إلى أين ينتقل العائدون؟

الأحد 01/يوليو/2018 - 03:36 م
طباعة إلى أين ينتقل العائدون؟ ماهر فرغلي
 
خارطة التنظيمات المتطرفة الفكرية أوسع بكثير من خارطتها الجغرافية، ومن المتوقع حين ينطلق سيل عودة المقاتلين إلى بلدانهم، ستضعف تلك الحركات بسبب عدم وجود قواعد آمنة للتدريب، أو غياب التمويل الكافي، إلا أن الجماعات والتنظيمات المسلحة اعتادت دائمًا على تغيير جلدها، وهو ما سنتوقعه من بروز تنظيمات جديدة.

في الآونة الأخيرة، وعقب الهزائم التى تلقتها تلك التنظيمات، فقد اعتمدت على الاستراتيجية التى أطلقوا عليها "الانتشار عبر الفروع".

بدأت الخطة في وسط آسيا، وقد أعلن القاعدة إنشاء فرع له في شبه القارة الهندية، فيما استغل داعش الأوضاع السائدة في أكثر من بلد، والخلافات والانقسامات القومية والدينية، والطائفية والعرقية، ومستفيدا من خواء السيطرة الأمنية، أو ضعفها في أكثر من دولة، ومنها أفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر.

كان السبب الأهم هو عودة حملة الجنسيات الأجنبية الذين يتمتعون بحرية التنقل، إلى بلادهم، ومنها طاجيكستان وأوزبكستان والشيشان، دون وجود خارطة تفصيلية دقيقة عنهم، بعد أن فقد التنظيم معاقله الأساسية في سوريا والعراق، مصرًا على نسخ تجربته في مناطق أخرى، لاسيما وسط آسيا، وتحديدا باكستان وأفغانستان والجمهوريات السوفيتيية السابقة.

الأسباب التى جعلت قوة هذه التنظيمات تتعاظم فى آسيا: اعتماده على محطات من الجماعات القريبة منه فكريًا مثل أكناف بيت المقدس، وجماعة أنصار الإسلام، وجماعة المجاهدين في بنجلاديش، كما استغلت مشاكل الأقليات الإسلامية في القارة برمتها للتحريض على رد الفعل، إما من خلال تنظيمات محلية أو من خلال ما يسمى بالذئاب المنفردة، التي تتحرك بشكل معزول، فيما لعبت أيضا على التناقضات التي أجادوها في عدد من المجتمعات وسط وشرق آسيا كي يجندوا أتباعا لهم ويوسعون انتشارهم الجغرافي.

من المتوقع إذن أن بعض الشخصيات الجهادية المؤثرة فى مناطق كثيرة من العالم، خاصة وسط آسيا، أو تونس والمغرب، ومصر، ستعود وسيتم الاعتماد عليها فى تجنيد عناصر جديدة، على سبيل المثال، محمد على تامباكو وعثمان باسط عثمان فى الفلبين، إضافة إلى بحرون نعيم الذى ساهم في تمدد التنظيم بشكل ملحوظ فى إندونيسيا.

ويرجح مركز كويليام للأبحاث بلندن أن تكون أفغانستان ووسط آسيا محطة كبيرة لانتقال العائدين، وأن تخلق هذه التنظيمات بؤر توتر جديدة في الصومال، وساحل الصحراء بإفريقيا، وجنوب ليبيا.

الآن وعقب أن بدأنا الدخول في المرحلة الجديدة، وهي مرحلة العادئدين، فمن المرجح أن هذه الجماعات ستتشظى وتتحول لأكثر من جماعة، أو مجموعة وخلية، وتنتقل من الملاذات الدائمة، أي الإمارات، التي خلقوها في أجواء الصراع، والحروب، بسوريا والعراق، إلى الملاذات المؤقتة، التي ستخلقها أجواء السياسة الإقليمية والعالمية، أو ما يطلق عليه (جماعات التوحش الجديدة).


بحسب تقرير من "صوفان جروب"، وهو مركز أبحاث يتخصص في المشاكل الأمنية، فهناك أزمة ستحدث في آسيا، وتحديداً روسيا، حيث إن ما يقرب من 2500 شيشاني ومن شمال القوقاز يقاتلون مع داعش ومجموعات متطرفة أخرى في سوريا والعراق، وكلهم سيعودون للداخل.

سيستغل العائدون أي حالة لفقدان السيطرة الأمنية في أى منطقة، ومنها على سبيل المثال لبنان، أو اليمن، لاستثمار الطائفية هناك، ورفع رايات الطائفية ستكون هدف جهادي جديد، سيفتح جبهات للصراع طائفية أخرى في الداخل العراقي واليمني.

هناك مناطق أكثر جاذبية للجماعات الجهادية، الآن، مثل أفريقيا، وتحديداً ليبيا وتونس، ونيجيريا، والصحراء الإفريقية، ولعلها هي الأقرب لعودة هؤلاء المسلحين للعمل فيها، حيث سيعود (السريون)، وهم الذين ليست لهم ملفات لدى الأمن، للتواصل مع خلايا وشبكات إسناد التنظيمات، وبعض القواعد في الداخل.

شارك