولندية AIVD، بعد تحقيق في 2011، إلى أن «الإخوان» في هولندا يمكن أن يصبحوا في المستقبل خطرًا.

وأشارت دائرة المخابرات الهولندية، إلى أن وجود «الإخوان» يمكن أن يخلق أرضيةً خصبةً للانعزالية، واستقطاب غير المتسامحين داخل المجتمع، وأن الجماعة كانت خلال الفترة السابقة تحاول تحقيق النجاح في المجتمع المدني، وكسب النفوذ، مضيفةً: «كانوا أيضًا يشاركون في صنع القرار السياسي، دون أن يكونوا منفتحين على توقيعهم، ويحجبون مصالحهم ونواياهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى وضع غير مرغوب فيه».

شارك